حوار| مدير «القومي للبحوث» سابقا: البيروقراطية والتمويل يقتلان البحث العلمي

 د. نجوى خليل أثناء حوارها مع «الأخبار»
د. نجوى خليل أثناء حوارها مع «الأخبار»

الإعلام لا يدعم المعايير الأخلاقية والدراما «سوط» يضرب وجه المجتمع


ارتفاع مؤشر الطلاق.. خطر يهدد الأسر المصرية

 

تولت الكثير من المناصب..  كانت مدير المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية وبعدها اصبحت وزيرة التأمينات الاجتماعية بالاضافة الى كونها استاذا للرأى العام والاتصال الجماهيرى  وعضوا بالمركز القومى للمرأة.. كل هذا جعل لها بصمة ووجهة نظر خاصة فى كل القضايا التى تطفو على الساحة فى الوقت الراهن.

 

الدكتورة نجوى خليل أكدت فى حوارها مع «الأخبار» أن الاعلام لا يدعم المعايير الاخلاقية، والدراما سوط يضرب وجه المجتمع  وأن التعليم لايزال غير قادر على تلبية احتياجات ومتطلبات  سوق العمل، واشارات  إلى أن الطبقة الدنيا فى مصر تتلقى دعما ومساعدات من الحكومة بينما الطبقة المتوسطة  أوشكت على التآكل.


 نبدأ بالتعليم..  هل يسير وفق ما نطمح اليه للتقدم ؟


التعليم إحدى مؤسسات الدولة التى تشكل وعى الانسان منذ الطفولة وتغذى مشاعر النشء بالاخلاق وتزود الشباب بالمعارف الحقيقية ولكن للاسف كل هذه الاخلاقيات غير متواجدة ولذلك نحتاج الى ثورة فى التعليم وتصورات حديثة لنقل المعلومة لان التعليم ليس حشوا وتلقينا وحفظا وبعد انتهاء الدراسة والامتحانات ينسى الطالب كل شىء تعلمه.


 ما السبيل للارتقاء بالتعليم باعتباركم  كنت مديرا لمركز البحوث الاجتماعية فى ظل بحوث ميدانية للتطور التعليمى؟


التعليم يجب ان يمر بعدة مراحل اولاها تغيير اسلوب ومنهج التدريس بأن نربى النشء على كيفية التفكير الابداعى المستقل الذى يصنعه الطفل بنفسه بناء على قراءاته فى المجال الفكرى الذى تنشده الوزارة  وهذا يقع على عاتق الوزارة  باعتبارها المسئولة عن رسم السياسة التعليمية، ثانيا. تكثيف جميع انواع الانشطة فى المدرسة وتفعيلها بشكل قوى سواء كانت رياضية او زراعية او صناعية أو فنية ويجب ان نعى جيدا ان دمج الطفل فى هذه الانشطة كفيل بخروج التلميذ من الخوف من العملية التعليمية وجعله يعيش فى نوع من الرفاهية التعليمية.


 البحث العلمى ضرورة للتقدم؟


البحث العلمى ضرورة كبرى نحتاج اليها وهى حجر اساس تقدم دول لم تكن على خريطة التقدم ورغم ان مصر تمتلك مراكز بحثية كثيرة قومية ومستقلة تهتم بالابتكارات والمسوح الميدانية خلاف المراكز البحثية التابعة للجامعات وهذه المراكز على أعلى مستوى حيث ان بها الكثير من الابداعات ولا تفعل على ارض الواقع فالبعض يخرج للنور والاخر يظل فى الادراج.


