روضة السيدة.. «كومبوند الغلابة» جاهز للافتتاح بكامل المرافق والخدمات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

«تل العقارب» سابقا لم تكن مجرد منطقة عشوائية غير مخططة مثل الكثير من المناطق، ولكنها بؤرة سرطانية بيوتها معظمها من العشش الصفيح والعشش الطينية المتلاصقة يعيش سكانها حياة غير آدمية وسط الحيوانات الضالة دون مرافق ووسط أكوام القمامة فى مشهد لا يليق بالعاصمة ولا حتى بأفقر قرية، وعاش سكان هذه المنطقة لسنوات طويلة يحلمون بمسكن ولو من غرفة وصالة وحمام مستقل وباب مغلق على كل أسرة بدلا من العشش الصفيح التى يعيشون فيها كل ٧ أفراد فى غرفة أو عشة دون الحد الأدنى للحياة الآدمية، حتى حققت الدولة حلمهم الذى كان بعيد المنال، فقامت بتطوير المنطقة بالكامل حتى أصبحت حاليا جاهزة للافتتاح.

كل من يشاهد مشروع «روضة السيدة» والمسمى سابقا بـ«تل العقارب» يشعر من الوهلة الأولى أنه بحى راق أو كومبوند سكنى وسط منطقة راقية، وذلك بعد الانتهاء من الانشاءات وتركيب الانترلوك وأعمدة الإنارة والتشجير وتشطيب الواجهات وتشغيل المرافق وتجهيز أماكن الخدمات.

والتجول فى المشروع يكشف بأنه اكتمل تقريبا فبجانب الانتهاء من تشطيب الوحدات تم رصف الشوارع بالانترلوك، وعقب زرع أعمدة الإنارة وتحديد الأرصفة وتشجيرها ونشر شبكات الصرف الصحى والكهرباء وخطوط الغاز والتليفونات وزرع النخيل والانتهاء من اللوحة التذكارية للمشروع.

والمشروع أصبح علامة مميزة فى منطقة السيدة زينب بوجه عام، ويلقى التصميم إشادة من الجميع، حيث أنه مستوحى من روح المنطقة، كما أن التشطيبات يتم تنفيذها على أعلى مستوى من الوحدات الجديدة التي ستحقق جودة الحياة للسكان.

وباتت منطقة تل العقارب بالسيدة زينب شاهدا حقيقيا على ما يمكن أن تصل إليه جهود مواجهة العشوائيات بعد أن تحولت تلك المنطقة الى واحة جديدة تقدم نموذجا للحياة الآمنة.

وقامت الدولة أيضا بخطوة آخرى مكملة للمشروع بهدم ١١ عقاراً مقابلا لروضة السيدة بميدان أبوالريش وتعويض المقيمين فيها بمساكن فى المشروع، وذلك ضمن خطة تطوير الميدان وتوفير مساحات لاستغلالها، كمسطحات خضراء أو أماكن خدمات مع توسعة الشارع والميدان، كما ستقوم الدولة قريبا بتطوير منطقة المواردى بحى السيدة زينب بهدف خلق مزار سياحي، يقدم التاريخ والعمارة، والحرف اليدوية، والفنون، والانشاد الديني، وانشطة احتفالية وثقافية، والمأكولات الشعبية فى تجربة مصرية خالصة، مع ربطها بجولات سياحية بالمنطقة التاريخية بالسيدة زينب.

«بوابة أخبار اليوم» قامت بجولة داخل المنطقة ورصدت كل أعمال التطوير بعدما كانت المنطقة عبارة عن مجموعة من البيوت الصغيرة المتهالكة، وغرف الاخشاب والصفيح وتلال من النفايات وعشش المطحونين، تحولت الى أجمل وأرقى مكان فى منطقة السيدة زينب، بعد ان طالته يد الرعاية التى تقوم بها أجهزة الدولة لإنقاذ سكان العشوائيات من مصير غير آدمى، وذلك ضمن خطة وضعها الرئيس عبدالفتاح السيسى لإعلان مصر خالية من العشوائيات بحلول عام ٢٠٢٠.

وخلال الجولة أكد المسئولون أنه تم الانتهاء من تنفيذ العمارات، وتشطيبها تمهيدا لافتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى لها قبل نهاية العام الحالى كما أنه من المقرر بدء لجان التسليم تمهيدا لتسكينها للمستحقين.

وقال المهندس خالد صديق، المدير التنفيذى لصندوق تطوير المناطق العشوائية، أنه يوجد ١٦ بلوكا سكنيا بمشروع روضة السيدة، بنماذج مختلفة بها ٨١٥ وحدة سكنية «نموذج غرفتين وصالة وبه ٥١٩ وحدة بمساحة ٦٥ مترا مربعا - و١٥٦ وحدة بمساحة ٧٢ مترا مربعا، ونموذج ٣ غرف وصالة وبه ٥٦ وحدة بمساحة ٨٢ مترا مربعا - و٨٤ وحدة بمساحة ٩٠ مترا مربعا و٣٤٤ وحدة تجارية، مشيرا الى انه تم تسكين قاطنى المشروع فى وحدات بالايجار على نفقة الحكومة، لحين الانتهاء من بناء الوحدات الجديدة وتسكينهم بها.

ويضيف أنه سيتم تسليم جميع الوحدات للأهالى مفروشة بالكامل، وتشمل غرفة نوم وغرفة أطفال وغرفة معيشة وجميع الاجهزة الكهربائية، كما أنه تم تخصيص الأدوار الاولى لكبار السن.

وسيتم عمل قرعة لتوزيع باقى الشقق بالأدوار العليا على باقى السكان، لافتا إلى أنه سيتم تسليمهم عقود ملكية للشقق لمن لديهم سندات ملكية للمنازل التى تمت ازالتها، بينما سيتم تسليم المستأجرين وحدات سكنية مقابل قيمة إيجار رمزية لاتتعدى ٣٠٠ جنيه بعقود مدى الحياة.

وعن الوحدات التجارية بالمشروع يقول بدر الدين محمد المدير العام للمشروع، أنه يوجد ما لايقل عن ٣٤٤ محلا تجاريا ستتم إعادة تغيير الواجهات الخاصة بها للحفاظ على النمط المعمارى الخاص بالمشروع، وسيتم توزيع البعض منها على السكان الذين لديهم سندات ملكية، إلى جانب بيع ما يتبقى منها على أن يتم تخصيص العائد لتوفير احتياجات المدينة فيما بعد، مؤكدا أنه سيتم توسعة بعض المحلات لبيعها لسلاسل المحلات الكبيرة.

وقال بدر الدين محمد، إن التشطيبات تتم على أعلى مستوى بنظام التشطيب بالإسكان الفاخر، وواجهات العماير تم تشطيبها بالحجر الهاشمي، كما نفذ مشربيات فى المنافذ ليتوافق مع الشكل الإسلامى فى فن العمارة لكى يحاكى نموذج القاهرة الفاطمية ولكن بشكل أكثر حداثة، وهو طابع معمارى لايوجد فى مشروع آخر، ويوجد ٤ مداخل بالبلوك السكنى لخصوصية المكان، والوحدات السكنية تطل على شوارع يتراوح عرضها بين ١٢ و١٦ متراً، كما يتميز المشروع بالاسقف المائلة والسلم البحارى الذى يعمل على منع انشاء بنايات أعلى السطح.

