رئيس الاتحاد العربى للاقتصاد الرقمي: مصر تمتلك حزمة تشريعات تعزز مجالات التجارة الإلكترونية

د.على الخورى أثناء حواره
د.على الخورى أثناء حواره

27 مليار دولار حجم سوق التجارة الإلكترونية عربيًا ولا نمتلك بنية تحتية للتجارة الرقمية

مشتريات الأفراد عبر الإنترنت فى الوطن العربى ستصل إلى 48 مليار دولار فى 2022

مؤتمر الاقتصاد الرقمى يهدف لتدشين رؤية استراتيجية عربية موحدة

 

الدكتور المهندس على محمد الخورى هو أحد القيادات المفكرة والمؤثرة فى ميدان التطوير والتحول الرقمى والتخطيط الاستراتيجى، وبخبرة أكثر من 28 عامًا فى القطاع الحكومى ليس على مستوى الوطن العربى فقط أو دولة الإمارات العربية الشقيقة بل على مستوى العالم.

ويشغل الخورى حالياً منصب مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ومسئولاً عن ملف الاقتصاد الرقمى العربى بجامعة الدول العربية. كما أنه يشغل وظيفة مدير عام بوزارة الداخلية بدولة الإمارات العربية المتحدة ويدير مجموعة من المشروعات التكنولوجية المهمة، ويعد د.الخورى رئيس الاتحاد العربى للاقتصاد الرقمى.

وسبق أن حصل الخورى على جائزة «الشخصيّة الأكثر تأثيراً فى عالم الهويّة الرقميّة خلال السنوات العشر الأخيرة» فى المؤتمر العالمى العاشر للهويّة 2011 فى إيطاليا، بدعم ورعاية مفوضية الاتحاد الأوروبى.

«الأخبار» التقت به على هامش مشاركته فى جلسات مؤتمر الاقتصاد الرقمى العربى التى عقدت بمقر مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بالقاهرة منذ أيام.. وإلى نص الحوار..

حظيت بأن تكون من أهم 100 شخصية دولية مؤثرة فى مجال الحكومة الرقمية فى العالم ؟ حدثنا عن تلك الجائزة ؟

هناك معايير كثيرة باعتقادى أنها أخذت بالاعتبار، وأعتقد بأن بعضها يتمثل فى المساهمة فى إنجاز خطة حكومة الإمارات فى تطوير منظومة متطورة لإدارة الهوية لدعم مشاريع الحكومة الذكية وذلك خلال فترة عملى كمدير عام لهيئة الإمارات للهوية من العام 2009 إلى العام 2014، وحصلت الهيئة خلال هذه الفترةعلى جوائز دولية ومحلية عديدة أبرزها جائزة الأمم المتحدة لأهم مشاريع القطاع العام فى 2014، وأفضل هيئة اتحادية فى حكومة الإمارات لعامى 2012 و2014.

كما أننى حظيت بالعمل مع مؤسسات ولجان دولية مختلفة كالاتحاد الأوروبى والمنتدى الاقتصادى العالمى والأمم المتحدة وشاركت فى إعداد كثير من الدراسات الدولية. كما أننى ولله الحمد نشرت أكثر من 100 كتاب وبحث علمى فى مجال الحكومة الرقمية وتطوير القطاع العام. 

 ماذا عن رؤية دولة الإمارات لدفع الاستقرار السياسى والاجتماعى فى العالم العربى من خلال الشمول الرقمى ؟

تهتم دولة الإمارات باستقرار المنطقة من أجل الانتقال لمراحل البناء وتحقيق آمال الشعوب العربية فى الرخاء والسعادة، لأن الإمارات دولة وجزء من الأمة العربية وبالتالى فكل مكونات الأمة تتأثر ببعضها البعض إيجابا أو سلباً، والشمول الرقمى إحدى دعائم هذا الاستقرار المتعددة، ونرى أنه يمكنه أن يمنع الأعمال غير القانونية ويحاصرها ويمنع عنها قدرتها على الامتزاج والاختلاط بالاقتصاد.

 والشمول المالى كأحد مكونات الاقتصاد الرقمى فى أبسط تعريفاته يعنى أن على كل حركة مالية أن تتسم بالشفافية، حيث نعلم من قام بها ومن أين ولمن تذهب والمبرر، وهو ما يعنى أنها تتم تحت المظلة القانونية والتجارية الصحيحة وتحمى كافة الحقوق لجميع الأطراف المشاركة كأصحاب الشركات والموظفين والموردين والبنوك والدولة التى تحصل ضرائبها بلا إشكالات ولا نزاعات.

كيف يمكن توفير فرص التنمية الاقتصادية الشاملة فى الدول العربية وتعزيز الرؤية المشتركة للاقتصاد الرقمى العربى؟

هذا دور صناع الاستراتيجيات والقادة الذين يمنحون تلك الاستراتيجيات روح الحياة لتقوم وتنشط وتعمل، وبدون إيمان القادة بها فلن يكون لها أثر على الأرض.

وعلى صناع الاستراتيجيات أن يبرزوا العائد والفائدة من تطبيقها وكيف أنها تحقق النجاح للجميع بمفهوم الجميع فائزون ومتميزون.

