حصاد 2018| «يوم الدين» يحفظ وجه السينما المصرية

فيلم يوم الدين
فيلم يوم الدين

كتب: هويدا حمدي

 

عام سينمائى باهت، سيطر عليه طابع تجارى لم يفلت منه إلا «يوم الدين» لأبو بكر شوقى فقط ليحفظ وحده ماء وجه السينما المصرية و«تراب الماس» لمروان حامد إلا انه اهتم بالصورة والتكنيك على حساب مضمون الفيلم المشتت، دون ذلك كانت الغلبة لأفلام المقاولات أو الأفلام ذات التوليفة الخاصة الموجهة لجمهور الأعياد.

 

الظاهرة الأكثر وضوحا هذا العام كان التقليد الأعمى للسينما الامريكية مفتقدة إمكاناتها التقنية والبشرية لتبدو استنساخا فاشلا بلا مبرر سوى الإيرادات التى نجحت فى حصدها بعض الأفلام،و لكن لأننا نحتكم للعشوائية فى صناعة السينما كانت الإيرادات مجرد خدعة، فالفيلم الذى لا يحقق أكثر من ضعف ميزانية انتاجه على الأقل لا يحقق منتجه ربحا حقيقيا لأن نصف الايرادات تذهب لدور العرض.

 

اللافت للنظر أن السينما المصرية حققت هذا العام نفس إيرادات العام الماضى تقريبا (٣٥٠ مليون جنيه) رغم تراجع الانتاج كما هذا العام بنسبة تتجاوز ٢٠٪‏، (أنتجت ٣٤ فيلما فقط مقابل ٤٤ فيلما العام الماضى)، وهو بنسبة كبيرة يعود لزيادة قيمة تذكرة السينما فى معظم دور العرض، إلا أن لهذا جانب إيجابى حيث يدل على تمسك الجمهور المصرى بالذهاب لدور العرض رغم زيادة الأعباء وإجراءات تقشفية فرضها إرتفاع الاسعار بشكل كبير بعد رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء.


بالطبع استحوذت الأفلام التجارية على معظم إيرادات السينما فاستأثرث خمسة افلام بثلثيها تقريبا، فى المقدمة كان الفيلم الكوميدى «البدلة» لمحمد جمال العدل بطولة تامر حسنى وأمينة خليل وحقق ٦٣،٤ مليون جنيها وهو أعلى رقم حققه فيلم مصرى حتى الآن، يليه فيلم الأكشن «حرب كرموز» لبيتر ميمى حقق ٥٧،٦ مليون جنيها بطولة أمير كرارة ومحمود حميدة، وهو الفيلم الذى يضع كرارة فى مصاف نجوم الشباك مفتولى العضلات.

 

وفى المركز الثالث الفيلم الكوميدى «ليلة هنا وسرور» لحسين المنباوى ٣٥ مليون جنيها بطولة محمد إمام وياسمين صبرى، وفى المركز الرابع «تراب الماس» لمروان حامد بطولة آسر ياسين وماجد الكدوانى ومنة شلبى محققا ٣١،٤ مليون جنيها، وفى المركز الخامس فيلم « الديزل «لكريم السبكى بطولة محمد رمضان ٢٣،٦ وهو رقم لا يتناسب مع أجره وتكاليف انتاج الفيلم، وهو ما يحسم تراجع شعبية رمضان الذى تهاوت ايرادات افلامه منذ العام الماضى وهو من الظواهر الإيجابية هذا العام.


«يوم الدين» الأفضل
كان فيلم «يوم الدين» هو أفضل ما قدمت السينما المصرية خلال هذا العام، وهو تأليف مخرجه المصرى الأسترالى أبو بكر شوقى وشارك فى انتاجه عدة جهات منها زوجة المخرج المصرية الامريكية دينا إمام وعدة منح منها منحة من جامعة نيويورك وأخرى من معهد ترايبكا وثالثة من مهرجان الجونة، والفيلم يلعب بطولته راضى جمال (بشاى) أحد نزلاء مستعمرة الجذام الذى تعافى من المرض.

 

وهو فيلم يعرى المجتمع المصرى بشاعرية وعذوبة، عن المهمشين المنبوذين الذين ينتظرون يوم الدين على أمل أن يجدوا العدالة التى افتقدوها فى مجتمع تسوده القسوة يمارس عنصريته ضد ضعفائه حتى المرضى منهم، تدور احداثه من خلال رجل تعافى من مرض الجذام لكن بقيت أثاره على وجهه يقرر الخروج من مستعمرة الجذام التى تركه على بابها اهله وهو صبى صغير على وعد بالعودة ليأخذونه بعد الشفاء، لكن الوعد لا يتحقق، فيقرر ترك المستعمرة ليبحث عن اهله فى الصعيد ويجوب محافظات عديدة بحماره وصديقه الوحيد اوباما، ويجد اهله بعدما يفقد كل شئ فى رحلته الشاقة الا انه يصدم بالواقع، فيقرر العودة للمستعمرة ليبقى مع نظرائه المنبوذين إلى يوم الدين.


والفيلم هو الوحيد تقريبا الذى اهتم بقضية انسانية قدمها بواقعية قاسية مؤلمة وبتكنيك رائع، مخرج موهوب لم يشغل باله باستعراض العضلات وحسابات الشباك قدر همه بقضية انسانية شغلته منذ قدم فيلمه القصير «المستعمرة».


 ٢٠١٨ بلا بصمة أنثوية
كالعام الماضى غابت المرأة هذا العام عن الأفلام مخرجة ومؤلفة وممثلة أيضا !.. فلم تضم قائمة الافلام فيلما واحدا بتوقيع مخرجة ولم يكن هناك فيلم واحد لمؤلفة، والأكثر سوءا، لم يكن هناك حضور لافت لأى نجمة، على غير المعتاد، فأى منهن كان لها أدوارا وعلامات فى سنوات ماضية، لكن هذا العام غابت النجمات ولم يكن لهن حضور قوى واحتل النجوم بطولة الافلام والادوار المهمة والأكثر تأثيرا وحضورا.