حكايات| سيسيه النوبي.. قهر الاكتئاب بـ«دراجة» ويحبه سائقو «التريلات»

سيسيه النوبي ودراجته
سيسيه النوبي ودراجته

بدأ رحلته من النقطة التي وصل فيها لذروة حزنه على رفيق عمره، إذ رأى الفتى النوبي محمد عوض أن الحل الوحيد لكي يتغلب على ألم فراقه لصديقه هو الترحال بين محافظات مصر. 


ليس من السهل أن تسمع خبر وفاة صديقك الوحيد وتتسلل الأحزان إلى داخلك، وتقرر فجأة أن يصبح هذا الموقف نقطة انطلاق لك، ومغامرة جديدة في عالمك الصغير الممتلئ بالأحلام.


في البداية كان يريد محمد «ابن النوبة» أن يتحرر من أحزانه، إلا أن الحماس دفعه لاتجاه آخر، فقرر الترويج للسياحة عبر زيارة الأماكن الأثرية، ويخوض مغامرات ويخيم في الصحراء ليوثق لحظاته عبر الصفحة الخاصة به على «فيسبوك» رافعا شعار مصر أنها بلد الأمن والأمان.


بطولة عبر الحزن 


ابن النوبة شاب عشريني، صاحب بشرة سمراء، طموح وجرئ لا يهاب المخاطر، يتحلى بالجلد والصبر، وهبه الله القدرة على تحمل المشاق، تخرج في كلية السياحة والفنادق واشتهر بـ«سيسيه النوبي» لاحترافه كرة القدم.
 




من الدلتا إلى الوادي


من قرية «جورتا» يستقل «سيسيه» دراجته ليبدأ مغامرته الشيقة بين لفحات الهواء علي الطريق الصحراوي، بدأ رحلته من القاهرة مرورًا بالعين السخنة، سفاجا، مرسى علم وصولًا إلى قنا ثم الاستقرار في محطته الأخيرة أسوان، أصر ابن النوبة أن يغير مسار رحلته  هذا العام فبدأ رحلته من مدينة أكتوبر ثم الواحات البحرية والفرافرة والداخلة والخارجة، ثم الأقصر وصولُا إلى معبد أبو سمبل ليرى أشعة الشمس الذهبية تنعكس على وجهه، وأصبحت دراجته شاهد عيان على ثقافات وعادات 16 محافظة تقريبا .

 

مطبخ متنقل

 

عجلة سيسيه صغيرة فضية اللون، تحمل قرابة الـ 20 كيلوجرام، تسير بين السيارات ليلًا ونهارًا، بها مطبخ صغير به أدوات أساسية مثل الشوكة والسكينة و«بوتوجاز» صغير متنقل يساعده على إنجاز مهامه، وإطار «استبن».




يحمل «سيسيه» عدته ويبحث عن هدفه وينطلق بين ظلام الليل ونسيم الفجر، ورمال الصحراء.

 

اقرأ للمحرر: من المقلب للعالمية.. مصري يحول «الزبالة» إلى موسيقى


8 أيام في الصحراء 


يروي محمد لـ «بوابة أخبار اليوم» ذكريات رحلته الأولى بالدراجة وكانت إلى الإسكندرية واستغرقت حوالي 14 ساعة تقريبًا، وأصعب رحلة قام بها استغرقت 8 أيام في الصحراء وسط الظلام والحيوانات البرية.


فيها حاجة حلوة 


ويقول إنه تعرف ابن النوبة على العديد من الثقافات والعادات من خلال زيارته للقرى والمراكز والمحافظات المختلفة، ورغم اختلاف العادات والتقاليد بين المحافظات إلا إن السمة المشتركة بينهم هي التعاون ومساعدة الغرباء بدون مقابل. 


وأشار إلى أن من أهم الصفات التي لاحظها على أهالي المحافظات أن الواحات مجتمع مغلق يمنع اختلاط الشباب والبنات، واصفا سكان محافظة قنا بالكرم والجدعنة.

 

اقرأ للمحرر:  «فتافيت السكر».. كوكيز «إرادة» على طريقة متلازمة «داون»

 


أفراح النوبة 7 أيام 


أما عن مسقط رأسه النوبة فيقول: «مجتمعنا مغلق ويفضل الزواج من الأقارب  للحفاظ على اللغة النوبية والنسل النوبي، وتبدأ أفراحهم من الساعة 2 صباحا وتنتهي العاشرة صباحًا وتستمر حوالي 7 أيام».

 

أنا وسائقو التريلات 

 

يحكي محمد أن أطرف موقف مر به هو إلقاء سائقي التريلات التحية عليه أثناء سيره في الصحراء الغربية، مما أثار دهشة محمد أن هؤلاء السائقين ليس لديهم أي خبرة تكنولوجية أو اتصال بوسائل «سوشيال ميديا» ليتابعوا قصته ولكن قال: «شعرت بحب الناس لي».

 

اقرأ حكاية أخرى: من الصحراء لعرض البحر.. رحالات يخضن مغامرات خارج الحدود
 

المواطن الفرافراوي 

 

مرّ سيسيه بالكثير من الأماكن ولكن من أبرز المعالم السياحية التي لفتت انتباهه كان متحف الفنان بدر عبد المغني الملقب بـ«المواطن الفرافراوي» ، أو ما يطلق عليه «قصر الفرافرة» أنشئ المتحف منذ 30 عاما، وهو عبارة عن بيت عائلة في واحة الفرافرة تجمع بين التراث القديم واللمسات الفنية لعبد المغني.


ويضم المتحف لوحات فنية من رمال الواحة ويضم بعض الأدوات التي كانت تستخدم في العصور القديمة أبرزها «الدكوان» لعبة الهوكي قديما، مشيدًا بمعاملة أهل الواحة الطيبة له .  

 

علاج بالصدفة 

 

وصل ابن النوبة إلى «بير سيجام» في الواحات البحرية، وحسب وصفه كانت من أصعب الأيام التي مر بها، حيث تعرض لعاصفة ترابية فضلًا عن إجرائه لعملية جراحية.

 


يقول محمد «بير سيجام نقطة فاصلة في حياتي، سبحان الله فهو بمثابة بير استشفائي»، بمجرد نزولي فيه شعرت بالتئام الجرح لأن البئر به ماء ساخنة تصل درجة حرارتها إلى 45 درجة تقريبًا، بالإضافة إلى أنه الاستشفاء مجاني وغير مكلف ويعالج الكثير من الأمراض الجلدية أبرزها الروماتيزم.
 

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي