نائب رئيس «روس آتوم» الشركة المنفذة للمشروع «الحلم» يتحدث لـ«أخبار اليوم»:

حوار| محطة الضبعة النووية تنقل مصر إلى القرن الثاني والعشرين

جانب من الحوار
جانب من الحوار

خلال فترة وجيزة حققت مصر انجازات واضحة وملموسة في قطاع الكهرباء، انعكست بشكل ايجابي كبير على حياة المواطنين .. هذه الانجازات لم تكن مجرد مشروعات نستطيع من خلالها مواجهة أزمة انقطاع الكهرباء المتكرر أو تطوير محطات الإنتاج، بل امتدت الانجازات إلى ابعد من ذلك بفضل الرؤية الواضحة للقيادة السياسية التي اعتمدت على تحقيق الاكتفاء الذاتي والسعي إلى وضع مصر على خريطة التصدير العالمية وتحديدا في قطاعي البترول والكهرباء.

أنشأت مصر محطات كهرباء عملاقة في العاصمة الإدارية الجديدة وبني سويف في زمن قياسي أبهر العالم وأكد ان مصر تستطيع تحقيق الريادة في كل شىء لكن تبقى الإرادة هي العامل الأساسي فى تحقيق هذه الانجازات، وبالإرادة أيضا تسير مصر الآن   بخطى ثابتة نحو وضع حجر الأساس لمشروع المستقبل «محطة الضبعة النووية» بعد ان شهد الرئيس عبد الفتاح السيسى ونظيره الروسى فلاديمير بوتين فى 11 ديسمبر من العام الماضى التوقيع على اتفاق بدء العمل فى مشروع محطة كهرباء الضبعة النووية بمصر وتزويدها بالوقود النووى، ولكى تتضح الصورة الكاملة حول المشروع وما ستحققه مصر من استفادة فى مجال الطاقة النووية ومراحل تنفيذ المحطة العملاقة التقينا بجريجورى سوسنين نائب رئيس شركة «آتوم ستروى إيكسبورت»، شعبة الهندسة والإنشاءات لمؤسسة «روسأتوم» الحكومية الروسية للطاقة الذرية.. الشركة المنفذة لمشروع الحلم النووى المصرى.

■ نبدأ بالسؤال الاهم: إلى اين وصل مشروع محطة الضبعة النووية؟

- كما تعلمون طريقنا لبناء محطة نووية طويل ومازلنا فى المرحلة الاولى لكن ما نستطيع قوله اننا وصلنا إلى نهاية هذه المرحلة الهامة التى تضمنت اصدار المستندات اللازمة للتصميم الأساسى من الجانب الروسى لبناء المحطة النووية المصرية بالضبعة وبالفعل قمنا بتسليمها إلى الجانب المصرى (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء) للاطلاع عليها والآن نحن نقوم بتعديل بعض الملاحظات والاستفسارات المقدمة من الجانب المصرى.

■ وما هى تلك الملاحظات والاستفسارات؟

- فى كافة الاتفاقيات يكون هناك بعض الملاحظات المقدمة من احد الجانبين وهناك بعض الملاحظات المتعلقة بتصحيح جزئى لنص المستندات المقدمة من الجانب الروسى لكن الوثائق الاساسية للمشروع اصبحت جاهزة الآن ودعنى أقول لك انه فى ديسيمبر القادم سننتهى تماما من المرحلة الاولى بدورنا بعد ان نسلم الاوراق الخاصة بالمشروع لهيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء وعليها تسليمها إلى هيئة  الرقابة النووية المصرية.

■ هل هذه الملاحظات مرتبطة بزيارة وزير الكهرباء المصرى لموسكو مؤخرا؟

- اطلاقا ولا نريد ان نضخم تلك الملاحظات لأنها مجرد بيانات ومعلومات يتم تعديلها بين الجانبين ولا يوجد اى خلاف حقيقى عليها.

■ دعنا ننتقل إلى المرحلة الاهم فى المشروع وهى المرحلة الثانية.. متى ستبدأون هذه المرحلة؟

- نحن ملتزمون تماما ببنود العقد الموقع مع الجانب المصرى وهناك خطة عمل موضوعة للمشروع تتضمن عدد العمالة التى ستشارك فى بناء المحطة ويتم الآن التجهيز للمرحلة الثانية والتى تتضمن تدريب 2000 مهندس مصري للعمل فى هذا المشروع وسنقدم لهم بعض البرامج والمنح التدريبية فى روسيا للاطلاع على كافة التفاصيل المتعلقة ببناء المحطة النووية المصرية بالضبعة. على حد علمى أنه حاليا قد ابتدأ تدريس 40 طالبا مصريا فى روسيا.

■ هناك تساؤل دائم الطرح وهو ما هى الفائدة او العائد من بناء تلك المحطة النووية وما سبب اختيار منطقة الضبعة تحديدا؟

- هذا السؤال فى غاية الاهمية لكن دعنى أقول لك فى البداية اننا لم نشارك فى اختيار المكان الذى ستقام عليه المحطة النووية المصرية فالاختيار كان من الجانب المصرى وعلى حد علمى ان هذا المكان كان مرشحا لبناء محطات نووية منذ فترة الستينيات وبالمناسبة هو مكان مميز جدا وهناك توفيق كبير من الجانب المصرى فى اختيار هذا المكان لأنه يبعد عن المدن السكنية الكبرى كالقاهرة والاسكندرية اللتين تبعدان عن المشروع بمسافة تترواح بين 200 إلى 300 كيلو متر وهذا أمر جيد جدا وأؤكد لك ان هذا المشروع سيساهم بشكل كبير فى تطوير واضافة طاقات جديدة لمنطقة الساحل الشمالى المصرى، بالاضافة إلى ان هذا المشروع يتطلب وجود المياه بشكل أساسى وهذا يتعلق بالناحية اللوجيستية اما فيما يتعلق بالعائد على مصر من بناء تلك المحطة فأنتم تعرفون ان الطاقة النووية هى أرخص أنواع الطاقة وبالتالى العائد الاجتماعى منها كبير وينعكس بشكل مباشر على حياة المواطن، هذا بالاضافة الى انه سيكون هناك انتاج طويل الاجل من الطاقة الكهربائية فالحد الأدنى لاستعمال هذه المحطة يصل إلى ستين عاما ويمكن ان يمتد لفترة زمنية أطول، اما الميزة الثالثة لهذا المشروع فترتبط بفكرة نقل العلوم والتكنولوجيا التى تساهم وتساعد فى تطوير البنية الاساسية لمصر وهناك جانب آخر يتعلق بنقل المواد المستخدمة فى بناء المحطة لأن مصر دولة حديثة فى مجال الطاقة النووية وهذا سيساعدها فى بناء محطات أخرى مستقبلا.

■ ذكرنا مميزات كثيرة للمشروع لكن تبقى الجدوى الاقتصادية من بناء محطة الضبعة النووية هى الاهم، فما هو العائد الاقتصادى من هذا المشروع؟

- محطة الضبعة النووية كارت رابح بكل تأكيد ليس لأهالى الضبعة او محافظة مرسى مطروح فقط ولكن لمصر كلها فالمشروع الذى سيساهم فى توفير الطاقة الكهربائية سيكون مثل باقى مؤسسات الدولة التى تشارك فى دعم الموازنة الاقتصادية فضلا عن توفير فرص العمل للخريجين فمحطة الضبعة النووية ستستوعب ما يقرب من 20 ألف عامل مع بداية تنفيذ المشروع عام 2020.

■ معنى ذلك ان بناء محطة الضبعة النووية سيبدأ قريبا؟

- التنفيذ سيبدأ عام 2020 وذروة العمل من ناحية عدد العمالة فى المشروع ستكون خلال الفترة من 2022 إلى 2025 وهنا أود ان اشير إلى انه سيتم توفير كافة المواد الاساسية اللازمة لتوفير بيئة مناسبة للعاملين بالمحطة من ناحية المسكن والمأكل والتنقلات وحتى الملابس التى سيرتدونها أثناء العمل بالمحطة. واؤكد لك ان الانتهاء تماما من بناء المحطة سيخلق مدينة جديدة متكاملة بجوار المحطة وهذا أمر هام فيما يتعلق بالتنمية العمرانية لهذه المنطقة.

■ هل بالفعل تم تصنيع بعض الاجزاء المتعلقة ببناء محطة الضبعة النووية فى روسيا؟

- هناك جدول زمنى مرتبط ببناء الاجزاء الخاصة بالمحطة ونحن الآن فى مرحلة بناء بعض المعدات طويلة الامد فى الاستعمال الخاص ببناء الأجزاء الرئيسية للمحطة النووية كتصنيع المولدات ومحطات الديزل الرئيسية التى تستغرق فترة زمنية طويلة فى البناء.

■ ومتى يبدأ الانتاج الفعلى لمحطة الضبعة للطاقة النووية؟

- هناك عقد موضوع به جدول زمنى محدد للبناء وبدء الانتاج لكن لا نستطيع الآن الاعلان عن موعد الانتاج الفعلى للمحطة لأنه من الامور السرية الخاصة بالمشروع.

■ هناك العديد من محطات انتاج الكهرباء التى شيدتها مصر الأعوام القليلة الماضية ونتيجة هذه المحطات اصبح لدى مصر فائض من الكهرباء يمكن تصديره لأوروبا والدول العربية.. هل يمكننا ان نعتبر ما ستنتجه محطة الضبعة النووية من كهرباء اضافة جديدة للناتج القومى المصرى؟

بالتأكيد ستستفيد مصر من هذا المشروع الضخم بشكل يمكنها من توفير الطاقة الكهربائية ونحن نتابع انتصارات مصر فى مجال الطاقة الكهربائية وتحديدا بعد الاتفاق مع شركة سيمنز العالمية لأن ذلك يضمن لمصر التنوع فى الحصول على مصادر الطاقة وما ابهرنا جميعا هو الوقت القصير الذى تم فيه تنفيذ مثل هذه المحطات العملاقة.

■ من التساؤلات الهامة المطروحة فى الشارع المصرى وخصوصا من أهالى منطقة الضبعة هو مدى توافر عنصر الامان فى هذه المحطة النووية؟

- من المتعارف ان محطات انتاج الطاقة النووية الروسية هى الاعلى امانا فى العالم وبالتالى لا يوجد اى مبررات للخوف من انشاء تلك المحطة ونحن وضعنا فى الاعتبار أعلى معدلات للأمان والسلامة فى هذا المشروع الحديث حتى فيما يتعلق بالعوامل الطبيعية وكان هناك اصرار شديد من الحكومة المصرية فى هذا الملف ونحن وضعناه فى الاعتبار تماما ودعنى اقول لك بصراحة شديدة ان أهالى منطقة الضبعة هم الأكثر ربحا من هذا المشروع.

■ وما الذى سيربحه أهالى الضبعة من هذا المشروع؟

- اولا سينعكس عليهم هذا المشروع اقتصاديا ومن الناحية المعيشية والاجتماعية.. ثانيا من ناحية توفير فرص العمل لأبنائهم وبمرتبات جيدة، وثالثا من ناحية توفير التكنولوجيا اللازمة لتطوير البنية الاساسية بالمنطقة بالاضافة الى الاستثمارات المستقبلية التى ستضخ فى منطقة الضبعة نتيجة وجود تلك المحطة. ومن المزمع عقد اللقاء الخاص بين المحافظين المصريين ونظرائهم الروس من مدن روسية مجاورة لمحطات نووية فى روسيا فى نوفمبر المقبل للاطلاع على عوامل الامان والسلامة ومعيشة سكان هذه المدن التى سوف تتضمنها المحطة وبالتالى نقل طمأنتهم إلى اهالى المنطقة والمدن المجاورة.

■ هل ترى أن مصر تأخرت كثيرا فى بناء محطات انتاج الطاقة الكهرومائية؟

فى رأيى ان مصر لم تتأخر إطلاقا فهذه المحطة ستكون هى الاولى فى قارة إفريقيا تقريبا وهذا سيخلق ريادة كبيرة لمصر فى المنطقة ويعبر عن رؤية مستقبلية للقيادة السياسية فى مصر ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى.

■  سؤالي الأخير.. ما هو الخبر الذى نزفه للشعب المصرى واهالى الضبعة من هنا من موسكو؟

- اقول لكم ان كل المراحل والاجراءات التى نقوم بها الآن لبناء محطة الضبعة النووية مدروسة تماما والعشر سنوات القادمة سيتم بناء المحطة النووية واستخدامها سيصل إلى حوالى ستين عاما وسوف يمتد العمل بالمحطة لعشرات الأعوام الأخرى بعد هذه المدة لذلك هذا المشروع عبارة عن رؤية مصرية واضحة للقرن القادم.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي