رغم ارتفاع الناتج المحلي 3 أضعاف.. الزيادة السكانية تلتهم ثمار التنمية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

نجح الاقتصاد المصري في تحقيق زيادة كبرى بالناتج المحلي الإجمالي، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي المصري من مستويات 50 مليار دولار عام 1990 إلى 237 مليار دولار العام الحالي 2018، بمعدل يزيد عن 3 أضعاف، إلا أن الزيادة السكانية القياسية التي فاقت نمو الناتج المحلي خلال تلك الفترة أدت إلى عدم شعور المواطنين بثمار التنمية.

وتقوم الدولة بتوفير المنتجات البترولية بالسوق المحلي سواء من خلال الإنتاج لجزء من احتياجات السوق المحلي واستيراد النسبة المتبقية بالسعر العالمي، ونتيجة ثبات أسعار تلك المنتجات محليًا، وزيادة أعباء توفيرها سنويًا، أدى ذلك إلى زيادة الفجوة بين الأسعار الجبرية وتكلفتها الحقيقية، وهذا ما يسمى الدعم التي تتحمله الدولة والذي يؤثر سلبا على مخصصات الموازنة العامة، وبلغ حجم الدعم حوالي 120 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي، ويمثل الاستيراد 35% من استهلاك البنزين، و45% للسولار، ويمثل البوتاجاز نسبة 55%.

وقامت الدولة عام 2014 بإجراء إصلاح اقتصادي شامل تضمن رفع أسعار المنتجات البترولية تدريجيا وسنويا بهدف الوصول إلى سعر التكلفة الحقيقية وليس السعر العالمي، مما كان له أثر إيجابي على الموازنة العامة للدولة وتوفير هذه المبالغ وتوجيهها إلى مشاريع خدمية مثل محطات الكهرباء والطرق والتعليم والصحة، حيث أن عدم اتخاذ إجراءات بتحريك أسعار المنتجات البترولية كان سيؤدي إلى رفع فاتورة الدعم إلى مستويات 250 مليار جنيه.

ويؤدي ترشيد هذا الدعم إلى توسع الدولة في هذه المشاريع الخدمية بخلاف العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وتوجيه الدعم لمستحقيه، مثال لذلك أسرة تمتلك فيلا وتستهلك غازًا وبنزينا وكهرباء بكميات كبيرة، وبالتالي تتحمل عنه الدولة الدعم، وبالرغم من قدرته المالية وأسرة أخرى تمتلك شقة متواضعة ومعدل استهلاكها منخفض للكهرباء والغاز والبنزين يكون شبه منعدم.

ويتراوح سعر تكلفة لتر البنزين ٩٢ بين ٧٫٣٠ و٦٫٩٥ جنيه، بينما يباع للمستهلك بسعر ٦٫٧٥ ويتراوح سعر تكلفة بنزين ٨٠ بين ٦ و٦٫٣٧ جنيه، بينما يتم بيعه للمستهلك بسعر 5٫5 جنيه ويصل سعر التكلفة للسولار ما بين 7٫75 جنيه و7٫4 جنيه بينما يباع للمستهلك بسعر 5٫5 جنيه.

وأكد عدد من خبراء الاقتصاد، أن تعداد السكان في مصر عام١٩٩٠  بلغ  57 مليون نسمة، وارتفعت إلى 100 مليون نسمة بنسبة زيادة تصل إلى 75%، خلال تلك الفترة ويبلغ معدل النمو السكانى حاليا حوالى 2٫5% سنويا.

وقال د. فخري الفقي، مستشار صندوق النقد الدولي والخبير الاقتصادي، إن أي اختلال بين معدلات النمو السكاني ونمو الناتج المحلي الإجمالي يؤدي إلى تقليل متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط نصيبه من موارد الدولة وحصوله على الخدمات أيضا. 

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن معدلات الناتج المحلي الإجمالي، والتي تزيد بمعدلات كبيرة، وتقسيم هذا الناتج على عدد أقل من الأفراد يعمل على زيادة متوسط دخل الفرد الواحد، وسهولة الحصول على الخدمات التي توفر حياة كريمة للأفراد.

وأضاف أن السكان والبشر ثروة لابد من الحفاظ عليها، وذلك مع ضبط معدلات النمو السكاني لتحسين جودة الحياة للمواطنين ورفع متوسط دخل الفرد.


وقال "الفقي"، إن عدد سكان مصر يوازي عدد سكان خمس دول كبرى من الدول الأوروبية، مثل فرنسا وبريطانيا وبلجيكا والسويد، ويبلغ معدل نمو السكان حوالي 2٫5 مليون مواطن سنويا، وأن الاستمرار في زيادة معدلات النمو السكاني يؤدي إلى زيادة الاختلال بين الموارد والسكان بما يحد من نتائج وثمار النمو المتحقق.

وقال د. رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إن رفع الدعم عن المنتجات البترولية ضرورة حتمية حتى يصل إنفاق الحكومة إلى الفئات التي تستحقه، بالإضافة إلى خفض عجز الموازنة العامة للدولة وتقليل العبء على الدين العام للدولة.

وأشار "عبده"، إلى أن ارتفاع عجز الموازنة جاء نتيجة مباشرة إلى تحميل جانب المصروفات بأعباء يمكن تقليلها مثل دعم الطاقة والمنتجات البترولية.

ولفت إلى أن قرار رفع أسعار الوقود، يعد أحد أهم إجراءات الإصلاح الاقتصادي، الذي يستهدف في الأساس إعادة توزيع النفقات الحكومية في الموازنة العامة للدولة، وتخفيف الأعباء على الموازنة العامة للدولة. 

وأضاف أنه لابد من استمرار الحكومة في إجراءاتها الإصلاحية وعدم التباطؤ فيها حتى تنتهي من أهم هذه الإجراءات بحلول العام المالي 2019/ 2020، التي يتوقع أن ترتفع في معدلات النمو الاقتصادي مع انخفاض عجز الموازنة العامة للدولة.