صناع الدراما يتجهون للإنترنت.. فهل يحقق أرباحاً بديلة عن التليفزيون ؟

  بيومى فؤاد ووليد أبو المجد فى مشهد من مسلسل «حشمت فى البيت الأبيض»
بيومى فؤاد ووليد أبو المجد فى مشهد من مسلسل «حشمت فى البيت الأبيض»

شهدت الفترة الأخيرة ظاهرة درامية جديدة وهى عرض الأعمال عبر «platforms» أو المنصات الإلكترونية المختلفة وذلك بدلاً من العرض التليفزيونى وهو ما قد يدخل الدراما التليفزيونية لمرحلة جديدة وذلك بغرض الوصول لجيل جديد من الشباب والوصول إلى نسب مشاهدة أكبر .

 

كانت بداية الإنتاج الإلكترونى للدراما المصرية مع مسلسل «واكلينها والعة» بطولة شريف رمزى ومى سليم وانجى وجدان تأليف تامر عبد الحميد وإخراج تغريد العصفورى وهذا العام قررت الشركة المنتجة لمسلسلات «حشمت فى البيت الأبيض» لبيومى فؤاد وبدرية طلبة ووليد أبو المجد تأليف محمد الشواف وإخراج مصطفى فكرى، و«أيام فى العسل» لساندى على، تأليف فاروق الشعيبى وإخراج أحمد نور و«زودياك» لهند عبد الحليم وإنجى أبو زيد، تأليف ورشة كتابة وإخراج محمود كامل للعرض على الإنترنت فقط بالإضافة إلى أعمال مصرية أخرى.

 

وهو ما دفعنا لطرح العديد من التساؤلات وهى كيف يمكن الحصول على أموال عبر الإنترنت وهل يجنى أرباحًا أكثر من العرض التليفزيونى؟ وهل ستصبح منافساً جديدا فى سوق الدراما أم الهدف هو تسويق المسلسلات للفضائيات بعد نجاحها إلكترونياً؟ وهو ما يجيب عنه عدد من الخبراء خلال السطور التالية...

 

الدراما المصرية تجذبهم


يرى المخرج محمود كامل الذى تعاقد على عرض مسلسله على شبكة «فيو» المتخصصة فى الإنتاج الدرامى بشرق آسيا وهى شركة منافسة لشركة «نت فيلكس» الأمريكية أن العرض على الشبكات الإلكترونية العالمية أفضل لأنها تسمح بعرض مسلسلات متنوعة بشكل مختلف عن الشكل التقليدى ويفضلها الشباب وهى ظاهرة جديدة انتشرت فى أمريكا.

 

وأرادت مؤخراً الدخول إلى السوق الدرامى المصرى من خلال عدد من الشركات منها أيضاً «يوتيوب ريد» وهى شركات مختلفة تماماً عن المحتوى الذى يعرض على «يوتيوب»، وهى متخصصة فى العرض الدرامى من خلال صناع فن مشهورين على مواقعهم الخاصة بجودة عرض فائقة.

 

وأضاف كامل أعتقد أن الذى يحكم فى نسب المشاهدة فى النهاية هو المحتوى الجيد الذى يتم عرضه سواء على التليفزيون أو الإنترنت، فمسلسل «السهام المارقة» الذى قدمته فى شهر رمضان الماضى استحوذ على نسب مشاهدة عالية رغم أنه معروض على قناة أبو ظبى غير المصرية وحصلت على أرباح من هذه المشاهدات، ولكن «البلات فورم» تحصل على أرباح طائلة حيث تجد سهولة فى الإعلان عن مسلسلاتها من خلال الدعاية على السوشيال ميديا التى تجذب المشاهدين لهذه المواقع، ويحصلون على الأموال من خلال الاشتراكات الشهرية.

 

حيث تستهدف شبكة نت فليكس 2% فقط من المصريين بما يعادل 2 مليون شخص والاشتراك ثمنه 12 دولارا شهرياً، أى أنها تستهدف الحصول على 24 مليون دولار – 408 ملايين جنيه - من مصر شهرياً وهى نفس النسبة التى تستهدفها الشبكات المنافسة «إى سى فليكس» و«فيو» و«Hbo» وهذه شركات منافسة فى السوق المصرى بالفعل، أى تستهدف الشركات الأربع نحو 96 مليون دولار  مليار و632 مليون جنيه - من مصر شهرياً هذا بجانب عدد من الشركات الأخرى التى تسعى لدخول السوق الدرامى المصرى الفترة القادمة، هم يرون أن الدرما المصرية سوق كبير ولديها قوة شرائية لذلك استهدفوا مصر والخليج.


تجرية مربحة


يقول شريف رمزى إن تجربة تقديم جزءين من مسلسل «واكلينها والعة» على الإنترنت فقط كانت مجدية جداً على الرغم من عدم استحواذها على نسب مشاهدة كبيرة ولكن استطاعت تغطية تكلفة تصويره، بالإضافة إلى بيع المسلسل بعد ذلك إلى قناة النهار وأيضاً تم بيعه لشركات الطيران للعرض على متنها مما أضاف للعمل أرباحاً أخرى.

 

ولا جدال فى أن هناك صعوبة فى أن تهيمن أو تسيطر الدراما الإلكترونية على مثيلتها التليفزيونية فى مصر بسبب أن 70% من المصريين لا يهتمون بمشاهدة الأعمال على الإنترنت لكن يمكنه فقط الاستحواذ على الشباب، على عكس أمريكا وأوروبا التى سيطرت عليها فكرة «البلات فورم» واتجه إليها صناع الدراما الأجنبية، وهذه الظاهرة تحصل على أموال من خلال العرض الحصرى عليها، وأصبحت مثل التليفزيون تماماً فمعظم المشاهدين يقومون بتوصيل اللاب توب على التليفزيون لمشاهدة الأعمال التى تعرضها هذه الشبكات.

 

بالإضافة إلى أنه أصبح لا توجد قنوات مصرية تشترى الأفلام فى أول عرض مثل الماضى مما أتاح فرصة لهذه الشبكات للظهور القوى، وأتمنى أن تدخل الدولة فى هذا المجال وتقدم محتوى دراميا متنوعا وجيدا ومختلفا من خلال موقع إلكترونى ينافس هذه الشركات العالمية ويجذب المشاهدين المصريين والعرب إليه من خلال الاشتراكات أو حتى من خلال الإعلانات، فهناك طريقتان لها إما أن يفتتح الموقع الاشتراكات فقط أو يعمل على الإعلانات فقط لا يمكن دمج الأمرين معًا.

 

ضبط الإنتاج الدرامى


على جانب آخر أشار المخرج محمد فاضل إلى أن التليفزيون لا يمكن تعويضه وهذا أمر يعلمه جيداً الدارسون للإعلام والهدف منه هو الرسالة التى يحملها داخله وهو التواجد وسط الأسرة المصرية بمسلسلات تجمعنا على مائدة واحدة مثلما كان يحدث فهناك متعة من مشاهدة المسلسلات بين الفقرات البرامجية المختلفة، مما يجعل المشاهد ينفتح على أكثر من جانب بدلاً من العزلة، المشاهدة التليفزيونية لها طعم آخر وتتوقف على المحتوى الجيد الذى تم تقديمه فإذا عاد الإنتاج الحكومى للأعمال التليفزيونية وقامت الدولة بضبط الإنتاج الدرامى «هتفضل الناس مشدودة» للتليفزيون.

 

التحكم فى المحتوى


وأوضح المؤلف بشير الديك أن هناك خطورة من بعض الشبكات الأجنبية على الإنترنت التى تعرض أعمالاً فنية ممنوعة من العرض أو لديها هدف ما ولا يتم عرضها على التليفزيون، وهذا يعد تحكما فى الدراما ونسب المشاهدات الخاصة بنا، العالم أصبح يتطور بشكل سريع ويجب علينا أن نتطور معه، فى الماضى كنا نجلس معًا بشكل أسرى لمشاهدة الأعمال لأنها كانت تحترم العائلة .

 

ولكن الآن هناك صعوبة فى ذلك مع وجود تلك النوعيات من الأعمال، ولا أعلم ما مصير الدراما الإلكترونية فى النهاية وإلى أين ستأخذنا، ومن يتحكم فيها، فى الماضى كان الإنسان يبذل مجهوداً للبحث عن المحتوى الجيد حتى ظهر إلينا الأمثلة الأدبية العبقرية مثل طه حسين ونجيب محفوظ، الآن أصبح كل شيء سهلا فى البحث وهناك تشتت فى هذا الأمر، أنا شخصيا أفضل العالم الآخر الذى كان هادئا وكان يحمل جزءا إنسانيا، فهل هناك جهة أن تستطيع أن تعيد هذا؟، هذا كان يحدث فى عصر جمال عبد الناصر ففى عصره وجدنا أهم الأفلام، الانفتاح على الكون مطلوب ولكننى «مش مستريح» نحو هذه الظاهرة.