الشتاء مازال هنا.. تحالف «طوبة- أمشير» يزعج المصريين 

صورة موضوعية
صورة موضوعية

أزعج تحالف «طوبة- أمشير» المصريين منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، حيث هطلت الأمطار بغزارة على أغلب أنحاء الجمهورية، مؤكدة أن فصل الشتاء مازال بقوته رغم ارتفاع حرارة أمس الثلاثاء لحوالي 30 درجة مئوية، في مراسم تسليم وتسلم بين شهري طوبة وأمشير الذي يبدأ بعد غد الجمعة تتم بعد مرور 41 يوما من فصل الشتاء من بين حوالي 88 يوما هي طول الفصل لهذا العام طبقا للحسابات الفلكية التي أجراها علماء الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية.

واتسمت الساعات الماضية بتعرض الجمهورية لارتفاع تدريجي في درجات الحرارة بلغت ذروته أمس الثلاثاء مع حالة من عدم الاستقرار في الأحوال الجوية أعقبها هطول أمطار غزيرة بدأت الليلة الماضية على استحياء، مما عزز التنبؤات التي أعلنتها هيئة الأرصاد الجوية.

تضافرت إرهاصات حلول شهر أمشير مع وداع شهر طوبة مكونة هذا التحالف، فسادت الملابس الثقيلة والمعاطف والفراء حول الرقاب مشهد الملابس في الشارع المصري. 

وداع مطير لشهر طوبة واستقبال مألوف لشهر أمشير تنطبق عليه نظرية «السلف، والعشرات» بين أشهر طوبة وأمشير وبرمهات، حيث يحتوي كل منهم على الصفات المناخية للأشهر الثلاث، عاصفة ترابية حدثت الليلة الماضية فجاءت تحية لوصول «أبو الزعابيب» أمشير.
وأمشير هو الشهر السادس في التقويم القبطي، وعادة ما يحل بين يومي (8/9 فبراير)، وترجع تسميته إلى عيد يرتبط بالإله «مخير» وهو الإله المسئول عن الزوابع. 

وأمشير يلي شهر طوبة ويسبق شهر برمهات في هذا التقويم القبطي أو تقويم الشهداء، وهو تقويم شمسي يعتمد أساسًا على التقويم المصري القديم، وضعه قدماء المصريين لتقسيم السنة إلى 13 شهرا، حيث يعتمد على دورة الشمس، ويعتبر من أوائل التقاويم التي عرفتها البشرية، كما أنه الأدق من حيث ظروف المناخ والزراعة خلال العام، ولهذا يعتمد عليه المزارع المصري في مواسم الزراعة والمحاصيل الذي يقوم بزراعتها من آلاف السنين وحتى الآن.

وترتبط الشهور المصرية القديمة، ومن بينها أمشير، بنجم الشعري اليمانية والتي استخدمها المصري القديم في كل ما يختص بالزراعة والحصاد ولا تزال هذه الشهور تستخدم في الريف المصري المعاصر، نتيجة احتضان الفلاح المصري لها وتوارث العمل بها منذ عرفت في عام 4241 قبل الميلاد، فباتت جزءا من التراث المصري الفرعوني الذي ظل يمتد وينساب في سهولة وبساطة ويسر في الوجدان المصري منتظما مع دورة المحاصيل الزراعية متوافقًا مع الطقس على طول فصول السنة دون أدنى تغيير أو تبديل، مما يؤكد أنه دائرة معارف شعبية زراعية فلكية متميزة انطبعت في تراثنا المصري الأصيل.

وللسنة القبطية التي تشير روزنامتها هذا العام إلى عام 1744، ارتباط وثيق بتراث الأمثال الشعبية في مصر ولا يخلو شهر من شهورها من مثل أو أكثر، ولشهرة شهر أمشير بالريح والزوابع، جاءت فيه أمثال شعبية تقول «أمشير أبو الزعابيب الكتير ياخد العجوزة ويطير»، و«أمشير يفصص الجسم نسير نسير» (أي من شدة الهواء).

ويأتي استقبال مناخ مصر لأمطار تحالف طوبة أمشير، في إطار دخول العالم نظاما جديدا يتغير فيه كل ما كان مألوفا، بمعدل قد لا تصبح فيه العمليات الطبيعية قادرة على مواكبته، وفى محاولة لفهم ما يحدث بصورة أفضل وكيفية الاستعداد له، أجرى فريق من علماء المختبر الوطني الأمريكي للطاقة برئاسة العالم ستيفن سميث، دراسة جديدة نشرت في مجلة «Nature Climate Change»، المتخصصة في نشر الأبحاث المتعلقة بالتغييرات المناخية، كشفت عن أن كوكب الأرض على أعتاب مرحلة جديدة من حيث معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمية، الذي قد يصل إلى مستوى لم يشهده العالم طيلة السنوات الألف الماضية، مشددة على أنه بالرغم من أن هذا الارتفاع المتسارع في درجات الحرارة من شأنه أن يؤثر على جميع الدول، إلا أن منطقة القطب الشمالي، التي تخسر بالفعل جليدا هائلا بمعدل ثابت، من المرجح أن تكون الأكثر تضررا.

ووجد فريق العلماء أنه بحلول عام 2020، فإن معدل ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم يمكن أن يعبر حاجز الـ 0.45 درجة خلال عقد واحد (عشر سنوات)، متفوقا بذلك على الارتفاعات التاريخية للسنوات الألف الماضية، وإذا ظل انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري على وضعه الحالي، فإن معدل الاحترار العالمي قد يصل إلى 0.7 درجة خلال عقد واحد.
وبحساب معدلات التغير بين عامي (1971 و 2020)، وجد العلماء أن معظم مناطق العالم الآن تعتبر خارج نطاق درجات الحرارة الطبيعية لها، وأن معدلات التغير في أوروبا وأمريكا الشمالية ومنطقة القطب الشمالي هى أعلى بكثير من متوسط التغيرات العالمية الأخرى، وتعد منطقة القطب الشمالي الأسرع احترارا على الإطلاق بين جميع أجزاء الكرة الأرضية، وتشهد تسارعا في تقلص الغطاء الجليدي فيها، ويمكن أن يصل معدل ارتفاع درجات الحرارة إلى نسبة 1.1 درجة فهرنهايت خلال العقد الواحد بحلول عام 2040، وفقًا للدراسة.

ومن جهة أخرى، أكد الدكتور حاتم عودة رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية، أنه بعد يوم الانقلاب الشتوي الذي حدث حول يوم 22 ديسمبر الماضي، بدأت الشمس حركتها تدريجيا نحو الشمال مقتربة من خط الاستواء، حيث ازدادت فترة إشراقها في مصر والدول الواقعة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية وطال عدد ساعات النهار، وقصر الليل، وهكذا إلى أن تتعامد أشعتها تماما على خط الاستواء حول يوم 21 مارس المقبل إيذانا بحدوث الاعتدال الربيعي في تلك الدول.