قضية القس برانسون.. شبهة صفقة لـ«أردوغان» تضع استقلالية القضاء التركي على المحك

رجب طيب أردوغان ودونالد ترامب
رجب طيب أردوغان ودونالد ترامب

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة 12 أكتوبر، إن القس الأمريكي آندرو برانسون سوف يصل إلى قاعدةٍ عسكريةٍ قرب واشنطن غدًا، ويزور البيت الأبيض على الأرجح في اليوم نفسه، معربًا عن شعوره بالشرف العظيم لعودة القس الأمريكي إلى بلاده مرة أخرى.

 

القس آندرو برانسون كان أصلًا للخلاف الناشيء في الآونة الأخيرة بين الولايات المتحدة وتركيا، واستدعى تعنت تركيا في إطلاق سراحه فرض واشنطن رسومًا جمركيةً مضاعفةً على أنقرة، وهو ما نال بصورةٍ كبيرةٍ من الاقتصاد التركي، وأفقد العملة المحلية "الليرة" نحو 40% من قيمتها.

 

ومكث برانسون نحو عامين خلف الأسوار في تركيا، فقد غيبته السجون التركية منذ أكتوبر عام 2016 على خلفية اتهاماتٍ بالإرهاب وبالصلة بشبكة فتح الله جولن، المتهمة بالضلوع وراء الانقلاب العسكري الفاشل منتصف يوليو من ذاك العام.

 

ولطالما أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصريحاتٍ رنانةً حول عدم قبوله بفكرة الإفراج عن برانسون، كان آخرها يوم الخميس الماضي، حينما قال "تركيا دولة قانون، وعلى الجميع احترام القرار الذي سيصدر بحق القس الأميركي آندرو برانسون الذي يحاكم في تركيا بقضايا تجسس وإرهاب".

 

الحكم النهائي

 

أردوغان رمى الكرة في ملعب القضاء الذي لم يتأخر ليصدر حكمًا في اليوم الموالي حمل فحواها الإفراج عن القس الأمريكي برانسون، والسماح له بالسفر خارج تركيا، وهو ما بات مؤكدًا وفقًا لتصريح الرئيس الأمريكي ترامب، ومن قبله محامي برونسون نفسه.

 

والحكم الصادر بحق برانسون هو السجن ثلاث سنوات وشهر و15 يومًا، مع رفع الإقامة الجبرية عنه والسماح له بالسفر إذا أراد، وذلك بعد أن كان يتوقع أن يتم إنزال حكمٍ على القس الأمريكي بالسجن نحو 35 عامًا مع بداية سير القضية.

وينص الدستور التركي على إطلاق سراح من يحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بعد قضائه سنتين في السجن، وهو ما حدث مع برانسون.

 

أحاديث عن اتفاق مسبق

وقبيل أن تقضي المحكمة التركية حكمها، كشفت محطة "إن.بي.سي نيوز" الأمريكية، في وقتٍ سابقٍ الخميس، أن الولايات المتحدة وتركيا، توصلتا لاتفاق يطلق بموجبه سراح برانسون، وتسقط اتهامات بعينها موجهة له خلال الجلسة المقبلة من محاكمته المقرر عقدها الجمعة.

وأشارت المحطة إلى أن الاتفاق جرى بين زعيمي البلدين أواخر سبتمبر الماضي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي جرت في مقر المنظمة بمدينة نيويورك.

وباتت تحوم الشكوك في تركيا حول استقلالية القضاء، بعد أن دخلت التعديلات الدستورية الجديدة حيز النفاذ، وهي تتيح للرئيس التركي تعيين أربعة أعضاء في المجلس الأعلى للقضاة والمدعين، وهو المجلس الذي يملك سلطة التعيينات والإقالات في السلك القضائي، في حين يملك البرلمان بأكمله سلطة تعيين سبعة أعضاء، وهو الأمر الذي لم يكن موجودًا في بلاد الأناضول من قبل.

كما أن البرلمان التركي يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس التركي أردوغان.

وإن صحت أقاويل محطة "إن.بي.سي نيوز" فإن سمعة القضاء التركي واستقلاليته قد ضربت في مقتلٍ، ما دام الحديث الآن يشير إلى وجود اتفاقٍ مسبقٍ بين أردوغان وترامب حول الإفراج عن القس الأمريكي، مقابل إعفاء أنقرة من العقوبات الاقتصادية الموقعة عليها.

وفي ضوء التعديلات الدستورية الجديدة التي تخول لأردوغان تعيين أشخاص بعينهم في أعلى سلطة قضائية في البلاد، أصبح الجزم بالتدخل في أعمال محكمة ليس محض افتراءٍ، خاصةً أن جلسة المحكمة يوم الجمعة شهدت تغييرأربعة شهود أقولهم، في محاكمةٍ وصفها مراقبون أتراك بالشكلية والهزلية في آنٍ واحدٍ