حوار| المستشار العلمي لمؤتمر التنوع البيولوجي: نفقد يوميا 150 كائنا لا تعوض

د. حمد الله زيدان مع محررة بوابة أخبار اليوم
د. حمد الله زيدان مع محررة بوابة أخبار اليوم

9 آلاف شخص من خبير ورئيس حكومة ورئيس دولة ورؤساء الحكومات ووفود 196  دولة، اجتمعوا حول هدف واحد تناقشه فعاليات مؤتمر الأطراف الرابع عشر لاتفاقية التنوع البيولوجي للأمم المتحدة في مدينة شرم الشيخ الذي افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح السبت الماضي.

 

«بوابة أخبار اليوم» كان لها حوار خاص مع المستشار العلمي للمؤتمر، الدكتور حمد الله زيدان، الذي أكد أن هناك 12 مليون نوع مختلف من الأحياء على سطح الأرض، وأن التنوع البيولوجي يفقد بشكل يومي 150 نوعًا، موضحا أن ما يفقد لا يعود بسهولة، وأن العالم قد ينتظر مليون عاما ليعاد تكوينه مرة أخرى.

 

«زيدان» تحدث أيضا عن انسحاب الرئيس الأمريكي من اتفاقية تغير المناخ الذي وصفه بـ«الأمر السيئ»، لأن أمريكا من الدول المنتجة لثاني أكسيد الكربون بكثرة وغازات الاحتباس الحراري الذي تنشره في العالم كله، بجانب أنها كانت من الممولين الرئيسين لاتفاقية تغير المناخ.

 

المستشار العلمي للمؤتمر تحدث أيضا عن دعم الدول الإفريقية لمصر لاستضافة المؤتمر، والتي أكدت أن مصر أفضل دولة تمثل إفريقيا، لافتا إلى أن وقفة الدول الإفريقية وقفت وقفة رجل واحد أمام تركيا التي كانت تريد استضافة المؤتمر.. فإلى نص الحوار.

 

 

 

 

 

ما المشاكل البيئة التي تؤرق العالم وتؤثر على التنوع البيولوجي؟

 

في البداية، التنوع البيولوجي يقصد به كل أنواع النباتات والأحياء والحيوانات الموجودة في البيئات المختلفة- البيئات الزراعية والصحراوية والبحرية- ويتم التعامل معها على ثلاثة مستويات بما تحويه من أحياء مختلفة، وأن هناك  12 مليون نوع مختلف من الأحياء على سطح الأرض.

 

والاختلاف يكمن في أن هناك أنواعاً متشابهة في الشكل، لكنها مختلفة في التكوين الجيني وأغلبها موجود في العالم الثالث، والتنوع البيولوجي يفقد بشكل يومي 150 نوعًا على مستوى العالم نتيجة تدخل الأنشطة البشرية التنموية من صناعة وزراعة وتجريف وصيد جائر.

 

وهناك 3 مشكلات عالمية تؤرق العالم الآن، وهي «تغير المناخ والتصحر وتراجع وتدهور التنوع البيولوجي»، وهذه الملفات ذات ارتباط وثيق فيما بينها، فتغير المناخ الذي حدث بفعل زيادة معدلات الاحتباس الحراري، وزيادة تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون، وكان سببه الأول قطع الغابات والأشجار، وفقدانها، والذي تسبب بدوره في تدهور طبيعة الأرض بفعل القضاء على الأحياء الدقيقة، وهنا وقعت ظاهرة التصحر، وبالتالي فقدان للتنوع البيولوجي بالكرة الأرضية.

 

 

كيف ترى مبادرة مصر لربط اتفاقية «تغير المناخ والتصحر والتنوع البيولوجي»؟

 

ترابط تلك القضايا الثلاثة أوجب على المنظمات الدولية ضرورة دمجها والتعامل معها على خطى متوازية، والمبادرة المصرية لربط الاتفاقيات الثلاثة معا يسمح بإعادة التوازن البيئي، وتبسيط الخطوات على الدول ومسئوليها حتى يتسنى للجميع السير بخطى واضحة بالتوازي بينها جميعا دون أن تؤثر واحدة على أخرى.

 

وأن إعادة التنوع البيولوجي، سيتم من خلال استخدام نظم أيكولوجية بسيطة تحميه وتخفف من حدة تغير المناخ وتمنع تدهور الأراضي، وأن ما يفقد في التنوع البيولوجي لا يعود بسهولة فقد ننتظر مليون عاما ليعاد تكوينه مرة أخرى.

