لبنان يدعو المجتمع الدولى لتوفير الشروط الملائمة لعودة آمنة للنازحين السوريين

 الرئيس اللبناني ميشيل عون
الرئيس اللبناني ميشيل عون

دعا الرئيس اللبناني ميشيل عون المجتمع الدولي إلى بذل كل الجهود الممكنة وتوفير الشروط الملائمة لعودة آمنة للنازحين السوريين الى بلدهم ولا سيما إلى المناطق المستقرة، أو تلك المنخفضة التوتر، من دون أن يتم ربط ذلك بالحل السياسي، وإلى تقديم حوافز للعودة لكي يساهموا في اعادة اعمار بلادهم والاستقرار فيها.

 

وأكد أن الحروب الداخلية وتفشّي ظاهرة الإرهاب والتطرّف، ونشوء موجات النزوح واللجوء أثّرت سلباً على مسيرة التنمية التي تشق طريقها بصعوبة في المنطقة، خصوصاً في بعض الدول التي تعاني أساساً من مشاكل اقتصادية واجتماعية، فإذا بهذه الحروب تلقي بثقلها عليها وتفرمل كل محاولات الاستنهاض.

 

وقال عون في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لاعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية اليوم ببيروت ، ان هذه القمة تأتي لمجابهة التحديات الاقتصادية والتنموية التي تواجه بلداننا، فعسى أن تتكلّل جهودنا بنجاح يلبي طموحات شعوبنا وآمال الاجيال الطالعة، وأن نخطو خطوة على طريق النهوض والإزدهار وتعزيز العمل التنموي العربي المشترك.

 

‏وقال انه ضرب منطقتنا زلزال حروب متنقّلة، ولسنا اليوم هنا لنناقش أسبابها والمتسبّبين بها والمحرّضين عليها، إنّما لمعالجة نتائجها المدمّرة على الاقتصاد والنمو في بلداننا والتي عادت بنا أشواطاً الى الوراء.

 

وتساءل عون أين دولنا من مسيرة تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، من القضاء على الفقر، إلى محاربة عدم المساواة والظلم، في وقت تُهدم البيوت على رؤوس أصحابها، وتنتهك حقوق الشعوب بالحرية والعيش الكريم، وينتشر الدمار، ويغادر الملايين أوطانهم نحو دول هي أصلا تنوء تحت أحمالها وتضيق بسكانها؟

 

وقال: ‏أين دولنا من مسيرة تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، من القضاء على الفقر، إلى محاربة عدم المساواة والظلم، في وقت تُهدم البيوت على رؤوس أصحابها، وتنتهك حقوق الشعوب بالحرية والعيش الكريم، وينتشر الدمار، ويغادر الملايين أوطانهم نحو دول هي أصلا تنوء تحت أحمالها وتضيق بسكانها؟

 

‏وأضاف أن ‏لبنان دفع الثمن الغالي جراء الحروب والإرهاب، ويتحمل العبء الأكبر إقليميا ودوليا لنزوح الأشقاء السوريين، مضافا الى لجوء الأخوة الفلسطينيين المستمر منذ 70 عاما، بحيث أصبحت أعدادهم توازي نصف عدد الشعب اللبناني، وذلك على مساحة ضيقة ومع بنى تحتية غير مؤهلة وموارد محدودة وسوق عمل مثقلة

 

‏كما أضاف أن ‏الاحتلال الاسرائيلي متربص بنا، ولا ينفك يتمادى منذ سبعة عقود في عدوانه واحتلاله للأراضي الفلسطينية والعربية وعدم احترامه القرارات الدولية وقد وصل اليوم الى ذروة اعتداءاته بتهويد القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل وإقرار قانون "القومية اليهودية لدولة إسرائيل"، غير آبه بالقرارات الدولية، وحال التعثر الداخلي والتبعثر التي يعيشها الوطن العربي أخطر من الاحتلال لأنّه معلوم أن "كل مملكة تنقسم على ذاتها تخرب، وكل بيت منقسم على ذاته لا يثبت"

 

‏وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يضرب الهوية الفلسطينية ويحاول الإطاحة بالقرار 194 وحق العودة، أضف الى ذلك تهديداته وضغوطه المتواصلة على لبنان، والخروقات الدائمة  للقرار 1701، وللسيادة اللبنانية، براً وبحراً وجواً

 

وقال إنه ‏كي تصبح أمتنا أمة منتجة "تنسج وتزرع وتعصر" وتحقق أمنها الغذائي، أمامها الكثير من التحديات، وأول تحدٍ يواجهنا اليوم هو أن نجعل من كل الأحداث المؤلمة التي أصابتنا حافزاً للعمل سوياً على الخروج من الدوامة المفرغة لسلسلة الحروب وتداعياتها، والمضي بمسيرة النهوض نحو مستقبل أفضل لشعوبنا

 

وقال إن ‏الخراب يطاول ركائز أوطاننا وفي مقدمها الاقتصاد والازدهار والتنمية

 

‏وأكد أن معالجة جذور الأزمات والسعي الى القضاء على الفقر الذي يولد عدم المساواة والحروب والارهاب يجب أن يكونا أولوية، كذلك محاربة الفساد والقيام بالإصلاحات الضرورية على كل الصعد وتأمين استقرار التشريع وعدالة القضاء لتوفير عامل الثقة للاستثمارات الداخلية والخارجية، و‏بالتلازم مع السير بالمشاريع الاقتصادية والاستثمارية والزراعية، يجب أن يرتكز عملنا المشترك على بناء الانسان العربي، وحفظ حقوق المرأة وحماية الطفولة، وتثقيف الشباب، والتشجيع على معرفة الآخر، ومن هنا كانت مبادرتنا بالعمل على إنشاء "أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار"

 

‏وتساءل ‏أين نحن اليوم من السوق العربية المشتركة، والإجراءات المساعدة على تصريف الانتاج الزراعي مع احترام الرزنامات الزراعية والمعاملة بالمثل التي تتيح التكامل العربي؟، و‏أين المشاريع الكبرى مثل مشاريع الربط بين الدول العربية بما فيها الربط الكهربائي، وكذلك منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وزيادة معدل الاستثمارات البينية والمباشرة في الدول العربية؟، ‏ألم يحن الوقت لتسهيل التبادل البرّي عبر النقاط الحدودية وفتح المعابر التي تسمح بمرور البضائع بين دولنا؟ وأين نحن من تصحيح مسار اتفاقية التيسير العربية كي تصبح أكثر عدالة وشمولية؟

كما قال: كنا نتمنى أن تكون هذه القمة مناسبة لجمع كل العرب، فلا تكون هناك مقاعد شاغرة، وقد بذلنا كل جهد من أجل إزالة الأسباب التي أدت الى هذا الشغور، إلا أن العراقيل كانت للأسف أقوى، و‏نأسف لعدم حضور الإخوة الملوك والرؤساء ولهم ما لهم من عذرٍ لغيابهم، ويبقى لم الشمل حاجة ملحّة انطلاقاً من أن جبه التحديات التي تحدق بمنطقتنا وهويتنا وانتمائنا لن يتحقق إلا من خلال توافقنا على قضايانا المركزية المحقة، وحقوقنا القومية الجامعة، ‏وفي ذلك ترجمة لإرادة شعوبنا التوّاقة الى الازدهار والاستقرار.