حوار| بدأ حياته «كاشير».. «أحمد رمضان» مضيف جوي برتبة «طيار»

أحمد رمضان
أحمد رمضان

اختفاء «عقدة الخواجة» أبرز فوائد السفر ..وبهذه الطريقة أسعفت «مريضة قلب» في الجو


الطيران ينسيك متاعبك.. والسفر «ثقافة»


رحلة موسكو «لا تُنسى».. وهذه نصائحي لسفر آمن بتكاليف منخفضة

 

يعشق السفر منذ نعومة أظافره.. شعاره «المتعة في العمل» ولا يخجل من عمله السابق كـ«كاشير» في أحد المتاجر الكبرى.. أحمد رمضان الشاب الثلاثيني زارته الفرصة مرة وحيدة، ووضعته على أول الطريق المؤدي إلى عالم الأحلام أو بالأحرى «إلى السماء» التي ارتبط بها وعشقها وأصبح يغار عليها كما يغار المحب على محبوبته.


«رمضان» اقتحم مجال الضيافة الجوية قبل عدة سنوات، وتمكن عقب الالتحاق بإحدى شركات الطيران العالمية في أن يصبح مضيفًا محترفًا برتبه «طيار» لما لا وهو عين الطيار في قمره الركاب.


«بوابة أخبار اليوم» أجرت حوارًا مع «رمضان» للتعرف على تفاصيل رحلته في الجو، وكذلك سر اقتحامه هذا العالم المثير، فضلًا عن كواليس أسعد وأقسى لحظات على متن الطائرة، وإلى التفاصيل.. 

 


في البداية.. هل الطيران مهنة أم هواية بالنسبة لك؟
الطيران في بعض الوقت يكون هواية وأحيانًا يتحول إلى مهنة، فهو هواية لا مثيل لها عندما تطير الطائرة الصغيرة ذات المحرك الواحد من مدينة هيوسن إلي مدينه دالاس وقت الغروب لتناول العشاء مع صديق، لكنه يصبح مهنة عندما تستيقظ الساعة ٣ صباحا، لتطير بالركاب من القاهرة إلى الخرطوم و تعود، وفي جميع الأحوال متعه الطيران لا مثيل لها قادرة على أن تجعلك تنسى متاعبها.

 

ما سبب تفضيلك لدراسة الطيران؟
أبي كان السبب وراء دراستي للطيران، فقد كان يعمل كرئيس لطاقم الطائرة «رئيس المضيفين على طائرة»، كنت أسافر معه، وكان يصطحبني إلى مقصورة الطيار وكنت أنبهر بها وبجمال إضاءة مفاتيحها.

 

ما سر اختيارك «الضيافة الجوية» كبديل عن حلمك الأساسي وهو أن تصبح طيارًا؟
أعتقد أني تمكنت من تحقيق حلمي بالفعل، فأنا حاصل على رخصة طيار تجاري من مصر وأمريكا، وأطير على طائرات ذات المحرك الواحد ومحركين، وأعمل الآن على رخصة مدرب الطيارين لأصبح مدرب طيارين في أمريكا، هذا إن لم تتح لي الفرصة قبلها لأعمل كطيار في خطوط الطيران، وهذا هو الحلم الوحيد الذي لم أتمكن من تحقيقه حتى الآن.


أما عملي كمضيف جوي فهو لأني أحب مجال الطيران جدًا، أحب وجودي بالطائرات والمطارات وأحب السفر، فقررت ألا ابتعد كثيرًا عن «مقصورة الطيار» وأن أعمل خلفها، بالإضافة إلى إنها تتيح لي الفرصة أن أبحث عن عمل كطيار حول العالم وأذهب إلى مدرسة الطيران في مدينه أورلاندو لأتدرب لأصبح مدرب طيارين، ويتيح لي عملي الحالي كمضيف تعلم شيء جديد خلال كل رحله فتقريبًا كل رحله أذهب إلى مقصورة الطيارين وأتعلم منهم شيئًا جديدً حتى وإن كانت معلومة صغيرة.


«الضيافة مهنة عظيمه».. فكم أنقذ المُضيفين ركاب كانوا علي وشك الموت خلال رحلاتهم، وفي الشركة التي أعمل بها حاليا، أنقذ المضيفين عدد كبير من الأرواح على متن الطائرة بعد أخطاء طيران كادت تؤدي إلى حوادث مفجعه، فالمضيف هو عين الطيار في قمره الركاب.