الأهالى وجوههم مرسوم عليها الفرحة وتغمرهم سعادة عارمة مما تحقق فى المشروع، ويقول أحمد محمود «نقاش» أحد الأهالى انه كان يعيش فى المنطقة من عشرات السنين فالبيوت كانت عبارة عن عشش آيلة للسقوط، والمكان يشبه التل الصغير نظراً لارتفاعه عن سطح الأرض ويتم الصعود إليه بسلالم متهالكة، ولا تستطيع عربات المطافئ الدخول إلى البيوت إذا وقع حريق بها، ولا يوجد شوارع داخل التل نظرا لالتصاق البيوت ببعضها وارتفاعها عن سطح الأرض بلا أساس، ولكن ما حدث للمنطقة من تطوير يعتبر اعجازا، فأنا لم أتوقع لحظة أن تكون المنطقة بهذا الشكل، العمائر شكلها جميل،ويوجد مساحات خضراء، ومياه شرب نظيفة وصرف صحى، شكراً للدولة والرئيس لأنهم أعادوا لنا الحياة، بعد ما كنا نعيش تحت الأرض فى مبانى تشبه المقابر.

ويقول سعيد محمد «عامل» من سكان تل العقارب، أن البيوت كانت تتساقط واحداً بعد الآخر، والاعمدة تتآكل، والخدمات تكاد تكون منعدمة، والصرف الصحى عشوائى «طرنشات بدائية» والحمامات مشتركة تنبعث منها روائح كريهة، وغالبها مفتوح الأبواب، لايستر بعضها سوى قطعة قماش تعلق كستارة والبعض الآخر له أبواب خشبية متهالكة، وتضم المنازل ٤ إلى ٥ غرف تعيش كل أسرة فى غرفة يتراوح أفرادها بين ٥ و٨ أشخاص، والآن بعد التطوير اشعر أن الدولة تهتم بمحدودى الدخل وتقدم لهم الخدمات، وان ما تحقق من انجاز يعتبر من المعجزات، فلا أحد يتوقع أن تتحول منطقة تل العقارب إلى منطقة سياحية راقية، ويتمنى أن تتحول كل المناطق العشوائية إلى مناطق آدمية وراقية.

وتقول الحاجة وفاء محمد من سكان المنطقة انها تعيش بالمكان منذ ٥٠ عاماً فى غرفة صغيرة بالدور الأرضى مع أولادها السبعة والمكان كان أشبه بالمقابر، وما شهدته الآن من تطوير للمكان لم تصدقه عينها، فالمنطقة اقرب للمناطق الراقية والكمبوندات، والدولة وعدت بالتطوير واوفت بعهدها.

ويقول أشرف حسين عامل إنه كان يقطن فى المنطقة منذ ١٥ داخل عشة يعلوها جبل من القمامة، وفى دورة مياه مشتركة تجرع فيها مرارة الفقر هو وزوجته وأولاده الثلاثة، وأشار إلى أنه كان يفتقد وجود الأمان كغالبية السكان بسبب انتشار البلطجية وتجار المخدارت، بالاضافة إلى معاناتهم اليومية من الطفح المستمر لمياه الصرف الصحى التى كانت تحيط بهم لعلو المكان عن الأرض بخلاف الانقطاع المتكرر للمياه.

وأوضح أن غالبية سكان تل العقارب كانوا يعانون من الاصابة بالأمراض الفتاكة بسبب انتشار القمامة، مشيرا إلى أن السكان كانوا فقدوا الأمل فى ان يستمع إلى شكواهم المسئولون، ولكن الرئيس عبدالفتاح السيسى بث روح الأمل فى قلوبهم جميعا، ولقد أوفى الرئيس بوعده لهم فى انهاء معاناتهم، حتى باتوا لايصدقون التحول الرهيب الذى سيطر على حياتهم عندما يقطنون بتلك المنازل الجديدة التى تعتبر هدية الرئيس لهم بعد كفاح طويل مع الفقر والعشوائية.

وأكد زنيهم محمد موظف على المعاش أن الدولة قامت بدورها فى تطوير المنطقة على أعلى مستوى حتى أصبحت أرقى من المبانى المحيطة التى يسكنها ميسورو الحال من أهالى السيدة، مطالبا الأهالى بتغيير سلوكياتهم حتى نحافظ على هذا الانجاز، وأكد أنه يتوقع فرحة مستحقى الشقق عندما يشاهدون المكان بعد التطوير.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي