الكويتيون يحتفلون بمرور 13 عاما على تولى الشيخ صباح الأحمد الحكم

الشيخ صباح الاحمد أمير الكويت
الشيخ صباح الاحمد أمير الكويت

دعم متواصل للاجئين السوريين..حرص على مساندة مصر..مساهمة إيجابية فى إعمار العراق

 

يحتفل الكويتيون ومعهم العالمان العربى والاسلامى هذه الايام بمناسبة عزيزة على قلب كل مواطن كويتى تتمثل فى ذكرى تولى الشيخ صباح الاحمد امير الكويت مسئولياته الدستورية كحاكم للبلاد.


يحرص الشيخ صباح الاحمد منذ تولى الحكم فى الكويت فى التاسع والعشرين من يناير عام 2006 على التأكيد مرارا على التمسك بالدستور والحريات ويكرر فى كل تصريحاته ان متطلبات الامن والاستقرار لا تعنى بحال من الاحوال المساس بالحقوق والحريات التى ينعم بها المواطن الكويتى، ولعل هذا الادراك هو ما حافظ على تماسك البلاد ووحدة المواطنين فى كافة الظروف التى مرت بها المنطقة فى السنوات الاخيرة.


دولة عصرية


ويعد الشيخ صباح الاحمد هو الحاكم الخامس عشر للكويت منذ تأسيس الدولة قبل اكثر من ثلاثة قرون، وهو الامير الخامس فى مسيرة الدولة الدستورية، كما لقُب بصباح الرابع كون سموه رابع حاكم للكويت يحمل اسم الشيخ صباح.


وأدى الشيخ صباح الأحمد اليمين الدستورية فى جلسة خاصة أمام مجلس الامة مكملا بذلك مسيرة آبائه وأجداده فى الحفاظ على الدستور وترسيخ الديمقراطية، وفى أولى كلماته بعد مبايعته أميرا وأداء اليمين الدستورية، وعد الشعب الكويتى بتحمل الأمانة وتولى المسئولية وعلى مواصلة العمل من أجل الكويت وأهلها، ودعا الجميع للعمل من أجل جعل دولة الكويت دولة عصرية حديثة مزودة بالعلم والمعرفة يسودها التعاون والاخاء والمحبة، ويتمتع سكانها بالمساواة فى الحقوق والواجبات مع المحافظة على الديمقراطية وحرية الرأى والتعبير.


مسيرة حافلة


ولد الشيخ صباح الأحمد فى 16 يونيو عام 1929، وهو الابن الرابع للشيخ أحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه- الذى توسم فى نجله الفطنة والذكاء منذ صغر سنه فقام بإدخاله المدرسة المباركية ومن ثم أوفده إلى بعض الدول لاسيما الأجنبية منها للدراسة واكتساب الخبرات والمهارات السياسية.


بدأ الشيخ صباح الأحمد ممارسة العمل فى الشأن العام حين عين عام 1954 عضوا فى اللجنة التنفيذية العليا التى عهد إليها آنذاك مهمة تنظيم مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية. وفى عام 1955 عين رئيسا لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، وفى عام 1957 أضيفت إلى مهامه رئاسة دائرة المطبوعات والنشر فكان اول قراراته اصدار مجلة العربى التى تحولت إلى اهم مشروع تنويرى عربى على مدار 60 عاما.


وبعد استكمال استقلال دولة الكويت عام 1961 عُيّن الشيخ صباح الأحمد عضوا فى المجلس التأسيسى الذى عهد إليه مهمة وضع دستور البلاد وفى أول تشكيل وزارى فى الكويت عام 1962 عُيّن وزيرا للإرشاد والأنباء.


