«تقليد ونشاط» جديدين ومناظرة «قاتلة».. أبرز محطات معرض الكتاب

معرض القاهرة الدولي للكتاب
معرض القاهرة الدولي للكتاب

معرض القاهرة الدولي للكتاب هو العيد السنوي لقراء الكتب والمثقفين، ويمثل النافذة الأهم التي يطل منها الجمهور على مختلف فنون وعلوم وآداب العالم، وقد صار المعرض عبر تاريخه عرسًا ثقافيًا وعيدًا للثقافة، وساحة للحوار بين المفكر السياسي والأديب وجمهور المعرض من المثقفين والمواطنين.

 

وقد كانت البداية الأولى لـ "معرض القاهرة الدولي للكتاب" عام 1969 في احتفالية بالعيد الألفي لمدينة القاهرة، وافتتحه وزير الثقافة حينها د. ثروت عكاشة، وظل المعرض ينعقد سنويًا حتى الآن، حتى أصبح أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وواحدًا من أكبر المعارض في العالم وأقدمها.

 

وتستعد وزارة الثقافة هذه الأيام لإطلاق المعرض في دورته الخمسين، خلال الفترة من 23 يناير، حتى الخامس من فبراير القادم، وتعد هذه الدورة من معرض الكتاب مميزة جدًا، نظرًا لاحتفال وزارة الثقافة باليوبيل الذهبي للمعرض، وتحل جامعة الدول العربية كضيف شرف تلك الدورة، كما اُختير د.ثروت عكاشة، والكاتبة سهير القلماوي، شخصيتي المعرض لهذا العام.

 

«بوابة أخبار اليوم» ترصد في السطور التالية أبرز وأهم المحطات في تاريخ معرض الكتاب منذ نشأته.


الثقافة «سلاح» في مواجهة العدو

كانت الدورات الخمس الأولى من المعرض، منذ 1969 حتى عام 1973، تسلط الضوء على دور الثقافة العربية كسلاح حاد في مواجهة أسلحة العدو الفكرية، ونشر الوعي العلمي، والثقافة العربية بين الأصالة والمعاصرة، فضلًا عن مناقشة قضايا الكتاب ومشكلات الناشرين وتصدير واستيراد الكتب.

 

وقد اكتسب معرض الكتاب شهرة وسمعة إقليمية سريعًا، بل كان يعد واحدًا من أهم ثلاثة معارض عالمية، مع معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، ومعرض وارسو الدولي.

 


الدورة الأولى للمعرض بعد حرب 73

عام 1974 هي أولى الدورات بعد نصر أكتوبر مباشرة، وقد افتتحها وزير الثقافة حينها، يوسف السباعي، وكانت نسمات النصر في أجواء المعرض، حيث شجعت الدولة على استيراد الكتب من الخارج.

 

وخلال هذا العام، تم تخصيص مكتبًا لتلقي طلبات الدارسين والمتخصصين وأساتذة الجامعات لاستيراد الكتب من الخارج، وذلك في حدود مائة جنيه سنويًا تُدفع بالعملة الصعبة.

 


مشاركة «إسرائيل» بمعرض الكتاب

شهدت دورة معرض الكتاب عام 1981 ضجة واسعة بسبب مشاركة إسرائيل فيها، ولعل هذا الحضور غير المرغوب فيه جاء تدعيما لجهود عملية السلام حينها، واعترض المثقفون على مشاركة إسرائيل بالمعرض، وقاطعوا تلك الدورة، خاصة أن الكتب الإسرائيلية صدرت من دور نشر مصرية، وقد افتتحت تلك الدورة السيدة جيهان السادات.

 

وعلى الرغم من التكثيف الأمني حول جناح إسرائيل بالمعرض، احتشد الشباب المصري الرافض للتطبيع الثقافي مع إسرائيل واقتحموا الجناح بالقوة، وحرقوا العلم الإسرائيلي، وفشلت مشاركة إسرائيل في المعرض، فكانت هذه أول وآخر مشاركة لإسرائيل في معرض الكتاب.