 ما السبب فى ذلك؟


يكمن العائق امام تفعيل نتائج هذه الابحاث فى عدم القدرة الاقتصادية لتدعيم وتمويل البحوث قليلة وتكاد تكون غير كافية لاجراء بحوث على مستوى يكون ممثلا حقيقيا للمجتمع بشكل كامل بمايلزم الباحث بتحديد موضوعات اساسية كاولويات للبحث وايضا سوء تخطيط فى التوزيع المادى حيث هناك مشكلة بيروقراطية لدى متخذى القرار والسياسة العلمية لا تمكن من ترجمة هذه البحوث الى اشياء فاعلة فى المجتمع  حتى فى الجوائز التقديرية التى تعطى للباحثين المفترض انهم متميزون والذين تختارهم المؤسسات المتميزة يقعون فى فخ التميز والتربيطات لذلك اصبحت هذه الجوائز لا تدل على ان الحاصلين عليها هم الافضل بدليل ان هناك عدداً كبيراً من الاساتذة الكبار يرفضون الترشح لهذه الجوائز رغم احقيتهم لها حتى ينأوا بانفسهم عن هذه الشللية ويتم توجيه موارد مالية كبيرة لهذه المكافآت رغم احتياج البحث العلمى نفسه لهذه الموارد .


 اذن كيف يمكن الخروج من هذه الازمة؟


للخروج من هذه الازمة لابد من تفعيل الاخلاقيات لدى القيادت العلمية والبحثية وتحسين توزيع الموارد المالية التى تنفق عليها والذى يجب ان يكون موجها لدراسة المجتمع ففى بعض الجهات غير المتخصصة وغير أكاديمية يسعون للوصول الى المناصب العليا لاستخدام البحث العلمى الذى قد يكون مطبقا باسلوب غير علمى لذلك انصح بان يتم ترشيح قيادات واعية موضوعية صاحبة سمعة علمية متميزة للمعرفة والاخلاقيات فى كل المجالات ويتم تشكيل مجلس اعلى لهؤلاء العلماء ليكون بمثابة ضمير قومى لتقييم البحث العلمى فى ظل التجاهل المتعمد له من جانب الدولة كما انصح بعمل ابحاث ميدانية لطلب الدراسات العليا فى دول اخرى تسمح الدولة له بالسفر وهو نوع من التعرف على كل جديد فى التخصص وتعاون مثمر بين الدول.


 باعتباركم استاذ الرأى العام والاتصال الجماهيرى مارايكم فى الاعلام فى الفترة الحالية؟


التكنولوجيا صارت اكثر تقدما عن ذى قبل وطغت على الاعلام التقليدى بعد التطور الهائل فى الانترنت وصار التقدم التكنولوجى على حساب التقدم الثقافى والاخلاقى واصبحنا نعانى من تراجع القيم والاخلاقيات الحاكمة للعمل الاعلامى ومازلنا نحاول ان نتجاوز المحنة بانشاء 3 مجالس قومية  هى المجلس الاعلى لتنظيم الاعلام والمجلس الوطنى للصحافة والمجلس الوطنى للاعلام تحاول ان تتصدى للجنوح والاهمال فى معالجة القضايا الساخنة فى المجتمع المصرى فى وقت نعانى فيه الكثير من الازمات وبدلا من السعى لسد الفجوات المعرفية بين النخبة وبين المواطنين نجدهم يقفون ضد مصلحة  المواطنين وليس مع اخرين.

 

عندما تم اكتشاف الراديو كان  وسيلة مسموعة فى القرى وله تأثير واضح وظهر التليفزيون فى الستينيات وبعدها الانترنت واصبحت هناك خيارات متاحة ولكن ليست فى صالح الاعلام وبدلا من حرص كل وسيلة على دعم تميزها أصبحت الوسائل ناقلة من بعض وخاصة الصحافة التى تنقل من الانترنت ومن هنا ينشأ الخبر الكاذب والذى يدعو له الاعلام التقليدى والذى يدعم اراء ذاتية ذات غرض فلا تتحقق المصداقية الاعلامية.


 هل الاعلام له دور فى تبنى افكار ارهابية؟


التطرف ليس سلاحاً ولكنه فكر مغلوط لايسعى الى توازن الوطن الواحد لكن يسعى الى  تحقيق  افكار  وأهداف دينية لم تعد مقوماتها مطلوبة فى المجتمعات الحديثة ولابد للمجتمع المصرى من مواجهة الفوضى الدينية الجديدة وذلك للخروج منها بمبادئ ومنهجيات ممكن ان تساعد فى تجديد الخطاب الدينى والتاثير على التفكير الابداعى لافراد المجتمع بشكل فعال منها الدقة فى العمل واتقانه وعدم الغش وصلة الرحم  وكلها مفاهيم اختفت من تناولها لشيوخ الفضائيات. 


 هل الجمعيات الاهلية لها دور قوى يمكن الاستفادة منه؟


الدول الكبرى لم تتقدم سدى وكان اساس نهوضها الفكر الابداعى مثل المانيا. وهناك ثلاث دعائم يجب التنسيق بينها لتكون حجر الاساس للتقدم اولها الحكومة وبمعنى ادق الدولة العميقة بكل مقوماتها ووضع سياساتها وثانيها القطاع الخاص بثرواته الكبيرة  وثالثها الجمعيات الاهلية والدليل على ذلك بان دول آسيا تقدمت عن طريق التنسيق بين هذه الاجهزة الثلاثة  وقامت بتشجيع المهارات وتقليد السلع التى تقوم بإنتاجها المانيا وامريكا واضافة اشياء جديدة لها واعادة تصديرها لذلك يجب التنسيق بين هذه العوامل وجعل الوطن يعلو الاوطان الاخرى.


 معدل الطلاق فى ارتفاع مستمر ما السبب فى هذا؟


 الرئيس السيسى فى 2017 قال أن نسبة الطلاق 40% وفى عام 2018 اصبحت النسبة 44% وهو مؤشر خطير يهدد المؤسسة الزوجية فى مصر فعلى ايامنا لم يكن لهذا الطلاق وجود فى حياة الناس لان هناك كانت توجد مشاركة حقيقية فى المسئولية  الاسرية فالرجل كان للعمل والمرأة لتربية الابناء وكان هناك مصدر واحد اقتصادى للاسرة وهو الزوج بينما الآن بعد ان اصبحت المرأة مستقلة اقتصاديا فهذا شجعها على ان يكون لها رأى.

 

وبالتالى فإن اى نوع من الاختلاف يؤدى الى انفصال خلاف ان هناك عددا كبيراً من الفتيات ليس لهن دراية على الاطلاق  بمسئولية الزواج حتى فى الريف والذى كان يعد مدرسة حقيقية بالتوعية بالمسئولية الزوجية ويضربون المثل بقوة التحمل لان كل ام كانت تحرص على توعية بناتها وكذلك الشباب من جانب كبير العائلة  خلاف المبالغة فى جهاز العروسين كنوع من التقليد والتباهى  مما يلقى بظلاله بمزيد من الديون والتى تثقل عبء الاسرة ومن هنا تبدأ المشاكل.


 هل هناك خطر على الطبقة المتوسطة فى مصر؟


الطبقة الدنيا من محدودى الدخل يتلقون اعانات من الدولة ومعاشات ولكن الطبقة المتوسطة تظل تسعى لزيادة دخلها على حساب اعضائها فمثلا الطبيب يلجأ لفتح العيادة لزيادة دخله المنخفض فى المستشفى والمدرس يلجأ للدروس الخصوصية ايضا وبالتالى الجميع يضع يده فى جيب غيره وبالتالى نجد الجميع فى حيرة واصبح هناك عبء على كاهل الاسرة باستمرار فى كل مناحى الحياة.


فى فترة عبدالناصر كان القضاء على الطبقة العليا والحصول على الوظائف العليا هدف هذه الفترة بينما فى عهد السادات كان الانفتاح الاقتصادى وسيلة الحصول على القرش وكان شعارها الرأسمالية بينما فترة مبارك وخاصة فى آخر عشر سنوات كان الاعتماد على المسكنات فى كل شىء  وبعد اندلاع الثورة وتعرية كل المسئولين الذين لم يكونوا على قدر  المسئولية اصبح المواطن يشعر بأنه قدم ما لديه وآن الأوان بأن يجنى ثمار ماقدم حتى وان كان ليس له الحق فى ذلك.