عمرو الخياط يكتب: صناعـة البهجـة

الكاتب الصحفي عمرو الخياط
الكاتب الصحفي عمرو الخياط

محمد منير، ‎محمود حميدة، ماجد الكدواني، فتحي عبدالوهاب، أحمد مكي، منة شلبي، إبراهيم نصر، سيد رجب، أحمد أمين، حسين أبوالحجاج، هشام ماجد، بيومي فؤاد، كوكبة مصرية من صناع البهجة وأبطال فيديو تسجيلي متداول علي شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيق »الواتس آب»‬، ورغم بساطته إلا أنه دعوة صريحة للفرح والسعادة والبهجة.

‎الفيديو المبهج يعبر عما يمكن تسميته «‬إرادة السعادة»، الفيديو يقول إن البؤس ليس قدرا، وأن التشاؤم لا يمكن أن يكون فعلا مبادرا بل حالة استسلام وانهزام ذاتي  لمؤثرات خارجية تستهدف الأشخاص والجماعات لتحويلهم إلي كيانات قابلة للتأثر والتفاعل اللا إرادي مع ما يتم توجيهه من مؤثرات سلبية. 

‎الإحباط منظومة بغيضة تديرها قوي من أعداء الحياة تنشر اليأس فتجعله مألوفا فتمتصه الجماعات المحبطة ثم تفرزه في محيطها الخارجي، لتتحول إلي مصادر متجددة للطاقة السلبية.

‎من طرف خفي هناك من يدير منظومة للإحباط تهدف للسيطرة علي العقل الجمعي من خلال تنميطه بحالة من اليأس، وبالتالي يسهل دفعه نحو سلوك القطيع المحبط بعدما يتم إفقاده القدرة علي المقاومة فيتحول وجدانه إلي ساحة صالحة لتخزين ومراكمة عوامل الغضب المصنوع الذي حتما سيتم استخدامه في وقت معلوم. 

‎العلاج هنا يبدأ بدقة التشخيص وواقعيته وجرأته، البهجة صناعة والاستمتاع بها قرار، البهجة منظومة إنسانية راقية يخوض فيها الإنسان رحلة يكتشف فيها نفسه ومحيطه، البهجة وسيلة اتصال بين البشر.

‎القادرون علي إدارة منظومة البهجة يتعاملون مع حالة إنسانية تقوم على ما يلي:
‎- القدرة على إدارة الذات وانفعالاتها وتأثراتها وتأثيراتها.
‎- القدرة علي الاتصال الإيجابي مع المحيط الخارجي.
‎- القدرة  علي المساهمة في خلق حالة مجتمعية تقوم علي السلام الاجتماعي.
‎ البهجة هي في الأصل منظومة لإدارة المورد البشري ودفعه نحو إخراج وتصدير أجمل ما بداخله.

‎استهداف بهجة المصريين هو مشروع منظم وموجه نحو قواها الناعمة وإفقادها تأثيراتها من خلال عزلها عن محيطها ومحاصرتها بمزاج الإحباط العام الذي لا يصلح لترويج بضاعة البهجة فتتعرض للكساد والبوار.

‎الاستهداف هنا مزدوج نحو صانع البهجة ومستهلكها، لتنتج حالة من فقدان الأمل والقدرة علي البناء أو الرغبة في العطاء فيتولد سلوك عدواني غير مبرر يسيطر علي التعاملات اليومية فتجد ردود الأفعال متجاوزة حدود الفعل نفسه.

‎تجاوز حدود الفعل الشخصي لا يلبث أن يتم دفعه نحو تجاوز حدود الفعل السياسي، فيصبح المواطن يومياً في حالة تحفز نحو أي سلوك رسمي يعبر عن الدولة بعدما تم إفقاده قابليته لاستقبال واستيعاب المؤثرات الإيجابية.

‎المصريون أساسا هم منتجون طبيعيون لأصناف البهجة التي طالما كانت قادرة علي خلق حالة من الوحدة الاجتماعية بين الطبقات المتفاوتة، فتجد أصوات الضحك تتعالي داخل البيوت في المناطق الراقية والشعبية والعشوائية بعدما التف ساكنوها حول مشهد في مسلسل أو فيلم أو مسرحية فتنساب هذه الحالة نحو الشارع وتنعكس علي الوجوه، بل تصبح مفردات المشهد جزءا من الثقافة اليومية.

‎حالة تعاطٍ مذهل بين المصريين ومنتجهم الفني، فإذا كان هناك من يحرص علي حفظ وأرشفة التراث الفني فإنه لن يجد مكانا أكثر أمنا للحفظ من ذاكرة المصريين ووجدانهم الذي حمل تفاصيل هذا الفن بسبب تأثيرات حالة الاستمتاع التي أحدثها هذا المنتج الفني.

‎وبالتالي فإن منظومة الإحباط التي تستهدف الوجدان المصري لاحتلاله باليأس هي في ذات التوقيت تستهدف صناعة البهجة بعدما تقضي علي المزاج العام لمستهلكها وعلي مخازنها الإستراتيجية داخل ذاكرة المصريين.

»‬علم نفس البهجة» صناعة مصرية خالصة لم تجد حالاته وأبحاثه وتجاربه  مجالا للتطبيق العملي كما وجدت في وجدان المصريين، فتحولت إلي نظريات تم تصديرها إلي محيطها الإقليمي والعالمي والإنساني ممهورة بتوقيع الإنسانية المصرية. البهجة علم، البهجة عمل، البهجة عطاء، البهجة تواصل بشري، البهجة تطبيق صادق للعدالة الاجتماعية.

‎البهجة ليست رفاهية بل احتياج بشري حتمي لتحويل البشر إلي مصادر للإنتاج  والبناء وليس للفوضى أو للهدم.