أفغانستان بعد 17 عامًا من الحرب الأمريكية.. القتل والدمار متلازمان

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

17 عامًا مضت سريعًا على بدء العدوان الأمريكي على أفغانستان، ذاك العدوان الذي خلف الدمار في البلاد، دون أن يحقق أهدافه التي قالت عنها واشنطن وقتها إنها تشن الهجوم للقضاء على أعضاء تنظيم القاعدة، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر التي تبناها التنظيم آنذاك.

والغاية الوحيدة التي حققتها واشنطن من الهجوم العسكري هو التمكن من إسقاط حكم حركة طالبان، المدعومة من تنظيم القاعدة، لكن الحركة بقيت إلى الآن موجودةً على الساحة بتنظيماتها العسكرية تؤجج الصراع في الأراضي الأفغانية

ومع حلول الذكرى الـ17 لبدء الحرب الأمريكية على أفغانستان، لقي 10 من رجال الشرطة الأفغانية مصرعهم خلال اشتباكاتٍ عنيفةٍ اندلعت بينهم وبين مسلحي حركة طالبان في ولاية وردك وسط البلاد.

ووفقًا لما ذكره المتحدث باسم مكتب مدير الولاية عبد الرحمن منغال، فإن مسلحي التنظيم لم يكتفوا بذلك بل قاموا بالهجوم على عددٍ من المساكن، ودمروا نقاط التفتيش التي تم بناؤها مؤخرًا، ومنعوا الدخول إلى عددٍ من الأحياء المحلية في الولاية.

واقعًا تعيشه أفغانستان في ذكرى حرب الولايات المتحدة عليها، يظهر مدى استمرار حالة عدم الاستقرار في البلاد رغم مرور السنوات على الغزو الذي أعقب حربًا أهليةً دارت رحاها بين عامي 1996 و2001.

العمليتان الأمريكيتان

عمليتان عسكريتان شنتهما الولايات المتحدة على أفغانستان في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر لا تزال توابعهما من فرض حالة عدم الاستقرار في كابول وما حولها من المدن إلى غاية الآن.

العملية الأولى كانت بدءًا من السابع من أكتوبر من عام 2001، أي بعد أقل من شهرٍ واحدٍ على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وسمتها الولايات المتحدة عملية التحرير الدائمة واشترك في هذه العملية دول أخرى، أبرزها بريطانيا، الشريك الأساسي للولايات المتحدة في عملياته العسكرية ردًا على أحداث 11 سبتمبر.

وكانت العملية تهدف إلى تدمير مواقع ومعسكرات تنظيم القاعدة في أفغانستان، وترصد زعيم القاعدة آنذاك أسامة بن لادن، إضافةً إلى إزالة حكم حركة طالبان المدعومة من تنظيم القاعدة، وكان النطاق الجغرافي لهذه العملية هو الجزء الشرقي والجزء الجنوبي من أفغانستان والحدود الأفغانية مع باكستان.

أما العملية الثانية فكانت في ديسمبر من العام ذاته، شنتها قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان "إيساف"، وكانت الولايات المتحدة هي قائدة العمليات رفقة بريطانيا وأربعين دولة أخرى، إضافةً إلى دعمٍ من القوات البرية لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، واستهدفت هذه العملية إلى القضاء نهائيًا على حركة طالبان، التي استعادت قوتها بعدما تم إسقاط حكمها.

ثمن الحرب والمماطلة الأمريكية

الشعب الأفغاني دفع ثمن هذه الحرب من دمائه، فقد بلغ عدد الضحايا من المدنيين على مدار عشر سنوات منذ 2001 حتى 2011 نحو مائة وخمسين ألف قتيلٍ حسب عضو مجلس البرلمان الأفغاني رمضان بشار دوست، الذي أكد وقتها أن هذه الحرب لم تصب في مصلحة الشعب الأفغاني.

ورغم انقضاء هذه الحرب سريعًا إلا أن القوات الأمريكية ظلت متمركزةً في أفغانستان حتى عام 2014، بعد مماطلةٍ مستمرةٍ من الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش خلال حقبته الممتدة لعام 2008، قبل أن تنسحب القوات الأمريكية خلال الولاية الثانية للرئيس السابق باراك أوباما.

التسوية غائبة

ومع حلول الذكرى السابعة عشر للحرب، لا تزال آفاق التسوية في أفغانستان بعيدة المنال إلى حدٍ ما، بين الحكومة الأفغانية المتمثلة في الرئيس أشرف غني وحركة طالبان، وجرى تنفيذ أكثر من هدنةٍ بين الجانبين في الآونة الأخيرة لكنها لم تخفف من وطأة الصراع.

 وأبدت موسكو في الأيام الأخيرة استعدادها لمناقشة أمر التسوية بين الجانبين، بيد أن واشنطن لا تزال تحظر على كابول قبول المقترحات القادمة من روسيا.

هجمات على حملات انتخابية

حال أفغانستان لم يتحسن حتى على الصعيد الانتخابي، وخير دليلٍ على ذلك التفجير الانتحاري وسط حشد انتخابي بإقليم نانجارهار، شرق أفغانستان الثلاثاء الماضي، أودى بحياة 18 شخصًا، كما أن حملات الترهيب تطال عددًا من المرشحين وحملاتهم الانتخابية.

الأمر استدعى قلق بعثة الأمم المتحدة هناك، وحثت جميع الأطراف إلى نبذ العنف والترهيب بحق المرشحين والناخبين، وذلك في وقتٍ تقوم جماعات مسلحة متشددة بمحاولة وأد فكرة الانتخابات.

17 عامًا مضت ولا تزال أفغانستان في أتون الصراع المسلح، الذي جلب الدمار للبلاد، دون أن يتم إعمال صوت العقل بعد، ليبقى مستقبل الشعب الأفغاني ملبدًا بالغيوم إلى الآن.