وضع أيرلندا الشمالية «معضلة» اتفاق «ماي» مع القادة الأوروبيين

تيريزا ماي ودونالد توسك
تيريزا ماي ودونالد توسك

كان من المنتظر أن يتم التصويت على الاتفاق المبرم بين رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، والقادة الأوروبيين بشأن كيفية سريان العلاقة بين الجانبين في مرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء 11 ديسمبر.

بيد أن "ماي" أرجأت أمس الاثنين التصويت الذي كان مقررًا اليوم إلى وقتٍ لاحقٍ، في خطوةٍ كانت تهدف إلى تحاشي هزيمة مؤكدة لمشروع الاتفاق، في ظل رفض أغلبية أعضاء مجلس العموم البريطاني مسودة الاتفاق.

تيريزا ماي قالت إنه على الرغم من وجود دعم واسع للكثير من الجوانب الأساسية في هذا الاتفاق، فإنه لا يزال هناك قلقٌ واسعٌ وعميقٌ بخصوص مسألة واحدة، وهي حدود أيرلندا الشمالية.

وتنوي "ماي" العودة إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى مع قادة بروكسل، في محاولةٍ لإرضاء أعضاء البرلمان البريطاني، الرافضين للاتفاق المبرم مع أوروبا.

لكن جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية أبى ذلك، وقال اليوم الثلاثاء إن الاتحاد مستعد لتقديم مزيد من التوضيحات لبريطانيا بشأن اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي إلا أنه لن يعيد التفاوض على المعاهدة أو البروتوكول الخاص بها المتعلق بالحدود الأيرلندية.

وأضاف أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورج، أنه صُدم لعدم قدرة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على الحصول على الموافقة في البرلمان على الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي.

الأزمة الكبرى بين الجانبين باتت تتعلق بالحدود الفاصلة بين أيرلندا الشمالية، الإقليم البريطاني، وجمهورية أيرلندا، إحدى دول الاتحاد الأوروبي.

أزمة القرن الماضي

وترجع أزمة الحدود بين الجانبين إلى عشرينيات القرن الماضي، فقبل عام 1921، كانت أيرلندا كلها تابعة للمملكة المتحدة، قبل أن تندلع حرب الاستقلال بين أيرلندا والقوات البريطانية، والتي استمرت حتى السادس من يناير 1922 على إثر معاهدة نالت من خلالها أيرلندا استقلالها الرسمي.

ووفقًا للمعاهدة آنذاك، تم تقسيم أيرلندا بين أيرلندا الشمالية وجنوب أيرلندا، وأصبحت أيرلندا الشمالية مؤقتًا جزء من الحكم الذاتي للدولة المستقلة حديثًا، مع الحق في الانسحاب منها.

وفي اليوم التالي لتوقيع الاتفاق، اجتمع برلمان أيرلندا الشمالية، وأقر بالاستقلال عن جمهورية أيرلندا، والعودة لبلاط التاج البريطاني، بعد ذلك بوقت قصير، تم تشكيل لجنة للبت في الحدود الإقليمية بين الدولة الحرة الأيرلندية وأيرلندا الشمالية، لكن اللجنة لم تبدأ عملها إلا عام 1925 بسبب الحرب الأهلية، واستمرت مشكلة الحدود إلى غاية عام 1988 حينما تم توقيع اتفاقية بلفاست، المعروفة باتفاقية "الجمعة العظيمة".

بنود الاتفاق الرئيسية

تعترف الاتفاقية لشعب أيرلندا الشمالية بالحق في الجنسية المزدوجة "البريطانية والأيرلندية في آن واحد"، إضافة إلى اعتراف اتفاقية بلفاست بحق المنطقة في تقرير المصير والانفصال عن المملكة المتحدة عبر الاستفتاء.

كما أن الاتفاقية حولت الجزيرة الأيرلندية إلى كيانٍ اقتصاديٍ واحدٍ، بما فيها التنقل الحر للسلع والخدمات ورأس المال، بين الجانبين الواقعين تحت راية الاتحاد الأوروبي.

لكن مع انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي لم يعد هذا الوضع قائمًا، وأصبح لزامًا أن يتم رسم الحدود بين الجانبين، بعد أن كان الأمر يتم تلافيه داخل الاتحاد الأوروبي.