وتعرف علي أول عملية مسح أثري وجيوفيزيقي شاملة ..

حكايات عن «أسرار مصر الغارقة» عن طريق الصدفة

جزء من عرض معرض في معهد مينابوليس
جزء من عرض معرض في معهد مينابوليس

مصر أرض الحضارة مازالت تبوح بالأسرار التي تختزنها بداخلها اليوم نقدم لكم فصلاً جديداً من التاريخ الذي سطره اجدادنا وهو بعض «مدن مصر الغارقه » تحت مياه البحر المتوسط لتثبت مصر من جديد أنها الحارس الأمين علي التاريخ والحضارة الانسانيه .

ورغم الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها مصر الا اننا ماضون في طريقنا نعمل بجد واجتهاد لعبور تلك الأزمات ،فمصر الآن آمنه والاوضاع مستقره ولنا الحق اليوم أن نقول بكل ثقه مرحباً بالجميع في أرض الحضارة وننقل لكم بعض كنوزنا لترونها وليعلم الجميع أن مصر هي أرض الأمن والأمان ،فاهلا بكم في رحله قصيره عبر تاريخنا المديد.

الصدفة تلعب دورا في العثور على الآثار الغارقة تحت سطح الماء بواسطة الصيادين أو الغطاسين، فلم يكن غريباً أن نرى اهتمام القدامى من مصريين وبابليين بالبحث عن كل ما هو قديم وله صلة بتاريخهم، كما أكد الدكتور إيهاب فهمى مدير إدارة البحر الأحمر لإدارة الآثار الغارقة في تصريحات خاصة ل «بوابة أخبار اليوم ».

امتلاء شواطئ الإسكندرية، وخاصة منطقة خليج أبي قير ومنطقة الميناء الشرقية ، وتعد منارة الإسكندرية القديمة، ومن أشهر تلك المباني التي أطاحت بها الزلازل، وهي إحدى عجائب الدنيا السبع،وكذلك «قصر كليوباترا» ، الذي يقع قبالة شواطئ الإسكندرية، ويعتقد أنه كان مبنيًا على جزيرة تعرضت للغرق ، إذ تم تحطم الكثير من المباني والقصور والقلاع في مياه البحر نتيجة لتعرضها للعديد من الزلازل الشديدة. تعرف علي خطوات عملية انتشال الآثار الغارقة : أضاف «فهمى» ، أن عملية انتشال الآثار الغارقة تعتبر عملية معقدة إلى حد ما لا يمكن فيها إتباع نفس الطرق المستخدمة في البحث عن الآثار المختفية تحت سطح الأرض فهي تتطلب أدوات خاصة واستعداد بدني خاص لدى المنقب الأثري مؤكداً، انه قد يمكن تحديد موقعها بفضل كتابات الجغرافيين والكتاب القدامى أو عن طريق دراسة الخرائط الملاحية التي تحدد المواقع الخطرة على الملاحة البحرية والتي عادة ما تكون سفنا أو مبان غارقة .

تعرف علي تحديد المواقع الأثرية تحت الماء عن طريق الأجهزة الحديثة:

أشار «فهمى»، الي أن بعض الأجهزة الحديثة تستعمل في تحديد المواقع الأثرية تحت الماء مثل فاحص الأعماق بواسطة الصدى وجهاز قياس المدى وكاشف المعادن وجهاز قياس المدى المطور وجهاز رصد وتحديد المواقع المتصل بالأقمار الصناعية أو بالأطباق الغائصة التي اخترعها إيف كوستو والتي تحمل شخصين وتسمح بالحركة حتى عمق 300 متر ومزودة بأضواء كاشفة ونوافذ للرؤية وأذرع يتم التحكم فيها من داخل المركبة .

وأضاف «فهمى»، أن تحديد الموقع الأثري عندما يتم إنزال الغطاسين مزودين ببدل الغطس المطاطية ومصدر قوي للإضاءة وأجهزة خاصة للتصوير الفوتوغرافي والتليفزيوني ومضخات ماصة أو كابسة للتعامل مع الموقع الأثري ،ثم تبدأ بعد ذلك عملية انتشال اللقى الأثرية عن طريق رفعها إلى سطح السفينة أو الموقع الثابت بمضخات أو حبال أو بالونات هوائية .

