حكايات| زواج الفراعنة.. المرأة تخطب الرجل و«الشقة من حق الزوجة»

المرأة كانت صاحبة المبادرة في الزواج
المرأة كانت صاحبة المبادرة في الزواج

«أحب شريكة حياتك، اعتن بها.. ترعَ بيتك» كلمات من برديات الحكيم بتاح حتب تصف نوع العلاقة بين المصري القديم وزوجته، وكيف كانت مكانتها في نخبة القصور، وبيوت العمال، إذ فاق سكان المحروسة الأوائل في تقديسهم لعلاقة الشريكين، ما نفعله اليوم.


ويقول دكتور حسين عبد البصير عالم المصريات مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إن المرأة كانت صاحبة المبادرة في الزواج، فهي تتقدم لخطبة الرجل، وكانت عقود الزواج تراعي مصالحها، وتضمن حقوقها.

 

الزواج في مصر القديمة كان مدنيا أكثر منه دينيا، حيث كان يتم بموافقة الشريكين دون شهود أو عقد، لكن تغير الحال بعد ذلك حيث يتم توثيقه في وجود شهود على عقد الزواج.

 

ويتحمل الزوج تجهيز المنزل الخاص به وشراء الأمتعة والأثاث والهدايا من أجل زوجته؛ ومن مظاهر إنصاف المرأة، ما وضع من أعراف تقضي بأن يعطي الرجل زوجته جزءًا من ممتلكاته، وإذا اتفقا على الانفصال فالزوجة لها حق الاحتفاظ بكل ما قد جلبته من تجهيزات من بيت والدها.

 

◄ يقول الحكيم بتاح حتب في وصاياه للزوج: «اطعم زوجتك كما ينبغي، اكس ظهرها وعانقها، افتح لها ذراعيك، وادْعها لإظهار حبك لها.. وأشرح صدرها وأدخل السعادة إلى قلبها بطول حياتها فهى حقل طيب لسيدها وإياك أن تقسو عليها فإن القسوة خراب للبيت الذى أسسته.. فهو بيت حياتك.. لقد اخترتها أمام الإله».

 

 

المرأة مستقلة

وكانت المرأة المتزوجة تتمتع باستقلال قانوني ومالي كامل وبالزواج، كانت المرأة تحتفظ باسمها مع إضافة كلمة زوجة فلان، والذي كان أمرا طبيعيا؛ لأن الزواج لا يسجل كفعل إداري.

 

وببساطة، كان يتم التصديق على واقع أن الرجل والمرأة أرادا التعايش، وهذا في حالة عمل عقد الزواج، الذي لا يحتاج إلى أكثر من تحديد الآثار الاقتصادية كيّ يتم تمييز انتقال الإرث من شخص لآخر.

 

وينطق الأزواج المستقبليون هذه الجمل: «جعلتك زوجتي: جعلتني زوجتك» وكان الطلاق مقبولا، ويجب أن تكون هناك مبادرة من أحد الزوجين، إذا كان من الزوج فيجب أن يترك جزءا من المؤن لزوجته، ولو كانت الزوجة هي المبادرة في هذا الأمر فيجب عليها نفس الالتزام ولكن بطريقة أقل وهناك إمكانية الطعن أمام الإدارة لاستعادة مؤن المنزل على الرغم من أنه لم يتم التدخل فى الزواج ويمكن معاودة التجربة والزواج مرة أخرى، كما هو موضح في بعض البرديات.

 

يحق للمرأة بموجب قانون الملكية في مصر القديمة الحصول على بعض من ممتلكات زوجها بعد الزواج، كما يمكنها التصرف في تلك الممتلكات بعد الزواج مثل المهر.


◄ يقول الحكيم آني: «لا تكن رئيسا متحكما لزوجتك فى منزلها، إذا كنت تعرف أنها ممتازة تؤدى واجبها فى منزل الزوجية، فهى سعيدة وأنت تشد أزرها، ويدك مع يدها أنت تعرف قيمة زوجتك وسعادتكما حين تكون يدك بجوارها».

 

الطلاق

 

يتم الطلاق في مصر الفرعونية، لعدة أسباب من بينها الكراهية أو ارتكاب الزنا، وإذا لم يكن الزوج قادرا على الإنجاب، فمن حق الزوجة طلب الطلاق مع طلب تعويض لها. 


الحضارة المصرية القديمة وضعت تشريعات التي تنظم حقوق وواجبات المرأة في حالة الطلاق، وما يتبعه من حقوق اقتصادية للمرأة، أو تعويض مادي مناسب وللحد من الطلاق تم فرض شروط كثيرة للطلاق. 

 

في حالة وقوع الطلاق، تعود ممتلكات المرأة إليها، علاوة على التسوية التي كانت تتم بعد الطلاق، وفىي حالة الوفاة فقد لها أن ترث زوجها بنسبة الثلثين، فيما كان يُقسم الثلث بين الأطفال وإخوة وإخوات الشخص المتوفي.

 


وفي بعض الحالات، كان الزوج ينص في وصيته على إمكانية تمكين زوجته من الجزء الأكبر من نصيبه أو السماح لها بالتصرف في جميع الأموال وكان الزنا ممنوعا.


ولم يكتفِ الزوج في مصر الفرعونية بتطليق زوجته شفاهة بقوله لقد هجرتك بصفتك زوجتي، بل كان يسلمها وثيقة طلاق مكتوبة تؤكد حريتها وانتهاء العلاقة الزوجية بينهما، وتمكنها من الزواج بآخر إذا أرادت وكان الشهود يوقعون على وثيقة الطلاق، كما كان يتم التوقيع على وثيقة الزواج، غير أنهم كانوا في وثيقة الطلاق أربعة شهود، بينما في عقد الزواج كانوا ستة عشر شاهداً‏، وكانت صيغة الطلاق كالآتي: «لقد هجرتك كزوجة لي، وإنني أفارقك، وليس لي مطلب على الإطلاق، كما أبلغك أنه يحل لكِ أن تتخذي لنفسك زوجا آخر متى شئتِ».

 


ولضمان حقوق المرأة في حالة الطلاق كانت عقود الزواج تنص على تعويض مادي مناسب للمرأة.


وفي إحدى البرديات المحفوظة عقد زواج من القرن الثاني قبل الميلاد، بين كاهن وزوجته يتعهد فيه الزوج بدفع تعويض كبير في غضون ثلاثين يوما في حالة الطلاق.

 

تعويض المطلقة


وكانت الزوجة تأخذ تعويضا مناسبا من المال عند طلاقها فضلا عن المهر وبدأ التعويض في العصر الفرعوني بضعف قيمة المهر، وفي العصر البطلمي خمسة أضعاف، ويصل إلى عشرة أضعاف في الحد الأقصى، وكان هذا التعويض كبيرا لجعل الطلاق صعباً وهناك بردية ديموطيقية تذكر أن المرأة تحصل على تعويض في حال فشل زواجها بمقدار ثلاثين قطعة فضة وستة وثلاثين جوالا من الحبوب كل عام طوال حياتها لتوفير احتياجاتها المعيشية.


وكان الطلاق يحدث في مصر الفرعونية لأسباب عديدة مثل عدم الإنجاب، ووقوع الخيانة الزوجية، وهجر الزوج لزوجته، أو استحالة العيش معا، وبالنسبة للقدماء المصريين، كان الأطفال هم الأكثر أهمية في العائلة، ولا توجد مصادر موثقة إلى الآن بحضانة الأطفال وكان الرجل والمرأة متساويين أمام القانون.