 

وخلال جلسة جمعت صلاح عبد الصبور الذي كان رئيسا لهيئة الكتاب آنذاك بعدد من أصدقائه الشعراء، وفناني الكاريكاتير، تلقى نقدًا لاذعا من رسام الكاريكاتير بهجت عثمان، حول قبوله تكليف السادات باستضافة إسرائيل، واتهمه عثمان بالتطبيع.

 

توفي صلاح عبد الصبور بأزمة قلبية بعد السهرة التي جمعته بأصدقائه، متأثرا بآلامه من الاتهامات التي تلقاها بالتطبيع .

 

نقل «معرض الكتاب» من الجزيرة

أُقيم معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الأولى عام 1969م بأرض المعارض بالجزيرة، وذلك خلال الفترة من 22 يناير إلى 30 يناير، تحت إشراف المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر التي كانت تضم شركتين آنذاك، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، والشركة القومية للتوزيع.

 

وفي عام 1983 ودع المعرض، أرض المعارض بالجزيرة، حيث انتقل إلى أرض المعارض في مدينة نصر في العام التالي، وشهدت الدورات التالية، توسعا في حجم المعرض وموضوعاته، حيث تم تخصيص مليون دولار لدعم طباعة ونشر كتب الأطفال، كما شهد عام 1985 اشتراك إسرائيل بصفتها في سرايا العرض فقط، تجنبا لحالة الغضب التي وقعت في المرة السابقة.


أول مشاركة لرئيس الجمهورية

شهدت الدورة الثامنة عشرة لـ معرض الكتاب ، عام 1986، أول مشاركة لرئيس الجمهورية في المعرض، حيث شارك الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في افتتاح المعرض، وعقد لقاءً فكريا مع أدباء مصر ومفكريها على مدى ساعتين.

 

وقد كان لهذه المشاركة مردودًا إيجابيًا، حيث تحول المعرض في عام 1988، إلى مهرجان وعرس ثقافي كبير، وبدأ في جذب الكثير من العروض بداخله، واحتضن الكثير من اللقاءات، ففي هذه الدورة، شاهد الجمهور العروض السينمائية والمسرحية والموسيقية، وكذلك وجود العرب بكثافة في الأمسيات الشعرية، فضلًا عن إقامة معرض للفنون التشكيلية.

 

وفي عام 1989، بدأ تخصيص محور رئيسي للندوات، وكان في حينها، مناقشة جميع أعمال الأديب نجيب محفوظ، بمناسبة فوزه بجائزة نوبل في الأدب عام 1988، وطوال تلك الأعوام حرص مبارك على افتتاح المعرض.

 


المناظرة «القاتلة»

وفي عام 1992 كان معرض الكتاب على موعد مع مناظرة فكرية ملتهبة، ربما تكون الأشهر في تاريخ المعرض، حيث كانت تلك المناظرة سببًا في اغتيال أحد أطرافها .

 

كانت الهيئة المصرية العامة للكتاب أعلنت في الأول من يونيو عام 1992 أن هذا العام سيشهد مناظرات حول موضوعات شائكة في معرض الكتاب، تحت عنوان مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية، وكان أطراف المناظرة الشيخ محمد الغزالي، والمستشار محمد مأمون الهضيبي، والدكتور محمد عمارة، وفي مواجهتهم فرج فودة، رئيس حزب المستقبل آنذاك والدكتور محمد أحمد خلف الله، العضو البارز بحزب التجمع.

 

انتهت المناظرة التي أدارها سمير سرحان، وحضرها ما يقرب من 30 ألف شخص، وفي الثامن من يونيو بعد أسبوع فقط من المناظرة، أغتيل الكاتب الصحفي الكبير الراحل فرج فودة.

 

«تقليد ونشاط» ثقافي جديدين

في عام 2006، شهد معرض الكتاب استحداث تقليد جديد وهو اختيار دولة لتكون ضيف شرف المعرض، وكانت ألمانيا هي ضيف ذلك العام، ومنذ ذلك الحين ظل المعرض يتبع هذا التقليد حتى الآن .

 

وفي ذات الدورة عام 2006 تم أيضًا استحداث نشاط ثقافي جديد وهو "المائدة المستديرة"، التي أصبحت أيضا ركنا أساسيا في المناقشات الثقافية ضمن فعاليات المعرض حتى الآن، بالإضافة إلى تطوير صناعة الكتاب والنشر .