آل هاشم: العلماء في فتواهم يراعون اللغة والأعراف والعوائد

      المؤتمر العالمى للإفتاء
المؤتمر العالمى للإفتاء

 

استهل د. السيد علي بن السيد عبد الرحمن آل هاشم مستشار الشؤون القضائية والدينية قصر الرئاسة – أبوظبي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، كلمته خلال مؤتمر الأمانة العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ببيان أهمية ملاحظة الواقع كضابط من ضوابط الإفتاء.

 

وأكد على أن العلماء في فتاواهم يراعون اللغة والأعراف والعوائد وكانت الفتوى تقدر الزمان، والمكان، والأشخاص، فما يُفتى به للمريض ، لا يفتى به للصحيح، وما يفتى به في زمان قد لا يفتي به في زمان آخر، ويسمى الفقهاء هذا مراعاة محل النَّازلة.

 

ولفت د. آل هاشم النظر إلى أن الشريعة الإسلامية الغراء جاءت بعبارات كلية، ونصوص منحصرة، تتناول جزئيات المسائل التي لا تنحصر، بل تتنامى مع الأيام، مشيرا إلى أن البيع مثلاً معنى كلي تندرج تحته أنواع لا تنحصر من الصور ولم ينص الشارع الحكيم على كل نوع منها، فهذا من عمل الفقيه (المفتي) الذي ينظر في كل نوع بعينه فيحكم عليه هل هو من جنس البيع أم من جنس الربا، فيتم تطبيق النص الكلي في أحد أفراده، ويسمى هذا المعنى عند الأصوليين( تحقيق المناط ) ويعرفونه أنه النظر في الواقعة لمعرفة طبيعتها وسماتها وأوصافها ، لينزل الحكم عليها بتطابق تام، ويصح أن يسمى تحقيق المناط (ملاحظة الواقع).

 

وأكد د. آل هاشم في كلمته على أن ملاحظة الواقع يتطلب كما اشترط العلماء في المفتى أن يتصف بالفطانة والتيقظ إذ على المفتى أن يكون على الدوام متيقظاً، يعلم حيل الناس ودسائسهم، فإن لبعض الناس مهارة في الحيل والتزوير، وقلب الكلام وتصوير الباطل في صورة الحق، فإن غفلة المفتى يلزم منها ضرر كبير في كل زمان.

 

وختم الدكتور آل هاشم كلمته بقوله: إن تحقيق المناط هو تسعة أعشار النظر الفقهي، كما قال به حجة الإسلام الإمام الغزالي، ولهذا قال الأمام العلامة القرافي إن الجمود على المنقولات أبداً ضلالٌ في الدين فتحقيق المناط هو اجتهاد لا ينقطع إلى قيام الساعة، لتجرى أحكام الشريعة على نظام واحد ، تنتظم فيه الفروع أصولها لأن مثار التخبط في الفروع ينتج عن التخبط في الأصول، ومن مظاهر تحقيق المناط قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) لا تقطع الأيدي في الغزو ومن هنا كان نهى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تقام الحدود في الغزو لألا تحمله حمية الشيطان أن يلتحق بغير المسلمين.

 

وبدأ د. محمد بشاري أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة كلمته ببيان وتحرير بعض المصطلحات كوجهة نظر مفاهيمية لعلاج فوضى الإفتاء وأثره على واقع المجتمعات المسلمة، كمفهوم المجتمعات المسلمة أو الأقلية، ومفهوم الإفتاء والإستفتاء، ومفهوم الحكم التكليفي للفتوى والفرق بينها وبين حكم القاضي، ثم تحدث عن مأسسة الإفتاء وبيان أهمية المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة كخطوة نحو مأسسة الفتوى.

 

وأشار د. البشاري إلى أن الإفتاء في المجتمعات المسلمة يسلك منهجية فقهية تراعي ارتباط الحكم الشرعي بظروف الجماعة، وبالمكان الذي تعيش فيه، و ليس مرادفا لفقه الترخص أو فقه الضرورة وهو جزء من الفقه العام للأمة الإسلامية.

 

وأضاف د. البشاري خلال كلمته بمؤتمر الأمانة العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن إحياء الاجتهاد وتحصيل شروطه فريضة شرعية، وضرورة من ضروريات المجتمع المسلم.

 

وعن المجتمعات المسلمة في البلدان غير الاسلامية قال د. البشاري إنها أصبحت تمثل مكونا دينيا وبشريا مهما في مجتمعاتها يتحقق من خلالها الشهود الحضاري، وأن طبيعة الوجود الاسلامي خارج العالم الاسلامي كأقلية دينية في مجتمع متعدد الأعراق والعادات والأديان يحتاج لنوازل فقهية جديدة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، ويبحث لها عن الحلول الملائمة.

 

ولفت د. البشاري النظر إلي أن مسألة الاجتهاد الجماعي ليست وليدة اليوم، وإنما هي حاجة ملحة منذ أمد بعيد، والذي نريد التركيز عليه هو التوسع في هذه الناحية، وتطبيقها في سائر المجتمعات المسلمة تحاشيا للخلافات التي تظهر على الساحة من حين لآخر.

 

وأوصي د. البشاري في ختام كلمته بعدة اقتراحات منها اقتراح بقيام مجموعة من الباحثين بإنشاء مدونة تضم كل الأصول والقواعد والمقاصد التى يمكن الاستفادة منها فى هذا الاتجاه وكذلك جميع الأدلة الجزئية والفتاوى والأحوال ذات الصلة بهذا الموضوع "فوضى الإفتاء وأثره على واقع المجتمعات المسلمة"، كما اقترح دعم المؤسسات الإسلامية ذات الصلة بالبحث العلمي الخاص بشأن المجتمعات المسلمة والعمل على تشبيك باحثيها وتوحيد جهودها، وتأليف موسوعة في القواعد الفقهية مستقلة بالتطبيقات على فقه المجتمعات المسلمة.

 

وطالب باعتماد توصيات المؤتمرات العلمية ذات الصلة بالموضوع وفي مقدمتها مؤتمرات دار الإفتاء المصرية والاستفادة من تجاربها في تكوين المفتين وتوصيات المجامع الفقهية.