المواطنون: تهالك الأتوبيسات.. فوضى المواعيد.. الزحام.. أهم السلبيات

أتوبيسات النقل العام - تصوير محمد يوسف العناني
أتوبيسات النقل العام - تصوير محمد يوسف العناني

- السائقون: نعانى من قلة عدد السيارات وغياب عدالة التوزيع على الخطوط «المحظوظة»

تنقل ما يقرب من مليونى راكب يوميا، وسيلة مهمة ولا غنى عنها لمعظم المواطنين، ظلت لسنوات طويلة تعانى الإهمال وعدم الاهتمام، سيارات متهالكة، مواعيد غير منتظمة، عدم الالتزام بخط السير، كانت وسائل مواصلات غير آدمية، ارتفعت أسعار تذاكره بعد ارتفاع أسعار المحروقات خلال الفترة الماضية، على أمل تحسين الخدمة.. أكثر من 3 آلاف أتوبيس نقل عام تجوب شوارع وميادين القاهرة الكبرى، ويسعى جميع العاملين فى هذه الهيئة على تحسين الخدمة المقدمة للجمهور، لكن لايزال المواطنون يشكون من عدم الالتزام بالمواعيد واختفاء عدد كبير من خطوط الكثافة العالية، والتكدس « الرهيب « الذى تشهده الأتوبيسات بسبب قلة عددها، أسطول النقل العام لايزال يعانى من ذلك الانطباع السيئ، الذى يعشش فى أذهان المصريين، وبالرغم من أن هناك جهودًا كبيرة تبذل الآن لتحسينه وتطويره إلا أن الصورة مازالت قاتمة فى أذهان المصريين عن هذا المرفق الحيوى، الذى يعمل به أكثر من 30 ألف موظف وعامل.


«الأخبار» ترصد حال أتوبيسات النقل العام ميدانيا من داخل المحطات وفى الشوارع، وتنقل شكاوى المواطنين من السلبيات التى ترهقهم فى رحلاتهم اليومية داخل أتوبيسات الهيئة، وترصد أيضا التطوير الذى يشهده هذا المرفق الحيوى خلال الأربع سنوات الماضية.. وانتقلت بين ورش الصيانة لتقف على أحوال الصيانة ونقلت بالكلمة والصورة كيف يسابق العاملون فى تلك الورش الزمن لجعل كل الأسطول صالحًا للخدمة وبشكل يليق بالهيئة والمواطن أيضا.


تطوير منظومة النقل الجماعى والعمل على إيجاد وسائل نقل حضارية كان ضمن الاهتمامات الأولى للرئيس السيسى منذ ولايته الأولى فى الحكم، وأعلنت الحكومة وقتها اتخاذ خطوات جادة، منها تحديث أسطول هيئة النقل العام والدفع بأتوبيسات حديثة، لدرجة وصلت إلى إدخال 2000 أتوبيس جديد إلى هيئة النقل العام فى الأربع السنوات الأخيرة فقط، من إجمالى 3 آلاف أتوبيس هى قوة وطاقة هيئة النقل العام.. المواطنون يرون أن الخطوات التى تقوم بها الحكومة تجاه تطوير أتوبيسات النقل غير كافية ولن تستطيع القضاء على المشاكل المزمنة التى يعانى منها قطاع النقل العام، سواء من حيث ازدحام الأتوبيسات أو تحولها إلى أفران فى الصيف أو عدم التزام السائقين بخطوط السير.


بداية الجولة كانت من موقف عبد المنعم رياض بمنطقة التحرير، حيث تصل الأتوبيسات إلى الموقف بعد أن أنهت رحلتها، ينزل ركاب ويصعد آخرون ثم تتوجه خارج الموقف لتبدأ رحلة أخرى، ووقف البعض عند شباك ناظر المحطة يسألونه عن مواعيد قدوم الأتوبيسات، وعن أقرب الخطوط لوجهتهم، بينما جلس آخرون على محطة الانتظار، توجهت إلى رجل جالساً فى المحطة فى انتظار أتوبيس يحمل رقم 211 الذى يصل إلى المؤسسة، ويقول الحاج محمود حسين على المعاش إن المشكلة لا تقتصر على توافر السيارات إنما تتمثل أيضا فى عدم صلاحية السيارات التى تحولت إلى « خردة» مطالبا الدولة بالعمل على سحب السيارات القديمة والدفع بأخرى آدمية.


ويشير عبد المطلب محمدين - عامل - أن غلاء التذكرة لم يرتبط بتحسين الخدمة، سواء من حيث الالتزام بالمواعيد أو وجود سيارات تصلح للاستخدام الآدمى، كما أن هناك مشكلة كبيرة تتمثل فى قلة الخطوط التى تتميز بكثافة عالية ويستقلها عدد كبير من المواطنين أو اختفائها نهائيا، مضيفا أن الحكومة اتخذت عدة إجراءات فى الآونة الأخيرة منها الدفع بأتوبيسات جديدة لكنها لم تستطع حل مشكلة الازدحام نظرا لعزوف عدد كبير من المواطنين عن استقلالها بسبب ارتفاع ثمنها.
بالانتقال إلى موقف أحمد حلمى برمسيس الذى يشهد تكدس الركاب قال عمرو عادل - موظف - : مفيش حاجة اتحسنت غلو الأسعار والخدمة من سيئ إلى أسوأ ومنذ ساعتين أنتظر الأتوبيس اللى بيروح شبرا.. وبعض الخطوط اختفت، كما أن الدفع ببعض السيارات الحديثة لن يساهم فى حل المشكلة، خاصة فى ظل العجز الكبير الذى يعانى منه عدد من الخطوط ومنها «شبرا وعبود وأبو وافية» إضافة إلى تهالك بعض السيارات بشكل يجعلها لا تغادر الصيانة ما ساهم فى تفاقم الأزمة.
وداخل أتوبيسات النقل العام المشهد لا يخلو من المشادات وارتفاع الأصوات التى ربما أصبحت عادة مألوفة، بين الركاب والسائق وعادة ما يكون سببها تأخر السائق وتوقفه مرات كثيرة خلال مسافات قصيرة، ينادى عبده حسين - موظف - للسائق «حرام عليك بقالنا ساعتين تأخرنا جدا عن مواعيدنا»، وكان رد السائق عليه هو السكوت، تحدثنا مع عبده الذى أكد لنا أنه يعتمد على أتوبيسات النقل العام فى الذهاب إلى عمله، فالموظف يخرج من بيته يرتدى طقما نظيفا ومكويا يخرج والشحم والأتربة تغطى ملابسه ويضيف عدم نظافة أتوبيسات النقل العام لا يقع عبئها على هيئة النقل العام فقط بل سلوكيات المواطنين الذين يستخدمون وسائل المواصلات فى نقل الحيوانات والطيور والأجهزة المنزلية هى مسئولة أيضاً عن تهالك النقل العام وجعله وسيلة غير آدمية، ويضيف أن مواعيد الأتوبيسات غير منتظمة وخاصة وردية الأتوبيس التى تبدأ من الثانية ظهرا وأغلب سائقى خطوط وسط المدينة يهربون ولا يأتى إلى موقفه الرسمى حتى تنتهى فترة عمله والنتيجة أن المواطن يبحث عن وسيلة أخرى ربما لا تناسب حالته المادية أو أن يلغى رحلته حتى يستطيع أن يقضى مصالحه المتوقفة على سائقى النقل العام.
أما السائقون فقد أكدوا أن المشكلات التى يعانى منها المواطنون مع أتوبيسات النقل العام ليس لهم يد فيها، حيث إن جزءا منها يرجع لتهالك الأتوبيسات، والبعض الآخر يرجع إلى سلوكيات الناس.. ويشير عبد التواب ـ سائق أتوبيس نقل عام - أن بعض السائقين وليس كلهم لا يلتزمون فعلا بخط السير وهذا يرجع إلى ازدحام الطريق فيلجأ السائق إلى طريق بديل أو بسبب تعليمات من رجال المرور بتغيير خط السير مشيرا إلى أن السائقين أكثر الناس حرصا على الالتزام بساعات العمل، حيث يتوقف صرف الحافز لديهم على ما أنجزوه من بيع تذاكر ويقدر بـ 10 جنيهات لكل 100 تذكرة، وأوضح السائق أن المشكلة الحقيقية فى الهيئة تتمثل فى قلة عدد السيارات على الخطوط ذات الكثافة المرتفعة.
وأشار سائق آخر رفض ذكر اسمه أن هناك عدم عدالة فى توزيع السائقين، حيث منهم من يعمل على خطوط لا تحقق أى إيراد ومنهم من يعمل على خطوط تحقق لهم حافزا مرتفعا، ما يجعل السائقين فى ظل غياب الرقابة يغيرون خطوط سيرهم.