 ومن ناحية أخرى، الاقتصاد الرقمى بمفهومه هو الاقتصاد القائم على استخدام الحوسبة الرقمية والإنترنت، وهو بالنهاية مُمّكن لكافة مجالات الأعمال التقليدية كالزراعة والصناعة والصحة والتعليم والأمن على سبيل المثال لا الحصر. يمكن باستخدام الروبوت فى القطاع الزراعى، زراعة ملايين الأفدنة بعمالة تقل عن الوضع التقليدى الذى يحتاج لعمالة بشرية أقل كثيراً عن المعتاد قد تصل لـ 10% من الوضع الحالى، فيمكن مثلا لجرار زراعى أن يحرث الأرض بدون سائق، وباستخدام تقنية الـ GPS والذكاء الاصطناعى يمكنه أن يحرث الأرض بكفاءة عالية ويتفادى أى عوائق أثناء تحركه وبلا شكوى ولا طلبات أجر إضافى.

كيف يمكن دعم الخطط الحكومية العربية نحو الشمول الرقمى ؟

 يمكن تقديم الدعم بصور مختلفة منها الدعم المادى من خلال صناديق التمويل العربية والدولية أو من خلال قيام مشاريع مشتركة بين الدول العربية، أو من خلال تأسيس شركات بقرارات حكومية عربية تكلف بمجالات محددة ضمن هذه الخطط.

 والكثير من الشركات الكبرى تتمنى لو يتاح لها تلك الفرصة، وهنا يجب أن تؤسس تلك الشركات بشراكة مع الدول العربية أو من خلال منظمات عربية كجامعة الدول العربية حفظاً للحقوق العربية ولضمان توطين المعارف والخبرات وتأمين القرار العربى من تدخلات الشركات الكبرى.

وكيف يمكن تطوير البنية التحتية التشريعية والتكنولوجية لتوطين الاقتصاد الرقمى؟

 يمكن تطوير العمل التشريعى العربى المشترك من خلال اللجان الفنية المشتركة التى تطلع على التجارب المختلفة للدول العربية والجهات الدولية مثل الاتحاد الأوروبى الذى سبقنا بعشرات السنوات بهذا المجال، وتقدم هذه اللجان التوصيات المناسبة للدول العربية مراعية لمدى تعمق بنيتها التحتية ونضج الاقتصاد الرقمى لديها.

ونرى أنه من الضرورى دمج الجهات التشريعية العربية من خلال البرلمانيين المعنيين ولدينا بالجامعة العربية منظمة البرلمان العربى المشترك والذى يمكنه أن يكون همزة الوصل مع الدول العربية بهذا الشأن.

هل هناك بنية تحتية بالدول العربية للتعامل مع التجارة الرقمية ؟

بهذا المعنى لا توجد بنية تحتية للتجارة الرقمية العربية، ولكن توجد شركات عربية ودولية للتجارة الإلكترونية وهى تعتمد على نظم التخزين ـ أى أنها غالبا ما تمتلك أو تستأجر مخازن كبيرة بالمناطق الحرة - وتشارك شبكات التوزيع لتوصيل البضائع للمستهلك، وبالتالى فهذه اللبنة تعتبر بداية جيدة للتجارة الإلكترونية ولكنها للآن لم تنضج بشكل كافٍ مماثل للدول الغربية أو شرق آسيا.

أما البنية الإلكترونية التحتية مثل وسائل الدفع عبر الإنترنت والبطاقات الائتمانية فهى متوفرة بمعظم البلدان العربية وتنتشر بشكل مستمر وإن مازالت المناطق النائية ليست مغطاة بالكثير من البلدان العربية.

 كيف يمكن زيادة الصادرات عبر التجارة الإلكترونية ؟

نعم يمكن تنمية الصادرات من خلال آليات التجارة الإلكترونية وهذا حديث طويل حيث أن أغلب التجارة الإلكترونية العربية تتم بين الشركات والأشخاص أى تجارة التجزئة (Business to Consumer) أما التجارة بين المؤسسات والشركات (Business to Business) فهى مازالت محدودة جدا وإن وجدت فهى غير عابرة للحدود.

وقد قدمنا بدراساتنا فى مجلس الوحدة الاقتصادية العربية الدور الذى يمكن أن تلعبه التكنولوجيا فى تنمية التجارة البينية العربية، وعدد من التوصيات لتنمية هذا النوع من التجارة وأول بنودها هو التفعيل الصحيح لاتفاقية التجارة العربية الحرة والتى دخلت حيز التنفيذ بالعام 2005، ثم تراجعت بشدة بعد أحداث الربيع العربى، فالأصل هو تذليل التجارة البينية العربية.

هل هناك شراكات استراتيجية مع المنظمات الدولية فى مجال التجارة والاقتصاد الرقمى ؟

نعم، عقدنا شراكات استراتيجية مع الاتحاد الأوروبى والبنك الدولى والأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادى الدولى OECD ومؤسسات بحثية وعلمية عربية ودولية وسيكون هناك المزيد خلال الفترة المقبلة.

كيف يمكن توطيد الثقة لدى المستهلك العربى للعمل بالتجارة الرقمية؟

من خلال فرض علامة الثقة على المتاجر الإلكترونية والتى تفترض مجموعة من المعايير التى تجعل تلك الجهات ملزمة بالالتزام بحقوق المستهلك أمام القانون ومنها حق الارتجاع واسترداد المال على سبيل المثال، ومنها أن التاجر جهة قانونية مرخصة وتدفع ضرائبها وتمارس تجارة مشروعة وموقعها الإلكترونى مؤمن من القرصنة الإلكترونية وتتم استضافته على خادم آمن وليس موقعا إلكترونيا مجهول الهوية على سبيل المثال، وهذه تعد ممارسة عالمية.

كيف يمكن تعزيز التجارة الإلكترونية فى المنطقة العربية ؟

كل ما سبق ذكره يدخل فى تعزيز التجارة الإلكترونية ونضيف لما سبق أهمية تأسيس شركات متعددة الجنسيات العربية ولها مخازن واتفاقيات توصيل بكل دولة على حدة وتتمتع بالرعاية العربية العربية وخاصة فى حركة البضائع فيما بينها وللدول العربية أن تحدد ضمانات التأمين وشفافية الإجراءات وخاصة إجراءات الشحن والتوصيل والتسفير وتأمين الحاويات ورقابتها.

فى عام 2015 بلغت قيمة التجارة الإلكترونية بين الشركات وصلت إلى أكثر من 6.9 تريليون دولار، فكم حجم تلك التجارة حالياً وكيف نقارنها مع تجارة التجزئة؟

يجب بداية أن نعلم أن تلك الاحصائية تتضمن التعاقدات والمبيعات من خلال الإنترنت المشابهة لمبيعات الشركات للأفراد والتى تتسم إجراءاتها بالأتمتة والميكنة الكاملة فيما بالطبع عمليات الشحن والتوصيل، هذا بالإضافة لنوع آخر من أنواع التجارة بين الشركات والمعروفة منذ أكثر من ثلاثة عقود والتى تسمى بمصطلح ( EDI (Electronic data interchange حيث يتم التبادل الإلكترونى للبيانات هو تبادل مستندات الأعمال من حاسوب لآخر فى شكل إلكترونى قياسى بين الشركاء التجاريين. وهذه العملية بنظرنا تمثل علاقة إلكترونية بين الشركاء التجاريين ولكنها لا تتضمن مراحل أخرى مثل البحث عن المنتج والتفاوض والتعاقد والسداد الإلكترونى من خلال نفس النظام. وجب هذا الإيضاح ابتداء حتى يتضح لنا أن منصات التجارة بين الشركات تنتظر تطورا كبيرا ولعلنا نلحظ هذا التطور فى منصة على بابا بشكل واضح حيث يمكن عقد صفقات تجارية كبيرة وهو ما نتوقع انتشاره ليحل محل نظام الـ EDI خلال سنوات قليلة لأنه أكثر سهولة ويتضمن معظم مراحل العمليات التجارية بشكل آلى.

 نأتى لسؤالك المهم، وأجيب بأن حجم تجارة التجزئة بالعام 2015 كانت قد بلغت 1.5 تريليون دولار أى حوالى من 460% إلا أن تلك النسبة تراجعت كنتيجة للنمو الكبير لحجم التجارة من خلال منصات B2C والتى بلغت 2.3 تريليون دولار بالعام 2017 مقابل 7.7 تريليون دولار كتجارة بين الشركات B2B حتى وصلت نسبة تجارة التجزئة لأقل من نسبة 235% وهى مازالت تتقارب، ونعزو هذا لسببين، أولهما أن إقبال الأفراد فى تزايد متسارع على التجارة الإلكترونية، والسبب الثانى أن المنتجين بدأوا فى تخصيص جزء من إنتاجهم لبيعه مباشرة للأفراد بدلا من بيع الجملة وهو ما يدر ربحا أكبر لهم ويمكنهم من تقديم تخفيضات مغرية للمتعاملين النهائيين أو الزبائن.

هل الدور المتنامى للاقتصاد الرقمى يمكن أن يولد ثورة صناعية جديدة فى العالم ؟

 نحن الآن بالفعل فى ظل الثورة الصناعية الرابعة التى أهم مظاهرها الاقتصاد الرقمى فقد كانت الثورة الصناعية الأولى هى اختراع المحرك البخارى ثم كانت الثانية باختراع وتوظيف الكهرباء ثم كانت الثالثة بنهاية الستينات مع بدء ظهور الحاسبات الإلكترونية ودخولها بكافة مناحى الحياة، ثم كانت الثورة الصناعية الرابعة مع ظهور وتعميق الذكاء الاصطناعى والاقتصاد الرقمى فهذه تعتبر نقلة جوهرية فى طريقة معيشة الإنسان جديدة تساوى النقلة التى سببها استخدام المحرك الميكانيكى الأول. وأرى أننا بالفعل مقبلون للدخول على الثورة الصناعية الخامسة 

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي