حوار| عميد معهد بحوث الحشرات الطبية: أنقذنا مصر من 9 أوبئة

عميد معهد بحوث الحشرات الطبية في حواره لـ"بوابة أخبار اليوم"
عميد معهد بحوث الحشرات الطبية في حواره لـ"بوابة أخبار اليوم"

يحظى بمكانة علمية كبيرة، حائط صد تاريخي للتهديدات الوبائية التي واجهتها مصر على مدار أكثر من سبعة عقود منذ إنشائه عام 1942، ورغم ذلك يعاني من تجاهل المسئولين والإعلام لإنجازاته، حتى أنصفته وزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد، في عرضها لقطاعات الوزارة أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال افتتاح عدد من المشروعات الخدمية والتنموية من محافظة المنوفية.. إنه معهد بحوث الحشرات الطبية.

 

«بوابة أخبار اليوم» حاولت إزالة حالة التجاهل التي يعانيها المعهد وعلماؤه، باستكمال ما بادرت به وزيرة الصحة؛ لنكشف للقارئ، دور معهد بحوث الحشرات الطبية، في حوار مع العميد الثاني عشر في عمر المعهد الدكتور نور الدين شمس الدين.

 

- ما سبب إنشاء معهد بحوث الحشرات الطبية؟


المعهد أنشئ في عام 1942 عندما تعرضت مصر لهجوم عنيف من بعوضة الأنوفلس جامبيا، متسببة في حالة وبائية عنيفة لمرض الملاريا، وبعد نجاح المعهد في تنفيذ مهمة استئصال هذه الحشرة الناقلة للمرض، تحول اسم المعهد إلى «وحدة السيطرة على نواقل الأمراض» عام 1945، ثم أعيد افتتاحه عام 1952 كمعمل لقسم إبادة الحشرات في وزارة الصحة، وفي عام 1959 افتتاح «مركز التدريب الإقليمي لاستئصال الملاريا»، ثم تطور إلى «معهد بحوث الحشرات الطبية» عام 1963 ثم انضم للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية منذ إنشائها عام 1975.

 

- وما المهام والأهداف التي يتولى المعهد تنفيذها؟


المعهد هو الوحيد في منطقة الشرق الأوسط المتخصص في دراسة الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات وطرق الوقاية منها ووسائل مكافحتها، ويعتبر أحد المراكز البحثية العالمي التي اختارتها منظمة الصحة العالمية من الدول العربية والأفريقية لتدريب العاملين في مجال مكافحة ناقلات الأمراض.

 

- وما أقسام المعهد؟

المعهد يضم 5 أقسام وهي قسم الوبائيات ويضم "المعامل، والعيادة الخارجية، والصيدلية" وقسم أبحاث البعوض، وقسم أبحاث الحشرات المنزلية، وقسم أبحاث القوارض، وقسم المبيدات الذي يضم وحدة السموم، والمكتب الفني، بالإضافة إلى مكتبة علمية تضم أقدم وأحدث المراجع التي يحتاجها الباحث في دراسة أي ظاهرة. 


وهناك مساع لاستحداث قسم التكنولوجيا البايولوجية الجزيئية التي تعتبر مظلة كبيرة تضم ما يزيد عن 20 تخصصا دقيقا، ومن بينها علوم النانو تكنولجي والبكتيريا والطفيليات والكائنات الدقيقة، ويتم تجهيز القسم بعدد من الأجهزة الحديثة لدقة التشخيص، وتحديد أنواع نواقل الأمراض على مستوى الجمهورية.

 

- ما نوعية الخدمات التي يقدمها المعهد؟


المعهد يقدم 6 خدمات متخصصة، تبدأ بالبحوث والترصد الوبائي، وعلى رأس هذه الخدمات رسم الخريطة الحشرية، ودعم جهود مواجهة أزمات الملاريا والليشمانيا والطاعون، والحمى النزفية بفرق متخصصة، إلى جانب تتبع ظاهرة المقاومة للمبيدات، والبحث عن وسائل مقاومة آمنة للحشرات والمعروفة بـ"المبيدات الخضراء"، وتتبع انتشار الحالة الوبائية وتقييم العلاجات الجموعية.

 


أما الشق الثاني فيتمثل في الخدمات العلاجية التي يقدمها المعهد من خلال عياداته الخارجية النوعية وأولها عيادة الإصابات الحشرية التي تعالج الإصابات بالقمل والجرب والقراد، والتدويد، وعيادة الفلاريا اليمفاوية، وعيادة الملاريا، وعيادة الطاعون، وعيادة الليشمانيا، وعيادة الحمى النزفية.

 


ويتمثل الشق الثالث من خدمات المعهد في التجارب والتراخيص، حيث يمنح المعهد تراخيص مبيدات الصحة العامة من خلال مجموعة فحوصات تشمل تجارب الحساسية "معملية وحقلية" وتجارب السمية، وتجارب الصلاحية "التخزين" وتجارب التركيبة الكيميائية، إلى جانب تجارب التطوير لخدمة منتجي المبيدات في تحسين جودة المنتجات وتهيئتها للقبول أثناء التقدم للحصول على التراخيص.

 

ويقوم المعهد بقياس كفاءة المبيدات المستخدمة في مواجهة نواقل الأمراض، لأن الحشرات قد تكتسب مناعة ضد المبيدات المستخدمة، وتورث هذه المناعة للأجيال المتعاقبة مما يهدد بانتشار الأوبئة، فيقوم المعهد بتطوير هذه المبيدات أو إعادة استخدام مبيدات قديمة لم تستخدم منذ سنوات.

 


ويقدم المعهد خدمات التدريب للعاملين في مجال مكافحة نواقل الأمراض بمديريات الشئون الصحية من خلال برنامج تدريبي مشترك مع وزارة الصحة، إلى جانب تقديم خدمة تأهيل العاملين في مجال المكافحة بالشركات الخاصة، وتنظيم برامج التدريب الصيفي لطلبة الكليات ذات الصلة، علاوة على تنظيم برامج تدريبية لأطباء الرعاية الصحية الجدد، وأخيرا تدريب البعثات العربية والأفريقية.

 


وتشمل خدمات المعهد، مكافحة الآفات داخل الوحدات التابعة لهيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية، من خلال تطبيق نظم المكافحة المتكاملة للخروج بمستشفى مقاوم للآفات، بهدف رفع جودة منع العدوى، ومنع التحسس للمضادات الحيوية، إضافة إلى تقديم الخدمة للقطاع الخاص، ومشاركة وزارة الصحة والسكان في الحملات القومية لمكافحة الآفات.


وتمتد خدمات المعهد للمبيعات، للجهات البحثية من خلال بيع الأطوار المختلفة من الحشرات الحساسة؛ لإجراء التجارب البحثية، وكلك حيوانات التجارب، ونماذج الحشرات المحملة على شرائح أو دبابيس، ونماذج الحيوانات والحشرات المحنطة، بالإضافة لنماذج التربية المستخدمة في التعليم.

https://Images.akhbarelyom.com/UP/20181015144219664.jpg

- ما دوركم في مراقبة إعلانات شركات مكافحة الحشرات على شاشات الفضائيات والإنترنت؟


معظم هذه الشركات غير مرخص لها ويستخدمون مبيدات خطيرة جدا على الصحة العامة وغير حاصلة على تصريح من وزارة الصحة، لأن تصاريح الوزارة تكون للشركات المصنعة وليس لهذا النوع من الشركات، كما أن قسم المبيدات يقوم بدراسة وتحديد المعايير والنسب والكميات التي تستخدم مع أي نوع من الحشرات وكذلك الكميات وتركيز المستحضرات المستخدمة حسب المكان وطبيعته سواء كان منزلا أو مستشفى أو مكاتب إدارية وغيرها.

 

- خلال جولتنا في المعهد رأينا عددا من غرف الإقامة.. كم عدد هذه الغرف وفيما تستخدم؟


لدينا حوالي 16 غرفة للباحثات ومثلهم للباحثين، وجميعها مجهزة على أعلى مستوى لاستقبال البعثات من جميع أقاليم مصر، بخلاف البعثات الوافدة من أفريقيا والدول العربية التي تأتي إلى المعهد لأغراض التدريب والتعليم.

https://Images.akhbarelyom.com/UP/20181015144040340.jpg 
- وما المخاطر والطوارئ البيئية التي شارك المعهد في مواجهتها والسيطرة عليها؟


شاركنا في العديد من جهود مواجهة التهديدات الوبائية، ولكن أبرزها كان في خمسينات القرن الماضي، عندما شاركنا مع وزارة الصحة في مواجهة بعوضة الأنوفلس جامبيا، وكذلك التيفوس الوبائي، كما شارك المعهد خلال السبعينات في القضاء على بعوضة الأيدس المصرية الناقلة لمرض الحمى الصفراء، بالإضافة إلى التصدي لظاهرة تفشي قمل الرأس بالمدارس في الثمانينات.

 


وواجه المعهد الملاريا في عام 1957 وشاركنا في السيطرة على بؤرة أخرى في الفيوم عام 1995 وأخرهم بؤرة في أسوان عام 2014 إلى جانب الفلاريا عام 1995.

 


ونجحت جهود المعهد مع الوزارة في القضاء على حمى الوادي المتصدع عام 1985 ووباء الطاعون على حدود مصر الغربية عام 2000 وأخيرا كانت مواجهة حمى الضنك بمحافظة البحر الأحمر في وقت قياسي عام 2017 وهي التجربة التي أشادت بنجاحها منظمة الصحة العالمية والعديد من الجهات الدولية.

