حكايات| عبدالستار صبري.. رحلة «ابن النوبة» من حلم الأهلي إلى مورينيو «المجنون»

عبدالستار صبري مع مورينيو
عبدالستار صبري مع مورينيو

«أسمر وكان فنان.. عالحلم عينه تبان».. كلمات غنتها المطربة المغربية سميرة سعيد لوصف لاعب كرة القدم من أصحاب المواهب في إفريقيا قبل استضافة مصر لنهائيات كأس الأمم الإفريقية عام 2006، وتنطبق تلك الكلمات على جوهرة مصر السمراء عبد الستار صبري الطفل النوبي الذي نشأ بالقاهرة في كنف أسرة تقدس التعليم فكانت النتيجة حرمانه من تحقيق حلمه في بداية رحلته مع كرة القدم.
 

بدأت قصة صبري المولود في القاهرة عام 1974 مع كرة القدم في المدرسة الابتدائية وعندما شاهد إعلان اختبارات النادي الأهلي شعر باقتراب تحقيق حلمه كونه «حريف» الشارع والمدرسة، فانطلق ليخوض الاختبارات بقلعة الجزيرة أملاً في تحقيق حلمه بارتداء قميص النادي الأهلي، وبالفعل كان النجاح حليفه واقترب الحلم، لكن العقبة الوحيدة كانت إصرار أسرته على استكمال الدراسة والابتعاد عن كرة القدم.

 

اقرأ للمحرر: «كشاف» الدراويش.. رحلة البحث عن البطولة تبدأ من «النجوع»


الصعود لجبل الذئاب


لأنه لا يعرف الاستسلام.. قرر صبري صعود جبل الذئاب الأخضر، وانضم لناشئي المقاولون العرب ليواصل دراسته وممارسة كرة القدم، لكن موهبته قادته للمشاركة مع الفريق الأول لذئاب الجبل في الموسم 1993/94، وانضم لمنتخبات الشباب والأولمبي مع جيل عصام الحضري الحارس الأسطوري.


خلال 4 سنوات بقميص ذئاب الجبل توج صبري بكأس الكؤوس الإفريقية عام 1996 وتفجرت موهبته كأحد «حريفة» الدوري المصري، ولم ينس حلم الانضمام للنادي الأهلي رغم تألقه مع المقاولون العرب.


وأثناء تغييره لملابسه استعدادًا لخوض التدريبات اليومية مع فريقه فوجئ بوجود المهندس عدلي القيعي، مدير تعاقدات الأهلي، داخل نادي المقاولون العرب، وعلم أنه جاء للتعاقد مع اثنين من زملائه، فبادر بالذهاب إليه قائلاً :"يا باشمهندس أنا عاوز ألعب للنادي الأهلي".

 

اقرأ للمحرر: مغامرات التوأم حسن الأوروبية من سالونيكي إلى نيوشاتل

 

صالح سليم ولعبة النمسا

 


يروي صبري لـ«بوابة أخبار اليوم»: "وقتها استجاب القيعي لطلبي، وتحدث مع المايسترو صالح سليم، رئيس النادي الأهلي الراحل، وطلب منه توفير عقد لي مع أحد الأندية السعودية كفترة انتقالية لمدة ستة أشهر أعود بعدها للأهلي بسبب صعوبة الانتقال مباشرة من المقاولون العرب".


"واجهنا صعوبة في عملية الانتقال للدوري السعودي، فاتصل المايسترو بأحد أصدقائه وهو رئيس نادي تيرول النمساوي الذي لعب له محمود أبو الدهب، وبالفعل انتقلت لهم لمدة 6 أشهر بعد توقيعي على عقود الانضمام للنادي الأهلي، وكنت أظن أنني ذاهب للتدريب فقط حتى أعود لتحقيق حلمي".


المايسترو وحق الأهلي


فوجئت بجماهير تيرول تطالب بمشاركتي في المباريات، رغم أنني أتيت باعتبارها فترة للتدريب قبل العودة لتفعيل تعاقدي مع الأهلي، وعندما شاركت وأقنعت الجماهير طالبوا بتمديد تعاقدي فطلب مني رئيس النادي النمساوي توقيع عقد مدته عامين فقلت له أنني لابد أن أعود للنادي الأهلي.


اتصلت بالراحل صالح سليم، رئيس النادي الأهلي آنذاك، وشرحت له ما حدث، فسألني هل تريد الاستمرار؟ أجبت بأنني أرغب في خوض تجربة الاحتراف الأوروبي فكان رده حاسمًا بأن أعود إلى القاهرة بصحبة رئيس نادي تيرول خلال يومين.


وعندما دخلنا النادي الأهلي وجلسنا مع الكابتن صالح سليم، طلب من رئيس نادي تيرول تسديد حق النادي الأهلي الذي أرسلني إلى ناديه بموجب العقود الموقعة، وبالفعل تم ذلك، وفوجئت بأنه حافظ على حقوقي مع النادي النمساوي أيضًا ولا أنسى له هذا الموقف العظيم في مشواري.

 

اقرأ للمحرر: مجدي طلبه.. نجم عشقته اليونان ولعب للثلاثة الكبار في مصر

 

عملية إنقاذ في سويسرا


انضممت بعد ذلك لآراو السويسري كانت تجربة محدودة لمدة 3 أشهر لإنقاذ هذا النادي من الهبوط، وبالفعل نجحنا في ذلك، وبعدها فوجئت بأسطورة هولندا آري هان يتابعني في المباريات وطلب ضمي لنادي باوك اليوناني الكبير.




 

باوك كان إحدى المحطات المهمة في مسيرتي، لقد كنت معشوق الجماهير منذ مباراتي الأولى هناك في ملعب تومبا بمدينة سالونيكي، وقدمت مباريات رائعة في فترة وجيزة، وسجلت أهدافًا في الدوري اليوناني والبطولة الأوروبية.


وأتذكر أنني صممت على اصطحاب مترجم معي على مقاعد البدلاء، كان سوري الجنسية، ويجيد اليونانية وساعدني كثيرًا وكانت تجربة غريبة بالنسبة لهم.


الانتقال لبنفيكا البرتغالي


تألقت مع باوك في مواجهة بنفيكا ذهابًا وإيابًا في الدوري الأوروبي، وسجلت في مرمى بنفيكا في لشبونة من ضربة ثابتة، وكنت الأفضل، فتم اتفاق بدون علمي بين المديرين الفنيين أري هان مدرب باوك، والألماني يوب هاينكس، مدرب بنفيكا، وتربطهما صداقة قديمة.


وسحبني هان في الشوط الإضافي رغم أننا كنا الأقرب لحسم ركلات الترجيح والصعود على حساب بنفيكا، وعندما سألته أخبرني بأن بنفيكا عرض التعاقد معي بمبلغ كبير وهذا اتفاق ودي بين المدربين، وكذلك رئيس نادي باوك.


وعندما عدنا إلى سالونيكي طالبني رئيس نادي باوك بالخروج لوسائل الإعلام وإعلان رغبتي في الرحيل إلى بنفيكا البرتغالي لأن الجماهير ثارت عليهم بمجرد علمهم بإمكانية رحيلي عن باوك، وبالفعل تمت الصفقة بمبلغ كبير للنادي اليوناني.


 

اقرأ للمحرر: بدأت مع «الهضبة».. رحلة أحمد صلاح حسني من الملاعب إلى الفن


جننت مورينيو


في البداية كان يوب هاينكس المدير الفني، وبالفعل كنت أسجل كلما شاركت، ولي هدف في مرمى بيتر شمايكل أمام سبورتنج لشبونة، ولكن مع تولي مورينيو المسؤولية كانت لديه رغبة في الاعتماد على البرتغاليين وليس المحترفين الأجانب، وقام بتغيير مركزي في الملعب، فبدلاً من اللاعب بحرية قيدني باللعب في مركز الجناح فقط.

رفضت طريقة مورينيو ووصلنا إلى طريق مسدودة، رحلت إلى ماريتيمو ثم إشتريلا دا أمادورا، وكنت على وشك الانضمام لإشبيلية الإسباني ووقعت العقود بالفعل، لكن حدثت ظروف خاصة أجبرتني على العودة إلى مصر.


والمثير أن علاقتي بمورينيو الآن رائعة، وتحدثنا منذ فترة قريبة، ورحب بخوضي لمعايشة معه خلال عمله في تشيلسي الإنجليزي، كانت أزمة بين لاعب ومدرب، لكنها لم تستمر.