في أعماق البحار..

كنوز جزيرة " نيلسون" التي غيرت التاريخ

 جزيرة نيلسون الاسكندرية
جزيرة نيلسون الاسكندرية

تعتبر جزيرة " نيلسون " واحدة من أشهر وأعرق الجزر في مدينة الإسكندرية حيث تقع علي بعد 4 كم شمال من رأس خليج أبي قير وثمانية عشر كيلومترًا من قلب الإسكندرية، وتسمي "ميناء الصيادين"، وتبلغ مساحتها 350 متر مربع،وتتميز جزيرة نيلسون بموقعها المتميز حيث أنها كانت تشكل المحطة الأخيرة في طريق مصر التجاري.

وأطلق عليها أهل الأسكندرية جزيرة " جريشه " وهي جزيرة التي لا يعرفها الاسكندريون سوى المهتمين منهم وهي مشهورة لهواة الصيد.


شهدت جزيرة نيلسون، التي شهدت بداية فشل الحملة الفرنسية على مصر بعد الهزيمة التي تلقاها الأسطول الفرنسي على يد نظيره البريطاني بمعركة أبو قير البحرية.

 

سبب تسميتها " نيلسون" :


سميت هذه الجزيرة بهذا الاسم نسبة إلى القائد الانجليزي "هوراشيو" أو "هورايتو " نيلسون وهو أعظم قادة البحر عند البريطانين الذي انتصر في معركة أبي قير البحرية على الأدمير " الـ برويس" قائد اسطول "نابليون بونابرت" في معركة النيل سنة 1798 ، و كان الجزيرة لها العديد من الأسماء منها "الدسوقي" ويعتقد أنه أحد البحارة الذين رسو عليها، كما أطلق عليها "اجروا" في العصور القديمة، وقبل 200 عام.
و في عهد الأسكندر الأكبر كانت جزيرة نيلسون عبارة عن رأس نتوء طويل يتصل بالأرض اليابسة من خلال لسان ضيق وكانت الجزيرة مليئة بالسكان قبل مجيء الأسكندر الأكبر للبلاد .

 

مدينة الموتى :


كانت جزيرة نيلسون في عهد المصريين القدماء تعتبر نيكروبوليس أو مدينة الموتى، فالجزيرة لا يصل لها النيل، ولا يوجد فيها أي مصدر للماء العذب، كما أنّه تمّ العثور على مقابر عديدة تظهر أسلوب المصريين القدماء في حفر القبور، فقد كانوا يحفرون بئراً عميقاً، ثم يحفرون بداخله نفقاً أفقياً لوضع جثة المتوفّى، ثمّ يردمون البئر بالرمال.

وجد المستكشفون وعلماء الآثار جثث موتى ملفوفة بأقمشة، أو محنطة (مومياوات) بعضها مزيّن بأعين صناعية أو ألوان متعددة، ووجدوا أيضاً أوانٍ موضوعة حول رأس المتوفّى تصل أحياناً إلى ست أوانٍ، وفي إحدى المقابر وُجد حول الهيكل العظمي أربع فجوات مغلّفة بأحجار رملية، وعند فتحها تمّ العثور على موادّ عضوية يعتقد أنّها أحشاء لميّت، حيث كان المصريون يقومون بإخراج أحشاء جثة المتوفّى عند تحنيطه، ووضعها في أوان كانوبية.

 تمّ اكتشاف جزء من موقع أثري ضخم، مغمور معظمه تحت مياه البحر، فقد كان الجزء العلوي من الجزيرة يشكّل أفضل مكان في الخليج للتحكّم في حركة الملاحة البحرية (بهيراكليون)، وكان يعتبر أكبر ميناء في مصر قبل تأسيس الإسكندرية.

 

الهزيمة الأولى لنابليون:

بالنسبة لنتائج معركة أبو قيرعلى حملة نابليون، فإن خسارة الأسطول البحري الفرنسي أفقدت نابليون الوسيلة التي كانت تؤمن له التواصل والمواصلات مع فرنسا، ومع أن نتائج هذه الخسارة لم تظهر بصورة فورية فالحملة برمتها حكم عليها بالفشل، ومن المميز في جزيرة نيلسون أن مياهها تضم عدداً من الآثار الغارقة كما أن أرض الجزيرة تضم بعضاً من الجبانات الآثرية.

يقول دكتور إيهاب فهمي، مدير إدارة البحر الأحمر للآثار الغارقة ، إن سبب اختيار نابليون لخليج أبو قير، ليكون موقعًا للمعركة هو أن المكان ضيق في الخليج وصعوبة أن تعبر سفن الأسطول الإنجليزي الكبيرة إلى هناك.


وأشار إلى أنه في النهاية تمكنت من العبور وانتصرت على الأسطول الفرنسي، وأحدثت فيه خسائر كارثية، لافتًا إلى أن قصف سفينة القيادة الفرنسية "اورينت"، أحدث انفجارًا  كان مسموعًا في مختلف أرجاء الإسكندرية.


وكشف "فهمي"، عن أن المدافع الحديد اللي كانت موجودة على سفينة القيادة "اورينت"، وجدت على بعد 150 متر من بعدها، وهذا يوضح مدى شدة الانفجار الذي شهدته السفينة ،و كانت الجزيرة مأهولة بالسكان منذ العصر الفرعوني المتأخر.

 

بعثة إيطالية تكشف الحياة اليومية لقاطنيها القدماء :


أضاف "فهمي"، أنه في عام 1998 بدأت إحدى البعثات الإيطالية برئاسة باولو جاللو، من جامعة تورينو العمل والبحث في الجزيرة تحت إشراف الإدارة العامة للآثار الغارقة، وأسفرت أعمال التنقيب خلال الـ 20 عامًا عن العثور على شواهد أثرية ثابتة وتؤرخ  للعصر الفرعوني المتأخر الأسرة 26 والأسرة 30، مرورا بالعصر الهلينستي والروماني وحتى العصر البيزنطي.

 

 وأثمرت جهودها بالكشف عن أكثر من 200 قطعة ذات أهمية أثرية كبيرة ساهمت بشكل أساسي في فهم حياة وثقافة قاطني الجزيرة القدماء.
ومن بين هذه الاكتشافات قطع ترجع إلى الأسرة المصرية السادسة والعشرين وإلى العصر البطلمي، هذا بالإضافة إلى بعض القطع والنقوش والقبور التي تعود إلى فترة الوجود البريطاني بعد معركة النيل في أغسطس من العام 1798.

 

وتابع "فهمي"، تم الكشف عن مقابر منحوته في الصخر للأسرة 26 والأسرة 30 وهناك حائط من العصر الهلينستي للقلعة، خلال القرن الرابع قبل الميلاد، ربما ينتمي لأحد الحصون على الجزيرة وصهريج مياه عملاق يؤرخ للقرن الخامس والرابع قبل الميلاد، يتكون من أربعة أحواض أبعادها من13 إلى 4 لكل حوض ووجود شبكة من قنوات المياه التي تمتد على سطح الجزيرة في الجهة الغربية منها والتي تستقبل مياه الإمكان الغزيرة على الجزيرة في معظم فصول العام لتزويد الصهاريج بمياه الأمطار.


ولفت "فهمي"،إلى أنه قد تم الكشف عن قطع أثرية كثيرة ساهمت بشكل أساسي في فهم حياة وثقافة ساكني الجزيرة القدماء، ومن هذه الاكتشافات التي تم اكتشافها الكثير من  القطع الآثرية التي ترجع إلى العصر البطالمي، وأيضًا اكتشفوا بعض القطع والنقوش والقبور القديمة.

 

وأضاف": أنه لا شك أن موقع الجزيرة على مر العصور كان يمثل نقطة استراتيجية هامة على مدخل خليج أبو قير، حيث مدينة كانوا وهيراقليوم وهمت كانا من أكبر المدن المعروفة في العصر القديم بشمال الدلتا والتي تقع على مصب فرع النيل الكلوي والمطلة على خليج أبو قير.

 

وأشار إلى أنهم تقدموا بمشاريع للحفاظ على الآثار الموجودة على الجزيرة ومقاومة عوامل التدهور الطبيعية والبشرية.
ولفت "فهمي"،إلى أن متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية به 183 قطعة من القطع الأثرية المكتشفة على جزيرة الإسكندرية، حيث عثر بالجزيرة على الكثير من الأواني الخزفية المبعثرة وآثار وجدران قديمة ومبانٍ وقبور منسية.

 

نبذة تاريخية :


في أواخر عصر الأسرات المصرية القديمة (من الأسرة السادسة والعشرين حتى الأسرة الثلاثين) اقتصر استخدام جزيرة نيلسون كجبَّانة من قِبل سكان كانوب وهيراكليون، وهما مدينتان كبيرتان تقعان على بعد بضعة كيلومترات من الجزيرة، وهما غارقتان في أعماق خليج أبي قير حاليًّا.
 وفي عهد الإسكندر الأكبر كانت جزيرة نيلسون، والتي يبلغ طولها في الوقت الحالي حوالي 350 مترًا، عبارة عن رأس نتوء طويل يتصل باليابسة من خلال لسان ضيق؛ إذ إن البقايا الأثرية التي عُثر عليها بالجزيرة تشير إلى أنها جزء من موقع أثري ضخم أغلبه مغمور تحت مياه البحر.


وفي نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، أقام الإغريق مستوطنة جديدة على موقع الجبانة المصرية القديمة، وكان ذلك خروجًا عن العرف اليوناني القديم الذي لم يعهد بناء المدن على أماكن الجبانات.


وتفسر الأهمية الاستراتيحية للموقع هذا الاختيارغير التقليدي؛ فقد كان الجزء العلوي من الجزيرة هو أفضل مكان في الخليج للتحكم في حركة الملاحة البحرية بهيراكليون؛ حيث كان أكبر ميناء في مصر قبل تأسيس الإسكندرية.


وقد اكتسبت تلك المستوطنة الإغريقية في جزيرة نيلسون، والتي لا يزال اسمها القديم مجهولاً، أهمية خاصة في عهد الملك بطلميوس الأول.
واتضح اهتمام تلك المملكة البطلمية الوليدة من خلال تشييد العديد من المباني العامة الضخمة؛ فبُنيت الجدران الحجرية الضخمة، التي يبلغ سُمكها خمسة أمتار، لحماية الجزء الشرقي من المستوطنة، بينما شُيِّد على الجانب الغربي مبنى كبير - ربما كان معبدًا - على الطراز الدوري، ويتراوح طول أعمدته من سبعة إلى ثمانية أمتار.


وعلى مسافة قريبة يوجد صهريج عام ضخم لمد المستوطنة بالمياه، ويبلغ طوله 26 مترًا وعرضه 13 مترًا وبه أربعة أحواض متصلة ببعضها لتوصيل للمياه تسع مجتمعةً 1000 متر مكعب.


وربما يُعد هذا الصهريج أكبر الصهاريج التي تؤرخ إلى العصر الهلِّينستي المبكر في منطقة البحر المتوسط، والتي كانت مـٌعدَّة لتجميع مياه الأمطار.


أما فيما يخص الحي السكني، فقد كان يتكوَّن من مبانٍ ضخمة، لها جدران مزخرفة، مُصممة وفقًا للطراز اليوناني.


وضمت المنازل مطابخ كاملة وحمامات وغرف للنوم، وبما أن أعمال التنقيب بصفة عامة في الإسكندرية لم تسفر عن منازل كاملة، فقد صارت لمساكن جزيرة نيلسون وأطلالها أهمية أثرية فريدة.


وعلى الرغم من هذه الاستثمارات الحكومية، فإن عمر الاستيطان اليوناني في جزيرة نيلسون كان قصيرًا للغاية؛ فلأسباب لا تزال غير معروفة، هَجَر السكان جزيرة نلسون في نهاية الربع الأول من القرن الثالث قبل الميلاد، تاركين خلفهم العديد من الأدوات المستخدمة في الحياة اليومية التي عثر عليها علماء الآثار في موضعها الأصلي داخل المنازل.


وحيث إنه لا توجد إشارات واضحة لتعرُّض الموقع للاحتلال أو لاستخدامه لأغراض الدفن في أواخر العصر البطلمي أو العصر الروماني، فربما كان التغيُّر الجيولوجي الذي حوَّل هذا اللسان البحري إلى جزيرة صغيرة خلال النصف الأول من القرن الثالث قبل الميلاد هو سبب هجر الموقع.
 وفي القرن الخامس الميلادي، أصبحت الجزيرة محجرًا؛ حيث شكل العمال مستوطنة فقيرة هجرها سكانها في نهاية القرن السابع الميلادي، وهو نفس وقت هَجْر كلٍّ من  مدينتي كانوب وهيراكليون.


وفي أثناء الحروب البريطانية الفرنسية، والتي كان الغرض من ورائها السيطرة على البحر المتوسط، أصبح خليج "أبي قير" هدفًا حساسًا، ولعبت جزيرة نيلسون دورًا استراتيجيًّا هامًّا نظرًا لموقعها الجغرافي في  قلب الأحداث.


فبعد "معركة النيل" عام 1798، احتلت البحرية البريطانية جزيرة "أبي قير" وأعاد الجنود تسميتها على اسم قائدهم الأدميرال "هوراشيو نيلسون"، وفي عام 1801 استخدمت القوات البريطانية التابعة للجنرال "أبركرومبي" خليج "أبي قير" مكانًا لنزول حملتهم  بمصر.


وخلال تلك العمليات أصيب كثير من البريطانيين، كما دُفن العديد منهم في جزيرة نيلسون.


وقد جرت بعض أعمال الحفائر في "جبانة الحرب" تلك، وتلاها في عام 2004 إعادة دفن رفات الجنود البريطانيين في مقبرة "الكومنولث" العسكرية في منطقة الشاطبي بالإسكندرية.

 

"بوابة أخبار اليوم " تعرض 4 أنشطة يمكنك القيام بها في جزيرة نيلسون الاسكندرية:

 

• الجلوس على أرض جزيرة نيلسون والاستمتاع بمنظر الطبيعة الخلاب والمياه التي تحيطك من كل الجوانب والاسترخاء والتمتع بالجو الاستثنائي الذي تتميز بها جزيرة نيلسون الاسكندرية هو أهم ما يمكنك القيام به على أرض الجزيرة الرائعة.


• ولعشاق الصيد يمكنك أيضاً التمتع بتجربة الصيد الفريدة اثناء الرحلة إلي هذه جزيرة نيلسون، ولكن يستحسن اختيار الوقت المناسب لتجنب تلاطم الأمواج والحصول علي رحلة سلسة ، في الوقت الحالي الجزيرة لا يزورها سوى المهتمين بالصيد ولا يعرف عنها المواطنون العاديون شيئًا.


• كما يمكنك القيام برحلة غطس في مياه الجزيرة للاستمتاع بمشاهدة الآثار البطلميه الغارقة بين التماثيل وأطلال المعابد وقطع المجوهرات التي تخص ملوك وملكات البطالمة.


• كما يمكنك التجول على أرض الجزيرة ومشاهدة الجبانات الآثريه الموجودة هناك، والتي يمكنك من خلالها التعرف على طريقة المصرين القدماء في حفر المقابر ومعرفة تاريخهم.


ويتوافد على الجزيرة عدد من هواة الصيد بهدف قضاء وقت ممتع عليها في ممارسة هوايتهم المفضلة يبدأ من استقلال القارب البخاري من ميناء أبو قير، وتستمر بالوصول إلى الجزيرة والتي ستشعر بأجوائها المثيرة، حيث إنها كانت موطناً للفراعنة والإغريق سكنوا وعاشوا فيها قبل بناء الإسكندرية.


- الرحلة من الساحل للجزيرة تستغرق من 45 إلى 50 دقيقة، لافتًا إلى أن هناك نحو 9 " لانشات " تعمل فى نقل الراغبين فى زيارة الجزيرة يوميًا، يحمل الواحد منها 9 أشخاص بمبلغ 50 جنيهًا للفرد الواحد.


كما لم تدرجها الشركات السياحية على جداولها رغم أنها تذخر بالكثير من الآثار الغارقة التي تظهر واضحة من خلال المياه الشفافة.