ورطة «تيريزا ماي» قبل أيام من حسم أمر اتفاق «بريكست»

تيريزا ماي
تيريزا ماي

دخلت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في أيام الحسم، وباتت تصارع الزمن من أجل إقناع نواب مجلس العموم البريطاني (البرلمان) بالاتفاق المبرم في نوفمبر الماضي مع القادة الأوروبيين بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وبدءًا من الرابع عشر من يناير الجاري، سيكون البرلمان البريطاني مدعوًا لمناقشة آخر ما توصلت إليه رئيسة الوزراء البريطانية مع بروكسل بشأن اتفاق الانفصال عنها، ومن ثم التصويت على الاتفاق إما بالموافقة عليه أو إشهار البطاقة الحمراء في وجهه، وقتها ستدخل بريطانيا إلى طريقٍ مجهول الهوية قبل أكثر من شهرين فقط على خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي، والذي سيكون واقعًا بحلول التاسع والعشرين من مارس المقبل، طبقًا لاتفاقية "بريكست".

وقبل نحو عشرة أيام من مباشرة أمر الاتفاق داخل مقر البرلمان البريطاني، كشف مسحٌ أجرته مؤسسة "يوجوف" يوم الجمعة عن بعض التحديات التي تواجهها ماي، إذ عارض الاتفاق 59 في المائة من نحو 1215 عضوًا بحزب المحافظين شملهم الاستطلاع، بينما قال 76 بالمائة إن التحذيرات بشأن مخاطر الاضطراب الذي سيحدث في حالة الخروج بدون اتفاقٍ مبالغٌ فيها أو مختلقةٌ.

وتحتاج ماي لموافقة 318 عضوًا بالبرلمان البريطاني على الاتفاق ليصبح ساريًا ومعمولًا به بين لندن وبروكسل في مرحلة ما بعد الانفصال بينهما، وتبلغ حصة حزبها المحافظين من تلك المقاعد 317 مقعدًا، لكنها ليست في مأمنٍ بشأن مساهمتهم في التصويت لصالح الاتفاق.

فقد صوّت 117 عضوًا منهم في شهر ديسمبر الماضي لصالح سحب الثقة من رئيسة الوزراء البريطانية، خلال اقتراعٍ نجت فيه ماي من حجب الثقة عن حكومتها وإسقاطها، وهو الأمر الذي يؤكده الاستطلاع الذي ظهرت نتائجه يوم الجمعة.

وستكون تيريزا ماي إذًا بحاجة لدعمٍ من بعض أعضاء حزب العمال المعارض، والبالغ عددهم في البرلمان 257 عضوًا، لكن الحرب قال من قبل إنه لن يدعم خطة ماي بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهو ما يجعل ماي في ورطةٍ حقيقةٍ، والوقت أصبح يداهمها دون أن تأتي بالجديد بشأن الاتفاق لكي تجعل أعضاء البرلمان يوافقون عليه.

وأجلت ماي في شهر ديسمبر الماضي موعد التصويت على الاتفاق، وذلك بعد أن أقرت بأن البرلمان سيرفض ذلك الاتفاق، وقالت إنها ستذهب من جديد للتفاوض مع الأوروبيين بشأن حدود أيرلندا الشمالية، الإقليم البريطاني ذاتي الحكم.

مطلب أيرلندي شمالي

وباتت متاعب ماي تزداد أكثر فأكثر في ظل مطالب شريكها في الحكم الحزب الديمقراطي الوحدودي في أيرلندا الشمالية بالتخلي عن الترتيب الخاص بإقليم أيرلندا الشمالية وهو ما ترفضه ماي والاتحاد الأوروبي.

ويقول سامي ويلسون من الحزب الديمقراطي الوحدودي، ردًا على سؤال بشأن ما إن كان مطمئنًا للإشارات الواردة من الاتحاد الأوروبي "في الواقع نحن نشعر بقلق أكبر بشأن ما يأتي من الاتحاد الأوروبي ولاسيما من الحكومة الأيرلندية".

ويدعم عشرة من نواب الحزب الديمقراطي الوحدودي في البرلمان حكومة الأقلية التي تقودها ماي، والتي لجأت للحزب بعد أن فقدت الأغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها حزب المحافظين خلال انتخابات يونيو 2017، التي جرت بصورةٍ مبكرةٍ.

وتمثل حدود أيرلندا الشمالية كبرى معضلات الاتفاق المبرم بين لندن وبروكسل، ويرى البريطانيون أن ماي قدمت تنازلاتٍ لأوروبا بشأن مسألة الحدود، في حين يصر الجانب الأوروبي على عدم إجراء أي تعديلٍ على الاتفاق الذي جرى الاتفاق عليه في نوفمبر الفائت.

إصرار أوروبي

ذلك الإصرار على عدم إدخال أي تغيير على الاتفاق أبان عليه رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، في كلمةٍ ألقاها شهر ديسمبر الماضي أمام البرلمان الأوروبي في مقره بمدينة ستراسبورج الفرنسية.

كما صرح مسؤولٌ بقصر الإليزيه بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبلغ رئيسة الوزراء البريطانية ماي أثناء اتصالٍ هاتفيٍ يوم الجمعة 4 يناير أن الاتفاق الذي توصلت إليه يوم الخامس والعشرين من نوفمبر بشأن رحيل بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو أفضل اتفاق ممكن لجميع الأطراف.

وباتت كل الطرق تؤدي إلى رفض الاتفاق داخل البرلمان البريطاني، وهو ما قد يجعل بريطانيا تغادر الاتحاد الأوروبي من دون اتفاقٍ وسط مخاوف من سيناريو كارثي للعديد من الشركات الكبرى، التي تخشى اضطراب التجارة إن حدث ذلك.