رغم الاختراقات.. الطريق الدائري يتنفس بعد حظر النقل

سيارة نقل تسير على الدائري بعد تطبيق قرار الحظر
سيارة نقل تسير على الدائري بعد تطبيق قرار الحظر

- سائقون يخترقون القرار بحجة «أكل العيش».. والمواطنون : لا بد من ردعهم
- خبير مرورى: القرار يطبق بكل حسم والجزاءات مصير كل المخالفين


بدأت الإدارة العامة للمرور تطبيق قرار مجلس الوزراء بحظر سير سيارات النقل الثقيل، التى تزيد حمولتها على أطنان على الطريق الدائري، لتوجههم إلى الطريق الإقليمى الجديد، خلال الفترة من السادسة صباحاً وحتى منتصف الليل، إلا أنه بالرغم من التزام معظم سائقى النقل بالقرار فهناك العديد من المخالفات من قبل بعض السائقين تهدد بتحويل القرار الذى أسعد الآلاف من مستخدمى الطريق الدائرى وحقق سيولة مرورية ملحوظة، إلى حبر على ورق.


ويخشى مستخدمو الطريق الدائرى من  أن تتسبب تلك المخالفات، والتى تتم بوضح النهار مخترقة ساعات الحظر، فى عودة الأزمات إلى الطريق الحيوي، خاصة مع انطلاق العام الدراسى وزيادة عدد السيارات المستخدمة للدائري، ومن هنا انطلقت «الأخبار» فى جولة امتدت من منطقة المنيب إلى القومية، والتى دائما ما شهدت تكدساً مرورياً قبل القرار، لرصد الواقع من جهة والاستماع لردود أفعال المواطنين من جهة أخرى.


بدأت الجولة بأعلى دائرى المنيب، والذى ساده على عكس المعتاد حالة من الهدوء والسيولة الملحوظة، فبالرغم من وجودنا بإحدى ساعات الذروة، إلا أن أصوات «كلاكسات» النقل المزعجة اختفت واكتفى الطريق بأصوات إطارات السيارات على الرصيف المختلطة بنداءات أصحاب «الميكروباصات» لتحميل الركاب بين حين وآخر، ومع ذلك فإن المشهد يخترقه وبشكل مفاجئ أحد أبواق سيارات النقل الثقيل المحملة بمواد بناء، لتعلن وجودها ضاربة بالقرار عرض الحائط، وعلى مدار عدة ساعات قضيناها نراقب الطريق، تكرر هذا المشهد مراراً، والذى تنوعت مبرراته مابين سائق وآخر.


وردية واحدة


فى البداية يؤكد محمد صبري، أحد سائقى النقل الثقيل، أن حظر سيرهم على الدائرى طوال هذه المدة سيضطرهم إلى العمل بوردية أو نقلة واحدة فقط، بدلا من نقلتين أوأكثر على مدار اليوم، قائلاً :» هذا ماحدث معى منذ بداية تطبيق القرار فاتفقت مع صاحب العمل على وردية واحدة فقط بعيدا عن ساعات الحظر، مما قلل من دخلى اليومى المعتاد، فاضطررت للعودة مرة أخرى للدائرى لعمل أكثر من وردية حتى ولو بمخالفة القرار»


ويضيف صبرى :أن تلك أزمة كبيرة سيعانى منها جميع السائقين، وفى حالة الإلتزام واستخدام الطرق البديلة ستزداد الأعباء كتكلفة السولار التى يمكن أن تزيد بمعدل 200 جنيه، ناهيك عن الحمل الزائد على السيارات والذى سيؤثر بالسلب على كفاءتها واستهلاك المزيد من قطع الغيار التى ارتفع سعرها أيضاً، مشيرًا إلى أنه لابد من النظر أيضا إلى مصلحة السائق البسيط قبل اتخاذ أى قرار يضر بقوت يومه.


وتابع قائلاً :»لو أن هناك أمراً سيجعلنى التزم بالقرار فسيكون خوفى من الغرامة التى لا استطيع بالفعل تحملها، ومع ذلك فإن مكوثى فى المنزل والبحث عن مهنة أخرى سيكون أفضل حالاً من وجهة نظري».


هروب من الغرامة


أما أحمد أيمن فيشير إلى أنه يلتزم بتطبيق قرار الحظر فى بعض الأحيان، لكنه اعترف أن هناك طرقاً أخرى يتبعها السائقون للهروب من الغرامة أو العقوبة، إذا اضطروا للصعود على الدائرى فى ساعات الحظر وذلك فقط لحاجتهم الفعلية لذلك، ويضيف أن سائقى النقل لايشجعون السير المعاكس أو الحمولة الزائدة وإنما يريدون النظام فقط، لكن العمل بساعات محدودة ليلاً على الطريق الدائرى سيقلل من العمل وبالتالى يتأثر دخل السائق بالسلب، مع زيادة أعباء الحياة وكثرة الالتزامات تجاه الأسرة.


