حكايات| هيثم فاروق.. من «لم الكرات» ناشئًا لمحطم «أسطورة الجوهري» أوروبيا

هيثم فاروق بجوار علاء ميهوب
هيثم فاروق بجوار علاء ميهوب

 

خلف المرمى كان الطفل الصغير هيثم يقف متعهدًا بـ«لم الكور»، ينظر إلى نجوم الأهلي والزمالك وكل حلمه التقاط صورة برفقة أحدهم، وبمرور السنوات صعد الصبي إلى الفريق الأول بالنادي الأولمبي، لتبدأ حكاية ولا في الأحلام مع الاحتراف في أوروبا.

 

لكن قبل الهروب من مصر للاحتراف بالقارة العجوز، قدم هيثم فاروق نسخة للعصامي الباحث عن العالمية.. «وأنا واقف خلف مرمى الأولمبي عشان ألم الكرات سجل الكابتن علاء ميهوب جول فينا وبعد الماتش جريت عليه وطلبت أتصور معاه.. مرت السنين وخرج الكابتن علاء الأهلي من للأولمبي لكن المرة دي ما كنتش اتخيل إني واقف بجواره كزميل له في الفريق».

 

قانون الجوهري

 

مع الدقائق الأولى لبزوغ فجر الاحتراف في الوسط الكروي، سبق الراحل محمود الجوهري، المدير الفني التاريخي لمنتخب مصر، الجميع بوضع قانون الاحتراف، والذي نص على أن أي لاعب من قطاع ناشئين الأندية ليس له الحق في الانتقال لأي ناد آخر إلا بعد 5 سنوات كاملة من تصعيده إلى الفريق الأول.

 


اقرأ للمحرر أيضًا| الكرة ليست «للدوري الممتاز فقط».. هنا «بيلا» مصنع الدخلات

 

أما لائحة الاحتراف التي سنها الجوهري، فقد صدرت عقب مشاركة منتخب مصر في نهائيات كأس العالم «إيطاليا 1990»، وتسببت في إحباط عدد كبير من المواهب وعلى رأسها جيل أولمبياد «برشلونة 1992» والذي كان أحد أبرز نجومه هيثم فاروق، موهبة النادي الأولمبي السكندري العريق.



ومع هذه التشديدات، اندلعت شرارة الهروب من الأندية في ذهن اللاعبين، ومن بين أبرز مواهب كرة القدم المصرية، التي لم تجد سوى هذا الباب كان هيثم فاروق، في بداية التسعينيات بعد أن تم تصعيده للفريق الأول للنادي الأولمبي السكندري في سن السادسة عشرة موسم 1988/89، ليواجه الكبار وهو الشاب الصغير صاحب الأحلام الكبيرة.

 


انتصارات صغيرة وأزمة كبيرة

 


بعد تصعيده للفريق الأول ومشاركته في مباريات الدوري الممتاز أمام عمالقة الأهلي والزمالك، اختير هيثم فاروق ضمن تشكيل الراحل طه بصري، المدير الفني لمنتخب الشباب آنذاك، واستطاع قيادة دفاع الفراعنة إلى نهائيات كأس العالم للشباب بكندا عام 1988، كما أصبح عنصرًا دائمًا في المنتخبات الوطنية، ولعل أبرزها التي كانت تحت قيادة محمود الخطيب وفاروق جعفر.

 

اقرأ للمحرر أيضًا|  بدأت مع «الهضبة».. رحلة أحمد صلاح حسني من الملاعب إلى الفن

 

بين أحضان النادي الأولمبي، كان الناشئ الصغير «هيثم» يحلم بالتقاط صور مع نجوم الأهلي والزمالك خلال مباريات الفريق الأول، ثم انضم سريعًا ليصبح نجم الفريق الأول وأحد أبرز المواهب على الساحة الكروية في مصر، وبلعبه إلى جوار النجم أحمد الكأس بدت الثقة تزاداد شيئًا فشيئ إليه.

 

 

ولعل من المفاجآت، أن يشاء القدر أن يكون الطفل الصغير الذي التقط صورة بجوار علاء ميهوب، نجم هجوم النادي الأهلي، قبل سنوات قليلة، يصبح زميلاً له في النادي الأولمبي خلال المباراة الشهيرة التي بكى فيها ميهوب بعد تسجيله في مرمى النادي الأهلي.


وفي العام 1992 شارك هيثم فاروق مع منتخب مصر في دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها مدينة برشلونة الإسبانية، وقدم بطولة جيدة ليداعبه حلم الاحتراف الأوروبي وبقوة، ويبدأ التفكير في كيفية الحصول على عرض رسمي من أحد الأندية في أوروبا.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| الكرة في زمن الحرب.. غزل المحلة ومعجزة التتويج بدوري 73

 

اصطدم هيثم فاروق بالعقبة التي وضعها الجوهري، فبعد بلوغه عامه الواحد والعشرين أصبح لزامًا عليه أن ينتظر 5 سنوات قبل الرحيل عن صفوف النادي الأولمبي السكندري لأي ناد آخر، وفقًا للوائح التي سنها الجنرال الراحل.

 


 

فتح «هويس» الجوهري

 

ومن الإيمان بالحلم بدأ هيثم فاروق يفكر في طريقة فتح هويس مياه الاحتراف الذي أغلقه الجوهري أمام الصغار.. «كنت أفكر في الأفارقة الذين يحترفون في أوروبا في سن صغيرة، ولماذا لا توجد لديهم مثل هذه القوانين؟ وهل يعلم الاتحاد الدولي للعبة بما يحدث في مصر؟ وهل هذا قانوني من الأساس ومطابق للوائح «فيفا» أم لا؟.. كلها أسئلة دفعتني للتفكير في مراسلة الاتحاد الدولي».

 

 

«طلبت من سمير عدلي، إداري منتخب مصر، الحصول على رقم فاكس وعنوان (الفيفا)، وكتبت خطابًا باللغة الإنجليزية يشرح حالتي باعتباري لاعب بالنادي الأولمبي السكندري بدون عقد، ولا أحصل سوى على مكافأة عند الفوز ومكافأة شهرية، ويتم رفض كل العروض التي تقدم لي من أندية خارجية للاحتراف، وأود الاستفسار عن موقفي من السفر والانضمام لأحد الأندية الأوروبية».. كلمات واصل بها «هيثم» حديثه عن قصة هروبه.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| فييرا يعود للدراويش.. رحلة «أبو ياسين» البرازيلي مع الإسلام عبر المستطيل الأخضر

 

لم يكتف فاروق بهذا فواصل حكايته.. «قمت بإرسال الفاكس من مكتب الحاج محمد مصيلحي، رئيس نادي الاتحاد السكندري الحالي في ميناء الإسكندرية، ولم يكن حينها مسؤولا، في نادي الاتحاد، ولكنه كان صديقًا شخصيًا حريصًا على مساعدتي».

 


 

العرض الهولندي

 

لم يكن انتقاله إلى فينورد روتردام، أحد أكبر أندية الدوري الهولندي في الموسم 1995/96، بالأمر الهين، إذ يتحدث «هيثم» وابتسامة النجاح لا تزال محاطة بذكرى الخوف ودقات القلب من الخطوة الجديدة: «سافرت في صيف 1995 لزيارة خالي بأمستردام وخلال هذه الفترة كنت قد نسيت أمر الفاكس الذي أرسلته إلى الاتحاد الدولي، وخضت فترات اختبار في نادي أوتريخت ثم نادي إكسلسيور، أحد أندية مدينة روتردام، وطلبوا التعاقد معي».

 

«عدت إلى الإسكندرية وبحوزتي عرض رسمي من نادي إكسلسيور وذهبت للراحل محمود بكر، رئيس النادي الأولمبي آنذاك، ورفضه دون مناقشته، وقبل أن يصيبني الإحباط تلقيت مكالمة مفاجئة من مكتب مصيلحي يخبرني بوصول رد من (الفيفا) على رسالتي، بأنه يحق لي الرحيل لأي ناد أوروبي، في مقابل حصول النادي الأولمبي على نسبة وهي حق الرعاية فقط، وأن لائحة اتحاد الكرة المصري مخالفة للوائح الفيفا».

 

اقرأ للمحرر أيضًا| رحلة مصري من «المظاليم» حصد دوري أبطال أوروبا أربع مرات

 

بحجر صغير حرك «هيثم» بمفرده مياه نهر الاحتراف التي كادت تجف من منابع الجبلاية؛ حيث طلب اتحاد الكرة مهلة من «فيفا» لمدة سنة لتوفيق أوضاع اللاعبين مع أنديتهم، وأصبح لزامًا على جميع الأندية تحرير عقود مع اللاعبين مهما كانت أعمارهم لتجنب احترافهم بلا مقابل.. «صرت أنا (بوسمان) الكرة المصرية، ولكن للأسف لا يذكر أحد هذه الحقيقة، ولكن رغم عدم استفادتي ماليًا من احترافي أشعر دائمًا بالسعادة كوني تسببت في احتراف لاعبين مصريين وحصلوا على فائدة مادية من خلال هذا الخطاب».

 

 

انتعاشة «دولارات» في الأولمبي

 

لعب هيثم فاروق لنادي فينورد روتردام الهولندي، وحصل النادي الأولمبي السكندري على حق رعاية المدافع الشاب والتي بلغت 85 ألف دولار أمريكي ومن خلال هذا المبلغ أنشأ النادي الأولمبي حمام السباحة الكبير والموجود حتى يومنا هذا.

 

وشارك فاروق مع فينورد روتردام في البطولة الأوروبية موسم 1996/97 وخاض مباراة كبرى أمام ديبورتيفو تناريفي الإسباني الذي كان يدربه آنذاك الأسطورة الألماني يوب هاينكس.


 


 

انتقل فاروق من فينورد روتردام إلى أوستندا البلجيكي وهيلسنبورج السويدي، وعاد بعد ذلك إلى مصر ليحصد البطولات مع آخر جيل ذهبي لنادي الزمالك في الموسم 1999/2000، وانتقل من الزمالك إلى الإسماعيلي ثم المصري البورسعيدي واختتم رحلته في نادي الترسانة، ثم حاليًا واحد من أبرز المحللين الكرويين.