بعد استجابة البرلمان لملاحظات الرئيس

قانون «التجارب السريرية» يحمى المصريين من مصير «فئران التجارب»

صورة موضوعية
صورة موضوعية

- الخبراء: التشريع يطور صناعة الدواء ويشجع البحث العلمى ويدعم التعاون مع المؤسسات الدولية

التجارب السريرية هى مجموعة من الاختبارات فى الأبحاث الطبية وتطوير الدواء بهدف الحصول على معلومات لتطوير الصناعات الدوائية وتقييم التداخلات العلاجية.. هذا القانون استغرق عدة أشهر من «الشد والجذب» قبل ان يخرج الى النور.. هذا القانون يتم مناقشته فى البرلمان وهو يجعل الابحاث الطبية- خاصة التى تجرى على المرضى - تخرج من الظلام ويحولها من دائرة السرية والمخالفة للقانون والأخلاق إلى العلن بما يضمن حقوق المرضى الذين تجرى لهم التجارب دون الإضرار بهم ويهدف إلى حماية المصريين من الاستغلال وتطوير البحث العلمى فى مصر وذلك من خلال تشريع قوى يضمن حقوق هؤلاء المرضي، ويعمل على تطوير الأبحاث العلمية الجديدة وفقا للمعايير العالمية.. فهو يساعد فى حماية الأمن القومى، والحفاظ على حقوق المريض المصرى وتطوير منظومة البحث العلمى.. وتطوير صناعة الأدوية وتنمية البحث العلمى وساهم بشكل كبير فى تحفيز الجامعات ومراكز البحوث لعمل أبحاث فى هذا المجال.


«الأخبار» رصدت فى هذا التحقيق مراحل مناقشة القانون الجديد ووجهت الأسئلة للخبراء والمتخصصين لمعرفة مميزاته وكيفية تلافى اضراره ومشكلاته. خاصة بعد الملاحظات التى ابداها الرئيس على هذا القانون وارسلها للبرلمان.
البداية كانت عند الرئيس السيسى والذى اعترض على بعض مواد مشروع القانون وأعاده إلى مجلس النواب، لإدخال تعديلات عليها، بعد أن أقره مجلس النواب.. وقابلها مجلس النواب بالموافقة مع العديد من الملاحظات حول الأحكام الخلافية فيه والتى تراوحت بين التأييد والنقد، لاسيما أن هذا الرفض يمثل انتصارًا لوجهات النظر التى رفضت مشروع القانون بصيغته الحالية، رغم ان اللجنة البرلمانية كانت قد انتهت من القانون بعد اجتماعها بممثلى الحكومة والقطاعات المختلفة إلا ان التعديلات التى اقترحها الرئيس السيسى فى خطاب له لمجلس النواب بعد صدور القانون اصبحت محل اهتمام الجميع لأنها تصب فى المقام الأول فى صالح تطوير المنظومة الطبية والتشجيع على التميز والابداع فى مجال البحث العلمى.
وكانت أهم هذه  المواد التى شهدت توافقاً هى الخاصة بتشكيل المجلس الأعلى، وأن الحكومة لم تختلف خلال الاجتماع على رئاسة المجلس الأعلى، وكذلك ظهر توافق كل الأطراف فيما يخص الحفاظ على الجينات المصرية، ومكونات المواطن المصرى وكرامته وإنسانيته بالإضافة الى حالة التخوف من أن بعض العقوبات المشددة سوف تعيق الباحث من أن ينهى أبحاثه أو يقدم صورة كاملة عن بحثه، وكان الاتفاق على ان يعطى القانون الباحث القدرة على عمل أبحاثه بما يحافظ على الإنسان المصرى - وخرجت بعدها الدكتورة هالة زايد «وزيرة الصحة» والتى اكدت أن مشروع قانون «التجارب السريرية»، فى غاية الأهمية فى ظل توجه الحكومة لبناء الإنسان المصرى من خلال استخدام البحوث الإكلينيكية لتطوير الصناعات الدوائية لتصنيع أدوية الأورام والأمصال واللقاح والوزارة تسعى لتطوير صناعة الدواء ومشتقات البلازما واللقاحات وأدوية الأورام وذلك مرتبط بقانون الأبحاث الإكلينكية، وهذا كله لا يمكن تنفيذه بدون القانون كما انه مهم جدا لتطوير الصناعات الدوائية وتطوير الخدمات اللوجستية  فضلاً عن مردودها الاقتصادى الذى قدره البعض بأن زيادة هذه البحوث الطبية بمقدار 1% فقط يعنى ضخ استثمارات بخمسمائة مليون دولار واكثر .
وفى هذا الصدد يشرح د. محمود فؤاد «مدير مركز الحق فى الدواء» ان القانون الجديد للتجارب الطبية الإكلينيكية سيرفع من معدلات الاستثمار فى مجال البحث العلمى وايضا فى قطاع شركات الأدوية - واضاف بأن القانون خطوة مهمة تأخرت كثيرا حتى ضربت العشوائية هذا المجال - وطالب أيضا بالسماح للجهات الرقابية بإجراء تفتيش مفاجئ خلال أى من مراحل التجربة وحظرها تماما فى المستشفيات الخاصة .
حماية المصريين
فيما اكد الدكتور هانى الناظر رئيس المركز القومى للبحوث الأسبق، أن الهدف من القانون حماية المصريين من أن يتحولوا لفئران تجارب لأن مراحل صناعة الدواء تبدأ بالتركيب الكيميائى ودراسة الآثار المتوقعة، والمرحلة الثانية تجربة الدواء على الفئران لدراسة الآثار الجانبية، والمرحلة الثالثة دراسة فاعلية العلاج، والمرحلة الأخيرة تتمثل فى تجربة الدواء على الانسان للتأكد من مفعوله وآثاره الجانبية وأن الرئيس عبد الفتاح السيسى، اعترض على بعض مواد قانون التجارب السريرية، ولم يرفضه وهذا حقه الدستورى.
وأضاف الناظر أن وجود لجنة أخلاقيات للبحوث الطبية تجبر المؤسسات المصرية على مرور الدواء على اللجنة والموافقة من وزارة الصحة قبل التجارب على المرضي، فدور اللجنة الأخلاقية بالأساس حماية المؤسسات الطبية من التقاضى أمام المحاكم نتيجة الأخطاء الطبية والآثار الجانبية غير المتوقعة، وأيضًا حماية المواطن من الخداع وإجراء التجارب السريرية دون علمه أو دون موافقته وموافقة أهله، وبعض الأطباء اعترضوا على القانون لأنهم يرون إنه يقيد الدراسات الإكلينيكية التى تحدث فى بعض المستشفيات، مشيرا إلى أنه حضر مناقشة القانون فى البرلمان.
القانون تأخر
فيما أضاف الدكتور محمد عز العرب استاذ الكبد أن إقرار قانون التجارب السريرية سيدعم معدلات المشاركة الإيجابية المصرية فى الأبحاث الدولية ما يضعنا على الخريطة الدولية للبحث العلمي، لما له من مردود علمى واستثمارى عظيم يعلمه القائمون على صناعة الأدوية حول العالم.
ولفت عز العرب إلى أنه برغم تأخر القانون إلا أنه جاء ليحكم قضية تحمى المريض من انتهاك حرمة جسده بضوابط واعية حسب الاتفاقات العالمية لحقوق الانسان، وفى نفس الوقت تفتح أفاقا بحثية وهى التزام المراكز البحثية والمستشفيات بالفئات العمرية والأمراض التى تحتاج لإجراء الأبحاث فقد تسمح بحلول جديدة ومساعدة المرضى على الشفاء، ويتطلب القانون وجود موافقة مستنيرة من المرضى للتجارب التى تجريها المراكز البحثية والمستشفيات على الأطفال والحوامل ونزلاء السجون، ووجود أى أخطاء طبية كآثار جانبية يتحملها الفريق الطبي.
اللجنة الخاصة
ومن جانبه يوضح محمد العماري، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب وعضو اللجنة الخاصة المكلفة بتعديل القانون، أنه نظرا لاهمية القانون واهتمام المجلس بالارتقاء بالبحث العلمى فى مصر للارتقاء بصناعة الدواء المصرى للوصول الى مصاف الدول العالمية فإنه فور ارسال الرئاسة للقانون كلف المجلس لجنة خاصة برئاسة وكيل اول المجلس لبحث المواد الخلافية الموجودة داخل القانون وايجاد حلول لها.
ويضيف أن اللجنة المكلفة بتعديلات القانون اجتمعت مرتين حتى الآن الاولى كانت مع الجهات المعنية للبحث العلمى فى مصر والثانية مثلت بوزارة الصحة والبحث العلمى وتم مناقشة البنود الخلافية فى القانون للوصول الى توافق كامل على القانون ليخرج الى النور فى أسرع وقت ممكن.
ويطمئن العمارى جميع المهتمين بالبحث العلمى فى مصر بأن المجلس الآن يقوم بدراسة القانون كاملا وتستمع لجميع من يهتم بالبحث العلمى فى مصر وانه منذ بداية عمل اللجنة الخاصة حتى انتهائها سيكون هناك جلسات حوار مجتمعى حتى يخرج القانون بصورة متكاملة ترضى جميع الاطراف.
الانفتاح العالمي
وفى نفس السياق يؤكد د.مكرم رضوان، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، ان القانون ايضا كان لم يراع المسئوليات فكان تشكيل المجلس المسئول عن البحث العلمى فى مصر ظالما حيث انه لم يراع ان الجامعات ووزارة التعليم العالى هى المسئول الأول عن البحث العلمى فى مصر وذلك يعود الى ان أغلب البحوث التى تتم تكون فى معاملها ومع هذا فإن تمثيلها كان ضئيلا جدا فى هذا المجلس مقارنة بوزارة الصحة والتى حتى وان كانت يتم بداخل جدرانها بعض الابحاث فإنها قليلة جدا بالنسبة لما يتم فى الجامعات، ويوضح أنه فى الفترة القادمة ستقوم لجنة الصحة بمجلس النواب بتقديم رؤية شاملة عن تطوير القانون لتعديل المواد الخلافية وابرزها المطالبة بالغاء المادة الخاصة بمنع تداول العينات وارسال مصر للعينات للمعامل الخارجية لدراستها وذلك لان هذه المادة تقيد حركة مصر فى الانفتاح العالمى على الثقافات والابحاث الاخرى وبالغاء هذه المادة ستكون الفائدة مضاعفة لانها ستساعدنا فى التفاعل العلمى مع الدول الاخرى وسيعود بذلك اثره الكبير على السوق الدوائى فى مصر والابحاث الخاصة بالدواء.