صور| «أم الغلام».. قبطية أنقذت رأس الحسين وحكاية انتسابها لـ«آل البيت»

«أم الغلام».. قبطية أنقذت رأس الحسين وحكاية انتسابها لآل البيت - صورة مجمعة
«أم الغلام».. قبطية أنقذت رأس الحسين وحكاية انتسابها لآل البيت - صورة مجمعة

«الست البركة».. قِبلة المريدين ومحبي آل البيت

السيدات يتقربن للشفاء والزواج والإنجاب

علامات استفهام حول حقيقة صاحبة المقام

هل تنتسب «أم الغلام» لآل البيت.. أم قبطية منقذة الرأس الشريف؟
  

على بعد خطوات من مسجد الإمام الحسين في قلب قاهرة المعز، تجد ممرًا ضيقًا يؤدي بك إلى مقام تحت الأرض، في شارع يجمل اسم «أم الغلام»، هنا يوجد الضريح تحت المسجد المعروف بـ«جامع أم الغلام»، والمقام يعرفه الكثيرون من مريدي الطرق الصوفية ومحبي آل بيت النبي في مصر، والذين يعتبرون زيارة الضريح نوعًا من البركة والتقرب إلى الله.

 

 

«الست البركة»


بمجرد الدخول إلى الممر الذي يوجد فيه الضريح، تنتشر رائحة البخور، وهناك يجد الزائر أمامه سلمًا وأنوارًا خضراء تحت الأرض، وعملات معدنية وورقية تركها الزوار داخل الضريح، وزوارها أغلبهم من السيدات اللاتي يلقبنها بـ«الست البركة»، ويتقربن بالدعاء عند مقامها كل منهن بما تتمناه نفوسهن، وأكثرهن الباحثات عن الشفاء والزواج والإنجاب، وكذلك رجال يتقربون إلى المقام ويقبلون جدرانه، ويزيد الإقبال خاصة في الموالد، حيث يرجون الوصل من آل بيت النبي.

 

 


 
المقام ينقسم لضريحين
 
وعند النزول تجد أن المقام لسيدتين وبحسب اللافتات الموضوعة؛ فالأولى هي فاطمة بنت سيدنا الحسن بن علي، وزوجة علي زين العابدين، وترقد بجانبها السيدة فاطمة «أم الغلام»، زوجة الإمام الحسين الفارسية «شهريناز بنت يزدجرد»، إحدى بنات كسرى ملك الفرس، التى زوجها الإمام علي رضي الله عنه، لابنة الحسين في حضور الخليفة عمر بن الخطاب، والتي غيرت اسمها بعد دخولها الإسلام إلى فاطمة وأنجبت الإمام علي بن زين العابدين، الملقب بـ«علي الأصغر».

 


 
رحلة قدوم الرأس الشريف
 
بداخل الضريح العتيق الذي تنزل إليه عبر درجات السلم القديم، تجد غرفتين إحداهما وضعت فيها لافتة كبيرة سجلت عليها رحلة قدوم رأس الإمام الحسين إلى مصر والتي توضح أن الرأس كانت مستقرة في دمشق، ومع قدوم حملات الصليبين إلى الشام، قام الأتراك السلاجقة بإخفاء الرأس في مدينة عسقلان، واشتراها الخلفاء الفاطميين الذين حكموا مصر وقتها للحفاظ عليها، مقابل 30 ألف قطعة ذهبية، ورغم أن هذه القصة مستقرة في وجدان المصريين الذين خصصوا احتفالين في السنة، الأول لميلاد الحسين والآخر لقدوم الرأس الشريف إلى مصر، إلا أن هناك حالات تشكيك فيها، والبعض يقول إن الرأس لا تزال في دمشق، فيما يؤكد آخرون أنها في عسقلان لم تنتقل منها.

 


تضارب الروايات حول حقيقة المقام


ورغم الروايات الموجودة لإثبات أن المقام الثاني لزوجة الحسين، إلا أن التاريخ المكتوب على جدران المقام ينفي ذلك، فالمكتوب أنها دفنت عام 702 ميلادية، بينما لم يتزوج الحسين من شهريناز إلا عقب معركة نهاوند سنة 642 ميلاديًا أي بفارق 60 عامًا، وهو الأمر الذي حير المؤرخين والباحثين عن حقيقة صاحبة المقام.

 


سيدة مسيحية أنقذت رأس الحسين


وأهم الروايات التي انتشرت بين سكان مصر الإسلامية والحديثة عن حقيقة صاحبة المقام في القرن الخامس عشر، حين أقام السلطان الأشرف إينال السيفي المدرسة التي تحمل اسمه، ورفض القائمون عليها الرواية المنتشرة -وقتئذ- أن فاطمة «أم الغلام»، هي سيدة قبطية كانت مارة وقت معركة كربلاء بالعراق، ورأت رأس الإمام الحسين فأخذته وضحت بابنها الغلام وقطعت رأسه ووضعته مكان رأس الإمام الشهيد، ثم سافرت إلى مصر ودفنت الرأس بالقاهرة، وجاء رفض هذه الرواية لأن القاهرة التي أسسها جوهر الصقلي، قائد جيوش الفاطميين، لم تكن موجودة -وقتئذ- وهناك فارق 4 قرون بين الموقعة وتأسيس المدينة.


وتأتي الرواية الثانية والتي حفظها مريدو الطرق الشاذلية والأشراف، والتي كانت الأشهر في كتب الرحالة بأن «أم الغلام» هي سيدة قبطية مصرية دخلت الإسلام وسميت بفاطمة، وأنها اختطفت رأس الحسين من مسجد الصالح طلائع بالدرب الأحمر، والذي قيل إنه تم بناؤه خصيصًا لتدفن به الرأس الشريف، وعندما سمعت بقدوم أشخاص لخطف الرأس، قامت بسرقته من المسجد وخبأته في منزلها وحينما علموا بمكانه قطعت رأس ابنها وأعطته لهم بدلًا منه، ولذلك سميت بـ«أم الغلام».

 


انتسابها لآل البيت


وهناك رواية صوفية ترى أن ما يتردد عن «أم الغلام» هي أساطير مصرية، وذكروا أن المقام يعود إلى السيدة حورية ابنه الإمام الحسين والمعروفة باسم «زينب الصغرى»، وشقيقة الإمام زين الدين العابدين، وحضرت إلى مصر بصحبة شقيقة والدها السيدة زينب، وتنقلت في ربوع مصر، وأن ضريحها والمسجد الذي يحمل اسمها في محافظة بني سويف هو ضريح رؤية، وأن مقامها بجانب ضريح والدها الحسين بالجمالية، وعرف عن السيدة حورية أنها رحالة من آل البيت، وأنها كانت تعالج المصريين فعرفت في المصادر والروايات الصوفية بأنها طبيبة بني هاشم، لذا استمر المصريون في الاتجاه إليها بعد وفاتها للشفاء والتبرك بها.


ويتردد بين الطرق الرفاعية، أن «أم الغلام» إحدى حفيدات الرسول وجاءت مع السيدة زينب وحملت اسم «أم الغلام» لأنها حمت الرأس الشريفة «رأس الحسين»، مع السيدة زينب أثناء وقوعهن في الأسر مع بنات بني هاشم، حيث تم نقلهن إلى دمشق مقر الخلافة الأموية، وهناك رحلت إلى مصر مع السيدة زينب وتوفيت ودفنت في المقام المعروف.

 

 

 


علامات استفهام حول حقيقة المقام


حتى الآن لا أحد يعرف من صاحبة الضريح الحقيقية وحقيقة الروايات والأساطير التي انتشرت منذ بناء المسجد على يد السلطان الأشرف إينال السيفي، لكن ضريحها «ذا النور الأخضر» وروائح العطور والبخور، واسم الشارع يظلون علامة استفهام لمريدي آل البيت، وهذا المقام وسر لجوء العجائز إليها للشفاء، والتبرك بها.