ويقول أيمن :إنه لا يمانع السير على الطرق الجديدة كونها أكثر اتساعا وأمانا وغيرها من المميزات، لكن حاجة الشغل وأماكن نقل البضائع تتطلب غالبا السير على الدائري، واستخدام طريق آخر سيستغرق الكثير من الوقت والتكلفة، موضحاً أن فترة السماح بالعمل على الدائرى التى تمتد من منتصف الليل للسادسة صباحاً تكثر بها المخاطر خاصة مع انتشار البلطجية على الطرق، فعادة ما يتعرض السائق للسرقة بل أحيانا للإصابة نظراً لحاجة السائق للراحة فى بعض الأحيان أو التوقف لتناول الطعام أو الشراب.


بينما يقول محمد دسوقى إنه يحترم القانون لكن القرار أضر بعمله كثيرا، لذا يضطر أحيانا إلى السير على الدائرى فى أوقات الحظر نظرا للمسافة الكبيرة التى يقطعها لإيصال البضائع، ومن الصعب قطعها من خلال الطرق البديلة، مطالبا المسئولين بضرورة إيجاد حلول فى صالح الدولة والسائقين معاً.


أزمة ضمير 


ومن جانب آخر عبر بعض السائقين الملتزمين بالقرارعن  أن الأمر الآن يشكل لهم أزمة ضمير، فمن جهة لايريد السائق مخالفة القانون الذى من شأنه تنظيم حركة المرور، ومن جهة أخرى يخشى على قوت يومه، فأوضح خالد محمد، أحد سائقى النقل، أن الحل الوحيد للنهوض بالبلاد واللحاق بالدول المتقدمة هو تطبيق القانون، وعلى كل مواطن المساعدة فى ذلك، لذا قرر الإلتزام بالقرار لكنه سيضطر إلى البحث عن عمل آخر، نظراً إلى أن مصلحة العمل تضطره للصعود للدائرى إلا أنه لايريد أن يلعب «القط والفأر» مع المرور، بل يريد مهنة مستقرة بعيدة عن التحايل دون ضرر أو ضرار.


ويضيف خالد :أنه كان من الممكن أن تتشاور الدولة مع من يمثلهم ويعرض مطالبهم لأن القرار جاء مضرا بمصالح فئة كبيرة من السائقين، مؤكداً أن هناك مناطق على الطريق الدائرى مثل مسطرد والمرج، مليئة بالمصانع والمواقف الخاصة بسيارات النقل، وهو ما لا يوجد له بديل فى الطرقات الأخرى؛ مما يجعل عمل سائقى النقل يعتمد على الدائري، كما أن ضيق الوقت المتاح للسائق على الدائرى سيجعله فى عجلة من أمره حتى ينجز عمله؛ مما يضطره للسير بسرعة كبيرة أو عدم أخذ قسط كاف من الراحة مما قد يتسبب فى مشاكل أو حوادث على الطريق.


عقوبات فورية


خلال جولتنا على الدائرى رصدنا آراء عدد من المواطنين خاصة أصحاب السيارات منهم، فيؤكد أحمد محروس، موظف، أنه منذ تنفيذ القرار والازدحام قل بشكل كبير عن الأوقات السابقة، مما انعكس على الفترة الزمنية التى يقطعها يومياً لعمله، فقلت بحوالى ثلث ساعة يوميا خاصة أثناء عودته من العمل.


ويضيف محروس :أنه بالفعل تصادف مع بعض سيارات النقل الثقيل خاصة فى فترات النهار المبكر وسط الأسبوع، موضحاً أنه يجب على الفور محاسبتهم دون تردد، والأهم هو إعلام المواطنين بذلك حتى يتعظ من يفكر فى مخالفة القرار.


ومن جانبه يشير هانى السيد، محام، إلى أن عودة المدارس والجامعات والمدرسين للعمل مرة أخرى، تعنى مزيدا من التكدس لذا فإن قرار الحظر هو الحل الوحيد، لكنه لا يخلو من المخالفات، ويضيف قائلاً: «علينا جميعاً مساندة الدولة واقترح على إدارة المرور تخصيص رقم ساخن ليبلغ أى مواطن عن أى مخالفة يراها على الطريق فوراً ليتم محاسبة السائق، خاصة وأن الدولة وفرت لهم بدائل قبل تنفيذ القرار».


حملات أمنية


وفى السياق ذاته يؤكد اللواء مجدى الشاهد، الخبير المروري، أن القرار الذى صدر لايطبق على جميع سيارات النقل، فهناك استثناء لحالاتين فقط يسمح لهما بالسير فى جميع الأوقات، وهما السيارات الخاصة بنقل المواد التموينية والمواد البترولية أو النفطية فقط، مضيفًا أنه عدا تلك الحالتين فيتم تطبيق القرار بكل حسم وحزم وتوقيع الجزاءات المقررة على المخالفين.


ويضيف: نشرت الإدارة العامة للمرور حملات أمنية موسعة على الدائرى والطرق المؤدية له تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء بمنع سير النقل وتحويل مسارها للطريق الإقليمي، الذى بدأ تشغيله الأسبوع الماضي، وتوقع عقوبة مالية قدرها ما بين الألف والـ3 آلاف جنيه للمخالفين مع سحب التراخيص منه.


وتابع الشاهد قائلاً: « الطريق الإقليمى من أهم المشروعات القومية ويبلغ طوله نحو 365 كيلو، ويمر بـ6 محافظات وهى «القاهرة والجيزة والقليوبية والشرقية والمنوفية والفيوم»، ويتقاطع الطريق مع 14 طريقا رئيسيا وطريقين فرعيين».