حكايات| «جيم» المكفوفين.. حلم الأهلي يبدأ من صالة حديد «ميت جابر»

حكايات| «جيم» المكفوفين.. حلم الأهلي يبدأ من صالة حديد «ميت جابر»
حكايات| «جيم» المكفوفين.. حلم الأهلي يبدأ من صالة حديد «ميت جابر»

في زمن توقفت فيه المعجزات، صار ناصر ومحمود «مُعجزة ثنائية»، ترى بنور الله ما فقدته أعينهم، حتى أبصرت عقولهم بأن قهر الظلام يبدأ من صالة الجيم.

 

كونهما من ذوي الاحتياجات الخاصة، أحدهما كفيف والثاني لديه رؤية ضعيفة، اتخذ كل منهما يد الثاني «عكاظ نور»  يتكأ عليه إلى أن يصل إلى صالة «الجيم»، فهناك يجد كل منهما نفسه بين قطع الحديد المتناثرة.

 

هناك في قرية ميت جابر، بمركز بلبيس، في الشرقية، رسم الشابان المكفوفان خيوط قصتهما ودوناها بعرق كل كيلو حديد رفعاه في انتظار حلم الانضمام إلى الأهلي أو أحد الأندية الكبرى.

 

 

حلم كرة الجرس

 

بوجه بشوش يشع منه نور التفاؤل، يواصل «ناصر» ابن الـ 18 ربيعًا، مشوار تعليمه بمدرسة النور للمكفوفين، يحمل وجهه الكثير من المعاني التي تدعوك لاكتشافها رغمًا عنك.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| درب المهابيل.. «خمارة» من العصور الوسطى وجامع من «العظام» 

 

بين صالة الألعاب الرياضية، يعيد «ناصر» اكتشاف نفسه، يوميًا، لما لا وفيها البوابة الأولى لحلم رياضة «كرة الجرس»، وهي رياضة خاصة بالمكفوفين.

 

ورغم إحباط كثيرين ممن حوله له ورفض المحيطين به لممارسته هذه الأنواع من الرياضة خوفًا على من التعرض للأذى، إلا أنه أصر على تحقيق هدفه رافضًا أن يرى سوى الضوء الوحيد الذي يشعره بأنه لا يوجد مستحيل.

 

«بأحس بقوتي البدنية مع لعبة الجيم لأنها تساعدني على القوة البدنية، وممارسة لعبة كرة الجرس للمكفوفين، نفسي أخد بطولات، ومش ببص لكلام الناس، وبالنسبة لأهلي في الأول كانوا خايفين عليا أني اتعور، بس بعد كده شجعوني».

 

صديق الجيم

 

بنفس العمر، يمسك «محمود شحتة محمود حسبة»، من قرية بشتا عامر بمركز منيا القمح في محافظة الشرقية، طالب  بالصف الأول الثانوي، بيد صديقه ناصر ليلعب معه «كرة الجرس»، بالإضافة إلى بعض ألعاب القوى لتقوية عضلات اليد للقدرة على الإمساك بالكرة ورميها بدون التعرض لأذى. 

 

اقرأ للمحرر أيضًا|  الاسكوتر «مش بس للرجالة».. شعار آلاء وشيماء على الطريق 

 

يذهب محمود مع صديقه ناصر إلى صالة «الجيم» باستمرار، حيث يجمعهما نفس الهدف ويجدان في اتحادهما قوة تدفعهما إلى الاستمرار.

 

لكن بقدر سعادة محمود بتحقيق حلمهما إلا أن مأساة تجاهل الأندية للمكفوفين، دفعت «محمود» لمناشدة وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، الاهتمام بشكل أكبر بالمكفوفين، والمساعدة في تخصيص فرق لهم بكل الأندية حتى يتثنى لهم المشاركة وإظهار مهاراتهم لأنهم جزء من المجتمع.

 

 

قريبًا.. كونغ فو

 

بصبر ورضا، رسم مدرب الشابين المكفوفين، أحمد قاسم، ملامح برنامج تدريبهما داخل صالة الجيم، دون مقابل، معتبرًا النجاح الذي يحققانه هو المقابل الذي لا يعادل أموال الدنيا، حيث لا يتقاضي أي أموال مقابل المجهود الذي يبذله لتدريبهم.

 

وعبر  قاسم عن سعادته بذكاء هذين الشابين وقدراتهما خلال التدريب، قائلا: «ربما لم ينعما بالنظر، ولكن أنعم الله عليهما بالبصيرة والعزيمة والإرادة» وهو ما ليس لدى الكثيرين من المبصرين.

 

أما صاحب الصالة الرياضية،  أحمد فيصل، فلم يكتف بفتح الصالة لهما للتدريب «مجانًا»؛ بل أتاح لهما فرصة التدريب خلال الفترة المقبلة في لعبة الكونغ فو «مجانًا» أيضًا، ليصبحا من أوائل المكفوفين فيها.