رحلة صعود على أنقاض قدمين مبتورتين.. حكاية بريطاني من «العجز» إلى «المجد»

البريطاني آل هادستون
البريطاني آل هادستون

لا يمكن وصف البريطاني آل هادستون، إنه متحدي إعاقة، لكن يجوز القول بأنه يتحدى الجاذبية، فلديه إرادة عوضته عن قدميه المبتورتين، ومكنته من التحليق فوق سطح الأهرامات.


كان للصراع بين بريطانيا وجمهورية أيرلندا المستقلة، أثرٌ بالغٌ في حياة هادستون، فمن بين نحو 36 ألف مصاب خلال الاشتباكات المسلحة بين بريطانيا وأيرلندا، والتي دارت رحاها بين عامي 1966 و1999، فكان هادستون في عداد هؤلاء الجرحى.


إصابةٌ تعرض لها من جراء قنبلة تابعة للجيش الجمهوري الأيرلندي أثناء عمله كمظلي، وكان يبلغ من العمر حينها 21 عامًا في أيرلندا الشمالية عام 1992، أدت إلى إصابات جسيمةٍ في جسده أفقدت ساقه اليسرى من تحت الركبة، ولم تسلم ساقه اليمنى، فبُترت من عند الفخذ، وقد أمضى السنوات السبع التالية للحادث في المستشفى.


حكاية تحدٍ


يروي هادستون تفاصيل من قصته في مرحلة ما بعد انقضاء سنوات الحادث الأليم، فيقول إن بدايته مع القفز الحر كانت في عام 1998 أثناء عطلة نهاية الأسبوع، فقد اقترح أحد ممارسي القفز الحر ببريطانيا، أن يقوم بالقفز بالمظلة الترادفية tandem jump بالقرب من مدينة نوتنجهام، "لقد كان هذا أروع شيء قمت به على الإطلاق، وقلت يجب أن أفعل ذلك مرة أخرى"، هكذا أعرب هادستون عن ابتهاجه بما فعل قبل أكثر من عقدين من الزمن.


ويضيف هادستون، في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ"بوابة أخبار اليوم"، أنه بعد عامٍ من ذلك  تعلمت الرياضة، وأصبحت أول جندي مبتور القدمين في بريطانيا، وأول من يمارس القفز الحر في العالم، وهو على هذه الحالة.


ولم يكتفِ أل بذلك فحسب، بل كوّن رفقته زوجته "بكسي" فريق "إير كيكس"، وتمكنوا من الحصول على ميدالية فضية في عام 2010، و ميداليتين برونزيتين في عامي 2011 و 2012 في بطولة العالم للقفز بالمظلات التي أُقيمت في روسيا وألمانيا والإمارات، على الترتيب.
لقد أصبح آل واحدًا من أفضل هواة القفز بالمظلات في العالم، الذين يتنافسون في رياضة القفز، وهو أول شخص في العالم يقوم بدراسة القفز الحر بعد الإصابة في القفز بالمظلة من دون أرجل.


مشاركته بمهرجان مصر


ولم يدع هادستون فرصة تنظيم مصر لمهرجانها الدولي للقفز الحر بالمظلات، والذي نُظم بمنطقة الأهرامات، من دون مشاركة، فقدم أل إلى الجيزة، ليترك بصمته في هذا المهرجان. 


وفي هذا الصدد، يقول هادستون، "أنا مختلفٌ عن المشاركين في مهرجان مصر الدولي للقفز الحر بالمظلات، فقد خسرت قدميي عام 1992، ومنذ ذلك الوقت من أكثر الأشياء جرأة التي قررت فعلها القفز الحر فوق الأهرامات". 


يؤكد آل هادستون أنه يمكن للجميع الشعور بالطاقة والحماس الموجود بالمكان، لأنها تجربة مذهلة ولا تصدق، خاصةً وأن مصر تتمتع بشعب كريم ومضياف، قائلًا "الأمر الذي يجعل زيارتي لمصر هذه المرة أمر لا يمكن نسيانه".


ويشير هادستون  إلى أن مصر مختلفة عن أي مكان آخر في القفز الحر، لأن عندما تخرج من الطائرة تكون مشتتًا لوجود الأصدقاء، ولكن عندما تقوم بفتح الباراشوت وتنظر  إلى أسفل لتجد الأهرامات، وترى الحضارة تشعر بشعورٍ مذهلٍ، وهذا ما يجعل القفز في المكان مختلفًا.


وقد ذكر هادستون أنه خلال تواجده بمصر حرص على زيارة مدينة الأقصر، والتقط صورًا مع مصريين بمختلف الأجناس والأعمار هناك.


"إذا كان لديّ فرصةٌ لزيارة مصر يجب عليّ فعل ذلك، تعالوا هنا لكي تروا السحر والأهرامات والأماكن الموجودة على نهر النيل، لو هناك فرصة واحدة عليكم استغلاها وزيارة بمصر"، بهذه الكلمات الرقيقة ختم هادستون حديثه معنا، فمصر هبة النيل ستظل مقصدًا للعالمين، منذ الماضي السحيق إلى أبد الآبدين.