تحليل| القصة الكاملة لأكبر تراجع في سعر الدولار أمام الجنيه منذ عامين

طارق عامر محافظ البنك المركزي
طارق عامر محافظ البنك المركزي

فقد سعر الدولار الأمريكي، خلال تعاملات اليوم الأحد 27 يناير 2019، قيمة تراوحت بين 14 قرشًا و 22 قرشًا من قيمته أمام الجنيه المصري.
ويعد هذا التراجع في سعر الدولار أمام الجنيه المصري، هو الأكبر منذ تحرير سعر صرف الجنيه المصري تحريرًا كاملًا أمام العملات الأجنبية في 3 نوفمبر 2016، أى قبل عامين.
وانخفض سعر الدولار خلال تعاملات اليوم فقط بقيمة بلغت نحو 14 قرشًا في نحو 10 بنوك عاملة بالسوق المحلية ما بين بنوك عامة وخاصة، أبرزهم البنك الأهلي، ومصر، وابو ظبي الإسلامي، حيث سجل سعر الدولار 17.79 جنيه للشراء 17.89 جنيه للبيع، في بداية تعاملات اليوم، ليستقر عند 17.65 جنيه للشراء 17.75 جنيه للبيع في ختام التعاملات.
 بينما تراجع سعر الدولار في نحو 6 بنوك عاملة بالسوق المحلية أبرزهم البنك التجاري الدولي –مصر، والتعمير والإسكان بقيمة بلغت نحو 22 قرشًا ليسجل 17.65 جنيه للشراء 17.75 جنيه للبيع، وسجل نحو 17.65 جنيه و17.75 جنيه في ختام التعاملات.


مليار دولار من الصناديق العالمية ضختهم في السوق المصرية خلال يناير


وصرح مصدر رفيع المستوى في البنك المركزي المصري، في تصريحات صحفية سابقة، بأنه لأول مرة يشهد السوق المحلي عودة أموال الصناديق العالمية للاستثمار بقوة في السوق المصرية.
وأضاف أن السوق المصري، شهد تدفقات بلغت قيمتها نحو مليار دولار خلال شهر يناير الجاري من صناديق الاستثمار الأجنبية في أذون وسندات الخزانة والبورصة المصرية، بعد أن كانت تشهد خروج بقيمة  تتراوح بين مليار إلى 2 مليار دولار شهريًا، بالإضافة إلي زيادة الموارد الدولارية في سوق الانتربنك، و ذلك بعد قرار البنك المركزي بإنهاء العمل بآلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب خلال الشهر الماضي.


إلغاء العمل بآلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب يوفر السيولة الدولارية للبنوك


وأنهى البنك المركزي العمل بآلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب خلال شهر ديسمبر 2018، ليتم دخول وخروج استثمارات الأجانب الجديدة من خلال «الانتربنك» سوق الصرف بين البنوك.
ويساهم قرار إلغاء آلية صندوق تحويلات المستثمرين الأجانب في تدفق أموال صناديق الاستثمار إلى السوق المصرية مباشرة، دون الدخول ضمن آليات تنظيمية ما سينعكس إيجابيًا على سهولة وسيولة حركة الأموال والاستثمارات الأجنبية داخل الاقتصاد المصري.
وتوقع طارق عامر محافظ البنك المركزي، وقتها أن يأتي القرار بآثار إيجابية على الاقتصاد، ومزيد من ثقة المستثمرين الأجانب في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه مصر منذ سنوات قليلة، حيث أن القرار كان مخططًا له منذ تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016.
وأضاف طارق عامر، أن تحرير سعر الصرف الأجنبي أدى خلال عامين فقط من تطبيقه إلى النجاح في القضاء على نقص المعروض من النقد الأجنبي، والذي كان يعوق النشاط الاقتصادي فى السابق، وأدى ذلك النجاح إلى تحسن كبير في موارد النقد الأجنبي للاقتصاد المصري، إذ بلغت إجمالي تدفقات النقد الأجنبي منذ 3 نوفمبر 2016 نحو 111 مليار دولار.
وأشار إلي أنه في إطار عملية تحرير سعر الصرف، تمت معالجة التشوهات في السوق المحلى للصرف الأجنبي، وأصبحت قوى العرض والطلب هى التي تتولى تحديد مستوى سعر الصرف في السوق.

عودة المستثمرين الأجانب بقوة في السوق المحلية


من جانبه أوضح هشام عكاشة رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، أن سعر الدولار، شهد تراجع في البنوك العاملة في السوق المحلية، اليوم نتيجة عودة المستثمرين الأجانب للسوق المصري، من بداية الشهر الجاري، حيث شهد السوق حركة بعد انتهائهم من أجازات آخر العام و إعادة توزيع محافظهم بعد جني أرباح ٢٠١٨؛ لتعويض خسائرهم من أسواق ناشئة أخرى خلال عام ٢٠١٨ مثل تركيا و الأرجنتين.
وأضاف هشام عكاشة، في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن عودة المستثمرين الأجانب تسارعت بمبالغ كبيرة فاقت متوسطاتها السابقة نتيجة لثقتهم في استقرار السوق المصري و آليات السياسة النقدية المتبعة حاليًا، بجانب إشادة رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد، ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، أعطى شهادة ثقة للمستثمرين الأجانب لما تضمنته من تفاصيل عن الخطوات الجادة المتخذة من جانب الدولة شاملة حزمة مبادرات الضمان الاجتماعي، والرؤية الإيجابية لنتائج برنامج الإصلاح.


1.8 مليار دولار حصيلة أكبر بنكين في مصر خلال شهر 


وأشار رئيس البنك الأهلي، إلي ارتفاع موارد البنك الأهلي من العملات الأجنبية منذ بداية شهر يناير الجاري، والتي تخطت المليار دولار حتى اليوم، الأمر الذي أدى لتوافر سيولة نقدية من العملات الأجنبية لدى البنك مما تسبب في تراجع سعر الدولار.
بينما كشف محمد الأتربي رئيس مجلس إدارة بنك مصر، أن تراجع سعر الدولار الذي يشهده السوق المحلي، يرجع لعدة أسباب، أهمها عودة ثقة المؤسسات العالمية في السوق المصرية.
وأوضح محمد الأتربي، في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن شهادة صندوق النقد الدولي، أدت لزيادة ثقة المؤسسات العالمية في السوق المصرية، وأن شهر يناير الجاري شهد عمليات تدفقات نقدية بكثافة من المؤسسات العالمية في البورصة وأذون الخزانة.
وأضاف رئيس بنك مصر، أن سعر الدولار يتحرك حاليًا وفقًا لآليات العرض والطلب، موضحًا أن المعروض من الدولار حاليًا أكثر من المطلوب لذلك فإن سعره يشهد تراجعًا هذه الأيام.


وأشار محمد الأتربي، إلي أن إلغاء البنك المركزي لآلية التحويلات بالنسبة للأجانب وأصبحت البنوك هى المسئولة عن تلك العملية، أدى لخلق سيولة ووفرة في العملات الأجنبية في البنوك، موضحًا أن حصيلة بنك مصر من العملة الأجنبية بلغت نحو 820 مليون دولار منذ بداية الشهر الجاري وحتى اليوم.


إشادة صندوق النقد الدولي ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري


وقالت كريستين لاجارد مدير عام صندوق النقد الدولي، إن السلطات المصرية شرعت عام 2016 في برنامج إصلاح اقتصادي طموح يدعمه الصندوق حالياً بمقتضى اتفاق مالي، مؤكدة أنه منذ ذلك الحين، حققت مصر تقدماً كبيراً يدلل عليه نجاحها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي.
وأضافت لاجارد، أن معدل النمو أصبح من أعلى المعدلات المسجلة في المنطقة، كما يسير عجز الميزانية في اتجاه هبوطي، والتضخم في طريقه لبلوغ الهدف الذي حدده البنك المركزي مع نهاية 2019، كذلك انخفضت البطالة إلى 10% تقريباً، وهو أدنى معدل بلغته منذ عام 2011، وتم التوسع في إجراءات الحماية الاجتماعية.
واختتمت لاجارد: «وأغتنم هذه الفرصة للإشادة بما يبديه الشعب المصري من صبر والتزام بعملية الإصلاح، مما سيمهد السبيل لتحقيق نمو أعلى وأكثر شمولاً للجميع على المدى الطويل. وفي هذا السياق، أؤكد مجدداً استعداد الصندوق لمعاونة مصر في تحقيق مستقبل أكثر رخاءً».


طارق عامر: البنك المركزي ملتزم بضمان وجود سوق صرف حرة وخاضعة لقوى العرض والطلب


وقال طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، في مقابلة صحفية مع وكالة الأنباء بلومبرج: «نحن ملتزمون بضمان أن السوق حرة وخاضعة لقوى العرض والطلب، ولكن في نفس الوقت لدينا احتياطيات تساعدنا على مواجهة أي مضاربين أو ممارسات غير منظمة في السوق، وأن الاحتياطات تساعد في الدفاع عن نظام الصرف الأجنبي الجديد، مضيفًا يمكن استخدام سعر الفائدة كأداة.
وأضاف طارق عامر، أن الافتقار إلى المشتقات المالية في السوق قد وفر أيضًا حماية من الاضطراب السائد في الأسواق الناشئة، وأسفر عدم اليقين الذي اجتاح الأسواق الناشئة العام الماضي عن خروج نحو 10 مليارات دولار من مصر، قائلًا: يناير شهد أول صافي إيجابي للتدفقات الأجنبية منذ مايو 2018.
وتابع محافظ البنك المركزي، أنه رغم التدفقات الخارجة، لدينا محفظة استثمارات تتجاوز 10 مليارات دولار، وقد شهد الاحتياطي انخفاضًا طفيفًا على الرغم من خروج الاستثمارات، مما يعكس مرونة الاقتصاد المصري.