ويبدو أن السبب في ذلك يعود إلى أحتلال زنوبيا للمدينة ثم استعادة أوريليانوس لها مع ما صاحب ذلك من تدمير للعديد من أجزاء الإسكندرية ، وبعد ذلك بقرن تقريبا يصف ابيفانيوس المنطقة بأنها صحراء .

وطبقا للمقريزي، هذه المرة ،فقد تعرضت المنطقة لزلزالين مدمرين ، الأول في 956م والثاني في 1303م . وأضاف إلى ذلك عامل بشري تمثل في إلقاء والي الإسكندرية المسمى قراجا لعدد كبير من الأعمدة المحيطة بعامود السواري في الميناء الشرقية وذلك في 1167م مما جعلها غير صالحة للملاحة ، ثم وفي العصر الحديث بدءا من منتصف القرن التاسع عشر بدأت حركة العمران على الخط الساحلي للإسكندرية في الازدياد مع بناء كورنيش جديد يمتد من رأس التين إلى السلسلة أكتمل في 1906 ، ويلاحظ أن علماء الحملة الفرنسية قد سجلوا العديد من المباني والبقايا الأثرية على ساحل الإسكندرية ، إلا أن هذه البقايا تم تدميرها بقصد أو بدون لاستكمال المنشئات الحديثة فيما بعد .

تعرض "بوابة أخبار اليوم " أهم مواقع "الأثار الغارقة" في مدينة الإسكندرية القديمة ومنها الميناء الشرقي:

من جانبه يروي لنا د. إيهاب فهمى مدير إدارة البحر الأحمر لإدارة الآثار الغارقة، عن قصة "الميناء الشرقي" ، هو تلك المنطقة من ساحل الإسكندرية التى نتجت عن إقامة "الاسكندر الأكبر" لجسر يربط جزيرة "فاروس" بخط الساحل القديم، ويحده من الشرق "رأس لوخياس" «السلسلة» حالياً .

ويعتبر من أهم مواقع الأثار الغارقة وذلك لأنه يحوى جزءاً هامآ من مدينة الإسكندرية القديمة والتى غرقت نتيجة لسلسة من الزلازل ضربت سواحل مصر الشمالية على مر العصور.

تعرف علي أول خريطة للميناء الشرقي بموقع "التيمونيوم" و"جزيرة أنتيرودس":

فى عام 1866 قدم محمود باشا الفلكي أول خريطة للميناء الشرقي وضح بها موقع "التيمونيوم" و"جزيرة أنتيرودس" وذلك اعتمادا على نصوص الكتاب القدماء التى وصفت الموقع واعتمادا أيضاً على مشاهداته بالعين المجردة لبعض الشواهد الأثرية تحت الماء.

وأشار فهمي ، أن فى عقد الستينات من القرن الماضى قدم الغواص المصري كامل أبو السعادات خريطة أخرى لبعض الشواهد الأثرية فى منطقة الميناء الشرقي بناء على ماشاهده بنفسه خلال الغوصات التى كان يقوم بها على سواحل الإسكندرية وهى خريطة كانت مرجعا أساسيا لأعمال الإستكشافات اللاحقة بالموقع.

إلا أن أول الأنشطة العلمية المنظمة لإستكشاف الآثار الغارقة بالموقع تمثلت فى مشروع المسح الأثري والحفائر التحتمائية الذى قام به المعهد الأوربي للآثار الغارقة على مدى أربعة عشر عاما منذ عام 1996 وحتى الآن.

يعرض لنا د. « فهمى» ، عن أهم إجمال النتائج أول خريطة طبوغرافية وأثرية دقيقة لمنطقة الميناء الشرقي: تم عمل أول خريطة طبوغرافية وأثرية دقيقة لمنطقة الميناء الشرقي Portus Magnus توضح خط الساحل القديم مقارنة بخط الساحل الحالي بما يحويه من موانئ تجارية وملكية، توضح هذه الخرائط أيضا شكل الأرصفة والحواجز التى تفصل كل ميناء عن الآخر والأحواض الداخلية لكل ميناء والتى تعكس استغلال التضاريس والصخور الطبيعية لتوفير موانئ آمنة من التيارات البحرية وانعكاساتها على المنشآت البحرية.

وبالإضافة لهذه الخرائط فقد كشفت أنشطة الحفائر التحتمائية فى المواقع المختلفة مثل "التيمونيوم "و"معبد البوسيدوم" وبمحاذاة خط الساحل عن مئات من القطع الأثرية منها تماثيل لأبى الهول لبطلميوس الثانى عشر ورؤس تماثيل لأباطرة وملكات بالطراز اليونانى الرومانى وتماثيل لمعبودات مثل طائر الأيبس رمز تحوت وكذلك الإله تحوت هرمس، كما عثر على عملات وقطع من الحلي الذهبية وكذلك القطع الفخارية كالأمفورات والأوانى والمسارج من العصر البطلمي والروماني.

أما العناصر المعمارية كالأعمدة وتيجانها والأرضيات فهى من أكثر العناصر الأثرية الغارقة فى الميناء الشرقي. وقد كشف أيضا عن كتل حجرية تحمل نصوص هيروغليفية منها قاعدة تمثال للملك مرنبتاح من الأسرة 19، وجزء من مسلة للملك سيتى الأول من نفس الأسرة وكتل اخرى عليها بقايا نقوش من الأسرة السادسة والعشرين.

أما النقوش اليونانية فهى تتمثل فى فى النصوص المسجلة على بعض الأعمدة الإسطوانية من عهد الإمبراطور كراكالا من القرن الثالث الميلادي.

ومازال الميناء الشرقي بحاجة للكثير من العمل لاستكشاف الآثار الغارقة به.

وأشار فهمي ، الي أن الميناء الشرقي عن خليج أبى قير الذي يحوى العديد من مواقع الآثار الغارقة ،و يشغل الركن الشمالي الغربي من سواحل الدلتا والمحصورة بين مصب فرع رشيد شرقاً و لسان أبى قير غرباً ويأخذ خط الساحل شكل شبه دائري ومن أهمها أطلال المدن القديمة مثل الضاحية الشرقية من مدينة كانوب وأيضا مدينة هيراكليون بالإضافة لحطام أسطول نابليون.

وقد كان Daressy أول من أشار لمواقع هذه المدن فى خريطته التى نشرها عام ،1929 اعتمادا على النصوص القديمة.

وفى عام 1934 كان الأمير عمر طوسون أول من قام بأعمال المسح الأثري تحت مياه الخليج على مدى عشر سنوات اكتشف خلالها العديد من القطع الأثرية التى أهداها للمتحف اليوناني.

وفى عقد الستينات استطاع الغواص المصري كامل أبو السعادات تحديد مواقع السفن الغارقة من أسطول نابليون وكان دليلا لبعثة فرنسية عملت التنقيب عن حطام الأسطول فى فترة الثمانينات.

إلا أن أول عملية مسح أثري وجيوفيزيقي شاملة للخليج وحفائر بحرية كانت من جانب بعثة المعهد الأوربي عام 1996 واستمرت حتى الآن.

وقد أسفرت هذه الأنشطة الأخيرة عن أكتشاف المدن الغارقه ومنها :

تعرف علي مدينة كانوب :

تقع تلك الضاحية الشرقية من مدينة كانوب فى الجزء الغربي من الخليج على مسافة 2كم تقريباً من خط الساحل وعلى عمق 4 - 5م تحت الماء، وهو من المواقع التى اكتشف بها عمر طوسون بعض القطع الأثرية.

وقد أسفرت الحفائر الى قامت بها بعثة المعهد الأوربي عن أكتشاف العناصر التالية:

عناصر معمارية تمثل أطلال لمعبد يمتد على مسافة 150بمحور من الشرق للغرب وبعرض نحو50م ويحوى بقايا أعمدة اسطوانية الشكل من الجرانيت الوردي وأرضيات من الحجر الجيري.

وإلى الغرب من هذا الموقع بقايا جدران ضخمة من الحجر الجيري من الواضح أنها تنتمى لمنشآت معمارية كبيرة.

ومن أهم القطع الأثرية التى اكتشفت بالموقع:

- أجزاء من ناووس يرجع للأسرة 30 من عهد الملك (نخت نب إف) الأول اكتشفت قمته عام 1777 ثم اكتشف عمر طوسون قاعدته وجداره الخلفي وأخيرا اكتشفت البعثة معظم الجدارين الأيمن والأيسر، وهذا فضلا عن كتلة عليها بقايا نقوش من العصر الصاوي.

- تمثالين لأبى الهول من الجرانيت الأسود ومجموعة رؤس لأبى الهول من الجرانيت الوردي وترجع للعصر البطلمي، كما كشف عن تمثال كوارتزيت لأبى الهول فاقد للرأس والأطراف من عهد رمسيس الثانى.

- مجموعة رؤس ملكية إحداها من الأسرة 25 وأخرى ترتدى التاج الأزرق من الأسرة 30. كما كشف عن رأس للملكة برنيس الثانية من الديوريت وتمثال لملكة من العصر البطلمي من القرن الثالث ق.م.

- كشف أيضاً عن رأسين للإله سيرابيس إحداها بتاج الغار والعيون فاقدة للترصيع ترجع للقرن الثانى ق.م، هذا بالإضافة لمجموعة كبيرة من العملات من العصر البيزنطى والإسلامي.

كما كشفت طبقات الرمال التى تم إزالتها عن صدوع فى التربة تعكس أثر الحركات فى القشرة الأرضية الناتجة عن الزلازل والتى كانت أهم الأسباب فى غرق المنطقة.

تعرف علي مدن التي تم اكتشافها مدينة "هيراكليون" :

تقع هذه المدينة إلى الشرق من ضاحية كانوب بنحو 4كم وتبعد عن خط الساحل بنحو 6كم، وهى على عمق 5-7م تحت مياه الخليج.

وهى المدينة التى كانت تشرف على مصب الفرع الغربي من فروع النيل القديمة فى العصر المتأخر واليونانى والرومانى.

وهو من المواقع التى اكتشفت خلال المسح الذى قامت به بعثة المعهد الأوربي إذ تشير كمية الاثار المكتشفة والتى تتميز بغزارتها وتنوعها أن الموقع بكر ولم تمسه يد منذ غرقه.

ولعل أهم النتائج التى أسفرت عنها أنشطة المسح والحفائر بالموقع مايلي: -

تحديد المسار الدقيق للجزء الأخير من الفرع الكانوبي أو الهيراكليوتى والشكل الطبوغرافى القديم لمصب الفرع والبحيرة المحيطة به، وكذلك تخطيط مدينة هيراكليون أو حنت بالمصرية بما كانت تحويه من معابد ومنشآت وميناء ومراسى وقنوات تخترقها من الشرق للغرب.

- لعل أهم ماكشف عنه بالموقع هو لوحة من حجر الجرنيت الأسود ترجع لعهد الملك (نخت نب إف) الأول من الأسرة 30 وهى بحالة رائعه وتعتبر نسخة من لوحة نقراطيس الشهيرة.

وترجع أهميتها إلى أنها وثيقة تذكر اسم المدينة بالمصرية وهو «حنت ساو» وموقعها على فم البحر، كما عثر على لوحة أخرى من الجرانيت الوردي وهى هائلة الحجم بارتفاع 6م وعرض 3م من عهد الملك بطلميوس الثامن «إيورجيتس الثانى».

- كشف عن أجزاء من تمثالين للملك سيتى الثانى من الأسرة 19، وعثر ايضا فى منطقة المعبد على ثلاث تماثيل كبيرة الحجم من الجرانيت الوردي لثالوث يصور إله النيل حعبى وملك وملكة بالطراز المصري ولكن من العصر البطلمي، هذا بالإضافة لتمثال آخر من الجرانيت الرمادى لملكة من العصر البطلمي ، وكلك ناووس من العصر البطلمى بمعبد الإله "آمون جرب" إله المدينة.

- وقد أسفرت الحفائر على مدار السنوات الماضية عن مئات من القطع الأثرية من البرونز مثل أدوات الحياة اليومية والصقوس الدينية مثل تماثيل نذرية لأوزير وخونسو وإيزيس وحربوقراط وتحوت وباستت، فضلا عن تمائم من القاشانى والرصاص والبرونز وقطع الحلى ذات طرز مختلفة، ومئات من العملات بعضها من الذهب ومعظمها من البرونز وترجع فى غالبيتها للعصر البطلمي.

- أما قطع الفخار فى تتميز بغزارتها وتنوعها وتقدم طرز محلية وكثيرة مستوردة ناتجة عن حركة التجارة البحرية الوافدة لميناء المدينة، ولعل أهم ماتعكسه هذه المكتشفات هو أنها مدينة" بكر" لم تكتشف من قبل وسوف تساهم فى كشف صفحات غامضة من تاريخ هذه المنطقة.