هدنة الـ 90 يومًا .. فرصة للاتفاق أو مزيدٍ من الحرب التجارية

شي جين بينج ودونالد ترامب
شي جين بينج ودونالد ترامب

دائمًا ما سمعنا عن توقيع هدنةٍ سياسيةٍ على الصعيد الدولي تنهي حربًا ضروسًا، ولو بصورةٍ مؤقتةٍ، فكانت الهدنة مرتبطة دائمًا بفكرة السلام المؤقت التي توقف حروبًا محتدمةً على الصعيد العسكري.

وأشهر ما أبُرم في القرن الماضي من مهادنات، كانت في قرية بان مون جوم على الحدود الفاصلة بين الكوريتين عام 1953، والتي أنهت حرب الأربع سنوات، التي أودت بحياة خمسة ملايين شخص في شبه الجزيرة الكورية.

وفي الوقت الحاضر، دائمًا ما يطرأ إلى مسامعنا توقيع اتفاقٍ للهدنة بين الحكومة الأفغانية بقيادة الرئيس أشرف غني وحركة طالبان، وهي هدنةٌ توقف سلسلة من أعمال العنف في أفغانستان ولو بصورةٍ لا تدوم طويلًا، كما يُجرى حاليًا في الأراضي السورية التوصل لهدنٍ سياسيةٍ تهدف إلى إقامة مناطق منزوعة السلاح، وإيقاف القتال الدائر بين الفصائل السياسية المتناحرة هناك، وغيرها من الأمور التي يُجرى الاتفاق عليها في ملاعب السياسية، وتُطبق في ساحات القتال.

هدنة من الحرب التجارية

لكن الأمر بين الولايات المتحدة والصين بدا مختلفًا، فقد توصل الزعيمان دونالد ترامب وشي جين بينج إلى اتفاق هدنةٍ يبلغ 90 يومًا.

والهدنة هنا ليست لإيقاف صراعٍ عسكريٍ دائرٍ بين الجانبين في منطقة نزاع مشتركة بينهما، ولكن لإخماد نار الحرب التجارية بينهما، ولو لفترةٍ معينةٍ.

فعلى هامش أعمال قمة العشرين، التي اُختتمت يوم الأحد في العاصمة الأرجنتينية بيونس أيرس، اجتمع ترامب مع الرئيس الصيني شي جين بينج على مأدبة عشاء ليرسما ملامح العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، التي اكتسبت في الفترة الأخيرة طابع التصعيد، وتوصلا سويًا لاتفاق هدنةٍ من الحرب التجارية الدائرة بينهما.

ويقضي الاتفاق بتعليق واشنطن تنفيذ قرار زيادة الرسوم الجمركية على نصف وارداتها الصينية لمدة ثلاثة أشهر، وتقدر قيمة الواردات الصينية للولايات المتحدة بقيمة 200 مليار دولار سنويًا.

هدنة محفوفة المخاطر

وبعد عشاء العمل الذي استغرق ساعتين، خرج نائب وزير التجارة، وانج شوان، ليقول في مؤتمرٍ صحفيٍ، إنه خلال عشاء العمل بين ترمب وشي ومساعديهما وافقت واشنطن على العدول عن تنفيذ قرارها زيادة الرسوم الجمركية.

ولكن سرعان ما أصدر البيت الأبيض بيانًا يقول فيه إن ترمب لم يتراجع عن قرار زيادة الرسوم، بل أرجأ تنفيذه لمدة 90 يومًا؛ من أجل إفساح المجال أمام توصل البلدين لاتفاق ينهي الحرب التجارية الدائرة بينهما.

بيد أن عدم التوصل لاتفاقٍ ستكون عواقبه وخيمةً، هذا ما نلتمسه من بيان البيت الأبيض الذي ذكر خلاله، أنه إذا لم يتوصل الطرفان في نهاية هذه المدة إلى اتفاق فإن الرسوم الجمركية ستُرفع من 10% إلى 25%.

ومن هنا، تبدو هذه الهدنة سلاحًا ذا حدين، فإما أن يُوضع من خلالها حدًا للحرب التجارية المتصاعدة حاليًا، أو تكون سببًا في مزيدٍ من التصعيد بين الجانبين، بعد حديث البيت الأبيض عن مضاعفة الرسوم الجمركية حال عدم التوصل لاتفاقٍ بين الجانبين.