صربيا وكوسوفو .. صراعٌ جديدٌ ترسمه أرض بحيرة غازيفود «الحدودية»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في السابع عشر من فبراير عام 2008، أعلن برلمان إقليم كوسوفو، المتمتع بالحكم الذاتي، ضمن الدولة الصربية انفصاله عن صربيا، ليبدأ وتيرة صراعٍ جديدٍ بين البلدين في التنامي، لا يزال التوتر القائم عنوانًا له، وبقيت الحكومة الصربية إلى الآن تدعم الأقلية الصربية الموجودة في كوسوفو، طيلة عقدٍ من الزمن على انفصال كوسوفو عنها.


كوسوفو، الإقليم السابق داخل صربيا، ذو الأغلبية المسلمة، كان في أواخر تسعينات القرن الماضي يعيش على وقع اعتداءات الصرب، التي وصلت لحد جرائم الحرب والتطهير العرقي تجاه ألبان كوسوفو، واستدعى الأمر تدخل قوات حفظ السلام الدولي بقيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" عام 1999، لوقف المذابح المرتكبة بحق الألبان هناك.


وصربيا هي الوريث الشرعي لجمهورية يوغسلافيا السابقة، التي تفككت نهائيًا عام 2011، بعد أن تساقطت حبات عقدها تباعًا، بدايةً من كرواتيا ومقدونيا عام 1991، وسلوفانيا والبوسنة والهرسك عام 1992، فلم يتبقى داخل الجمهورية إلا صربيا ومونتريجرو، ليتم تغيير اسم البلاد إلى اسم الجمهوريتين المتبقيتين ضمن اتحاد يوغسلافيا، ولكن لم يلبث الأمر كثيرًا فانفصلت مونتريجرو عن صربيا عام 2006، لتبقى صربيا وحيدةً باقيةً من أطلال يوغسلافيا.


ولم تتوقف النزعات الانفصالية عند هذا الحد في صربيا، فاستقلت كوسوفو عنها بشكلٍ أحاديٍ عام 2008، وحظيت كوسوفو حتي الآن باعتراف 108 دولة من أنحاء العالم بشرعيتها، لكنها لم تحصل على عضوية الأمم المتحدة بعد.


معضلة عضوية الاتحاد الأوروبي
 

تلك كانت مجمل قصة الماضي بين صربيا وكوسوفو، والتي تشكل حاضرًا الآن في صراعٍ مستمرٍ بين البلدين، وحتي الآن لا تعتد بلجراد باستقلال كوسوفو عنها، وتعتبرها جزءٌ من أراضيها، وهو الأمر الذي يشكل معضلةً لصربيا من جهةٍ أخرى، فمساعيها للانضمام للاتحاد الأوروبي تواجه صعوباتٍ جراء قضية كوسوفو.


وتعترف دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة باستقلال كوسوفو، وتشترط بروكسل على بلجراد إذا أرادت الانضواء تحت رايتها أن تعترف من جهتها بدولة كوسوفو، وهو ما يمثل حجرًا عثرًا إلى الآن في محادثات انضمام صربيا للتكتل الأوروبي.


صراع جديد عند بحيرة غازيفود
 

ويكتسب الصراع بين صربيا وكوسوفو بين حينٍ وآخر منعطفًا جديدًا، تمثل اليوم في أرضٍ بالقرب من بحيرة غازيفود الحدودية بين البلدين، والواقعة تحت سيطرة صربيا.


وتقع بحيرة غازيفود على الحدود بين كوسوفو وصربيا، حيث تمتد لمسافة 9.2 كيلو مترات داخل كوسوفو، بينما لا يتعد طولها داخل صربيا 2.7 كيلو مترات.


المنطقة التي تخضع لسيطرة بلجراد دخلها اليوم نحو 60 عنصرًا من قوات الشرطة الكوسوفية، وولجت عناصر القوات الكوسوفية مركزًا خاصًا بنظافة البيئة والرياضة قرب السد التابع لبحيرة غازيفود لتجميع المياه، حيث يوجد محطة الطاقة الكهرومائية.


وردًا على ذلك، أصدر الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيش تعليماتٍ بإعلان حالة الاستعداد القصوى داخل الجيش الصربي، ويشمل قرار الاستنفار، جميع الوحدات والقوات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية.


ولم يرد تعقيب بعد من الحكومة الكوسوفية عما حدث، في وقتٍ يقوم خلاله رئيس كوسوفو هاشم ثاتشي بزيارةٍ إلى المنطقة الحدودية بين البلدين.
وكان الرئيس الصربي فوتشيتش قد دعا مطلع شهر سبتمبر الجاري المجتمع الدولي لإعطاء فرصه للسلطات الصربية، وقيادة ألبان كوسوفو للاتفاق بشكلٍ مستقلٍ على التسوية في كوسوفو، بما في ذلك حدود الإقليم.


ولا يزال الماضي القريب، الذي يحمل مرارةً كبرى لشعب كوسوفو يسيطر على علاقات البلدين، في وقتٍ فيه المباحثات بينهما هي الحل لكي تحصل كل دولةٍ منهما على عضوية الاتحاد الأوروبي التي تسعى إليها.