وفى يناير 1963 تم تعيينه وزيرا للخارجية، وذلك بعد إجراء أول انتخابات تشريعية لاختيار أعضاء مجلس الأمة، وبدأت وقتها مسيرته مع العمل السياسى الخارجى والدبلوماسية التى برع فيها ليستحق عن جدارة لقب مهندس السياسة الخارجية الكويتية وعميد الدبلوماسيين فى العالم بعد أن قضى أربعين عاما على رأس تلك الوزارة المهمة قائدا لسفينتها فى أصعب الظروف والمواقف السياسية التى مرت على دولة الكويت إلى ان ترك المنصب ليتولى رئاسة مجلس الوزراء.


ومن أهم المواقف التى مرت على الخارجية الكويتية أثناء قيادة الشيخ صباح الأحمد لها حين رفع علم الكويت فوق مبنى الأمم المتحدة بعد قبولها عضوا فيه فى 11 مايو 1963.


ثبات السياسة الخارجية


وطيلة أربعة عقود تمكن الشيخ صباح الأحمد خلال قيادته لوزارة الخارجية من تعزيز وتنمية علاقات الكويت الخارجية مع مختلف دول العالم خصوصا الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن.


واستقرت الكويت على مستوى السياسة الخارجية وشهدت ثباتا وتطورا كبيرا اتضحت ثماره فى الثانى من أغسطس عام 1990 عندما وقف العالم أجمع مناصرا للحق الكويتى فى وجه الغزو العراقى والذى أثمر صدور قرار مجلس الأمن رقم 678 الذى أجاز استخدام كل الوسائل بما فيها العسكرية ضد نظام صدام ما لم يسحب قواته من الكويت.


وتولى الشيخ صباح الأحمد مهمة أخرى حين أسٌند إليه تشكيل الحكومة بالنيابة عن ولى العهد ورئيس مجلس الوزراء آنذاك الأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح -طيب الله ثراه- بسبب ظروفه الصحية، وفى 13 يوليو 2003 صدر مرسوم أميرى بتعيين الشيخ صباح الأحمد رئيسا لمجلس الوزراء.


وخلال رئاسته للحكومة بذل كل الجهد للعمل على تقدم الكويت وازدهارها، وقاد مرحلة مهمة من تاريخ البلاد، وذلك حتى وفاة المغفور له الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد«طيب الله ثراه»فى 15 من يناير عام 2006، وحينذاك اجتمع مجلس الوزراء واتخذ قرارا بالإجماع بتزكية الشيخ صباح الأحمد أميرا للبلاد وفقا للمادة 3 من قانون حكم الدولة الصادر عام 1964، وهو ما حظى بمبايعة شعبية جماعية وترحيب كبير فى كل انحاء العالم.


مشروعات عملاقة


و خلال الأعوام الـ 13 الماضية تولى خلالها الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم فى الكويت، شهدت بلاده نهضة تنموية شاملة كان قوامها مجموعة من المشاريع الضخمة من أبرزها مدينة (صباح الأحمد البحرية) التى تعد أول مدينة ينفذها القطاع الخاص كاملة ما يدل على دعمه إعطاء القطاع الخاص دورا أكبر فى المساهمة فى تنمية الكويت وتنشيط عجلة الاقتصاد علاوة على عدد من المشروعات الثقافية التى اظهرت مدى اهتمامه بتنمية الانسان كأحد اهم ركائز التنمية الشاملة.


أما على المستوى الدولى، فقد استطاع الأمير أن يحقق للكويت مركزا مهما بفضل سياساته الحكيمة ورؤيته الثاقبة التى كان العمل الخيرى الإنسانى قوامها، ولذلك تم اختيار الكويت من قبل الأمم المتحدة (مركزا للعمل الإنسانى) وحصل الشيخ صباح الأحمد على لقب (قائد العمل الإنسانى) عام 2014، تقديرا للدور الكبير الذى قام به لمساعدة الشعوب المنكوبة فى افريقيا واسيا علاوة على تصديه لتخفيف معاناة ملايين اللاجئين السوريين عبر استضافة مجموعة من مؤتمرات المانحين للشعب السورى، فضلا عن المشاركة فى رعاية مؤتمر فى لندن، ما وفر المبالغ اللازمة لاستيعاب اللاجئين وتخفيف حدة المعاناة الناجمة عن الازمة السورية.


مكانة خاصة لمصر


أما مصر بشكل خاص فلها مكانتها المميزة لدى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ولدى الكويتيين ككل، وهى المكانة الممتدة عبر العلاقة الوطيدة التى رسخها حكام الكويت بين مصر والكويت، الا ان هذه العلاقة ازدادت رسوخا ومتانة خلال السنوات الاخيرة تحت حكم الشيخ صباح الأحمد والذى دعم مصر بكل ما أوتى من قوة على كافة المستويات وفى مختلف المجالات.


فقد أعلنت الكويت منذ ثورة يناير 2011 موقفها الداعم لخيارات الشعب المصرى، واتبعت ذلك بتدفقات مالية وزيارات رسمية للتأكيد على دعمها للمرحلة الجديدة فى مصر وظلت على موقفها المساند للشعب المصرى طوال الفترة اللاحقة فتضاعف عدد المصريين العاملين فى الكويت ما كان يمثل دعما غير مباشر للاقتصاد المصرى كما قدمت العديد من المنح والقروض وبرامج المساعدات.


وتكرر الموقف نفسه عــقب ثورة 30 يونيو التصحيحية، ووجه الشيخ صباح بتقديم حزمة مساعدات متكاملة لمصر بقــيمة 4 مليارات دولار عبارة عن وديعة فى البنك المركزى ومساعدة مباشرة ومشتقات نفطية ما ساهم فى دعم قدرة مصر على تجاوز المرحلة الانتقالية وتنفـــيذ خريطة الطريق دون معوقات اقتصادية خطيرة.


وعندما دعت مصر إلى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ فى مارس 2015 كان الشيخ صباح من اوائل الحاضرين والملبين لنداء الواجب تجاه الشقيقة الكبرى، وكان القرار بتقديم حزمة استثمارات جديدة بقيمة 4 مليارات دولار عبارة عن وديعة ومشروعات استثمارية فضلا توقيع العديد من التعاقدات المتعلقة بالمشروعات الصناعية بتمويل من المستثمرين الكويتيين، وعدد من المشروعات الممولة عن طريق الصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية فى مؤشر واضح يكشف عن مدى مساندة الكويت لمصر، وهو ما حرص الشيخ صباح الاحمد على تأكيده خلال مشاركته وكلمته فى المؤتمر حيث شدد على استمرار دعم بلاده لمصر وعلى متانة العلاقات المصرية الكويتية وتعاون البلدين الشقيقين فى شتى المجالات .


إعمار العراق


ولا تتوقف مبادرات الشيخ صباح من اجل دعم الاشقاء العرب، فلم تكد الامور تهدأ فى العراق الشقيق بعد طرد التنظيمات الارهابية من أراضيه، حتى قرر استضافة مؤتمر دولى لإعادة إعمار المناطق المحررة، وتوجيه انظار الاستثمارات العالمية إلى العراق الشقيق الذى انهكته سنوات طويلة من المواجهات مع الارهاب، وبمجرد ترحيب القيادة العراقية بهذه المبادرة بدأ العمل سريعا من أجل تفعيلها.

 

ودارت عجلة الدبلوماسية الكويتية المحنكة بجد ونشاط، ما اسفر عن انعقاد المؤتمر فى منتصف فبراير من العام الماضى بمشاركة 76 دولة ومنظمة إقليمية ودولية51 من الصناديق التنموية ومؤسسات مالية إقليمية ودولية و107 منظمات محلية وإقليمية ودولية من المنظمات غير الحكومية و1850 جهة مختصة من ممثلى القطاع الخاص، ونجح المؤتمر فى جمع ما يقارب 30 مليار دولار فى صورة منح وقروض وفرص استثمارية ما يمهد لتحقيق انطلاقة كبيرة للاقتصاد العراقى فى الفترة المقبلة، ليعود العراق إلى ممارسة دوره الايجابى والفاعل فى القضايا العربية والاقليمية.