حصاد 2018| العراق ولبنان.. انتخابات من دون حكومات هذا العام

عادل عبد المهدي وسعد الحريري
عادل عبد المهدي وسعد الحريري

كان عام 2018 يشكل مرحلةً مفصليةً في حياة العراقيين واللبنانيين، فالبلدان كانا في مايو الماضي على موعدٍ مع استحقاقين انتخابيين، تمثلا في الانتخابات التشريعية، التي ستفضي إلى تشكيل حكومةٍ في البلدين، الذين يعتمدا نظام الحكم البرلماني.

البداية مع لبنان، البلد التي عرفت أخيرًا إجراء الانتخابات البرلمانية بعد تأجيلاتٍ متتابعةٍ وصلت إلى حد خمس سنوات، بعد أن انتهت مدة البرلمان السابق في مايو 2013، بيد أنه استمر في عمله لمدة تفوق ولايته الانتخابية الأساسية والبالغة أربع سنواتٍ.

الانتخابات في لبنان

الانتخابات في لبنان أسفرت على نجاح تكتل حزب الله وحركة الأمل "الشيعيين"، في حجز 29 مقعدًا بالبرلمان من أصل 128 مقعدًا، من بينهم 26 مقعدًا من أصل 27 مخصصين للشيعة في لبنان.

وتتبع لبنان نظام المحاصصة السياسية، سواء على مستوى البرلمان أو على مستوى تقاسم السلطات، ويتألف البرلمان اللبناني من 128 عضوًا، مقسمين بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين، بواقع 64 مقعدًا لكلٍ منهما، ويستأثر مسيحو المارونية بأكبر عدد من المقاعد يبلغ 34 مقعدًا، في حين يحوز مسلمون السنة والشيعة 27 مقعدًا لكل طائفةٍ منهما، في حين يتقاسم الطوائف الدينية الأخرى باقي مقاعد البرلمان.

ونظام المحاصصة السياسي يعتمد على تقاسم السلطات وتوزيع مقاعد البرلمان على أساس طائفي أو ديني أو عرقي، وفي لبنان يشترط أن يكون رئيس الجمهورية مسيحي ماروني، وحاليًا هو ميشال عون، زعيم حزب التيار الوطني الحر، ورئيس الوزراء من المسلمين السنة، وحاليًا هو سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل، أما رئيس مجلس النواب، مسلمٌ شيعيٌ، وقد تم إعادة انتخاب نبيه بري، زعيم حركة أمل الشيعية رئيسًا للبرلمان.

تيار المستقبل، الذي يتزعمه الحريري، كان صاحب أكبر تمثيل للسنة في البرلمان، وهو ما مكن من إعادة تكليف سعد الحريري بتأليف الحكومة الجديدة، لكنه فقد جزءًا كبيرًا من مقاعده، فحاز 20 مقعدًا في هذه الانتخابات، بعدما كان يستحوذ على 36 مقعدًا داخل البرلمان.

وبالنسبة للتمثيل المسيحي، فقد احتفظ التيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل بالأكثرية بعد أن حاز 20 مقعدًا بالبرلمان، لكنه فقط 17 مقعدًا كاملًا كانت بحوزته في الولاية الماضية، في ظل الصعود السياسي لتيار القوات اللبنانية، بقيادة سمير جعجع، الذي حاز 15 مقعدًا في الانتخابات، وبات يزاحم التيار الوطني الحر في مقاعد المسيحيين.

أزمة ما بعد الانتخابات

ولكن بعد الانتخابات، ومنذ ذلك الحين لم تعرف لبنان الاستقرار على تشكيل الحكومة بعد، في ظل تنامي الخلافات، والاتهامات من أطراف عدةً، وآخرها اتهامات من جماعة حزب الله، لرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة.

لكن في الوقت ذاته، كشفت وسائل إعلام لبنانية بأن حزب الله ضرب عملية تأليف الحكومة في مقتلٍ، بوضعه شروطًا تعجيزيةً لكي يسمح بتأليف الحكومة الجديدة، وكانت تتمثل تلك الشروط في عودة العلاقات إلى طبيعتها مع النظام السوري ودعوته للمشاركة في القمة الاقتصادية التنموية في بيروت، إضافة إلى تحديد موقف رسمي حكومي واضح من العقوبات المفروضة على الحزب، وشرعنة الحزب ودوره على غرار الحشد الشعبي في العراق، في إشارةٍ للتنظيمات المسلحة داخل الحزب، التي تُصنفها الولايات المتحدة على سبيل المثال بأنها تنظيمات إرهابية.

وكان الحريري قد أبدى تفاؤلًا كبيرًا بشأن تأليف الحكومة الجديدة قريبًا في مطلع أكتوبر الماضي، لكنه تطلعاته لم تكن في المتناول على أرض الواقع.

 

ومن لبنان إلى العراق، التي تتبع أيضًا نظام المحاصصة السياسية ولكن في توزيع سلطات الحكم فقط، فالرئيس من الأكراد، وقد اُنتخب برهم صالح رئيسًا للبلاد، وهو منصبٌ شرفيٌ إلى درجةٍ كبيرةٍ، ورئيس الوزراء مسلم شيعي، ورئيس مجلس النواب مسلمٌ سنيٌ.

تفتت مقاعد البرلمان

ولم يتمكن أي تحالف انتخابي بالعراق من تحقيق أغلبية مقاعد البرلمان، وتقاسمت التحالفات المتشتتة فيما بينها كعكة البرلمان، تاركين البلاد في أزمة تأليف الحكومة في ظل عجز التحالفات الانتخابية عن التوحد وتشكيل الحكومة، لدرجة خرجت أطروحات تتحدث عن إجراءا انتخابات مبكرة من جديد.

الانتخابات التي جرت في منتصف مايو عرفت تصدر تحالف "سائرون"، المتألف من التيار الصدري والحزب الشيوعي، والذي حاز 54 مقعدًا من أصل 329، وهي نسبة تتعدى 16% بقليلٍ، تلاه تحالف "الفتح" الذي يتزعمه هادي العامري ويضم فصائل الحشد الشعبي بـ47 مقعدًا، بينما حلّ ائتلاف "النصر" بزعامة، رئيس الحكومة المنتهية ولايته حيدر العبادي، ثالثًا بـ42 مقعدًا.

حكومة غير مكتملة

بعد الانتخابات تم تسمية عادل عبد المهدي رئيسًا للحكومة الجديدة، وإلى الآن تم تعيين 14 وزيرًا في الحكومة من أصل 22 وزيرًا.

وكان من المفترض أن ترى الحكومة النور مطلع ديسمبر الجاري، بعد أكثر من ستة أشهر من المداولات، بيد أن جلسة التصويت على باقي وزراء الحكومة في البرلمان تم تعليقها يوم الرابع من الشهر الجاري، بعد أن علت أصوات نواب بالبرلمان، معظمهم من التيار الصدري، بهتافاتٍ ضد المرشحين للمناصب الوزارية المتبقية.

ولكن مازال التفاؤل يحذو الأوساط العراقية بالانتهاء من معضلة تشكيل الحكومة الجديدة بهيئتها الكاملة في الأيام القليلة المقبلة.