«المباني الحكومية المهجورة».. ثروات مهدرة تنتظر «صندوق مصر السيادي»

مباني حكومية مهجورة - صورة أرشيفية
مباني حكومية مهجورة - صورة أرشيفية

- «القرية الكونية والمدينة الاستكشافية وأوبرا بورسعيد ومركز الصيانة بقنا وقرية المرجان».. الأبرز

- مبان تتبع الصحة والأوقاف والسياحة والعدل ودور سينمات واستراحة السادات.. «مهجورة»  

- «الشافعي»: على الوزارات وضع خطط لاستغلال أصولها وعوائدها تدخل لموازنة الدولة

- خبراء: الروتين وبطء اتخاذ القرار سبب التأخير.. و«بيع المباني» ليس الحل الأمثل

- برلماني: اللائحة التنفيذية لصندوق مصر السيادي خلال 3 شهور

 

مبانٍ حكومية مهجورة تركها متخذو القرار في طي النسيان منذ سنوات، فبعد أن كلفت الدولة ملايين الجنيهات باتت خاوية على عروشها، لا نفع منها ولا طائل في ظل أزمة اقتصادية تعيشها البلاد، وعجز يرتفع بالموازنة العامة للدولة عاما تلو الآخر، وفي ظل سعي الدولة لتعظيم مواردها، يأتي الحل الأمثل والإنقاذ الوحيد لثروات مصر المهدرة من تلك المباني عبر «صندوق مصر السيادي».

 

وترصد «بوابة أخبار اليوم» في سياق هذه السطور أبرز المباني الحكومية المهجورة، ورؤية خبراء الاقتصاد حول استغلال تلك المباني وكيف تدر دخلا لميزانية الدولة، ولماذا تأخرت مصر طوال هذه السنوات في استغلالها، وكذا تقدير لقيمتها المالية، وآخر ما وصل إليه «صندوق مصر السيادي» لاستغلال الأصول غير المستغلة ومن ضمنها المباني الحكومية المهجورة.

 

 

مباني حكومية مهجورة

 

تعالت الأصوات مؤخرا حول عدد من المباني الحكومية غير المستغلة، ولعل أبرزها القرية الكونية «كوزموس»، الواقعة على مساحة 190 فداناً في مدينة 6 أكتوبر، والتي يطلق عليها اسم «Little Egypt»، وتكلف بناؤها 355 مليون جنيه، ولم تأت بثمارها، وتضم عدة قرى ثقافية وعلمية وترفيهية وتاريخية، ونماذج من أشهر معالم المحافظات من آثار وتاريخ، وتقع بجوار مشروع ابني بيتك.

 

وأيضا المدينة العلمية الاستكشافية «ديسكفري سيتي»، وهى أحد المواقع التابعة لوزارة التربية والتعليم، وتوجد داخل المدينة التعليمية في 6 أكتوبر، وتستخدم كمنطقة رحلات مدرسية لطلاب المدارس.

 

كما تم تحديد عدد من المباني الحكومية من المقرر أن يجري استغلالها وهي: مبنى المجمع الثقافي ببورسعيد «دار أوبرا بورسعيد»، ومركز الصيانة النموذجي بمحافظة قنا على مساحة 5 أفدنة، ويتضمن ورشا لإصلاح السيارات والمعدات، وقاعة النيل للمؤتمرات على كورنيش النيل بمحافظة قنا، وقرية المرجان ببورفؤاد على مساحة 59 ألف م2، وتتضمن 294 شاليها بمساحات مختلفة و14 فيلا و2 حمام سباحة و24 محلا تجاريا.

 

وتضم قائمة المباني المقرر استغلالها أيضا: محلات الممشى السياحي الجديد بالأقصر بالمنطقة المحصورة بين كل من مسجد السيد يوسف والمتحف المصري، ويضم 86 محلا تجاريا، و42 محلا بمنطقة محلات معبد الكرنك، تم بناؤها كتعويض للمحلات السياحية التي تم إزالتها أثناء عملية تطوير ساحة معبد الكرنك، ولم يتم تأجيرها منذ ذلك الحين، ومركز المنيا للمؤتمرات والاحتفالات.

 

وفي القطاع الصحي تم رصد عدة مباني حكومية أهمها: مستشفى قرية منشأة الحجازية، أحد مستشفيات التكامل الموجود بمركز الحسينية في محافظة الشرقية، والمكون من 3 طوابق، تم إنشاؤه على مساحة نصف فدان، وبأحدث طراز؛ لخدمة أهالي القرية والقرى المجاورة، ومنذ تاريخ إنشائه عام 1990، لم يتم تشغيله، ليصطدم الأهالي بمبنى مقام دون جدوى.

 

وأصبح مستشفى قرية «البرامون» بمحافظة الدقهلية منذ أكثر من 10 أعوام خاوياً من كل محتوياته، كما أغلقت مديرية صحة قنا مستشفى «الحلفاية» منذ عامين، ونقلت أجهزته إلى الوقف الأميري، بعدما أنفقت الوزارة 4 ملايين جنيه على إنشائه، وأصبح المبنى خاليًا.

 

أما مستشفى الصحة النفسية الذي يطل على نيل مدينة سوهاج مباشرة، فمنذ إنشائه عام 2009، لم يتم استغلاله حتى اليوم، ومبنى الاستقبال والطوارئ بمستشفى حميات إمبابة.

 

ولعل المباني الحكومية التي جرى حرقها إبان ثورة 25 يناير وما تبعها من أحداث، لازالت على حالتها ولم يتم استغلالها بعد، وأبرزها مجمع محاكم ونيابات مصر القديمة بحي الخليفة.

 

وإضافة إلى ذلك دور السينمات المهجورة، ومجمع محاكم الجلاء، ووحدات سكنية جديدة لم يسكنها أحد، ومباني تابعة للأوقاف، وآخري تابعة لشركات قطاع الأعمال العام، ومباني تابعة لوزارة الري، واستراحة الرئيس الراحل السادات بالسويس، ومباني وزارة الداخلية بمنطقة وسط البلد بعد نقل مقر الوزارة لمنطقة التجمع.

 

 

روشتة العلاج

 

في البداية يقول الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، لـ«بوابة أخبار اليوم» إنه يجب على الدولة وضع آلية لاستغلال تلك الأصول غير المستغلة في ظل رؤية واضحة من قبل الوزارات والهيئات الحكومية، مطالبا الوزارات التي لديها أصول غير مستغلة أن تضع رؤية لاستغلالها كي تحقق فوائض وعوائد مالية تستغني بها عن حصتها في الموازنة العامة للدولة، وبالتالي تدخل هذه المباني غير المستغلة كرقم إضافي في الموازنة العامة للدولة وليس رقم سلبي أو «انتقاص» بالموازنة.

 

وتابع الدكتور «الشافعي» أن استغلال هذه المباني جزء من خطة التطوير والإصلاح بما يعود على الاقتصاد المصري بالإيجابية، داعيا الوزراء إلى التفكير والتريث مع المساعدين والمديرين لديهم لوضع آلية ومحددات واضحة لاستغلال الأصول غير المستغلة.

 

وأضاف الخبير الاقتصادي، أن صندوق مصر السيادي من المقرر أن يستغل تلك الأصول، وذلك لحين وضع اللائحة التنفيذية للقانون، مطالبا بمنح الثقة والموافقات ووضع التصور لاستغلالها والعرض على رئيس مجلس الوزراء والبرلمان.

 

ولفت إلى أنه عند نقل الوزارات والهيئات الحكومية للعاصمة الإدارية الجديدة ستترك أصول غير مستغلة كثيرة؛ وبالتالي يجب عليها من الآن وضع خطة لاستغلال ما لديها من أصول لما تسفر عنه عملية النقل، مضيفا أن بيع تلك الأصول كما حدث في القطاع العام ليس الحل الأمثل وإنما يجب التصرف مع كل حالة بما يناسبها فمثلا لو مباني أثرية من الممكن تحويلها لمتاحف، أو مباني يتم تأجيرها لشركات استثمارية أو للعرض كمنافذ ومولات أوفنادق، أو ممارسة نشاط تجاري.

 

ولفت إلى أن تأخر استغلال تلك المباني يعود لأن الوزراء لم يدركوا ما عليهم من دور، ونحتاج لمركز تدريب للوزراء والمحافظين حول طبيعة دورهم وسلطاتهم وصلاحياتهم، وهل هم قادرين على تنفيذ رؤية وتوجهات القيادة السياسية التي منحته الثقة أم لا؟ مشددا أن الروتين والبيروقراطية كانت أهم معوقات استغلال تلك الأصول.

 

وأوضح الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، أنه عقب نقل المباني الحكومية للعاصمة الإدارية الجديدة سيجري استغلال المباني الحكومية بالقاهرة القديمة التي تركتها الحكومة، لافتا إلى أن المباني الحكومة المهجورة لبعض الوزارات منذ فترة حتما ستستغلها الحكومة في الفترة القادمة، وذلك في ظل سعى الدولة لتعظيم مواردها.

 

وذكر في تصريحاته أن الحكومة ستقوم ببيع المباني غير المستغلة في الفترة القادمة خاصة أنها تسعى لنقل المركزية بالقاهرة القديمة إلى اللامركزية بالعاصمة الجديدة، مضيفا أن تلك المباني الحكومية ذات مواقع متميزة وستجلب دخل كبير للدولة.

 

وألمح إلى أن الحكومة تأخرت في استغلال تلك الأصول الحكومية لأن الحكومات بطبيعتها بطيئة في التصرف، وينشط ذهنها عندما ترى النماذج التي حولها، أي ما يسمى بالبيروقراطية والتأخر والبطء في اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب.

 

 

«صندوق مصر السيادي»

 

وقال النائب بدير عبد العزيز، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم» إن اللائحة التنفيذية لقانون صندوق مصر السيادي يجري العمل على إعدادها حاليا، وتشكلت لجنة لإصدارها من خبراء اقتصاد وقانون، حتى تخرج لائحة منضبطة لتنفيذ القانون.

 

وتابع أنه خلال 3 شهور سيتم الانتهاء منها، مضيفا أن الصندوق سيدير الأراضي والمباني الحكومية غير المستغلة بعد احتياجات المحافظات والوزارات منها وإنشاء قطاعات خدمية للتنمية منها، وتشمل المباني القديمة كالتابعة لوزارة الري وقطاع الأعمال.

 

 

 

200 مليار رأسمال الصندوق

 

كانت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والإصلاح الإداري، قد أعلنت أن رأسمال الصندوق المرخص به 200 مليار جنيه، والمصدر 5 مليارات جنيه، بجانب موارده من رأسمال الصندوق، والأصول التي ستنقل له، وعائد استثمار الأصول.