المتحررون من الأمية فى جنة «القراءة السهلة»

جانب من ورشة «القراءة السهلة» لتعليم الكبار
جانب من ورشة «القراءة السهلة» لتعليم الكبار

جلسة قراءة جماعية كل شهر لقصة «ناجح» فى الخروج من سجن الجهل

 

بأحرف متقطعة وأحيانًا متتابعة ومنطلقة.. كانت تخرج الكلمات متتالية من عقولهم وأفواههم، حيث شارك العشرات من المتحررين من الأمية فى حلقة قراءة جماعية لقصة نجاح سيدة مثلهم تحررت من سجن الجهل للأبد.. «الأخبار» شاركت تجربتهم فى ورشة «القراءة السهلة» التى تم تنظيمها دعمًا لتعليم الكبار.


«العلم نور ونفسى أعرف الدنيا التى لم أرها وأنا صغيرة»، هكذا تفسر هدى إبراهيم، سر إقبالها على القراءة، فالسيدة التى تخطو نحو سن الستين عامًا مازالت تجاهد لتحقيق حلمها القديم باستكمال تعليمها.

 

تروى قصتها: «أخرجنى أهلى من المدارس وأنا فى الصف الثانى الابتدائى كعادة أهل الصعيد حينها، ومكثت فى المنزل لحين زواجى.. كان زوجى مثلى لا يعرف القراءة ولا الكتابة.. أوضاعنا الاقتصادية كانت صعبة فسافر للعراق بعد إنجابى طفلين، ولكنه عاد بالمرض اللعين.. أصبح الحمل على عاتقى وسهرت أداويه وكنت أطلب من الصيدلى أن يرسم لى على الدواء علامات مميزة بدلًا من الكتابة التقليدية، توفى زوجى وترك أبنائى أطفالًا صغارا. ظللت متفرغة لهم 30 عامًا، إلى أن عرفت طريق فصول محو الأمية»، وقررت هدى أن تمنح نفسها قليلًا من كفاحها.

 

أخبرت أبناءها قائلة: «أنا وصلتكم للمرحلة اللى أنتم عايزينها سبونى أشق طريقى وتتابع: «أنوى الالتحاق بالمرحلة الإعدادية وناوية أكمل تعليم لآخر عمرى إن شاء الله».


وبأعين منبهرة تكاد تلتهم أرفف الكتب الضخمة يقول: «أيمن عبد اللطيف» 30 سنة»: «هذه هى المرة الأولى التى أدخل فيها مكتبة الإسكندرية وانبهرت كثيرًا وقررت قبول تحدى العلم، فعندما اتجهت لسوق لعمل، وجدت زملائى يتحدثون الإنجليزية، فصممت على استكمال تعليمى وتعلم اللغات».


بينما غلبت مروة محسن 33 عامًا دموعها وهى تروى تجربتها التى تمت فى إحدى القاعات الصغيرة بمكتبة الإسكندرية قائلة: «توفى زوجى وترك لى لؤى «7 سنوات» وأريد أن يصبح أفضل منى، فقررت أن أتابع تعليمى لكى أقدم له القدوة الحسنة».. فيما تلتقط إيمان خيرى «38» عاماً طرف الحديث لتقول إنها ولثالث مرة تشارك فى الورشة واستفادت كثيرًا منها.

 

مضيفة: «كان نفسى أدخل المكتبة من زمان.. وتعلمت لأذاكر لأولادى وأقرأ القرآن»، يأتى ذلك فيما أبدى الشاب العشرينى عمرو محمد عبد اللطيف إعجابه الشديد بالورشة، لافتًا إلى أنه حاليًا فى الصف الأول الإعدادى وينوى استكمال تعليمه حتى يجد عملا لائقًا لأن معظم الوظائف الجيدة تتطلب شهادات.


ويلتف الدارسون حول معلمتهم هنا فاروق جميعى، إخصائى تعليم بالهيئة العامة لتعليم الكبار التى نجحت على مدار عشرين عامًا فى تعليم ألف أمى لتحصل على لقب المعلم المثالى 2015، وكما تقول لـنا: «ورشة القراءة الجماعية مفيدة جدًا.

 

وتمكن الدارسون من قراءة موضوعات حرة خارج كتب الهيئة، وسعيدة بتمكن الدارسين من قراءة القصة بمستوى لائق رغم صعوبتها»، وبدورها توضح منار بدر كبير مكتبين قطاع المكتبات بمكتبة الإسكندرية والمشرفة على الورشة: «هذه هى الورشة الأولى لنا رسميًا بالتعاون مع هيئة تعليم الكبار بالإسكندرية، بعد تنفيذ ورشتين تجربيتين العام الماضى بمشاركة 50 شخصًا، وسوف نكررها شهريًا».

 

وتضيف: نمنح المشاركين عضوية مجانية بالمكتبة بعد تقديم شهادة محو الأمية تشجيعًا لهم على ارتياد المكتبة وخاصة قسم القراءة السهلة، ومن ناحيته يؤكد أحمد على محمد مدير عام فرع الإسكندرية لمحو الأمية وتعليم الكبار: «نهدف خلال هذه الورشة لمقاومة الارتداد للأمية، وتعريف المشاركين على مفهوم الثقافة والقراءة»، ويتابع: «أبوابنا مفتوحة للجميع ويمكن إنهاء المرحلة الأولى من محو الأمية فى 9 أشهر» .