النشوة والعجرفة وسوء التقدير

أجواء الهزيمة أيام جولدا مائير تتكرر اليوم مع نتانياهو

نتانياهو
نتانياهو

هل يختلف اليوم فى إسرائيل عن البارحة؟ سؤال طرحته ندوة عقدت بمناسبة مرور 45 عاماً على حرب يوم الغفران.

 

صحيفة «هاآرتس» المحسوبة على التيار اليسارى أجابت عليه بجرأة كبيرة، مشيرة إلى أن هناك الأدوات والمعطيات المزعجة التى تربط بين الأمس والحاضر، فالأجواء الإسرائيلية الراهنة فى إسرائيل لا تختلف عن تلك التى كانت عليها إبان حرب 73.

 

ويمكن الوقوف على ذلك من خلال رصد المكونات التى فرضت نفسها على الإسرائيليين حينئذ؛ فأول تلك المكونات هو الشعور بالنشوة التى سادت تلك الفترة التى أعقبت حرب 1967، ولعل تلك النشوة تفرض نفسها على إسرائيل مجدداً فى الوقت الراهن، وذلك على خلفية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فرغم أنها خطوة رمزية لا تنطوى على مضمون حقيقى، إلا أنها تعيد إلى الأذهان واقعة مماثلة أثارت نشوة إسرائيل فى 12 سبتمبر 1973، حينما حلقت طائرات سلاح الجو الإسرائيلى فى السماء السورية. 

 

بالإضافة إلى نجاحات القوات الجوية والجيش الإسرائيلى فى سوريا. ومن الشواهد التى تثير المخاوف اليوم مثل الأمس شدة سيطرة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على حكومته وعلى حزبه بقوة كبيرة، وهو ما خلق أجواء من الخوف والإرهاب، بحسب الصحيفة العبرية، فلا أحد يجرؤ على تقديم وجهة نظر مختلفة، وحتى أحزاب المعارضة ليس مسموحاً لها بصياغة أجندة بديلة. 

 

وهو وضع يشبه كثيراً الأوضاع إبان حكم جولدا مائير التى كانت سبباً مباشراً فى الهزيمة غير المتوقعة أمام المصريين، لاسيما أنها كانت تحتكر الرأى السياسى، وتهيمن بمفردها تقريباً على القرار العسكرى، فقوة شخصية رئيسة الوزراء حالت دون السماح لأحد أفراد حكومتها بالمجادلة أو حتى إبداء الرأى. 

 

الأدهى من ذلك هو استحالة المقارنة بين نتانياهو وفساد حكومته وجولدا الزاهدة، التى كرست حياتها بالكامل للدولة وللجمهور، ما يعطى انطباعاً بأن اليوم أسوأ من الأمس. الأكثر من ذلك، بحسب «هاآرتس» هو الجمود الفكرى فى نظام حكم نتانياهو، فلا يسمح الأخير للآخرين بالتفكير بطرق مختلفة عن مسار الحاكم أو بالمبادرة لطرح أسئلة مثيرة، مثل: ما إذا كان من الممكن وقف سفك الدماء البربرى فى قطاع غزة؟ هل نقل السفارة الأمريكية هو أهم شيء بالنسبة لإسرائيل؟

 

هل من غير المناسب دعم قرار الرئيس ترامب بإلغاء الاتفاق مع إيران بشكل أقل حماساً؟ فأى شخص يشك فى هذه القرارات يعتبر زنديقاً ومناهضاً للوطنية، فالوضع اليوم يشبه إلى حد كبير ما كانت عليه الأوضاع إبان حرب أكتوبر 73، إذ يتبع المجتمع الإسرائيلى سياسة عمياء ومتغطرسة ومتعجرفة ربما تقود إذا استمرت للهاوية.