 

 

كيف تؤثر التغيرات المناخية على التنوع البيولوجي؟

التغيرات المناخية هو الخطر الذي يهدد البشرية ويهدد التنوع البيولوجي، وكل التقارير التي صدرت من المنتدى الاقتصادي العالمي تؤكد أن أكبر خطر على العالم هو تدهور التنوع البيولوجي، وأن تغير المناخ أكثر شيء يؤدي إلى تدهور التنوع البيولوجي، وبالتالي المحافظة على التنوع البيولوجي يقلل من حدة تغير المناخ.

 

 

كيف ترى مستقبل الاتفاقية بعد انسحاب الرئيس الأمريكي منها؟

 

انسحاب الرئيس الأمريكي من اتفاقية تغير المناخ أمر سيئ، خاصة وهي من الدول المنتجة لثاني أكسيد الكربون بكثرة وغازات الاحتباس الحراري، والمشكلة أن غاز ثاني أكسيد الكربون عندما يظهر في الجو لا يستقر فوق أمريكا فقط، ولكن تيارات الهواء تنشره في العالم، كما أن أمريكا كانت من الممولين الرئيسين لاتفاقية تغير المناخ.

 

والرئيس الأمريكي لن يتراجع عن موقفه، فهو حتى الآن غير  مقتنع  بأن ما حدث في كاليفورنيا من حرائق نتيجة لارتفاع درجة الحرارة، وأنه سئل عن رأيه حول ربط حرائق الغابات والتغيرات المناخية فأكد أن الحرائق جاءت نتيجة سوء إدارة الحفاظ على الغابات وليس تغير المناخ.

 

بصفتكم المستشار العلمي للمؤتمر.. حدثنا عن الجانب التنسيقي؟ 

 

شاركت في 10 مؤتمرات للأطراف  للتنوع البيولوجي، وأعتبر هذا المؤتمر من أفضل المؤتمرات التي تم تنظيمها، كما أن عدد المشاركين ضخم جدا وصل إلى 9 آلاف شخص من خبير ورئيس حكومة ورئيس دولة ورؤساء الحكومات ووفود 196  دولة، ومشاركة الوزراء المعنيين بالتنوع البيولوجي سواء من مصر أو من خارجها.

 

ولأول مرة بتاريخ مؤتمر الأطراف يدلل على اهتمام  مصر والوزراء بالتنوع البيولوجي، خاصة أن المؤتمر هذا العام يركز بشكل أساسي على دمج التنوع البيولوجي في القطاعات التنموية مثل التعدين والصحة والإسكان والصناعة، التي تعد قطاعات ذات تأثير كبير على التنوع البيولوجي ولا تتوافر لديها المعرفة الكافية به.

 

أيضا يركز مؤتمر الأطراف الرابع عشر الذي تترأسه مصر على ربط التنوع البيولوجي بتغير المناخ لأن التنوع البيولوجي له دور مهم جداً في التكيف مع تغير المناخ.

 

برأيك.. كيف وجدتم حرص الرئيس السيسي على حضور افتتاح المؤتمر؟

 

حضور الرئيس السيسي افتتاح مؤتمر التنوع البيولوجي دليل على أن القوى السياسية باتت تدعم القضايا البيئية بصورة واضحة، أيضا حضور الوزراء المشاركين بالجلسات المغلقة بالشق الوزاري الإفريقي على هامش مؤتمر الأطراف يضمن تطبيق وتفعيل التوصيات التي ستخرج من المؤتمر في المنظومة الحكومية كلا في تخصصه من خلال مشروعات استثمارية صديقة للبيئة.

 

 

كما أن مصر بدأت تتحرك للاهتمام بالتنوع البيولوجي عند استشعارها بأزمة المياه، وأن ذلك سوف يؤثر عليها بشكل كبير قبل ذلك لم يكن هناك اهتمام ويمكن القول أن أزمة المياه كانت سبب اهتمام الرئيس السيسي بقضايا البيئة والتنوع البيولوجي.