 


- هل المخصصات المادية للمعهد كافية لمساعدته على القيام بدوره على الوجه الأكمل؟


بالطبع هيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية توفر ميزانية مناسبة للمعهد، كما أنها مفتوحة، ويمكن مناقشتها بحسب الالتزامات التي يكلف المعهد بتنفيذها والخطة البحثية الموضوعة.

 

- كم يبلغ عدد الفريق الذي يدير المعهد؟


فريق العمل في المعهد يصل إلى حوالي 102 موظف بينهم 12 استشاريا، والباقي أطباء، وإداريين، وفنيين، وعمال، وهنا أحب أن أوضح أن هيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية تمنح الحاصلين على الماجستير والدكتوراه درجة الزمالة التي تساوي بينهم وبين زملائهم في الجامعات، حيث تؤهله للعمل كمحاضر في الجامعة، وتمنح الحق في الإشراف على رسائل الدراسات العليا .

 

- هل في مصر مراكز أو معاهد أخرى تابعة لوزارة الزراعة أو أي جهة أخرى تقوم بنفس دور المعهد؟


دور المراكز التابعة لوزارة الزراعة يختلف تماما عن الدور الذي نقوم به، لأن علاقة الحشرات الزراعية بالإنسان علاقة غير مباشرة، حيث إنها تنقل الأمراض للنبات والإنسان يمكن أن يتأثر بعد تناول هذا النبات.

 

- كم عدد المترددين على عيادات المعهد؟


يوجد عدد من المرضى يترددون على المعهد بشكل دوري للكشف وصرف العلاج، ويتراوح عددهم ما بين 10 إلى 15 مترددا على كل من عيادات الملاريا، والليشمانيا، والفلاريا، بالإضافة إلى العيادات المتحركة في أوقات رصد انتشار أي أمراض منقولة بالحشرات، حيث يتم الكشف على المواطنين وتحليل عيناتهم من خلال المعمل المتنقل، وإبلاغ الوزارة بالحالات الإيجابية ويصرف لها العلاج اللازم.

 

- ما الأسباب التي تؤدي لانتشار الأمراض المنقولة بالحشرات؟


مصر خالية من جميع هذه الأمراض، ولكن من الوارد جدا دخول حشرة حاملة لمرض ما من خلال الموانئ والحدود أو إنسان حامل للمرض ولا تبدو عليه الأعراض، ولكن يجب التوضيح أن وجود الحشرة لا يعني وجود المرض، لأن انتشار أي مرض عن طريق الحشرات يبنى على مثلث، أضلاعه هي المريض والناقل للمرض والإنسان السليم، حيث تقوم الحشرة بنقل المرض من المريض إلى السليم، لذلك نقوم في وقت الأزمات بعمل كردون حول المكان الموبوء بمعاونة الشرطة، ويتم فحص جميع المنازل وسحب عينات من الحشرات والقوارض.

 

- متى كانت آخر بؤرة لانتشار الملاريا؟ 


آخر بؤرة كانت في أسوان عام 2014 وتمت السيطرة عليها تماما خلال شهر ونصف الشهر، وفي نفس العام تم إعلان مصر خالية من الملاريا، كما أعلنت مصر خالية من الطاعون أيضا رغم رصد البرغوث الحامل للمرض في فراء الفئران على الحدود الغربية، بسبب نزوح بعض الأخوة الأشقاء الليبيين قرب حدود مصر بسبب الصراعات المسلحة.

 

- ما تفاصيل السيطرة على انتشار حمى الدونج أو الضنك في البحر الأحمر عام 2017؟


الحشرة الناقلة هي البعوضة المعروفة بـ"الزاعجة المصرية" وهي غير موجودة في مصر ولكنها دخلت البلاد عن طريق أحد الموانئ على ساحل البحر الأحمر، وتم التعامل معها بكل حرفية ومهارة، على مساحة تقدر بنحو 800 كيلو متر، وبمشاركة عدد من الفرق يقدر بنحو 300 فرد، حتى تم القضاء عليها خلال أيام، قبل أن ينتقل التهديد إلى محافظات أخرى.

 

- ما الجديد الذي يسعى المعهد لعمله مستقبلا؟


نسعى إلى استحداث دبلومة للحشرات الطبية، وبالفعل حصلنا على موافقة هيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية، وموافقة المجلس الأعلى للجامعات.

 

- أخيرا.. ما رد فعل العاملين في المعهد بعد ذكر مجهودهم أمام الرئيس السيسي؟


الدكتورة هالة زايد هي ابنة وزارة الصحة وعملت لفترة في هيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية وتعلم جيدا الدور الذي يؤديه كل قطاع في الوزارة، ولكن عرضها أمام الرئيس الذي تضمن دور المعهد أسعدنا جميعا ونوجه لها الشكر على إبراز وإظهار عملنا أما مصر ورئيسها.