أيام «تيريزا ماي» العصيبة في حكم بريطانيا

تيريزا ماي
تيريزا ماي

لا تزال الضربات السياسية تنهال على رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، والتي باتت أشبه بزلزالٍ عاصفٍ زادت شدته تمرير مسودة اتفاقٍ فنيٍ حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، وسط انتقاداتٍ عنيفةٍ لتلك المسودة، قبيل نحو أربعة أشهر على توديع بريطانيا للتكتل الأوروبي، المقرر في التاسع والعشرين من مارس المقبل.

 

ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فإن حكومة ماي باتت على المحك، وباتت على بعد أحد عشر صوتًا من سحب الثقة منها، وذلك إذا استمرت ماي في خطتها، ومضت قدمًا في اتفاقها مع بروكسل فإن حكومتها قد تذهب أدراج الرياح.

 

صحيفة ذا صن البريطانية، كشفت اليوم السبت 17 نوفمبر، عن أن عدد النواب المنتمين لحزب المحافظين الذين أرسلوا رسائل لسحب الثقة من رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، بلغ عددهم حاليًا 37 عضوًا، وباتت العملية تنقص 11 عضوًا فقط للوصول إلى النصاب القانوني، البالغ 48 للتصويت على حجب الثقة عن رئيسة الوزراء البريطانية.

 

ووصلت تيريزا ماي إلى سدة الحكم في بريطانيا في منتصف يوليو عام 2016، خلفًا لسلفها ديفيد كاميرون، الذي استقال في أعقاب تصويت البريطانيين بهامشٍ بسيطٍ لصالح الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، بينما كان رئيس الوزراء السابق يؤيد البقاء ضمن بوتقة التكتل الأوروبي.

 

أيام عصيبة

 

والآن تحبس تيريزا ماي أنفاسها وهي تعيش أيامًا صعبةً لم تعرف مثلها على مدار نحو عامين ونصف من تموقعها في موقع زعامة الحكومة البريطانية، وتفوق تلك التي عاشتها في يونيو من العام الماضي حينما خسرت رهان إجراء انتخاباتٍ مبكرةٍ في بريطانيا، كانت تهدف من ورائها تعزيز أغلبية حزبها في مجلس العموم البريطاني (البرلمان هناك) قبيل الدخول في مفاوضاتٍ مباشرةٍ مع المفاوضين الأوروبيين حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكلفها الأمر خسارة الأغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها حزب المحافظين.

 

اضطرت وقتها ماي للدخول في تحالفٍ برلمانيٍ مع الحزب الديمقراطي الوحدوي في أيرلندا الشمالية لتتمكن من تشكيل الحكومة، ووقتها ذكر ديفيد ديفيز، الذي كان يشغل منصب وزير الدولة لشئون بريكست حينها، أنه لأول مرة يرى تيريزا ماي تبكي.

 

بكاء تيريزا ماي وقتها، والذي زعم ديفيد ديفيز حدوثه، ربما يكون نحيبًا هذه الأيام، ورئيسة الوزراء البريطانية تشاهد بأعينها تساقط أوراق شجرة حكومتها تباعًا، وربما تكون مسألة سقوط الحكومة طرحًا في الحياة السياسية البريطانية الآن، وغير مستبعد حدوثه.

 

استقالات متلاحقة

 

وإلى الآن، استقال ثمانية عشر وزيرًا من حكومة ماي، منذ مقامرتها الخاسرة بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في يونيو 2017، وآخر قوافل المغادرين كانت تضم أربعة وزراء، أبرزهم وزير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دومينيك راب، ولحق به وزير الدولة لشئون أيرلندا الشمالية شاليش فيرا، ووزيرة العمل إستر ماكفي ووزيرة شئون البريكست سويلا بريفرمان.

 

والأربعة استقالوا من الحكومة، بعد إقرار الحكومة البريطانية مسودة اتفاقٍ مع الاتحاد الأوروبي الأربعاء الماضي، واجه موجة من الاستهجان الشديد داخل الأوساط السياسية في بريطانيا.

 

ورغم الأزمات التي تعصف بها وبحكومتها، تصر ماي على عدم إجراء استفتاءٍ آخر حول انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، رغم تنامي المطالب بذلك، والتي كان آخرها من وزير الدولة للنقل جو جونسون، الذي استقال قبل أسبوعٍ، ليلحق بشقيقه الأكبر بوريس جونسون، الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية حتى يوليو الماضي.

 

تيريزا ماي الملقبة بالمرأة الحديدية، ستحاول جاهدةً أن تحتفظ بعزيمتها الفولاذية في مواجهة الريح العاتية، وقد تتمكن في النهاية من أن تطويع المشهد السياسي هناك، والعبور بحكومتها من طريق الأشواك بسلامٍ وآمانٍ.