160 مليار جنيه تضيع تحت الرمال.. الرئيس يعيد الأموال المهدرة في «المحاجر»

160 مليار جنيه تضيع تحت الرمال.. الرئيس يعيد الأموال المهدرة في «المحاجر»
160 مليار جنيه تضيع تحت الرمال.. الرئيس يعيد الأموال المهدرة في «المحاجر»

اعتدنا دائما ان الرئيس عبد الفتاح السيسى يحرك المياه الراكدة، ويفتح الملفات الشائكة، ويضع فى مقدمة أولوياته استرجاع أموال الشعب مرة أخرى، هذه المرة كانت من المحاجر، التى وصفها بأنها «مبتجبش فلوس» ودعا إلى تطبيق آلية منضبطة وشديدة القسوة لضمان الحصول على حقوق الدولة، وتحدث عن ذلك اثناء افتتاح مشروع بشاير الخير 2، بمحافظة الإسكندرية.

 

حديث الرئيس جاء بعد نشر «الأخبار» ملفا بعنوان «محاجر مصر.. ملاليم للدولة ومليارات لأصحابها»!، وأن 15% فقط من المحاجر مرخصة و85% غير مرخصة يحقق المنتفعون بها مليارات ولا يدفعون للدولة سوى ملاليم، ورصدت أبرز المشاكل التى تواجه المحاجر واستطلاع آراء الخبراء حول كيفية تعظيم موارد الدولة من المحاجر، وكيف تعود  تلك  الثروة القومية المنهوبة إلى حضن الدولة مرة أخرى.

 

أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن غياب الحوكمة تسبب فى ضياع حق الدولة فى عقود المحاجر أو الساحات والمحلات، داعيًا إلى تطبيق آلية منضبطة وشديدة القسوة لضمان الحصول على حقوق الدولة.

 

وقال الرئيس السيسى، خلال افتتاح مشروع بشاير الخير 2، بمحافظة الإسكندرية، الاربعاء الماضى: نعمل قانون للمحاجر مبتجبش فلوس، إحنا مش عاملين حوكمة للموضوع، المحليات والمحافظين وغيرهم ملهمش دعوة، أمال بترفع إيدك وتقولى عايزين صرف وكهرباء وغلابة، ما أنت كمان لازم تقف معايا.

 

ووجه الرئيس السيسى، بعمل عقود بين الدولة والمواطنين سواء كانت فى المحاجر أو ساحات الانتظار أو المحلات: تتعمل آلية متسمحش أبدًا بتجاوزات، لابد أن يكون فى العقد التزامات شديدة القسوة وشديدة الانضباط، وكل قائد مسئول مع مديرى الأمن عن المحافظات، هشوف هنقدر ناخد حق الدولة من الناس زى ما بنديهم ولا لأ.

 

وطلب الرئيس من وزارة المالية والتنمية المحلية، قائلا: «لما نعمل عقود مع ناس مدنيين من أهلنا مش هينفع نبقى ناسيين ناخد الفلوس، ولا يتم تحصيلها بالسنين الطويلة وندخل فى نزاع.. دا كلام غريب ومحدش واخد باله منه، وخاصة فى الحديقة الدولية.. يا تعمل عقد حكومى والعقد أوله فى إسكندرية وآخره فى أسوان.. وثيقة مؤمنة تخرج لكل الناس وتقول لكل واحد حقنا إيه.. أنت تاخد وإحنا ناخد.. لكن أنت تاخد لوحدك لأ.. إحنا كلنا كمسئولين مش بناخد بالنا من حق الدولة وهذا أمر لن أسمح به، وكل مسئول ينتبه لكل قرش.. ندى للناس حقها وناخد حقنا».

 

واشار الرئيس قائلا: «الناس تاخد الحاجة بتلاتة قروش وميدفعوش كمان!.. المسئولين بالدولة من أول وزير المالية والمحافظ عينه على كل جنيه وكل عقد فى محافظته، يشوفه ويعرف دخله عشان الغلابة، أقول ذلك كى ننتبه فى كل حته.. أنا بلاقى محلات مؤجرة بقالها 20 سنة بأرقام هزيلة.. وماله نحترم العقد بس الناس تسدد.. لكن إذا لم تسدد وتدخل فى قضايا.. لا دا حتى مايرضيش ربنا.. إنك تاخد وتكبر والغلابة تضيع كدا».

 

وتابع: «ناخد حقنا مضبوط يا إما الناس تمشى إحنا مش بنخاف إلا من ربنا.. دا كلام ميرضيش ربنا إننا ندى الناس الحاجة من غير فلوس، والناس تكسب مئات الالوف والملايين ومش عاوزة تدفع حق الدولة، والكلام دا مش هيمشى معايا فى أى حته فى مصر.. دا كلام ميرضيش ربنا ولا الوطن.. أنا مش زعلان من الناس بل زعلان علينا وعلى حالنا عن الناس بتستبيح وفاكرة إن المال دا مش حرام.. لا دا مال حرام.. وتروح تحج وتعمل عمرة.. أنت بتاكل مال اليتيم بتاع الدولة.. والكلام دا ينطبق على المحاجر وكل حاجة.. ونعمل قانون للمحاجر».

 

حق الأجيال القادمة

«ضعف القانون وغياب الحوكمة» متهم رئيسى أجمع عليه خبراء الاقتصاد والتنمية المحلية، والذى تسبب فى ضياع كنز مصر من الثروات المعدنية وبالاخص المحاجر، وشبهوا الخبراء هذه الثروة بالذهب الذى فقد بريقه نتاج عشوائية فى التعامل مع هذا الملف على مر السنوات السابقة، واوضحوا أنه بسبب هذا الاهمال تفقد مصر سنويا اكثر من 17 مليار جنيه لأن 15% فقط من المحاجر مرخصة وحتى هذه النسبة تدفع رسوم ضعيفة بسبب ضعف القيمة الايجارية الموجودة فى القانون القديم، والتى لا تتناسب مع الخدمات التى يستغلها مستثمرو هذه المحاجر كالطرق والكهرباء والبنية التحتية.

 

الخبراء أكدوا أن الثروة المحجرية التى يتم استخراجها يتم بيعها بمبالغ كبيرة، ليحقق المستثمر الربح ويضيع على الدولة مليارات سنوية؛ أما باقى المحاجر فحدث ولا حرج يخضعون للاقتصاد غير الرسمى بسبب عدم ترخيصهم، واشاروا إلى انه حتى بعد ان افاقت الدولة لايجاد حل يساعد فى الاستفادة من هذه الثروة بعد اصدار قانون جديد للثروة المعدنية ظنا ان هذا سيكون الدواء الذى يعالج المشكلة التى استمرت لسنوات لم يشفع هذا الدواء فى العلاج وذلك بسبب أن القانون لم يعالج مشكلة التغير السعرى لما يستخرج من هذه المحاجر.

 

أضافوا أيضا أن الحل يبدأ فى تنفيذ الحوكمة وتوفير الأدوات اللازمة لآليات التنفيذ التى تبدأ بتعديل القانون بحيث يواكب حركة الأسواق فى الأسعار بجانب ان يراعى القانون ان تكون هناك رقابة فعالة تتناسب فيها القوة مع العقل، وأبدى الخبراء سعادة كبيرة بتوجيه الرئيس بضرورة ايجاد حلول للاستفادة من الثروة المحجرية لان العلاج دائما لاى مشكلة يبدأ من الرئيس متمنين أن يتضمن بنود العلاج ان يتم وضع دراسات علمية لطريقة استغلال هذه المحاجر حرصا على الاستدامة ولا تضيع حقوق الاجيال القادمة.

 

فى البداية يقول د. وائل النحاس، الخبير الاقتصادى: إن ضعف القوانين ليس المتهم الوحيد فى مسلسل إهدار ثروات مصر المعدنية فضعف القوانين ترس ضمن منظومة باكملها فاشلة تصر أن تسجل نفسها فى غياب دائم وتتسبب فى ضياع ثرواتنا وعدم استغلالها بطريقة تثمن وتعظم من قيمتها.

 

ويضيف أن الحل لضبط العمل فى المحاجر اعادة النظر فى المنظومة باكملها وان يبدأ ذلك بتطبيق الحوكمة والتى يجب ان يتزامن تطبيقها ان نمتلك الادوات لاليات تنفيذها على ارض الواقع وذلك يبدأ بتعديل القانون بحيث يواكب حركة السوق فى الاسعار وان يتم تفعيل الرقابة بحيث تتناسب فيها القوة مع العقل.

 

ويوضح أنه يجب ايضا ان يتم اعادة النظر فى صيغ التعاقدات بشرط ان يتضمن هذا التعديل ان يكون هناك توافق بين الاضلاع الثلاثة المستفيدة من هذه المحاجر وهم الدولة ممثلة فى الحكومة والمستثمر وهو المنتفع من المحاجر ويتولى مسئولية الاستخراج والاخير التاجر الذى سيقوم بتسويق المنتج المستخرج.

 

ويشير إلى انه بعد توفير هذه الشروط ستحدث طفرة فى العوائد التى تتحقق من المحاجر مما سيكون له أثره على المستهلك الذى سيشعر بوصول منتج رخيص له فى المقام الأول وثانيا سيشعر بانتعاشة فى وضع الاقتصاد نتيجة مساهمة هذه العوائد فى سد نسبة لا بأس بها من عجز الموازنة.

ويتمنى النحاس أن يتزامن مع هذه الإجراءات اعداد دراسة من قبل الدولة يقوم اساسها على البحث العلمى لان يتضمن بنود استغلال المحاجر طريقة متطورة مدروسة تضمن ان يتواكب مع الاستغلال الحفاظ على استدامة هذه المحاجر حرصا على الاجيال القادمة من ضياع حقوقهم فى الثروة المعدنية.

 

 حركة السوق

وفى نفس السياق يوضح د. ايهاب الدسوقى، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، أن القانون القديم المنظم للعمل فى الثروة المعدنية تضمن قيمة ايجارية ضعيفة مقابل حق الانتفاع لهذه المحاجر مما اضاع على الدولة مليارات الجنيهات لان هذه القيمة لا تتناسب مع مقدار الخدمات التى يستغلها هؤلاء المنتفعون من طرق وكهرباء ومعدات مدعمة وفى النهاية يتحصلون على أموال طائلة من الثروة المستخرجة من هذه المحاجر.

 

ويوضح أن الكارثة انه حتى بعد ان انتبهت الدولة لهذه المشكلة فإن علاجها لم يكن بالقدر الكافى الذى يتناسب مع حجم المشكلة، وهذا ظهر فى القانون الجديد الذى لم يراع حركة السوق والتغيرات فى الأسعار التى تطرأ يوما بعد يوم فى حقوق الانتفاع للمحاجر.

 

 ورحب الدسوقى بتوجيهات الرئيس والتى اتت فى موعدها خاصة انه دائما ما يعقب توجيهات الرئيس تحركات سريعة لحل هذه المشكلة بطريقة صحيحة تضمن تحقيق اكبر العوائد من هذه الثروة التى ستساعد فى الارتقاء بالدخل القومى.

 

ويشير إلى ان الحل يبدأ بسرعة تعديل القانون وان تتضمن بنود القانون مادة واضحة تنظم اسعار حق الانتفاع بالمحاجر بحيث ان تناسب هذه الاسعار التغيرات فى معدل التضخم لنضمن تحقيق اكبر عائد ممكن من هذه الثروة.

 

المناطق العشوائية

ومن جانبه يشير د. حمدى عرفة، أستاذ الادارة المحلية واستشارى تطوير المناطق العشوائيه، إلى ان المحاجر تضيع 160 مليار جنيه سنويا على الدولة وذلك بسبب أن النسبة المرخصة منها لا تتعدى الـ 15 % والادهى أن الباقى يعمل فى اطار غير رسمى ناهيك عن انه حتى النسبة المرخصة يتم استغلالها بقيمة ايجارية ضعيفة جدا.

 

ويوضح أنه بجانب ضعف القيمة الايجارية فان غياب التكنولوجيا أضاع واهدر هذه الثروة القومية اضف إلى ذلك فان تضارب الاختصاصات فى السيطرة على المحاجر بين وزارة البترول والمحليات التى تخضع لسلطة كل محافظة يتواجد بها المحجر ساهم فى ضعف الرقابة عليها وبالتالى ضاعت نسبة كبيرة من العوائد المتوقعة من هذه الثروة.

 

ويتعجب عرفة من أن تكون نسبة مساهمة المحاجر فى الميزانية العامة للدولة 1.1% بواقع 11 مليارا و360 مليون جنيه من اجمالى ايرادات الدولة والمقدر بـ 170 مليار جنيه.

 

ويرى استاذ الادارة المحلية أن الحل لتعظيم الاستفادة من هذه الثروة يبدأ أولا فى ان تقوم الدولة بالسيطرة على المحاجر ورصد اى مخالفة تعد عليها بجانب ان يتم سد الثغرة التى يستغلها بعض من منعدمى الضمير للتعدى على هذه المحاجر الا وهى أن نسبة كبيرة من العاملين فى المحليات مؤقتون راتبه لا يتعدى 1400 جنيه مما يجعلهم لا يقومون بعملهم على اكمل وجه.

 

ووجه عرفة رسالة شكر للرئيس الذى انقذ الثروة المحجرية من الاهمال بعد توجيهاته بضرورة الاسراع لايجاد حل يعجل فى الاستفادة من الثروة المعدنية خاصة ان الشعب اعتاد انه عقب كل توجيه للسيسى تزداد وتيرة الحراك لحل المشاكل.