احتجاجات فرنسا.. فرصة «ترامب» للنيل من اتفاق «باريس للمناخ»

ترامب استغل احتجاجات فرنسا للمطالبة بإلغاء اتفاقية المناخ
ترامب استغل احتجاجات فرنسا للمطالبة بإلغاء اتفاقية المناخ

"يومٌ حزينٌ وليلةٌ حزينةٌ للغاية في باريس" هكذا استهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إحدى تغريداته عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وهو يعلق على الأحداث المضطربة التي تعيشها فرنسا على وقع حراك متظاهري "السترات الصفراء"، لتشتعل الأوضاع لهيبًا في فرنسا، والتي لم تهدأ بعد، حتى بعد أن أخمدت الحكومة الفرنسية شرارة فتيل الأزمة بإعلان تعليق فرض الضرائب لستة أشهر.

لكن الرئيس الأمريكي لم يكتفِ في تغريده بإبداء الأسف والحزن الشديدين على الوضع الذي تعيشه باريس اليوم، بل تابع قائلًا: "ربما حان الوقت لإنهاء اتفاقية باريس السخيفة والمكلفة للغاية وإعادة الأموال إلى الناس على شكل خفض الضرائب".

الرئيس الأمريكي حاول الربط بين اتفاقية باريس لمكافحة تغير المناخ، والتي ينبذها سيد البيت الأبيض، والاحتجاجات الشعبية في فرنسا، وذلك في مسعى منه لأن يجد لسياساته مرسى في سفينة المكان الذي وُقعت فيه الاتفاقية قبل ثلاثة أعوام. 

ترامب فسر وجهة نظره بأن أعباء اتفاقية مكافحة تغير المناخ هي التي دفعت الحكومة الفرنسية لفرض مزيدٍ من الضرائب على الشعب الفرنسي، لتتفادى ما يعتبره خسائر تتكبدها من الاستمرار في هذا الاتفاق. 

انسحاب ترامب من الاتفاق

وانسحب ترامب في يونيو من العام الماضي من اتفاقية مكافحة تغير المناخ، وهو الأمر الذي كان بمثابة بداية تفشي الخلافات بينه وبين القادة الأوروبيين، وعلى رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وحاليًا تحظى الاتفاقية بموافقة 192 عضوًا بالأمم المتحدة، من أصل 193 تشملهم بوتقة المنظمة الأممية، والنشاز الوحيد كان من الولايات المتحدة.

وتحولت الأقطاب السياسية الغربية من حالة تجاذب إلى حالة تنافر فيما بينهما، بين قطبين أحدهما الاتحاد الأوروبي والآخر الولايات المتحدة.

فقدان التجانس

ميركل دعت وقتها أوروبا إلى أخذ زمام المبادرة وعدم الاتكاء على الحلفاء، في إشارةٍ منها للولايات المتحدة، وقد استمرت سياسة عدم الوفاق بين الجانبين إلى يومنا هذا، وآخر الدعوات الألمانية كانت إنشاء جيش أوروبي موحد يكون موازيًا لقوات حلف شمال الأطلسي "الناتو"، التي تشترك فيها الولايات المتحدة وتركيا مع بلدان الاتحاد الأوروبي.


وتلك الدعوة لاقت استهجانًا من الرئيس الأمريكي، متسائلًا عن جدوى إنشاء جيش أوروبي يكون عوضًا عن حلف الناتو، في وقتٍ تنضوي فيه بلدان التكتل الأوروبي تحت لواء الحلف العسكري الغربي.

واتفاقية مكافحة تغير المناخ، وُقعت في العاصمة الفرنسية باريس عام 2015، إبان حقبة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والتي كانت إدارته من ضمن المشاركين في توقيع هذا الاتفاق.

وتتواصل سياسة إدارة الرئيس الأمريكي الحالي ترامب في السير بمنأى عن الحلفاء في الاتحاد الأوروبي، وآخر المواقف تتعلق برفض التوقيع على اتفاق الأمم المتحدة للهجرة، فكانت بلاده هي الوحيدة التي أقدمت على التصويت على ذلك في شهر يوليو الماضي، وقد لحقت بها فيما بعد بلدان المجر والتشيك وسلوفاكيا وبولندا وأستراليا وأخيرًا بلغاريا.

وينتظر الاتفاق التصديق عليه رسميًا في وقتٍ لاحقٍ هذا الشهر، حينما يتم توقيع الاتفاق رسميًا في المغرب، وقد وصفت المستشارة الألمانية ميركل الشهر الماضي الرافضين للتوقيع على الاتفاق، والذين من بينهم ترامب، بأنهم يمثلون القومية في أوضح صورها.