أستاذ في القرآن الكريم يوضح تميز النظام الإسلامي في الإرث عن سائر القوانين

الشيخ أحمد تركي
الشيخ أحمد تركي

أوضح الشيح أحمد تركي، أستاذ القرآن الكريم بالأزهر الشريف، أن أهل الجاهلية كانوا قبل الإسلام يجعلون مال الميت بعد مماته حقا  للكبير من الأبناء دون الصغار، والنساء من البنات والزوجات والأمهات والأخوات، أو ينتقل إلى أخيه أو عمه، بحجة أن الصغاروالنساء لا يحمون الديار ولا يأخذون بالثأر ولا يجلبون المغانم ولا يقاتلون الأعداء.

وأضاف خلال تصريحه لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن الله أبطل هذه العادة الجاهلية وفرض للنساء وللصغار نصيبا من تركة الميت وجعل نصيبهم حقا مفروضا سواء قلت التركة أو كثرت، فقال تعالى:

- «للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا».

- «يوصيكم لله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف».

- وعن ميراث الأم « فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس».

وعن ميراث الزوجة: «ولهن الربع مما تركتم  إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن».

وأشار إلى أن الله جعل للبنت النصف، وجعل للبنات الثلثين، وللأم الثلث أوالسدس، وللزوجة الربع أوالثمن، وللأخت من الأم السدس، وللأخت الشقيقة والتي من الأب نصف التركة أو نصف نصيب أخيها المماثل بعد أن لم يكن لهن شيء، وأما في الجاهلية المعاصرة والتي لا تقل سوءا عن الجاهلية القديمة في بعض جوانبها ومن ذلك إنها سمحت بحرمان النساء والرجال والأطفال وأتاحت للمورث صرف المال الذي جعله الله قواما للناس إلى الحيوانات .
 
وذكر الشيخ أحمد تركي، أن نظام الإسلام في الإرث تميز عن سائر القوانين الأرضية المعاصرة في: وقف الإسلام موقفا وسطا بين الاشتراكية الشيوعية، وبين الرأسمالية والمذاهب التي تقول بالحرية الشخصية في التملك؛ فالاشتراكية الشيوعية كما وضعها كارل ماركس تنكر مبدأ الإرث وتعتبره ظلما يتنافى مع مبادئ العدالة؛ فلا تعطي أبناء الميت وأقرباءه شيئا مطلقا.

 

وأكمل: "الرأسمالية وما يشابهها من المذاهب الاقتصادية تترك مطلق الحرية للمورث في التصرف بماله كيف شاء ؛ فله أن يحرم أقرباءه كلهم من ميراثه ، ويوصي به إلى غريب ؛ من صديق أو خادم، ويوصي الرجل أو المرأة  في المجتمعات الغربية  بكل ثرواتهم أو بعضها لكلب، أو قطة، أو ما أشبه ذلك من الوصايا العجيبة الغريبة".

 

واستطرد: "الإرث في النظام الإسلامي واجب بالنسبة إلى الوارث والمورث؛ فلا يملك المورث أن يمنع أحد ورثته من الإرث، والوارث يملك نصيبه من غير حاجة إلى  حكم من قاض؛ بينما نجد الأنظمة الأخرى لا توجب شيئا من ذلك . بل نجد القانون الفرنسي لا يثبت الإرث إلا بعد حكم القضاء فهو اختياري عندهم لا إجباري".

وشدد على أن النظام الإسلامي جعل الميراث في دائرة الأسرة لا يتعداها فلا بد من نسب صحيح، أو زوجية والولاء يشبه صلة النسب، فكان ملحقا به، وبذلك لا يرث الولد المتبنى ولا ولد الزنا، مضيفا: "في دائرة الأسرة يفضل الإسلام الأقرب فالأقرب إلى المتوفى، بينما نجد الحال في الأنظمة الأخرى مخالفا للنظام الإسلامي تماما  فعند اليهود يرث الأولاد الذكور ، ويعطى للولد البكر نصيب اثنين من إخوته، دون تفريق بين المولود من نكاح صحيح، أو غير صحيح".

وأكمل: "جعل النظام الإسلامي للولد الصغير نصيبا من ميراث أبيه يساوي نصيب أخيه الكبير؛ فلم يفرق بين الحمل في بطن أمه، وبين الولد الكبير في العائلة الكبيرة".

وقال تركي: "النظام الإسلامي لم يفرق بين الولد البكر وغيره من الأولاد  كما هو واقع الحال في شريعة اليهود المحرفة، وفي القانون البريطاني، وذلك لأن الصغار قد يكونون أحوج إلى مال يبنون به حياتهم ويواجهون به ما يستقبلهم من متطلبات الحياة أحوج إلى ذلك من إخوانهم الكبار الذين عملوا وجمعوا لأنفسهم ثروة خاصة بهم ، مستقلة عن ثروة أبيهم .

وتابع: "جعل للمرأة نصيبًا من الإرث؛ فالأم، والزوجة والبنت، وبنت الابن، والأخت، وأمثالهن، لهن نصيب من مال الميت يضمن لهن حياة كريمة خالية من هوان الفاقة، ومذلة الفقر بخلاف بعض الأنظمة التي حرمت المرأة من ذلك تماما، فالقانون الفرنسي سابقا حرم الزوجة من الميراث ولم يعطها شيئا من ذلك وكذا اليهود كانوا لا يعطون الأنثى شيئا من الميراث".

وأكمل: "هذه بعض المحاسن التي يتميز بها نظام المواريث الذي فرضه الله تعالى في الإسلام عن القوانين الجاهلية القديمة والمعاصرة التي فرضها البشر و التي لا يلبثون أن يغيروا فيها بين كل مدة وأخرى".