عم حمزة .. مهندس البناء بـ «الكرشيف» السيوى

 عم حمزة رغم كبر سنه مازال يعمل فى  مشروع ترميم شالى
عم حمزة رغم كبر سنه مازال يعمل فى مشروع ترميم شالى

أنشأ معظم بيوت الواحة ويقود حالياً مشروع ترميم «شالى» وعمره 86 عاماً


على الرغم من تجاعيد الزمن التى تظهر على قسمات وجهه ولون بشرته السمراء التى اكتسبها من شمس واحة سيوة وسنوات عمره التى تجاوزت الثمانين عاما بستة أعوام، إلا أنه مازال يعمل بيديه فى مجال المعمار بواحة سيوة حتى وهو فى ذلك العمر، ضاربا المثل لكل شباب الواحة الخضراء فى الاجتهاد والإخلاص فى العمل.

 

يعرفه الصغير والكبير فى كل أرجاء تلك الواحة الجميلة الأسطورية، ويعتبرونه القدوة والمثل لهم فى كل مجالات الحياة البسيطة التى يعيشونها، يستيقظ عم حمزة كل يوم قبل طلوع الشمس، وهكذا تعود منذ صغره، يبدأ يومه بأداء صلاة الفجر.

 

ثم يتناول طعام الإفطار مع أحفاده بالقرب من منزله الصغير الموجود فى وسط واحة سيوة، هو المبنى الذى بناه بيده من طبقات الكرشيف، ويودعهم ساعيا إلى عمله اليومى الذى ظل أكثر من ستين عاما يقوم به فى مجال المعمار، وتخصص فيه وبرع.

 

وأصبح من المعدودين الذين يعرفون كل أسرار العمل بـ «بالمونة السيوى» التى تعد المادة الرئيسية للمعمار والبناء فى الواحة، ويعود إلى منزله قبل غروب الشمس لتناول طعام العشاء مع أسرته الكبيرة، ويخلد بعدها إلى النوم فى الثامنة مساء، وهكذا يعيش الرجل حياته فى كل يوم وهو راض مطمئن لا يعكر صفو حياته أمراض العصر ولا ضجيج وصخب المدن.

 

كانت «الأخبار» على موعد بصحبة د.عبدالعزيز الدميرى مدير عام آثار مطروح وسيوة وأحد أبناء الواحة لزيارة عم حمزة فى منزله، حيث قابلنا بترحاب وود شديد، وحكى لنا قصته مع عمله فى مجال المعمار البيئى.

 

وكما يقول : اسمى حمزة حميدة محمد، من مواليد واحة سيوة عام 1933 وانتمى إلى قبيلة الظناين إحدى قبائل واحة سيوة الإحدى عشرة، وذهبت للكتاب لحفظ القرآن الكريم ولم استكمل تعليمى نظرا لعدم وجود المدارس آنذاك، وتعلمت أصول البناء والمعمار فى الواحة، ويسترجع لنا شريط الذكريات.

 

فقد بدأ العمل مبكرا وهو فى سن الخامسة عشرة كمناول للمونة التى كانوا يحصلون عليها من مخلفات البرك، ويعتمدون عليها فى بناء البيوت بأجر يومى قرشين صاغ واستمر فيها حتى أتقن المهنة وهو فى العشرين من عمره ليبدأ بناء البيوت السيوى القديمة من مادة الكرشيف وهى المونة السيوى المخلوطة بالماء والطين والملح.

 

ويقول : «شاركت فى بناء أكثر من ثلث منازل الواحة»، ويشير إلى أن مدة بناء المنزل تتراوح ما بين 15 و20 يوما على حسب المساحة، لم ينس أن يشير إلى أنه شارك فى بناء القرى البيئية وبيت الثقافة السيوى وبعض المبانى التابعة للمجلس.

 

وعن الأدوات التى يستخدمها فى البناء قال إن يديه هى «المسطرين» وعينيه هى «الميزان» وعقله هو «الخيط» وهى أدوات المعمار المستخدمة حاليا، موضحا أنه مازال يعمل بيديه حتى الآن وعلى الرغم من أن له 9 أبناء من بينهم 4 ذكور، ولكنهم لم يتخصصوا فى «معمار المونة السيوى»، وعملوا فى مجال المعمار الحديث الذى يعتمد على الطوب والأسمنت.

 

وقد وقع الاختيار خلال الأسابيع الماضية على عم حمزة للعمل بمشروع ترميم قرية شالى القديمة لإحياء التراث السيوى تاريخيا، وكان أول من بدأ العمل فيه بكل الحب والأمل لإحياء تلك المنطقة التى تعد جزءا حيويا من تاريخ الواحة، وفى نهاية اللقاء سألناه عن أمنياته فقال: «أتمنى الخير لمصر وأهلها وأن يعمل كل مصرى فى مجاله بإخلاص وتفانٍ لنبنى قرانا ومدننا ووطننا الكبير» .