 

ربع قرن مضت على اتفاقية التنوع البيولوجي.. فهل حققت أهدافها؟

 

مر 25 عاما على التصديق على اتفاقية التنوع البيولوجي، وحدثت على مدار تلك الفترة تغيرات في مفهوم الأشخاص، وبدأ الجميع يعي مفهوم التنوع البيولوجي، لكن أكبر تقدم حدث كان من نصيب مساحة المحميات الطبيعية على مستوى العالم، وبالتالي لم يكن هناك قبل ذلك خطة للحفاظ على التنوع البيولوجي.

 

عندما أتت هذه الاتفاقية صنعت لنفسها خطة تجدد كل 10 سنوات، وبالتالي نحن في الخطة الثانية للاتفاقية التي أشرفت على الانتهاء في 2020، وتبدأ الخطة الجديدة من 2021 إلى 2030 واعتمادا على هذه الخطط نصنع برامج، ودول الأعضاء تنفذ هذه البرامج، وبالتأكيد التنفيذ يكون بدرجات مختلفة يعتمد على وجود التمويل والتقنيات المختلفة واهتمام الدولة.

 

تقاسم المنافع عند استخدام الموارد الوراثية أحد الأهداف الرئيسية للاتفاقية.. كيف يتحقق ذلك؟

 

تقاسم المنافع العادل يتم من خلال أن أي دولة تريد استخدام المواد الوراثية لدولة أخرى تطلب منها ذلك، وبعدها توقع اتفاقية مشتركة لتحديد الاستخدامات، لتكون بمثابة ضمان في حالة صدور منافع علمية أو تجارية نتيجة استخدام هذه الموارد الجينية، فيتم مشاركة الدولة الأخرى بها وتقاسم المنافع، هذا هو بروتكول ناجويا «الوصول للمواد الوراثية والتقاسم المنصف والعادل للمنافع والمعارف التقليدي».

 

هل افتتاح المؤتمر بالشق الإفريقي جزء من رد الجميل لمصر؟

الدول الإفريقية ساعدت مصر لاستضافة المؤتمر، وطالبت بتنظيم مؤتمر في إفريقيا وأكدوا أن مصر أفضل دولة تمثل إفريقيا، وكانت وقفة الدول الإفريقية لدعم مصر لاستضافة مؤتمر التنوع البيولوجي وقفة رجل واحد أمام تركيا التي كانت تريد استضافة المؤتمر.

 

وكان ممثل قارة إفريقيا عندما يتحدث كان يتحدث باسم 53 دولة إفريقية وكان يؤكد دعمه وطلبه لاستضافة مصر مؤتمر الأطراف الرابع عشر وعندما نجد كتلة مثل هذه تفرض نفسها جعلت الدول العربية تتحمس لدعم مصر ولهذا لم يكن هناك خيار آخر أمام الأتراك لعدم وجود كتلة تدعمهم مثلما ما فعلت إفريقيا مع مصر. 

 

من المسؤول الأول للحفاظ على التنوع البيولوجي؟

التنوع البيولوجي لن يحافظ عليه الحكومات، ولكن من يحافظ عليه الأشخاص الذين يتواصلون بشكل مباشر معه، فإذا ذهبت إلى إفريقيا أو أسيا أو أمريكا اللاتينية نجد المناطق التي يوجد بها تنوع بيولوجي كثيرة، ونجد من يدافع عنها السكان المتواجدون بها، لأنه يعرف أهميتها ومصادر عيشه تأتي من التنوع البيولوجي لأنه يحيى على مصادر الأغذية الطبيعية ويعي أهمية ذلك ويحافظ عليه.

 

والدولة تتدخل لتسويق مصادر التنوع البيولوجي، وإنشاء جمعيات مثل ما فعلت مصر مع محمية سانت كاترين من أجل الحفاظ على النباتات الطبية، وبالتالي بدأ يشعر بأهمية هذه المواد الطبيعية، وبالتالي أصبح أكثر شخص يريد الحفاظ عليها.

 

هل دور الدولة في الحفاظ على التنوع البيولوجي يتمثل في تأسيس جمعيات؟

مصر حتى الآن يوجد بها 30 محمية طبيعية متمثلة في 15% من مساحة مصر، والحفاظ على التنوع البيولوجي والمحميات الطبيعية يحتاج دعما ماديا وبشريا، ومن المفترض أن يزيد هذا الدعم التي تقدمه الدولة، أيضا أرحب بأن يكون هناك دور للقطاع الخاص في ذلك، وأن يكون هناك استثمارات لا تؤدي في النهاية لتدهور التنوع البيولوجي.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا