المسئولية تائهة بين الآثار والأوقاف ومحافظة القاهرة..

«عدوان ثلاثى» على آثار المماليك!

جانب من آثار المماليك
جانب من آثار المماليك

السلوكيات العشوائية تحولها لأوكار مشبوهة.. وخطط الترميم «حبر على ورق»


الأشرف برسباى تحول إلى خرابة وسبيل «قايتباى» مقلب قمامة


مساجد تاريخية عتيقة.. أضرحة لملوك وأمراء.. أسبلة يفوح منها عبق التاريخ. قباب لكبار رجال الدولة المملوكية.. تحكى قصصا وأساطير الماضى .

 

جميعها فى مهب الريح وأصبحت عرضة للهدم وتحول معظمها إلى اوكار للكلاب الضالة والبلطجية، وتعرضت للسرقة والنهب ولم يتبق منها سوى الحوائط ، «جبانة المماليك» ذلك المتحف المفتوح الذى يرجع عصره إلى ما يقرب من 900عام خلال فترة الحكم المملوكى لمصر.. الذى حكم من النيل إلى الفرات وأجزاء من الجزيرة العربية أكثر من قرنين ونصف القرن وبالتحديد من 1250 إلى 1517 ميلادية ، منطقتهم تعتبر كنزا.

 

مازالت هذه المنطقة تحتفظ باجزاء من تاريخها المهدد بالتلاشى ، يوما ما بسبب سوس الإهمال الذى ينهش فى تلك المنطقة لتصبح وكأنها جثة هامدة.. هذه المنطقة الممتدة من صلاح سالم ومنطقة قلعة الجبل إلى العباسية وطريق الأتوستراد بصحراء المماليك أو «القباب» من أعرق المناطق الأثرية فى القاهرة، ولكن كل هذه الآثار التى تركت خلف جدار كبير من الإهمال والفوضى.

 

مسجد وخانقاه فرج برقوق، ومسجد وخانقاه السلطان الأشرف بارسباى، ومسجد السلطان قايتباى وملحقاته، وقبة جانى بك الأشرفى، وقبة قرقماس، وربع قايتباى، وتكية أحمد أبوسيف.. كنوز فريدة من العمارة الإسلامية الشامخة.. مساجد وخنقاوات ومجموعات أثرية دشنت فى النصف الاول من القرن الثامن الهجرى، يقضى عليها الإهمال والروتين بالبطىء، وتلقى كل جهة المسئولية على الجهة الأخرى، لتتوه الحقيقة بين وزارات الآثار والسياحة والثقافة والأوقاف ومحافظة القاهرة.

 

«الأخبار» رصدت فى هذا التحقيق كابوس الإهمال لأكبر متحف مفتوح لآثار العصر المملوكى والتى تتجاوز ال100 أثر وتحدثت مع الخبراء والمسئولين فى كيفية إعادة قبلة الحياة لهذه المنطقة التى تعتبر كنزا مدفونا وسط القاهرة ، كما التقت مع عدد من أهالى «جبانة المماليك» والذين أكدوا أن تلك المنطقة تتعرض للإهمال والنهب منذ سنوات دون أن يحرك احد ساكنا للحفاظ على المنطقة الأثرية.

 

 

بداية جولتنا كانت من اول شارع صلاح سالم ، وهنا تجد المنطقة الأثرية الأشهر بقبابها العملاقة قد أصابها الشروخ والتصدع فى كل جانب ، حتى تحولت إلى «مسخ» رغم ندرتها ، واذا تم ترميمها فلن تعود كسابق عهدها ، ناهيك عن أكوام القمامة التى حاصرت المنطقة من كافة الجهات وتنبعث منها رائحة تجعل من يسير بالقرب منها لا ينظر إلى تلك الأطلال إنما يسارع للهرب من المكان وهو يسد أنفه من الرائحة الكريهة.

 

ومن القباب المهملة إلى مسجد «الأشرف برسباي» والذى كان أحد مماليك الظاهر برقوق الذى اعتقه وتدرج فى الوظائف حتى وصل لكرسى السلطنة عام 1422م ، هذا المسجد طالته أيدى الإهمال والعبث، فتحولت ساحة المسجد الخلفية إلى وكر للكلاب الضالة والحيوانات النافقة، وتهدمت أسواره وأصبحت بالية لا يحميها سوى سلك شائك لا يسمن ولا يغنى من جوع، بل أن أطفال الشوارع والبلطجية يدخلون أثناء الليل إلى المسجد مستغلين تهدم السور الخلفى للمسجد، ويجلسون فى القباب المدفون أسفلها ملوك وسلاطين ويتناولون كل اشكال وانواع المخدرات والأدوية منتهية الصلاحية والتى يخلطونها مع زجاجات البيرة ويتركونها وسط الحرم الأثرى شاهدة على اجرامهم واهمال المسئولين عن المنطقة .

 

ويقول على الدسوقى احد سكان المنطقة :» يجب وضع منطقة جبانة المماليك على خريطة الزيارة العالمية كمزار سياحى فهى مسجلة على قائمة التراث العالمى عام 1979م ، وأضاف ان مشكلة تطوير المنطقة دائما مايفشل بسبب الثقافة الغائبة عن سكان المنطقة والأهمال الذى يحاصرها منذ زمن والوعود الرنانة التى نسمعها من الحكومات السابقة ويجب عمل برامج توعية ومشاركة مجتمعية متكاملة للارتقاء بأهالى منطقة جبانة المماليك ثقافيا وتعليميا واجتماعيا واقتصاديا.


مقابر الغفير


وعلى بعد أمتار قليلة توجد قبة خانقاه الأشرف برسباى وتقع بجبانة المماليك بشارع قبة الأشرف ويرجع هذا الأثر لأشرف برسباى وهو سيف الدين أبو النصر برسباى جركسى الأصل من أسرة فقيرة تولى حكم مصر بعد أن خلع الملك الصالح محمد بن ططر وتولى السلطنة سنة 825 وظل يحكم مصر لمدة ستة عشر عاماً حتى توفى.

 

الا ان الحال الآن لهذه التحفة المعمارية «لايسر عدوا ولاحبيبا» فالإهمال اسقط قبته وبقاياه متناثرة على جانبى المكان الذى تقع فيه هذه القبة الا وهو «ترب الغفير» أو الجبانات بقايتباى وهذه الأماكن الأثرية لا تقدر بثمن إلا أن الأهالى من قديم الأزل قاموا بدفن ذويهم بجانب هذه الآثار واستباحوا حرمة المكان الأثرى العظيم وقاموا بدفن أسرهم وإلقاء القاذورات والقمامة إلى أن أصبح المكان مرتعا للكلاب والحيوانات الضالة ومأوى لأطفال الشوارع ومتعاطى الكيف.

 

ووسط بيوت كالحة الألوان والمعمار، تحكى بؤس ساكنيها ويومياتهم المتكررة فى العزف على طلب الرزق القليل خرج اشرف عبد القادر «موظف على المعاش» ويسكن امام هذا المكان الذى يعتبر تحفة معمارية إلى مقلب للقمامة ، فيقول اشرف :» القباب والمساجد فى المنطقة تتعرض للنهب والسرقة بسبب السور المتهدم، وباقى القباب والغرف الملحقة بالمسجد معرضة للانهيار بسبب عدم الترميم والاهمال.

 

مضيفا ان «قبة جانى بك الأشرف» الموجودة بجوار جامع «الأشرف برسباي» تعرضت للانهيار نتيجة لما تستخدمه هيئة النظافة والتجميل بالحى من اللودرات الضخمة لرفع تلال القمامة من الآثار، وهو الأمر الذى أدى إلى تساقط بعض أجزاء من السور الحجرى المحيط بها.

 

وفى شارع السوق يقف مسجد السلطان المملوكى «الأشرف قايتباى»، بصحراء المماليك، بشموخ وعمر تجاوز السبعمائة عام، هذا الجمال المعمارى الفريد للمسجد جعله رسما على الجنيه المصرى ليكون شاهدا على عظمة هذا البناء، ويلقب المسجد بـ «أستاذ العمارة الإسلامية» والذى يتجاوز عمره 700 سنة، لكنه اليوم يقاوم تهالك جدرانه وزحف الكلاب الضالة إلى مدخله الباهى لتكون مأوى لمعاشهم فبتسليط الضوء على الشبابيك فى الجامع ترى مشهد الآيات القرآنية على الزجاج الملون وكأنها لؤلؤ فضى، بالإضافة لمئذنته التى يبلغ طولها 44 مترًا،وقبته مميزة الشكل.

 

فيما تحولّت الساحة الأمامية له إلى موقف سيارات كما تحول سبيل «قيتباى» إلى مخزن لأسطوانات البوتاجاز مما ينذر بحدوث كارثة فى هذا المكان العتيق والذى تم ترميمه بملايين الدولارات اكثر من مرة ، ولكن دائما ما تعود «ريما لعادتها القديمة» ليتحول سبيل «قيتباى» المقيم بالقرب من مدرسة السلطان «حسن» إلى مقلب قمامة تهالكت جدرانه بالفعل لكنه يأبى ذلك ويتمسك بتاريخه العريق الذى يرجع بناؤه إلى عام 1479 ميلادية.

 

كما توجد تكية أحمد أبوسيف، أشهر تكية للصوفيين فى القرون الماضية، ولم يتبق منها سوى واجهتها، المهددة بالهدم فى أى وقت كما تحتوى صحراء المماليك على مسجد إمام الصوفية الأكبر «جلال الدين السيوطى»، إذ يعبر السيوطى عن أبرز معالم الحركة العلمية والدينية والأدبية فى النصف الثانى من القرن التاسع الهجرى.

 

 

اختفاء الجمال


ويرى احمد حاتم «مرشد سياحى» بأن المنطقة تضم مجمعات دينية ضخمة تشمل المساجد، والأضرحة، والمدارس والخانقاوات والكتاتيب والسبيل الذى كان مخصصا لشرب البشر، والحوض لشرب الدواب، والمقعد، حيث كان المجمع يقدم خدمات دينية واجتماعية وتعليمية متكاملة، كما كانت تتميز آثارها بزخارف ونقوش إسلامية بالغة الروعة.

 

تعود إلى العهد المملوكى، وتوجد فى عدد من شوارع الحى وهى شارع السوق والسلطان أحمد، وقبة الأشراف، ومقابر الشهداء والعفيفى، وشارع الوقاد، وحارة درب الساقية وحارة سليمان ولكن الآن تحولت إلى الاطلال وماتبقى من هذه الآثار تستعد للموت بسبب فيروس الاهمال واتمنى من الحكومة معالجة الأثر قبل ان نستيقظ على كارثة اختفاء هذا الجمال والكنز عن بلدنا.

 

مقابر المماليك


وفى هذا الصدد تعلق د. أمنية عبد البر «عضو المؤسسة المصرية لإنقاذ التراث الإسلامي»، بأن الفترة الماضية رأينا كيف بدأت جهود وزارة الآثار للنهوض بمنطقة مقابر المماليك خاصة فيما يتعلق بالتخلص من القمامة المتراكمة وإعادة إحياء المنطقة بعمل احتفاليات حول المبانى الأثرية لجذب القاهريين إلى هذه المنطقة الرائعة التى مازالت تزخر بالعديد من الحرف التقليدية أهمها حرفة نفخ الزجاج والدق على النحاس، واشارت أن هذه الجهود تحتاج إلى تشجيع وتحتاج أن توظف فى مشروع أكبر لهذه المنطقة الأثرية الرائعة.

 

وأضافت أنها سمعت عدة مرات عن مشاريع إحياء لهذه المنطقة، مرة من جهاز التنسيق الحضارى ومرة من وزارة الآثار إلا أنها لم تر بعد أية خطوات جادة على الأرض تجاه تفعيل هذه المشاريع، ولعل أهم هذه الخطوات هى إيقاف البناء المخالف الذى انتشر بصورة مرعبة فى السنوات الماضية وإزالة ما تم بناؤه مسبقا بالمخالفة لقوانين الآثار والبناء ورفض أية إمكانية للتصالح أمام هذه المخالفات فنحن أمام منطقة مهمة جدا أثريا وتاريخيا وسياحيا وثقافيا وحتى دينيا لذا يجب أن يتم التعامل معها على هذا الأساس.

 

وطالبت عبد البر من الحكومة قبل البدء فى التفكير بالتطوير والترميم أن تبذل أولا مجهودات من أجل تأمين هذه الآثار القيمة والحد من السرقات التى تتم فى وضح النهار فقد رأينا كيف تم سرقة حشوات كتابية مطعمة بالصدف من المقصورة الخشبية بقبة الإمام الشافعى وسرقة النص التأسيسى لقبة الحريم بخانقاه السلطان فرج بن برقوق وهى سرقات لا تقدر بمال فأنا أرى فى مزادات لندن كيف تباع هذه القطع بأرقام خيالية ولا نستطيع فى معظم الأحيان إيقافها لأننا للأسف لم نقم بعد بعمل توثيق وحصر جاد لكل هذه المقتنيات القيمة التى مازالت موجودة بداخل الآثار الإسلامية.


قاعدة بيانات


كما أنه لا توجد قاعدة بيانات رقمية تمكننا للرجوع إليها فى حالة الاشتباه بسرقة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى على الحكومة أن تبدأ فى تأمين القباب المهملة من الانهيار والتى تعد من المبانى المملوكية المهمة كقبتى خوند طغاى وخوند طلبيه زوجتى أحد أعظم سلاطين المماليك وهو السلطان الناصر محمد وهما الآن فى حالة يرثى لها.

 

ويجب أن يتم وضع خطتين للمنطقة واحدة قصيرة المدى تتمثل فى الحد من السرقات والتخلص من الزبالة وتأمين المبانى الأثرية من الانهيار ووقف عمليات البناء المخالف ثم خطة أخرى طويلة المدى لدراسة إمكانية استغلال هذه المنطقة ووضعها على خريطة القاهرة السياحية وتنشيط الحرف التقليدية المنتشرة والاستفادة من القباب المهمة الموجودة ودمجها فى برامج للسياحة الدينية فإلى جانب قبة الإمام الشافعى يوجد أيضا العديد من التابعين والأتقياءـ كالإمام الليث وابن عطاء الله السكندرى ـ الذين يتم زيارة مقاماتهم أحيانا بصعوبة بالغة نظرا لتكدس القمامة أو المياه الجوفية التى تعوق السير، فعلى سبيل المثال انظر إلى تركيا وكيف استفادت مدينة اسطنبول من وجود جامع وقبر الصحابى أيوب الأنصارى وكيف تم تهيئة المكان لاستقبال الزائرين ونحن ندفن آثارنا بقمامتنا وإهمالنا.

 

 

تعدد الجهات


ومن جانبه يؤكد د. مختار الكسباني، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة : أن جبانة المماليك من أعرق المناطق الأثرية فى مصر وكانت من أكثر المناطق الجاذبة للسياحة قبل 25 يناير وكانت تستقبل يوميا فيما لا يقل عن 25 فوجا سياحيا ولكن الوضع تغير بعد الثورة وانحدر بها الحال وأصبحت الآن مرتعا للقمامة والأفعال الإجرامية.

 

ويضيف أن بعد الثورة ونتيجة الانفلات الأمنى وانشغال الحكومات المتعاقبة بحل المشاكل المتراكمة آنذاك وعدم اهتمامها حتى بالعرض المقدم من الحكومة الفرنسية بأن تتولى ترميم والاهتمام بالجبانة لينتج عن ذلك تحول هذا المزار السياحى المهم إلى وكر للمخدرات ومقلب  للقمامة.

 

ويوضح أن السبب فى وصول هذه المنطقة الأثرية إلى هذا الوضع المزرى هو إهمال المحليات وعدم قيام الأحياء بدورها فى الرقابة وأعمال النظافة وإحكام القبضة على الوضع فى هذه المنطقة ناهيك عن فساد البعض منهم الذى تقاعس عن عمله لتكسبه من الوضع القائم هناك .

 

ويشير إلى أن تقاعس المحليات ليس السبب الوحيد فى هذه ألازمة بل تعدد الجهات المشرفة هناك والذى تسبب فى تداخل  الاختصاصات بين الجهات المشرفة لتكون المحصلة الفوضى وانعدام المسئولية.ويتساءل الكسبانى متعجبا هل يعقل أن تكون وزارة الآثار مسئولة عن الآثار من الصباح حتى الـ 5 مساء ثم تتولى الأوقاف المسئولية بعد ذلك من الـ 5 حتى نهاية اليوم بينما تقع مسئولية الشوارع والأحياء المجاورة على عاتق المحليات من سيحاسب هنا إذا قصر احدهم الآن تكون النتيجة الحتمية لتعدد هذه الجهات الفوضى والتكاسل.

 

ويرى أستاذ الآثار الإسلامية أن الحل يبدأ فى توحيد الجهات الثلاث فى جهة واحدة حتى يسهل بعد ذلك محاسبة المقصر وحتى تستطيع هذه الجهة أن تحكم قبضتها على المنطقة وتحاسب من يحاول أن يتعدى عليها ولكن مع هذا تبقى النقطة الأهم وهى أن يتم توفير الإمكانيات لهذه الجهة لتساعدها فى أن تقوم بدورها على أكمل وجه.

 

مفتشو الآثار


ويقول د. جمال عبد الرحيم، أستاذ الآثار بكلية الآثار جامعة القاهرة، : إنه من الظلم ان نتهم وزارة الآثار بالتقصير لانها تقوم بأقصى ما تستطيع لترميم الأثر والحفاظ عليه بل أنها فى الفترة السابقة حققت نجاحات كبيرة فى الحفاظ على الآثار والاكتشافات الأثرية ناهيك على ان المفتشين الأثريين يبذلون أقصى جهدهم للحفاظ على الأثر حتى ان الكثير منهم فى كثير من الأوقات يعملون عمال نظافة لإزاحة القمامة عن الأثر للحفاظ عليه وهذا ما شاهده فى زيارته الأخيرة لمنطقه جبانة المماليك.


ويوضح أن القضية فى الأساس والتى تسببت فى هذه المشكلة هو السلوك البشرى لبعض الأهالى بالمنطقة نتيجة ضعف الوعى الثقافى لهم بالإضافة إلى أن هناك قلة من هؤلاء لا يعرفون معنى الانتماء وتقدير قيمة الأثر لأنه ملكية عامة تفيد الكل.

 

ويشير إلى أن الحل يبدأ من الإعلام والذى يجب عليه ان يتبنى حملة لتوعية الناس بأهمية الحفاظ على الأثر بالإضافة إلى أن تعى جميع المؤسسات المعنية أهمية أن تتعاون للعمل على تنمية المنطقة وإعادتها مرة أخرى للحياة وقبلة للسائحين من جميع الدول بالإضافة انه يجب ايضا ان يتم تشديد العقوبات على من يخالف ويتعدى على الاثر والاهم ان يكون هناك رقابة مشددة على الآثار الإسلامية .

 

ويختتم عبد الرحيم حديثه قائلا : أن منطقه جبانة المماليك من أهم المناطق السياحية الواعدة فى مصر لأنها شاهدة على حقبة من أهم الحقبات التى أتت على حكم مصر ألا وهى المماليك وتحتوى على مدارس ومساجد وتحف معمارية يتهافت عليها الجميع ناهيك عن «الخنقاوات» والقبب التى تتواجد هناك مثل خانقاه الناصر فرج بن برقوق وقبة جانى بك الأشرف وخانقاه الأشرف برسباى والكثير من الآثار التى تعد قبلة السياح الأولى لشغفهم لرؤيته.

 

مناطق صحراوية


ومن جانبه يوضح د. سعيد حلمي، رئيس الإدارة المركزية للآثار الإسلامية، أن مشكلة منطقة جبانة المماليك مثل غيرها من الآثار الإسلامية تقع فى محيط مناطق سكنية لذا يصعب التعامل معها والسيطرة التامة عليها ناهيك على انها ما زالت طور الاستخدام حتى الآن مقارنة بالآثار الأخرى الفرعونية والتى تتواجد فى مناطق صحراوية.

 

ويضيف انه على الرغم من هذا فإن وزارة الآثار لا تدخر جهدا من اجل الحفاظ على هذه الآثار وترميمها والدليل على ذلك انه طوال الأشهر الماضية لم تقدم أى شكوى عن آثار إسلامية مهملة طوال الفترة السابقة بالإضافة إلى أن وزارة الآثار تعاقدت مع شركة نظافة متخصصة تابعة للمقاولين العرب وظيفتها النظافة بصورة دورية داخل المنطقة الأثرية.

 

ويشير إلى انه يجب أن نعى بأن وزارة الآثار يقتصر دورها على الحرم الأثرى أما محيطه من شوارع أو طرق فإنه مسئولية الحى والمحافظة وقد قدمت الوزارة الكثير من الطلبات للحى بأن يقوم بدوره بالنظافة إلا أن دائما يكون الرد ضعيفا مقارنة بالحجم الذى يجب أن تتبعه المحليات للحفاظ على محيط الأثر والجهود المبذولة تكون مسكنة لا تعالج المشكلة والأزمة.

 

ويقول:إنه يجب علينا قبل أن نلقى الاتهامات ان نعى دور كل واحد فيهم ومع هذا فان وزارة الآثار لا تدخر جهدا من اجل الحفاظ على الآثار وتنميتها وترميمها والدليل على ذلك انه طوال الأشهر الماضية لم تقدم شكوى واحدة عن إهمال داخل الآثار الإسلامية بالإضافة إلى أن الوزارة أيضا تعاقدت مع شركة نظافة متخصصة تابعة للمقاولين العرب من اجل الحفاظ على نظافة الأثر ومحيطه الداخلى ناهيك عن حملات التوعية التى تقوم بها الوزارة للتوعية بالقيمة التاريخية للمنطقة وما تحتويه.

 

ويضيف أنه يجب أيضا أن نعرف أن موارد وزارة الآثار ذاتية وميزانيتها محدودة وأن أى جهود تقوم ببذلها الوزارة تكون وفق تلك الإمكانيات التى تحاول الوزارة أن تنميها لتنمية المناطق الأثرية وهذا ما ظهر فى سبيل «أم عباس» الذى قامت الوزارة بالتكفل به وقامت بترميمه وتنظيف محيطه وتعيين حراسة له لحمايته ومنذ ذلك اليوم وهو بأفضل حال ولكن هذه التجربة لن تستطيع الوزارة أن تطبقها فى كل مكان وذلك لأنه كما ذكرنا الإمكانيات ضعيفة.

 

ويكمل انه حتى ما يتوافر للوزارة من منح للاتحاد الأوروبى وغيرها فإن هذه المنح يجب أن نعرف أنها يتم توجيهها فى ترميم الأثر من أى تلف وأيضا لاستكمال الدراسات عليه.

 

ويتمنى حلمى بأن تشهد الفترة القادمة جهدا مضاعفا من المحليات والأحياء والمحافظة فى رفع القمامة والتعديات فى محيط الأثر بصورة دورية وألا تكتفى المحليات بحملاتها التقليدية والتى سرعان ما تزول ويعود الوضع كما هو عليه وان تستمر قبضتها الحديدية لضبط الوضع فى محيط الأثر وأيضا أن تقوم المحليات بحملات توعية لأهالى المنطقة بضرورة الحفاظ على الأثر.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي