حكايات| هن و«الشيشة».. روايات في حب «الحجر» ونظرات «قلة الحيا»

النساء أصبحت ضيف متواجد بالكافيها من أجل الشيشة
النساء أصبحت ضيف متواجد بالكافيها من أجل الشيشة

تجلس إحداهن داخل أحد «الكافيهات» تمسك بذلك الخرطوم الذي يسم «الليّ» فتسحب كمية لا بأس بها ثم تخرج ضباب من دخان هائل يحمل رائحة إحدى الفواكه.

لاعتبارات عديدة، شهدت العلاقة بين النساء و«الشيشة» جدلا واسعا، فما بين كونها حرية شخصية من غير المجدي التحدث عنها، وبين رفضها واعتبارها مشهد لا يليق بالأنوثة، نرى الواقع أمامنا لا يكترث لأحد ويفرض على الجميع تقبله.


من سن المراهقة وحتى الشيخوخة، نرى الفتيات والنساء يرتدن المقاهي حبا في تناول «حجرين»، وبالرغم من المخاطر الصحية لتلك العادة لكلا الجنسين إلا أن هناك من تتمسك بها ولا تهتم لما يقال عنها من الرافضين فتدخل دائرة المغضوب عليهن ويصل الأمر إلى حد توجه أصابع الاتهام إليها فيشككون في أخلاقها وتربيتها بالرغم من ازدياد أعداد المدخنات السيدات عن الرجال في الكثير من المجتمعات العربية وتحول الظاهرة إلى أمر واقع ومألوف.
 

اقرأ للمحرر| سعوديات خلف «الدركسيون».. كيف مر اليوم الأول لقيادة النساء للسيارات؟


داخل أحد الكافيهات بمنطقة مصر الجديدة، التقينا «فرح ونيللي وملك وسارة»، أربعة فتيات أعمارهن لا تتجاوز الـ18، لم يستطعن بمساحيق التجميل أن يخفوا براءة ملامحهن وصغر أعمارهن، جلست كل واحدة منهن وأمامها حقيبتها وكشكول دروس، مع أكواب من العصير و«شيشتين» تناوبن في شربها بإتقان دون أن تسعل واحدة منهن من تأثير الدخان على صدرها. 

بداية متعبة

تقول نيللي: «عمري 18 عاما وشربت الشيشة لأول مرة منذ 3 أعوام، لم تعجبني آنذاك وتسببت في متاعب لي وعدم اتزان لكني عاودت تجربتها مرة أخرى وصرت أشربها من وقت لآخر، بالطبع أسرتي لا تعلم الأمر وأهلي سيعاقبونني إذا علموا لكنني لا أرى فيها شيء معيب، فهي كالقهوة وأشعر بالسعادة عند شربها، مشيرة إلى أقرب النكهات لقلبها نكهة اللبان».

جذبت صديقتها أطراف الحديث لتضيف: «أبي يشرب الشيشة وكذلك أخي، لدينا واحدة في البيت، إذا كانت شيء خطر وضار؟ فلماذا يشربونها في البيت؟ ثم إنني لا أشربها دائما، فالأمر لا يتعدى مرة أو مرتين في الأسبوع عند لقاء صديقاتي، هي مجرد تسلية لا أكثر، وأحب نكهة الخوخ».

 

اقرأ للمحرر| عرب على «تيتانيك».. مصري هدم أكذوبة «الفيلم» ولبنانيون قتلوا بالرصاص


الزوج يخاف على صحتها

على طاولة أخرى، تقول «رنا» وهي سيدة في الثلاثينيات من عمرها تجلس بصحبة صديقة لها وطفلها، إن قصتها مع الشيشة بدأت منذ سنوات عديدة، وهي لا ترغب في الإقلاع عنها كونها تراها من مبهجات الحياة، إذ تنسى بها همومها وتخرج ما بداخلها من طاقات سلبية، مشيرة إلى أن زوجها على علم بالأمر ورغم معارضته لذلك خوفا على صحتها لكنه سأم الخلاف معها حول ذلك الأمر، فصارت تشربها عند لقاء صديقاتها اللاتي يفضلن نكهة الخوخ والكانتالوب مثلها.


شيشة يوم الزفاف


«سمر»، روّت لنا بداية شربها وحبها للشيشة، قائلة: «البداية دائما تأتي من الأصدقاء، معرفتي وبداية تدخيني للشيشة جاءت من خلال إحدى الصديقات التي جعلتني أجربها عدة مرات فأحببتها، لدرجة جعلتني أطلب شربها داخل مركز التجميل يوم زفافي مما أثار استغراب الجميع، أندم أحيانا على شربها كوني لم أعد أستطيع الاستغناء عنها، هي كالإدمان بالنسبة لي، فأنا أعشق رائحة التفاح».

 

خارج مصر 
 

تروي «منى» 38 سنة، فتقول «أول مرة دخنت فيها الشيشة كان أثناء سفري للخارج بإحدى الدول العربية، حيث وجدت النساء هناك يدخن بكل أريحية، خضت التجربة فأعجبتني، بعد الزواج صرت أشرب مع زوجي أحيانا، ما يزعجني هو خوفي من إقدام أبنائي على تقليدي، فأخاف عليهم مما جعلني لا أشرب أمامهم».  


حجر «الست» غالي
 

أما «داليا» 30 عاما، فتقول: «بدأت تجربتي مع أصدقائي أثناء دراستي بالجامعة بأحد الكافيهات التي كنا نرتادها بعد انتهاء المحاضرات، أحببتها كثيرا حيث كنت أدخنها بنكهة الكنتالوب لكن عقب انتهاء الدراسة توقفت عنها لـ6 سنوات، ثم عاودت تدخينها أثناء سفري لإحدى المدن الشاطئية، حيث شعرت بالفضول لتجربة نكهات جديدة وجدتها كالفراولة بالقشطة، والمانجا بالفانيليا والبلوبيري، فأصبحت أدخنها مرة كل 3 أسابيع، لما لها من متاعب على المدى البعيد».
 

وتابعت قائلة: «العديد من الكافيهات أصبحت تستغل إقبال السيدات على الشيشة، مما جعلهم يرفعون سعر الحجر الذي وصل في بعض الأماكن لـ 60 و70 جنيها».


وتروي «فاطمة» قائلة: «قمت بتجربة الشيشة بعد مروري بمرحلة من الضغط العصبي، شعرت أنها قد تساعدني على تجاوز تلك المرحلة فقمت بتجربتها مع إحدى الصديقات، في البداية لم أتحمس لما سببته لي من متاعب وشعور بالدوخة لكنني تعودت عليها وأصبحت أدخنها مرة في الأسبوع، أحب نكهات النعناع والعنب والتفاح».


وتستكمل فاطمة روايتها، قائلة: «شغفي بها قل كثيرا، زوجي لا يعلم أنني أدخنها ولن أخبره كونه لن يتقبل الأمر بسهولة مثله كمثل غالبية الرجال».

 

 

اقرأ للمحرر| مسابقة محرمة للخيول في الطيران والسباحة.. تنافس مصارعة الثيران
 

مكافحة الضغط العصبي


الكثيرات أرجعن سبب إقبالهن على الشيشة إلى مساعدتها لهن على الخروج من الضغوط العصبية، فهل حقا تساعد الشيشة على هذا الأمر؟


خلصت الكثير من الدراسات الطبية إلى أن هذا الاعتقاد «وهم» لا وجود له؛ بل العكس صحيح، فالشيشة أو التدخين بصفة عامة ليس مظهرا يدل على الراحة النفسية، فالنيكوتين لا يساعد في تخفيف التوتر والإجهاد بل على العكس فإنه سببًا مباشرًا في الشعور بالاكتئاب، حيث تعمل في البداية على إفراز مادة الدوباماين والتي تساعد في الشعور بالراحة والمتعة، ولكن بعد تكرار شربها يعتاد العقل على كمية الدوبامين التي يتم إفرازها ويكون في حاجه للمزيد منها، ومن هنا تبدأ خطوات إدمانها.


ليس هذا فحسب بل إن تدخين الشيشة الواحدة يعادل 60 سيجارة، كما أن أنواع التدخين المختلفة كالسجائر، سيكار، معسل، شيشة تحتوي على النيكوتين، ودخان السيجارة به أكثر من 4000 مادة كيميائية ضارة، و40 نوعا على الأقل من المواد الكيميائية التي توجد بالسيجارة وتسبب السرطان.


كما أن التدخين بصفة عامة يسبب تفاقم مشكلة حب الشباب، ونمو الشعر في أماكن مثل الذقن واليدين والساقين، بالإضافة إلى تغيير نبرة الصوت نحو الخشونة وزيادة ألم الدورة الشهرية والانقطاع المبكر للطمث وتأخر الحمل والعقم أحيانا، كما أنه يؤدى إلى الانفجار المبكر للأغشية قبل موعد الولادة، كما يزيد من حدوث الإجهاض مبكرا في الأشهر الأولى للحمل والحمل خارج الرحم، ويتسبب في تأخير الحمل مع تأثير سلبي على الإخصاب فإن نسبة الإخصاب تقل إلى 50%، نتيجة انخفاض اختزان البويضات، وكذلك أيضًا انخفاض عملية التبويض بسبب التأثير السمي المباشر للنيكوتين وعدم القدرة على الإنجاب.