«سماسرة الحج» شبكات نصب باسم الدين.. حلم العمر يضيع بتأشيرات «مضروبة»

صورة موضوعية
صورة موضوعية

- تأشيرات حج وعمرة «مضروبة» تغرق مواقع التواصل.. وحصيلة النصب تصل لـ30 ألف جنيه للرحلة الواحدة

- «سيد»: «شركة سفر نصبت علي في 30 ألف جنيه.. ضاعت الفلوس واتخرب بيتي»

- 80 ألف جنيه خسائر «ضاحي» من سمسار وسط البلد.. ويؤكد: صديق العمل السبب

- غرفة شركات السياحة تحذر من التعامل مع السماسرة والوسطاء.. وتؤكد: الربط الإلكتروني يقضي على الظاهرة

 

«موسم حج بدون أزمات».. جملة باتت أشبه بحلم يتمناه الجميع لكنه بعيد المنال؛ فمع كل عام، وبالتزامن مع قرب انطلاق موسم الحج، تنتشر مواقع الكترونية ودعاية إعلانية وهمية للترويج لبعض شركات السفر كباب خلفي لنقل الحجاج إلى الأراضي المقدسة، ورغم تحذيرات الحكومة ممثلة في وزارة السياحة وكذلك مجلس النواب من تلك الشركات وهذه الدعاية الكاذبة التي تتكسب من وراء فريضة الحج، والنصب باسم الدين، إلا أن الكثيرين يقعون فريسة لها يوميًا، ليتحول حلم الراغبين في زيارة بيت الله إلى ما يشبه الكابوس.

 

ومع انتشار هذه المواقع ودعاياتها السوداء بقوة، وسط التحذيرات المستمرة للحجيج من السقوط في فخ السماسرة الذين يستخدمون أكثر من حيلة للإيقاع بفريستهم من المواطنين بهدف تجميع أكبر عدد من جوازات السفر ليساومون به شركات السياحة للحصول على أعلى عمولة تتراوح في بعض الأحيان من خمسة آلاف إلى عشرة آلاف جنيه عن كل جواز سفر، إلا أن الأزمة مازالت قائمة.

 

ألاعيب سماسرة الحج

 

قامت «بوابة أخبار اليوم» برصد عدد من التجارب والروايات لألاعيب سماسرة الحج وحكايات النصب باسم الدين، وكذلك التعرف على ما وراء مافيا التأشيرات، خاصة بعد أن أعلنت غرفة شركات السياحة، أن آخر موعد لتلقى جوازات سفر المواطنين الراغبين  في أداء فريضة الحج هذا العام 17 مارس القادم، مناشدة الراغبين في أداء فريضة الحج سرعة التوجه لشركات السياحة لحجز فرصة مع الحج السياحي؛ الروايات ترصدها السطور القادمة...

 

السيد.. ومافيا النصب باسم الدين

 

البداية مع السيد سلام، المقيم بمركز بسيون في محافظة الغريبة، فهو أحدث الحالات التي سقطت في هذا الفخ، ورغم ذلك وجه تحذيرًا لكل من يفكر في اللجوء إلى شركات التسفير عبر الإنترنت، قائلًا: «أًحذركم من إعلانات النت وشركة تدعى «س.ج.م»، فهي إحدى الشركات التي ادعت عملها بالسياحة، ونصبت علي في 30 ألف جنيه كمقدم لتسفيري لقضاء فريضة الحج».

 

وبنبرات حزينة، واصل «سيد» حديثه، مؤكدًا أن هذه الشركة ليست إلا عصابة خطيرة يقومون بحيل نصب واحتيال ويقومون بنشر طلبات تأشيرات «زيارة، وحج مباشر، وتأشيرات عمل للكويت والإمارات وماليزيا وتركيا والاتحاد الأوربي»، ويقومون بالحصول على الجوازات ومبالغ نقدية بمتوسط ٥ آلاف جنيه بالنسبة الجوازات العمالة،  و20 ألف بالنسبة لجوازات الزيارة، وكذلك 30 ألف للحج المباشر كمقدم حجز مع الجواز .

 

وأوضح أن هذه الشركة مارست نوعًا من أعمال النصب عليه، وحولت حلمه من أداء مناسك الحج إلى كابوس، بعد ادعت سرقة أن جوازات السفر الخاص به وجميع المتقدمين للسفر، و«ضاعت والفلوس»، مضيفًا في نهاية حديثه: «نصبوا عليا وخربوا بيتي، حسبي الله ونعم الوكيل».

 

رواية جمال.. ومستريح وسط البلد

 

الرواية الثانية أشد قسوة، حيث تحولت فرحة جمال ضاحي، إلى تجربة قاسية ومظلمة، فيحكي تجربته، قائلًا: «اتنصب عليّ في مبلغ  قدره 80 ألف جنيه مصري كمقدم، في موضوع حج بيت الله الحرام لي وفردين أخرين من أفراد أسرتي»، مضيفًا: «كانت فرحتي غامرة إلا أنها تحولت لمأتم»-بحسب قوله.

 

وأوضح أنه كمواطن وقع فريسة في شباك سمسار خاص رشحه له أحد زملاء العمل في وسط البلد بالقاهرة، مؤكدا أنه بدأ إجراءات الحج السياحي مع تلك الشركة، بالتعامل معها، والحصول على إيصالات «فشنك» بالمبالغ المالية التي سدادها لدى الشركة، وأكدوا له إخطاره عند تأكيد موعد الرحلة، وكذلك التعريف بكل تفاصيل رحلة الحج والخدمات».

 

واستطرد قائلًا: «دفعت 80 ألف جنيه مصري لـ 3 أفراد، بعد حصولي على إيصالات أمانة بالمبلغ، والتأكيد من سمعة السمسار من قبل زميلي، وأصبحت أتابعهم بالهاتف مرتين أسبوعيًا، ويطمئنوني، واستمر هذا الوضع لمدة شهر حتى تم غلق الهاتف، قلقت ثم توجهت إلى بيت زميلي للتأكيد عليه بالذهاب إلى المكتب رفقته غدًا، للحصول على التأشيرات إما إلغاء الأمر واستلام أموالي، ومن هنا جاءت الصدمة».

 

وتابع بلهجة آسفة: «بالفعل توجهت إلى المكتب في وسط البلد، إلا أننا لم نجد صاحبه، وفوجئت بأحاديث الجيران عن كونه مستريح جديد للمتاجرة بموسم الحج، والنصب على الغلابة، وفي النهاية ضاعت فلوسي، وضاع معها حلمي في حج بيت الله الحرام».

 

الوسطاء.. والسماسرة

 

من جهتها، دقت غرفة شركات السياحة، ناقوس الخطر من التعامل مع الوسطاء والسماسرة، وطالبت الراغبين في الحج بالتوجه مباشرة إلى أقرب شركة سياحة بالقاهرة أو المحافظات منعًا للتحايل وضياع الحقوق.

 

من جانبه، طالب علي المانسترلي، عضو اللجنة العليا للحج والعمرة وعضو مجلس إدارة غرفة شركات السياحة؛ الراغبين في الحج السياحي بمعرفة حقوقهم جيدًا والحصول علي مكتسباتهم ولن يتحقق ذلك إلا بالتعامل المباشر بين المواطن والشركة، مؤكدًا أن الوسيط لا تهمه هذه الحقوق وربما سعي لإخفاء بعضها لمصلحته الشخصية فما يهمه في المقام الأول والأخير مكاسبه ومصالحه حتى ولو علي حساب مصلحة الحاج وحقوقه .

 

ورأى «المانسترلي» أن التطوير القادم في نظام الحج سواء بمصر أو السعودية والاتجاه إلى الميكنة والعمل الإلكتروني سيساعد في القضاء علي هذه السلبية حيث يشمل تسهيلات كبيرة في التقديم وإنهاء الإجراءات إلكترونياً.

 

سياحة البرلمان.. ضياع الفرصة

 

في هذا الصدد، قال علاء الغمري، عضو مجلس الإدارة، وعضو لجنة السياحة الدينية بالغرفة، إن السمسار لا يمثل أي وضع قانوني في منظومة الحج السياحي، وأن العلاقة قائمة مباشرة بين الحاج والشركة.

 

وأشار «الغمري» إلى أنه في حالة حدوث أي مشكلة يختفي السمسار تماما أو يلقى باللوم على شركة السياحة كذبا وزورا وقد تضيع الفرصة على المواطن في أداء الفريضة أو يقع ضحية الابتزاز ويسدد مبالغ أعلي.

 

نص قانوين.. وتعديلات جديدة

 

أما أحمد إبراهيم، رئيس لجنة السياحة الدينية بغرفة شركات السياحة، فأكد أن عمل السماسرة في مجال الحج أو العمرة جريمة يجب أن يصدر بها نص قانوني خلال التعديلات الجديدة للتشريعات السياحية التي تعهدت بإصدارها د. رانيا المشاط وزيرة السياحة، موضحا أن السمسار يبيع الكذب للطرفين سواء الشركة أو المواطن.

 

وقال «إبراهيم»، إن الغرفة تبذل جهدا كبيرا لمواجهة هذه الظاهرة بدء من توعية المواطنين بخطورة التعامل مع الوسطاء وتسهيل إجراءات الحج وتقديم الأوراق.

 

وأعرب رئيس لجنة السياحة الدينية عن أسفه للجوء البعض للسمسار والذي لم يعد قاصرا على البسطاء أو عامة الشعب إنما امتدت لمستويات ثقافية واجتماعية متميزة رغم وجود الشركات وفروعها بكل مكان، مضيفا أن الغرفة وبالتنسيق التام مع وزارة السياحة ستستمر في جهودها لمواجهة هذه الظاهرة حرصا علي حقوق المواطنين.