ذكرى رحيل عرفات الـ14| «حامل بندقية الثأر الفلسطيني»

ياسر عرفات
ياسر عرفات

«بكوفيته وزيه العسكري ومسدسه الذي لم يتركه أبدًا».. رَسخ نهج ثوري قوي، ورمزاً للنضال الوطني الفلسطيني.. «ياسر عرفات» الاسم الذي لن ينساه العرب بعدما أصبح رمزًا للنضال من أجل حرية الوطن المُحتل.

«فلسطين التي أحببت وناضلت من أجلها يا أبا عمار ستبقى صامدة نابضة بالوفاء والإخلاص للقادة الكبار، الذين ضحوا بأنفسهم» رسالة حرص الفلسطينيون عليها عندما يتذكرون ياسر عرفات الذي تحل ذكرى وفاته اليوم الأحد 11 نوفمبر، والذي يصفوه بالقائد والأب والمدافع الأول عن قضية وطنهم الأسير.

حياة «أبو عمار»

في أغسطس 1929، ولد الزعيم الفلسطيني محمد ياسر عبد الرؤوف عرفات، الشهير بـ «ياسر عرفات» في مدينة القدس، وعُرف أيضا بـ «أبو عمار»، ودرس بمصر، حيث تخرج من كلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول بالقاهرة، وكان واحداً من بين أبناء التجار الأثرياء، وكان مرتبط بأبيه، وأمه من عائلة الحسيني البارزة التي لعبت دوراً كبيراً في التاريخ الفلسطيني.

شارك في طفولته في بعث الحركة الوطنية الفلسطينية من خلال نشاطه في صفوف اتحاد طلبة فلسطين، وشارك بصفته ضابط احتياط في الجيش المصري في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر في 1956.

بداية نضاله السياسي

عارض «أبو عمار» منذ البداية الوجود الإسرائيلي، وكرس معظم حياته لقيادة النضال الوطني الفلسطيني مطالباً بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

كان «عرفات» القائد العام لحركة فتح أكبر الحركات داخل المنظمة التي أسسها مع رفاقه في عام 1959، وترأس منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1969.


وواجه عرفات صعوبة كبيرة في استمرار العمل المسلح من داخل الأراضي المحتلة، بعد هزيمة الجيوش العربية واحتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة، في عام 1967، وبدأ بتأسيس قواعد للثورة الفلسطينية على خطوط التماس المواجهة للضفة الغربية، بموافقة الأردن، وأقام معسكرات تدريب ومقر قيادة في قرية الكرامة في منطقة غور الأردن.

وفي عام 1974، ألقى كلمته التاريخية باسم الشعب الفلسطيني، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وحينها قال جملته الشهيرة «جئتكم حاملا بندقية الثائر بيد وغصن زيتون باليد الأخرى.. فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي».

وفي أكتوبر 1993، تولي «ياسر عرفات» رئاسة فلسطين، في انتخابات كانت مراقبة من قبل الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، وفاز بنسبة 88% من الأصوات.

ووقع ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين، في عام 1993، اتفاق إعلان المبادئ «أوسلو» بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية في البيت الأبيض، التي بموجبها تم تقسيم الضفة الغربية إلى 3 مناطق، وفي 13سبتمبر، عاد عرفات بموجب «أوسلو» على رأس كادر منظمة التحرير إلى فلسطين.

وفي عام 1994 مُنح ياسر عرفات جائرة نوبل للسلام مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها رابين.

وفي آخر فترات حياته.. شرع عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية سلسلة من المفاوضات مع إسرائيل لإنهاء عقود من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومن تلك المفاوضات مؤتمر مدريد 1991، واتفاقية أوسلو، وقمة كامب ديفيد عام 2000.

واندلعت «انتفاضة الأقصى» في 28 سبتمبر 2000، وجاءت بعد فشل  مفاوضات كامب ديفيد في 2000، نتيجة التعنت الإسرائيلي وحرص عرفات على عدم التفريط بالحقوق الفلسطينية، وحاصرته قوات الاحتلال الإسرائيلية بمقره بالزريعة، لاتهامه بقيادة الانتفاضة والذي ظل داخله قبل أشهر من وفاته في باريس.

رحيل قائد الفلسطينيين

في ظروف لا تزال غامضة، وحقيقة مخبئة.. رحل «ياسر عرفات» بنهاية عام 2004، بعد مرض دام لسنتين كان محاصرًا فيهم داخل مقره في رام الله، ودخل بعدها في غيبوبة بباريس ثم توفي بعدها بأيام.

وأثار سبب وفاته شكوكاً كبيرة بعد الاتهامات التي وجهتها زوجته سها عرفات لإسرائيل بتسميمه، فأشار طبيبه د. «أشرف الكردي» إلى «أن تكون الأعراض التي ظهرت على عرفات أثناء مرضه ناتجة عن نوع من السم طويل الأجل».

و صدر تقرير لخبراء سويسريين في عام 2013، أفاد بإمكانية تسمم عرفات بمادة البولونيوم المٌشعة، مضيفا  أن مستويات هذه المادة في جسد الرئيس الفلسطيني تجاوزت المستويات الطبيعية».

وقال مستشاره «بسام أبو شريف»، إن عرفات قتل بسم صناعة إسرائيلية، مضيفاً أنه «وصلني اسم السم الحقيقي من صديق في أمريكا، وهو «ثاليوم»، وهو سم لا طعم ولا لون ولا رائحة له، يمكن دسه بالماء والأكل وأي شيء، دون شعور الشخص به يدخل لخلايا المذاق في نهاية اللسان، ويبدأ بتحطيم الجسم وكراته الحمراء، ويصل للدماغ للقضاء على الإنسان».

وتدهورت حالته الصحية بشكل سريع، في نهاية أكتوبر 2004، مما تم نقله إلى الأردن، ومن ثم انتقل إلى مستشفى بيرسي في فرنسا، في 29 أكتوبر.

 وفي 11 نوفمبر 2004 ، توفي الزعيم الفلسطيني «ياسر عرفات» بباريس عن عمر جاوز الـ«75» عام.