 

 

في رأيك.. من المسئول الحقيقي عن عدم حصول الطيارين علي فرصة عمل مناسبة؟ 
هذه المشكلة بدأت في الظهور عندما تراجعت السياحة وتراجع إقبال السياح والمستثمرين إلى مصر مما أدي إلى نقص الركاب في شركات الطيران بشكل كبير جدا، وبالتالي فهناك خسارة كبيرة في معظم شركات الطيران، وتسببت كل تلك الظروف في عدم احتياج شركات الطيران إلى طيارين جدد لمدة طويلة، وفي نفس الوقت، استمر تزايد عدد دارسي الطيران بشكل كبير، مما أدى لتفاقم المشكلة يومًا بعد الآخر.


وأعلم جيدا أن الحلول ليست سهلة ولكنها ليست مستحيلة، والآن مع عودة ضغط الركاب على شركات الطيران من جديد، يجب أن تعمل وزارة الطيران على خطة لحل الأزمة، فيجب التعاون مع شركات الطيران الخاصة لتشغيل الطيارين الذين ليس لديهم خبره حتى إذا دفعنا ثمن التدريب جزء مقدم و جزء من مرتب، لكن يجب أن يكون موثوق و منظم مع الطيران المدني و يكون أمضاء العقد قبل التدريب، حتى لا ندفع المال و تستغني الشركة بعدها عن خدماتنا.


وهناك شركات كثيرة حول العالم تمكن الطيارين من الحصول على فرصة للتدريب بعد دفع مبلغ محدد – من مالهم الخاص- ثم يمنحوهم بعد ذلك فرصه العمل، ولكن دائما يوجد على الأقل شرط يجعلنا لا نصلح لهذا التدريب، فمثلا في كل أوربا يوجد شرط «الإقامة في أوروبا»، ومثل ذلك شروط صعبة في كل مكان، لذلك فإن تعاون وزارة الطيران سيسهل كثيرًا لحدوث اتفاقيات لتسهيل التدريبات.


ومن المهم الآن – من وجهة نظري- التركيز مع شركات الطيران الخاصة والشركة الوطنية لوضع خطة  لتعيين أكبر عدد ممكن للاستفادة من الطيارين لخدمه هذه البلد وليس بلد أخر، فالطيار هو عمله نادرة ومهمته لا يجب التفريط فيها بسهولة، بل على العكس يجب أن نساعده ولا نحطم مستقبله فقد أن أنفق الكثير من المال وبذل الكثير من الجهد ليحقق حلمه.

 

ما المجالات التي عملت بها قبل الضيافة الجوية؟
عملت في الكثير من المهن قبل أن أتمكن من الحصول على عملي الحالي، ومن ضمن ذلك عملي كـ«كاشير» في أحد المحلات الشهيرة ثم مديرًا للفرع، وبعد فترة أصبحت مندوبًا للمبيعات حتى أنهيت في تلك الفترة خدمتي العسكرية، وقررت التقديم كـ«مضيف للطيران» في شركة طيران الإمارات، لكنني منذ اليوم الأول كنت أواجه سؤالاً واحدًا طوال الوقت: «أنت طيار. ماذا تفعل هنا؟».

 

ما أصعب المواقف التي تتذكرها خلال عملك كمضيف؟
من أصعب المواقف التي أواجهها خلال عملي –نفسيًا- هي رؤية أحد الركاب مريض أو في حالة صحية حرجة، نحن مدربون علي أعلي مستوي و لكن يبقي الإحساس بالمسؤولية تجاه هذا الراكب، وأتذكر موقف لراكبة مريضة كبد كانت معنا على متن أحد الرحلات أصيبت بإعياء شديد قبل الهبوط بدقائق، وعلى الرغم من أننا حاولنا بذل كل ما نستطيع إلا إن حالاتها ظلت متدهورة حتى نقلتها الإسعاف من المطار.

 

ماذا عن أجمل المواقف التي واجهتها ؟

أجمل المواقف التي لا أستطيع نسيانها مشاركتي في رحلة متوجهة إلى موسكو خلال أول أيام كأس العالم، كان على متن الرحلة مشجعون من البرازيل والأرجنتين و استراليا وانجلترا، وكانت نصف الطائرة مشجعين مصريين، ولا أستطيع أن أنسى حالة  البهجة والسرور التي سادت على متن الطائرة، كنت سعيدًا ببلدي وعلمها يرفرف عاليًا.

 

كم عدد البلاد التي قمت بزيارتها؟ و ما أحب البلاد لقلبك؟
زرت ٤٩ دولة، أقربهم إلي قلبي مدينة ريو في البرازيل، وجزيرة موريش، وكذلك مدينة كيب تون في جنوب أفريقيا و مدينة اسطنبول في تركيا، وأيضا ذهبت إلي روسيا في كأس العالم وأحببتها كثيرا لكن هذا لأني أعشق كرة القدم.

 

 يقولون «للسفر ٧ فوائد» .. ماذا تعلمت من سفرك المستمر؟
السفر كله فوائد وليس ٧ فقط، أولها اختفاء ما يسمى بـ«عقدة الخواجة»، فمن يجتهد ويعمل ينجح، لا فرق بين جنسية وأخرى، كما أن السفر أكد لي أن مصر تملك كل مقومات النجاح التي قد لا تتوافر لدى بلدان أخرى، لكن هذه المقومات تحتاج للكثير من الجهد والعمل.

 

هناك الكثير من الأشياء الأخرى التي لن تتأكد منها إلا بواسطة السفر، كاكتشافك لنفسك ولأخلاقك الحقيقية عندما تعيش وحيدًا في «مجتمعات مفتوحة»، ستكتشف ما هو المعنى الحقيقي للحريات العامة والخصوصية، ستعرف أنه لا سلطة أو أفضلية لأحد على آخر، وأن الشعوب حول العالم لا تقبل أن تنتهك حقوقها وتهتم بالمحافظة عليها وحمايتها بشكل كبير.

 

السفر سيُتيح للشباب فرصة معرفة ما هي القيم الحقيقية للأشياء، وما يحتاجه فعليا لكي يبدأ حياته أو يتزوج على سبيل المثال بعيدًا عن كل العادات التي تربينا عليها، وسيعرف أنه يملك القدرة على تحقيق كل ما يريد، كمصري وكإنسان.

وفي الخارج ستعرف حقيقة المجتمعات وما هو نافع وضار، فدائمًا «يوجد الجيد والشيء»، في أي مكان بالعالم.

 

 

وأخيرًا.. ما نصائحك  لسفر آمن بتكاليف منخفضة؟
هناك بلدان آمنه وأخرى ليست كذلك معروفة بانتشار الجريمة، ولذلك أنصح الشاب الذي يسعى للسفر بالبحث جيدا حول البلد التي سيذهب إليها ويقرأ كثيرًا ويحاول معرفة كل المعلومات اللازمة عنها.


ولتكلفه أقل، عليك أن تتجنب الإقامة في الفنادق عالية التكاليف، لأنك في النهاية لا تريد سوى غرفة آمنة ونظيفة، وأعلم دائمًا أن كل ما هو خارج الفندق بما في ذلك الطعام، أرخص كثيرًا مما يقدم لك هناك.


ويوجد موقع على الإنترنت يسمى بـ couch surfing، وهو يسهل لك التواصل مع أشخاص آخرين في بلدان مختلفة يقدمون فرص للاستضافة في منازلهم بدون مال، ويكون مقابل خدمة أخرى مثل ممارسة لغة أو لتبادل السفر في منزلك داخل البلد التي ستكون أنت قادم منها، وعلى الرغم من أني لم أقم بتجربته لكني أعتقد أنه آمن. 


أريد أنصح الجميع مهما كانت ظروفك صعبه لا تستسلم، أسعى وراء حلمك و لا تمل مهما طال الوقت و مهما بعدت المسافة، إن استسلمت فهذا الحلم بالتأكيد لن يتحقق أبدا، و اعلم أن الناجح هو من له شأن في هذه الدنيا.


اليأس من تحقيق حلمك هو يأس في قدره الله، توكل علي الله وادعوا أن يحقق حلمك أن كان الخير فيه، و أعمل بكل جهدك و اعلم أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، وأخيرًا أنصح الجميع وأدعوهم دائمًا للسفر لأنه تثقيف للنفس.