آل الشيخ: مصر والسعودية حريصتان على نشر وسطية الإسلام

الرئيس السيسى والملك سلمان
الرئيس السيسى والملك سلمان

‎أكد وزير الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودى الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ أن مصر والسعودية حريصتان على نشر الإسلام الوسطى المعتدل ومواجهة دعاة الفرقة والفتنة والبعد عن التطرف والغلو.

وأوضح آل الشيخ لـ «بوابة أخبار اليوم» أن الحملات الممنهجة التى تحاك ضد السعودية ومصر ظاهرة واضحة، ومن يقف خلفها معروفون، وهم مهزومون، مشددا على خطورة التنظيمات والمؤسسات الارهابية، مؤكداً أن أى فرد أو مؤسسة إرهابية لا مكان لها بيننا، وسينالها العقاب الشرعى والنظامي، واضاف ان هذه التنظيمات لاتمثل الإسلام وأن الإسلام بريء منها، وقد أعلن العلماء والدعاة براءتهم منه، وقال ان من أضر بالدين الإسلامى الحقيقى مع الأسف الشديد هو طغيان المنافع السياسية على الساحة الإسلامية فى وقت مضى وقد تنبهت مصر والسعودية لهذا الأمر بضرورة تجديد الخطاب الديني، وأكد على ضرورة نشر الوعى بين الشباب والمجتمع والتحذير من أرباب الفكر المتطرف فى خطب الجمعة ودروس المساجد، والتعليم العام ووسائل الاعلام.

> هناك زيارات وتعاون بين قيادات المؤسسات الدينية فى مصر والسعودية ماذا عن مجالات التعاون بين البلدين فى هذا الأمر؟

- ‎لاشك أن السعودية ومصر تمثلان عمقاً استراتيجياً للأمة العربية والإسلامية، مما يستدعى مزيداً من التعاون المشترك والبناء فى كل المجالات، ومن تلك المجالات: التعاون بين المؤسسات الدينية التى تعنى بنشر قيم الإسلام الوسطى البعيد عن التطرف والغلو، وثمة تعاون قديم متجدد بين المؤسسات الدينية فى المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية الشقيقة، وهى مجالات متنوعة وتنسيق فى جميع القضايا التى تهم المسلمين كافة، ومن هذا المنطلق جاءت زيارتنا إلى مصر لرئاسة وفد المملكة فى أعمال المؤتمر التاسع والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذى انطلقت فاعلياته اليوم بعنوان «الوطنية وأثره فى تقدم الدول والحفاظ على هويتها» الذى تنفذه وزارة الأوقاف المصرية وهو امتداد طبيعى للتعاون القائم بين المؤسستين الدينيتين فى البلدين، من أجل نبذ التطرف والغلو بأنواعه ومكافحة الإرهاب، ومن أجل نشر الاعتدال والوسطية بين شعوب المسلمين فى كل مكان.

‎الإسلام الوسطي

> ‎كيف يتم الاستفادة من العلاقات المتميزة بين البلدين فى نشر الإسلام الوسطى فى العالم؟

- ‎المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولى عهده الأمين، ومصر بقيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى حريصتان على نشر الإسلام الوسطى المعتدل. ولا شك أن العلاقات الوثيقة بين البلدين والقيادتين شهدت كثيراً من التعاون فى نشر الوسطية والاعتدال، والبعد عن التطرف والغلو، وسيزداد هذا التعاون قوة من خلال وزارتى الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وغيرها من الجهات الدينية فى المملكة العربية السعودية، والجهات المعنية فى مصر، وفى مقدمتها الأزهر الشريف، والأوقاف، ودار الإفتاء المصرية، وغيرها. وثقلُ البلدين ومكانتهما كفيلان بإذن الله تعالى بترسيخ القيم والثوابت الإسلامية الرصينة، والوقوف معاً ضد كل مايثير الفتنة أو يعمل على إثارتها ودعاة الفرقة. والجهاتُ المعنية فى البلدين لا تألو جهداً فى فعل كل ما من شأنه استقرار المنطقة. والله نسأل التوفيق والإعانة.

‎حملات ممنهجة

> ‎ماذا عن التنسيق بين العلماء فى البلدين لمواجهة الحملات الممنهجة التى تتعرض لها مصر والمملكة؟

- ‎لا شك أن الحملات الممنهجة التى تحاك ضد السعودية ومصر ظاهرة واضحة، ومن يقف خلفها معروفون، وهم مدحورون بإذن الله وأبشر أن هناك وعياً تاماً من شعوبنا بهذه الحملات، ومن يقف خلفها، ولن تؤثر فى إرادتنا قدر أنملة؛ لأننا ندرك أهمية اللحمة والتماسك بين قيادتى البلدين الشقيقين. أما فى مجال التعاون بين المؤسسات الدينية فإن وزارة الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد فى السعودية بمساجدها التى تزيد على 90 ألف مسجد، إضافة إلى 406 مكاتب تعاونية للدعوة والإرشاد، تقوم بواجبها من خلال خطب الجمعة، وإقامة المؤتمرات والندوات والعديد من البرامج الدعوية، لتفنيد الحملات التى تستهدف عقيدتنا ووحدتنا وتماسكنا. وكذلك بقية المؤسسات الدينية فى المملكة كل منهم يقوم بواجبه تجاه هذا الأمر الذى يستهدف الإسلام عقيدة وشريعة، وكذلك أشقاؤنا فى جمهورية مصر العربية يقومون بواجبهم فى هذا الجانب وبكفاءة عالية، ويوجد ولله الحمد تعاون بين مؤسساتنا ونظيراتها بمصر فى هذا الصدد وبتنسيق على مستوى عالٍ. وأستذكر هنا كلمةً لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب حينما سئل نفس السؤال عن الحملات ضد البلدين، فأجاب بقوله: مصر والسعودية مرّتا بأعظم من هذه الحملات، وتجاوزتاها.

‎قوائم الإرهابيين

> ‎هناك قوائم لأفراد ومؤسسات إرهابية أصدرتها المملكة، وتتفق معها مصر.... كيف ترى مخاطر هذه التنظيمات؟ وكيفية التصدى لها؟

‎- لا ريب فى خطورة تنظيمات الفُرقة وشقِّ عصا الطاعة ومنابذةِ ولاة أمور المسلمين. وأهلُ السنة والجماعة فى القديم والحديث يقررون خطورة وضلال الخوارج الذين يكفِّرون المسلمين بالمعاصى ويقاتلونهم، وهؤلاء الخوارج لا يفقهون الإسلام الحق كما فهمه خيرُ القرون من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، ومن ثَمَّ فإن أى فرد أو مؤسسة إرهابية لا مكان لها بيننا، وسينالها العقاب الشرعى والنظامى، فنحن نؤكد ونكرر أن المحسن سيقال له: أحسنت، وجزاك الله خيراً، وأن المسيء لا مكان له، وسيطاله العقاب اللائق بأمثاله. ثم إن التحذير من هذه الجماعات وبيان ما عندها من ضلال، وأيضا التحذير ممن ينتهج نهجها، ويتعاطف معها، من السبل الناجعة فى التصدى لها كيانات وأفرادا، ومن أهم الأمور كشف حقيقة هذه التنظيمات، وبيان أنها لاتمثل الإسلام وأن الإسلام بريء منها، وأيضاً إعلان العلماء والدعاة براءتهم منها كما قال ابن عمر فى القدرية «فإذا لقيتهم فأخبرهم أنى بريء منهم وأنهم براء منى».

‎الصورة الحقيقية

> ‎كيف يسهم الإسلام الوسطى فى تقديم صورة الإسلام الصحيحة للغرب، وكذلك مواجهة الغلو والتطرف؟

- ‎إن الدعوة انتشرت فى أرجاء عديدة من أرض الله الواسعة بحسن الخلق والمعاملة الطيبة، والوفاء بالعهود والوعود والعقود. والرسول صلى الله عليه وسلم وفَّى لكفار قريش فى حال الحرب، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان ولوالده، كما فى صحيح مسلم: «انصرفا، نفى لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم». فهذا من أروع الأمثلة وأعلاها، فحين نوصل للعالم هذه المثل والقيم الرائعة وكل ديننا رائع فسينتشر الإسلام دين الحق والعدل فى كل بقعة من أرض الله. ونحن -معاشر المسلمين- لا نتجمل ولا ننافق ولا نداهن ولا ندعى ما ليس عندنا، فديننا مشرق براق، وصدق الله تعالى القائل: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا» فنحمد الله على نعمة الإسلام، والسنة.. ونسأل الله أن يميتنا على الإسلام والسنة.

‎الخطاب الديني

> ‎ما هى الآليات التى ترونها مناسبة لتجديد الخطاب الدينى ليتوافق مع المتغيرات؟

- ‎الإسلام هو الدين الخاتم، قال تعالى ــ: «إن الدين عند الله الإسلام»، وقال: «ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين»، ونبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، ودينُ الإسلام وافٍ كافٍ فى التعامل مع المتغيرات والمستجدات بكل جدارة. والدينُ الصحيح يحل جميع المشكلات، ويتخطى كل العقبات، فمتى ما وجهت الأعمال وفق مراد الله تعالى ومنهج نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وفهم السلف الصالح، فإن هذه هى آليات العمل الصحيحة والنافعة، وستؤتى ثمارها، بإذن الله تعالى. لكن الذى أضر بالدين الإسلامى الحقيقى مع الأسف الشديد هو طغيان المصالح الحزبية، والمنافع السياسية على الساحة الإسلامية فى وقت مضى. وقد تنبهت المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية وغيرها من البلدان الخليجية والعربية لهذا المخطط الخطير، وفشل فى مهده، وتم الأخذ بزمام الأمور فى الوقت المناسب، وتوجيه بوصلة العمل الإسلامى بصورة صحيحة. والخطاب الدينى المنزل من عند الله تعالى ثابت لا يتغير ولا يبدل وليس بحاجة إلى تجديد، وكذلك ما أجمع عليه العلماء، وإنما ينبغى النظر فى تجديد الخطاب البشرى الذى ربما عملت فيه أيادى التخريب والعبث، وصور الإسلام بغير صورته الحقيقية فآل الأمر إلى وصفه بصفات منفّرة عنه، وهو منها بريء.

الفتوى

> ‎كيف يتم التصدى لفوضى الفتاوى عبر بعض الفضائيات؟

- ‎الفتوى توقيع عن رب العالمين، وفى شأنها صنَّف ابن القيم كتاباً ضخماً، وسفراً عظيماً هو: «إعلام الموقعين عن رب العالمين» فينبغى ألا يسمح بالفتوى لغير المؤهلين من أهل الذكر والبصيرة دون من سواهم ممن يلوون أعناق النصوص لتحقيق مصالح خاصة، والمملكة العربية السعودية جعلت ضوابط لمن يتولون الفتوى، وأذنت للمؤهلين ومنعت غيرهم حفاظاً على الدين.

‎الهوية الوطنية

‎> ماذا عن دور المؤسسات الدينية فى المحافظة على الهوية الوطنية وتثقيف المجتمع؟

- ‎لا شك أن لمؤسسات الدعوة الرسمية والأهلية فى جميع البلاد الإسلامية، ونحوها من الجهات المعنية كالمؤسسات العلمية من جامعات ومعاهد ومدارس دينية، دور كبير وأثر فاعل فى الحفاظ على اللُّحمة الوطنية، وتوعية أفراد المجتمع، وإنارة العقول بالعلم النافع من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وينبغى نشر الوعي، وتعليم الشباب والناشئة ما ينفعهم فى دينهم ودنياهم، وتعليق الخلق بالله جل وعلا وحسن الظن بالله، تبارك وتعالى، ولما كان الوطن مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالدين، إذ الدين يمنع من مجافاته والاعتداء عليه وعلى المواطنين، كان لزاماً على المؤسسات الدينية المشاركة فى ذلك، بل هى القوة الفاعلة.

‎تحصين الشباب

‎> ما هى الآليات المناسبة التى تسهم فى تحصين الشباب من محاولات التغرير به وقيادته نحو التطرّف والإرهاب؟

- ‎يتأتى ذلك بربط الشباب بالدين الذى عليه سلف هذه الأمة قبل دخول الأهواء ويكون بيان ذلك من خلال عقد المؤتمرات واللقاءات والملتقيات والندوات والمحاضرات للعلماء الموثوقين والدعاة الصادقين من ذوى الأهلية العلمية والبصيرة بمسالك أهل الشر والفساد، وكذا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلام، التى لها أثر كبير جداً فى توجيه المجتمع، وحمايته من التغرير به، وتغيير هويته، ومن خلال نشر الوعى والتحذير من أرباب الفكر المتطرف فى خطب الجمعة ودروس المساجد، والتعليم العام والتعليم العالي. ومن خلال بيان أن السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين فى المعروف فريضةٌ وواجب، كما جاءت به الشريعة الغراء فى الكتاب العزيز، والسنة العطرة.

‎> هناك تحركات إيرانية تقوم على أساس عقائدى لتنفيذ مشروع فارسى فى المنطقة، كيف يتم التصدى لمثل هذه المشاريع عبر المؤسسات الدينية؟

‎- القيادتان فى مصر والسعودية وفقهما الله وأهل العلم فى البلدين على دراية بأبعاد هذا المشروع، وقد بُذِلت جهود عديدة فى هذا الصدد من قبل البلدين، ولا يزال التعاون والتنسيق المشترك قائماً للحفاظ على الهوية الإسلامية، وإزالة شبح هذا العدوان عليها. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك فى الجهود المبذولة، وأن يحفظ قيادتى وشعبى البلدين من كل مكروه وسوء وسائر بلاد المسلمين.