«جدل» تحت القبة.. حذف «خانة الديانة» بين محاربة التمييز وإثارة الفتنة

جدل تحت القبة بسبب حذف خانة الديانة
جدل تحت القبة بسبب حذف خانة الديانة

•    مقدم مشروع القانون: نحارب التمييز.. واللجنة الدينية ترفض: يثير الفتنة
•    أستاذ علوم سياسية: تحرك رمزي تجاه مدنية الدولة يحتاج للتطوير
•    خبراء القانون: إلغائها من عدمه لا يؤثر ويمكن تحديدها اختياريًا   



«إن الدستور نص على عدم التمييز بين المواطنين، وأن جميع المصريون لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، والدساتير يتم وضعها لاحترام بنودها وإذا اختلفنا مع نصوصها فهناك مسارا دستوريا يحدد طريقة تعديلها، ولكن طالما نتعامل بالدستور الحالي فعلينا احترام نصوصه وتطبيقها».. جملة لخص بها النائب إسماعيل نصر الدين، عضو مجلس النواب، ومقدم مشروع «قانون حذف خانة الديانة» مقترحه، الذي يرى أنه يناهض التمييز الذي تصنعه تلك «الخانة» على أساس العقيدة، والتي قد تسهل الطريق أمام النفوس المريضة لإحداث فتنة بين أفراد المجتمع.

 


وتابع نصر الدين في بيان له، أن تحقيق فكرة المواطنة وبناء دولة حديثة هى فلسفة القانون المقترح.

 


حذف خانة الديانة لترسيخ فكرة مدنية الدولة لم تكن وليدة اللحظة، وإن اختلفت الأشكال المقدمة به، إلا أنها خاضت مرحلة كبيرة من العرض والرفض، حتى أيام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وتحديدًا في 2006 من خلال المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي فتح باب المناقشة في هذا الأمر، إلا أنها فكرة لم تتبلور أو تتخذ إطار المقترح الفعلي، لتغيب الفكرة 7 سنوات قبل أن يعيدها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار «حاجة تخصني» ولكنها نالت نفس مصير سابقتها في الغياب.

 

ومع أواخر عام 2016 اتخذت الفكرة نطاق التنفيذ الفعلي عبر بوابة جامعة القاهرة وقرار رئيسها حينذاك د. جابر نصار بإلغاء خانة الديانة من كافة الأوراق والشهادات المتعامل بها في الجامعة، لتخرج هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف لتعلن رفضها للإجراء باعتباره يمس هوية الإنسان المصري، قبل أن ترفض اللجنة الدينية بالبرلمان مقترح بإلغاء خانة الديانة ببطاقات الرقم القومي.

 

 «تجدد الرفض»

 

وهو ما يتوافق مع الاقتراح الحالي، إذ يؤكد د. عمر حمروش، آمين اللجنة الدينية بمجلس النواب، أن مشروع القانون الذي اقترحه النائب إسماعيل نصر الدين بإلغاء حذف الديانة من الأوراق الرسمية للأفراد، لم يصل للجنة الدينية حتى الآن، لافتا أن اللجنة تنوي عدم الموافقة عليه في حال العرض عليها.

 


ويضيف لـ«بوابة أخبار اليوم» أن الجميع يقر بالمساواة بين فئات الشعب وأن المسلمين والأقباط  شركاء في وطن واحد متساويين في الحقوق والواجبات وما ينطوي تحت تلك الكلمتين من مسئولية، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن حذف خانة الديانة تزايد لا داعي له لاسيما في الوقت الحرج الذي تمر به مصر، وأن أضراره أكثر من فوائده.

 

ويختتم آمين اللجنة الدينية بمجلس النواب، أن إثارة خانة الحذف من عدمه في الوقت الحالي ووسط ما تمر به مصر من ظروف صعبة واستهداف داخلي وخارجي من قبل جماعات الشر، من الممكن أن يتسبب في فتنة داخلية يبعد مؤسساتها عن مهمة البناء الأساسية.

 

«تحرك رمزي»

 

ومن جانبها ترى د. نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن إقرار قانون بحذف خانة الديانة تحرك رمزي تجاه مدنية الدولة، وأنه يجب فصل الدين عن الدولة.

 

وتوضح أنه يجب تحويل الرمزية إلى تحرك فعلي يعمل على ترسيخ فكرة مدنية الدولة المصرية من خلال التعليم والإعلام وطرق النشر المختلفة، وأن تتغير ثقافة المجتمع لتتقبل الاختلاف واحترام الغير وإعلاء قيَم المدنية والخروج من إطار الشعارات الواهية، مشيرة إلى أن أغلبية الشعب لا يعي معنى مدنية الدولة أو حتى يهتم بها ولكنه يهتم بمدى شعوره بالمساواة والاحترام المتبادل.

 

وتضيف لـ«بوابة أخبار اليوم» أن بدء إدراك المشكلة يجب أن يقابله إدراك مجتمعي من خلال الإعلام والتعليم والسينما يعمل على تغيير المناهج والخطاب الإعلامي وكذا الأفلام التي تتناول تلك المشكلات لتكون خطوات فعلية لتغير المفاهيم وتحريك سكون العادات والتقاليد وترسخ أفكار تتسم بعد التمييز والتفرقة.


وتتابع د. نهى بكر، أن الحالة السياسية الحالية في الدولة مواتية لهذه الخطوات في ظل التأييد الشعبي الذي يتمتع به الرئيس عبد الفتاح السيسي وتمكنه من آليات العمل مع المجتمع المدني ومواجهته الأمية الثقافية لاجتذاب المواطن مرة أخرى نحو الإنتاج الفعلي وإدراك التنوع الفكري والديني والاجتماعي.

 

وعن طريقة تغييرها من خلال قانون جديد أم بقرار من مجلس الوزراء، ترجع أستاذ العلوم السياسية الأمر لكيفية إصدارها في الأساس، وهل تم من خلال قانون، أم قرار ، وأنه في حالة استخراجها بقانون، استلزم الأمر التغيير بنفس الشكل، وفي حال تنفيذها من خلال قرار مجلس الوزراء فلا داعي للقانون وقتها.


«الحذف لا يؤثر»

 

من جانبه يرى د. شوقي السيد، أستاذ القانون الدستوري، أن حذف خانة الديانة أو بقائها من الأوراق الرسمية لا يؤثر في التعرف على  ماهية الأشخاص، إذ أن أغلب الأسماء المصرية تعرفهم دون الحاجة لخانة الديانة فلا يحدث خلط بين ديانة شخص يدعى محمد وآخر مينا.

 


واقترح أستاذ القانون الدستوري، أن  يكون وضع الخانة أو حذفها اختياريا طبقا لرغبة كل فرد، مشيرًا إلى أن الاختيارية في هذا الأمر غير مخالف للدستور، مشيرًا إلى أن تحديد مصيرها يكون بقرار من مجلس الوزراء وليس بقانون جديد، وأن خروج قانون جديد يثير حالة من الجدل بين أوساط الشعب.